عناصر من قوات سوريا الديمقراطية
عناصر من قوات سوريا الديموقراطية في الحسكة السورية عام 2018

تنتظر مناطق شرق الفرات على الحدود السورية – التركية هجوما وشيكا تقوده أنقرة وسط انسحاب القوات الأميركية من ثلاث نقاط مراقبة في رأس العين وتل أبيض وبئر العاشق، فيما يحذر حلفاء أميركا في المنطقة من إنعدام الاستقرار في شمال سوريا.

وقالت الأمم المتحدة الاثنين إنها "تستعد للأسوأ" غداة الإعلان عن عملية تركية وشيكة في سوريا، في حين أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن العملية ستبدأ من دون إعلان مسبق.

وقال منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية التابع للأمم المتحدة بانوس مومسيس في جنيف: "لا نعرف ماذا سيحصل نستعد للأسوأ"، مشيرا إلى وجود "الكثير من التساؤلات التي لم تتم الإجابة عنها" في ما يتعلق بتداعيات العملية.

والمنطقة التي يستعد الجيش التركي لمهاجمتها تسمى "المنطقة العازلة الآمنة" والتي أقيمت بموجب اتفاقية توصلت إليها الولايات المتحدة وتركيا في أغسطس الماضي، والتي تفصل بين مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، والحدود التركية.

ويبلغ عمق المنطقة بأكملها خمسة كيلومترات، ولكن سيتراوح عمقها في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض بين تسعة و14 كيلومترا.

مناطق السيطرة في سوريا

وسحبت القوات الأميركية عناصرها من المناطق الحدودية مع تركيا وفق ما أعلنت قوات سوريا الديموقراطية الاثنين.

وترغب أنقرة بإقامة هذه المنطقة في شكل عاجل لإعادة ما يصل إلى مليوني لاجئ سوري وإبعاد المقاتلين الأكراد عن حدودها.

وتعد الوحدات الكردية شريكا رئيسيا للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في قتال تنظيم داعش. إذ نجحت هذه الوحدات التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية في دحر التنظيم في مناطق واسعة في شمال شرق سوريا.

إلا أن أنقرة تعتبر وحدات حماية الشعب "إرهابيين" وامتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود.

أردوغان: اجتماع مرتقب مع الرئيس ترامب

 

 

 

وأكد أردوغان أن عملية شرق الفرات ستبدأ "من دون إعلان مسبق"، مشيرا إلى أن أميركا تواصل انسحابها من شمال سوريا، وعملية الانسحاب هذه ليست جديدة بل هي متواصلة منذ فترة.

ورجح أردوغان أنه سيجتمع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في النصف الأول من الشهر المقبل، مشددا أن تركيا تدرس ماهية الخطوات اللازمة لضمان عدم فرار عناصر داعش من السجون في منطقة شرق الفرات.

وكان أردوغان قد قال في خطاب متلفز السبت "قمنا باستعداداتنا وأكملنا خطط العملية وأعطينا التعليمات الضرورية"، مضيفا أن الهجوم قد يبدأ "في أقرب وقت اليوم أو غدا".

وتابع "سنقوم بهذه العملية على الأرض ومن الجو".

 

الجيش الحر يشارك في العملية

 

 

 

واستكملت فصائل من الجيش السوري الحر، استعداداتها للمشاركة في العملية التركية شرق نهر الفرات.

وقال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي للواء المعتصم، لقناة "الحرة" إن الجيش الوطني أنهى تدريباته واستعداداته، وبانتظار إعلان الرئاسة التركية لحظة الهجوم.

وأضاف أن الجيش الوطني لا يزال متمركزا في الجانب السوري من الحدود بانتظار لحظة الصفر التي ستحددها الرئاسة التركية، وأضاف إن الجيش التركي استكمل استعداداته على الطرف التركي من الحدود مع سوريا.

واندمجت فصائل معارضة "الجيش الوطني والجبهة الوطنية للتحرير" تحت جسم عسكري موحد، الأسبوع الماضي استعدادا للمشاركة فيما سمي بـ"درع الفرات".

 

الأكراد يرفضون ويتظاهرون ضد درع الفرات

 

 

 

وتظاهر الآلاف الأحد قرب مدينة رأس العين في شمال سوريا على الحدود مع تركيا والتي تقطنها غالبية كردية تنديدا بتهديدات أردوغان.

وهتف المتظاهرون الذين تجمعوا على الحدود قرب رأس العين "يسقط يسقط الاحتلال" و"يسقط أردوغان"، بحسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

أكراد في مظاهرة ضد التحركات التركية تجاه شرق الفرات

ثم سار المتظاهرون عدة كيلومترات لبلوغ قاعدة بالقرب من قرية تل أرقم الواقعة تحت سيطرة التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، حليفة القوات الكردية.

وقال أحد المتظاهرين احمد محمد سالم (52 عاما) "نحن لا نريد الحرب ونريد السلم ولكننا لن نتخلى عن أرضنا وسنبقى على أرضنا وسوف نصمد".

وبعد ساعات من هذا التهديد، طالبت الإدارة الذاتية الكردية في بيان "المجتمع الدولي بكل مؤسساته بالضغط على تركيا لمنعها من القيام بأي عدوان" ضد مناطق سيطرة الاكراد.

 

استعدادات كردية ومخاوف تجاه مخيم الهول 

 

 

 

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد أن القوات المحلية حفرت خنادق وأنفاقا على الحدود في مناطق رأس العين وتل أبيض وكوباني تحسبا لأي عملية تركية محتملة.

واعتبر المكتب المكلف مخيمات اللاجئين في الإدارة الكردية في بيان أنه "إذا خاطر أردوغان في تنفيذ تهديده ووعيده اليومي فإن المنطقة ستكون بين لهيب من النار ونشر الفوضى التي لا تحمد عقباها وسيكون من الصعوبة بمكان السيطرة عليها".

وحذر خصوصا "مما سيؤول إليه المصير في مخيم الهول" الذي يضم نحو سبعين ألف شخص بينهم غربيون.

 

لماذا تتخوف تركيا من هذه المنطقة؟

 

 

 

مع توسع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال وشمال شرق البلاد، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكما ذاتيا قرب حدودها.

ولمواجهة توسع الأكراد، شنت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، سيطرت خلالها على مناطق حدودية.

وتمكنت في العام 2018، من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين، ثالث أقاليم الإدارة الذاتية.

ومذاك، لم تهدأ تهديدات أنقرة بشن هجوم جديد على مناطق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، والتي يطلق عليها تسمية "شرق الفرات"، وينتشر فيها مئات من عناصر القوات الأميركية.

وصعدت أنقرة تهديداتها أكثر خلال الصيف، وللحؤول دون تنفيذها، خاضت واشنطن محادثات مكثفة معها إلى أن تم التوصل إلى اتفاق "المنطقة الأمنة".

وتنفيذا لبنود الاتفاق، تأسس "مركز العمليات المشترك" التركي الأميركي لتنسيق كيفية إقامة "المنطقة الأمنة"، إلا أنه لم يتم كشف تفاصيل حول الإطار الزمني للاتفاق وحجم المنطقة رغم إشارة الرئيس التركي إلى أن نظيره الأميركي وعده بأنها ستكون بعرض 32 كيلومترا.

وأفادت قوات سوريا الديموقراطية بأن عمق المنطقة التي وافقت عليها يصل إلى "خمسة كيلومترات"، ولكن سيراوح في بعض المناطق الواقعة بين رأس العين وتل أبيض "بين 9 إلى 14 كيلومترا".

والمنطقة الممتدة من تل أبيض حتى رأس العين هي ذات غالبية عربية، على عكس الجزء الأكبر من المناطق السورية الحدودية مع تركيا التي هي ذات غالبية كردية.