إردوغان انزعج من تناول إدراة الرئيس أوباما لعدد من ملفات المنطقة
إردوغان انزعج من تناول إدراة الرئيس أوباما لعدد من ملفات المنطقة

تمر الأيام ببطء على العالم بعد إعلان فوز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، بانتخابات الرئاسة الأميركية ورفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتائجها ورفع دعاوى قضائية في عدة ولايات بدعوى التزوير.

ويسود الترقب حول الملفات التي ستكون على رأس القائمة التي سيبدأ العمل بها حال دخوله البيت الأبيض، ورغم أنها كثيرة ومعقدة، إلا أن هناك ملفاً بارزاً يتصدرها، ويُجمع المراقبون أنه سيكون على رأس الأولوية، وهو الملف التركي الذي تغيّر رأسا على عقب منذ أربعة سنوات مضت، لتغدو أنقرة لاعبا إقليميا وقوة أكثر تأثيرا في الشرق الأوسط والخليج وشرق المتوسط، مؤخرا.

صورة عامة كان بايدن قد كونها، منذ ثلاثة أشهر خلال حملته الانتخابية، ورسم من خلالها أولى مسارات سياسته المقبلة اتجاه تركيا، وبالأخص رئيسها رجب طيب إردوغان، واصفا إياه بـ "المستبد"، ومتوعدا بالتدخل في شؤون بلاده الداخلية والمحلية، من خلال دعم أحزاب المعارضة، في خطوةٍ لتغيير تيار التطورات السياسية، التي كان يسير عليه ترامب. 

لكن وعلى الرغم مما سبق والعداء الواضح الذي تحدث به بايدن على العلن، إلا أن هناك من وصفه بـ "حديث الليل الذي سيمحوه بزوغ الفجر"، بمعنى أن موقف ساكن البيت الأبيض الجديد من إردوغان سيتغير حال تنصيبه على كرسي الرئاسة الأميركية، بينما ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى شبح بايدن الذي سيتحرك أمام "الأنظمة الشمولية" في الأشهر المقبلة، لتكون بذلك تركيا ملعبا للشخص الذي يحمل بجيبه مفاتيح التغيير الحاسمة.

ومن العداء بين بايدن وإردوغان فإن الجوهر يكمن في أحزاب المعارضة التركية، والتي تعتبر ركيزة ستعتمد عليها السياسة المقبلة لبايدن، وهو الذي حددها في تصريحاته الأخيرة، مشيرا إلى أنه سيعوّل عليها في الدعم من أجل "تغيير الحكم ولتحقيق "الديمقراطية"، بحسب قوله.

"موقع الحرة" التقى أعضاء في الأحزاب التركية المعارضة، وأجمعت آراؤهم على أن التغيير الداخلي في تركيا لا يمكن أن يكون من الخارج، في إشارةٍ للعرض الذي قدمه بايدن، وفي ذات الوقت يعوّلون على سياسة أميركية "ناعمة" في المستقبل، ولاسيما المتعلقة بحقوق الإنسان، على خلاف السياسة "الخشنة"، الخاصة بترامب.

وطوال حملته الانتخابية، كان بايدن قد كرر في أكثر مناسبة، التزامه بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير في العالم، كما أكّد أكثر من مرة أنه سينهج سياسة أكثر صرامةً تجاه الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية.

رد عكسي قد يكون لصالح إردوغان

بركات قار عضو المجلس المركزي لحزب "الشعوب الديمقراطي" المعارض يعتبر أن نظرة بايدن السلبية لإردوغان ربما ستكون من الماضي، لأننا أمام تطورات ومستجدات جديدة، وفي السياسة لا تستند الأمور على الماضي فقط، بل ينظر الطرفان إلى المستقبل.

ويقول قار في تصريحات لـ "موقع الحرة": "تركيا مهمة كبلد وكشعب وقوة في حلف الناتو، ولها ثقلها في المنطقة، لذلك سيغيّر بايدن من سياسته تجاه إردوغان، وسيحاول بقدر استطاعته أن يشدّه ويجبره على قضايا كثيرة".

وتوجد اليوم عدة ملفات وقضايا عالقة بين أميركا وتركيا، وحلّها لا يمكن من طرف واحد، ويتابع عضو الحزب المعارض: "إردوغان في وضع صعب جدا، وهو بحاجة إلى أميركا مهما كانت علاقته مع روسيا، وبايدن يفهم ويعرف هذه الحقائق، وسيتعامل معه على هذا الأساس".

وبوجهة نظر قار فإنه ينظر إلى مستقبل العلاقة بين أنقرة وواشنطن مستقبلا على أنها "أكثر عطاءً، مع وجود تعقيدات بالطبع"، معتبرا أن "أميركا سياساتها ليس عبارة عن تغيير الشخصيات، بل هناك سياسات مؤسساتية، ولا شك أن المعارضة تنظر إلى أسلوب يعتمد الطرق الدبلوماسية أكثر من سياسات الخشونة، التي اعتمدها ترامب".

إلى نقطة أهم وبارزة وترتبط بما ستكون عليه العلاقة بين بايدن وأحزاب المعارضة التركية، يوضح قار أن المعارضة تعوّل على عدة نقاط أساسية، أبرزها تغيير السياسات العالمية لواشنطن، كون ترامب انسحب من 11 اتفاقية دولية، ولم يلتزم بقرارات الأمم المتحدة، وهذه الخطوة لا تفيد المعارضة في أي بلد كان.

ويشير عضو الحزب المعارض إلى أن تصريحات بايدن السابقة حول عزمه تغيير إردوغان عن طريق المعارضة، قد يكون لها رد فعل عكسي، وتدفع إردوغان "لأن يكون أكثر قوة"، من خلال اللعب على الوتر القومي و"الطروحات الإسلامية التركية، الموجودة في البلد"، وبالتالي كسب جماهرية أكثر، وقطع طريق التغيير الذي تعمل عليه المعارضة التركية داخليا.

وبوجهة نظر قار فيجب على المعارضة التركية أن تغيّر ما وصفها بـ "السياسات الإردوغانية" بقوتها وائتلافها الداخلي، لافتا "إذا لم يكن هناك إئتلاف قوي للمعارضة من الصعب جدا تغيير سياسات إردوغان، وهزيمته حتى في الانتخابات القادمة أو المبكرة".

ومن المتوقع أن تشهد تركيا انتخابات مبكرة أواخر العام المقبل، ورغم حديث عضو الحزب المعارض عن ضرورة تشكيل "ائتلاف معارض في تركيا"، إلا أن الأمر قد لا يتم، ولاسيما مع وجود وجهتا نظر وجبهتان مختلفتان لأحزاب المعارضة، كانت بذورهما قد نشأت بناء على التفاوت الطبقي.

ويشير قار: "كحزب العدالة الذي يمسك بالسلطة سيحاول بشتى الوسائل أن يقطع أمام الطريق أمام المعارضة، وسيكون في مقدمة بناء العلاقات مع أميركا وحتى مع بايدن بالذات، ولاسيما أنه لا يهمه ما قاله بايدن سابقا أو سيقوله مستقبلا (...) مصلحة النظام في تركيا هو تمتين العلاقات مع أميركا في الدرجة الأولى".

"لسنا بحاجة للدعم الخارجي.. شعبيتنا تكفي"

إلى حزب "الشعب الجمهوري" المعارض (CHP) الذي يعتبر أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، وتقف سياساته بشكل ندّي مع "حزب العدالة والتنمية الحاكم"، فموقفه لا يختلف كثيرا عن "حزب الشعوب" من وصول بايدن إلى البيت الأبيض، معتبرا أن التصريحات التي أطلقها الأخير لدعم المعارضة التركية "لم تكن بمحلها".

وكانت المؤشرات الخاصة بالحزب في الأيام الماضية تقود إلى جو إيجابي حول وصول بايدن إلى البيت الأبيض، وهو ما دفع رئيسه كمال كليجدار أوغلو إلى تهنئة المرشح الديمقراطي بفوزه بالانتخابات الأميركية، في خطوة كانت الأولى التي تصدر من تركيا، واستبقت الموقف الرسمي من الرئاسة التركية.

وفي تغريدة له باللغتين التركية والإنجليزية نشرها عبر "تويتر"، في الثامن من نوفمبر الحالي، قال كليجدار أوغلو: "أهنئ جو بايدن الذي أصبح الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأميركية ونائبته كامالا هاريس"، معربا عن أمله من أن "تتعزز الصداقة وعلاقات التحالف الاستراتيجي بين تركيا والولايات المتحدة".

دينيز بستاني محللٌ سياسي في حزب "الشعب الجمهوري" يقول في تصريحات لـ "موقع الحرة": "نحن ضد حديث بايدن حول دعم المعارضة التركية، لأن حزب الشعب الجمهوري هو مؤسس دولة تركيا وليس بحاجة لأي دعم من الخارج".

ويضيف بستاني: "نحن كحزب وبكل تاريخه وحتى الآن لا يعتمد بالعلاقات الخارجية، وعلى ما هي العلاقة سواء كانت سيئة بين الحكومة التركية وأي حكومة أخرى أو أي شخص في الخارج".

ويشير العضو في "حزب الشعب" إلى أن الأخير ضد أي دعم خارجي على الأراضي التركية، لافتا: "لسنا بحاجة لدعم، لأننا مدعومون من الشعب، والدليل على ذلك ما شهدته انتخابات البلديات في إزمير وإسطنبول وهاتاي ومرسين".

موقف الأحزاب المعارضة المذكورة ليس جديدا حول وصول فوز بايدن، بل كان موقفا حذراً ومدروسا، وفق مراقبين، وكان قد تمثل بسلسلة بيانات أصدرها مسؤولين في الأحزاب، عقب تصريحات بايدن، منذ ثلاثة أشهر، والتي وصف بها إردوغان بـ "المستبد"، وأعرب نيته تقديم الدعم للمعارضة.

المتحدث باسم حزب "الشعب الجمهوري"، فائق أوزتراك، انتقد حينها عبر حسابه في "تويتر" تصريحات بايدن بقوله: "ديمقراطيتنا وسعينا من أجل الحرية لا يحتاجان إلى أي مزايا إمبريالية، الاستقلال هو شخصيتنا"، مؤكدا أن "المعارضة تنشط بالسياسة من أجل الأمة التركية، وليس لأجل الفاعلين السياسيين الأجانب".

وحسب عضو الحزب بستاني، فإن لأمريكا مشاريع واسعة في المنطقة، وتتضارب ببعضها مع تركيا، كالمشاريع في سوريا وغيرها، "إذ ترفض أنقرة تأسيس دولة كردية على حدودها الجنوبية، بينما تعمل أميركا على دعم الأكراد، في خطوة تصب بالتقسيم".

وإلى جانب ما سبق فيما يتعلق برؤية الأحزاب التركية المعارضة لفوز بايدن والعلاقة السيئة التي تحدث عنها مع إردوغان، فالأمر ينسحب أيضا إلى باقي الأحزاب وليس فقط "الشعوب" و"الشعب الجمهوري".

وتواصل "موقع الحرة" مع أحدث المقربين من حزب "المستقبل" الذي يرأسه أحمد داوود أوغلو، وقال إنه "من المبكر كثيرا الحديث عن سياسة بايدن وماذا سيفعله"، مؤكدا على موقف الرفض لأي تدخل خارجي، على حساب الشعبية التي يتم العمل لكسبها، من أجل التحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة.

مد وجزر 

بالنسبة لتركيا وموقف "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، فقد شهدت الأيام الماضية ترقب وحذر من النتائج التي ستكون عليها الانتخابات التركية، وعقب فوز بايدن كان هناك انطباع عن عدم ترحيب ضمني، ولاسيما أن إردوغان كان يفضل استمرار ترامب في البيت الأبيض، على خلفية المواقف السلبية لبايدن من تركيا، سواء السابقة، أو التي خرجت منذ أشهر.

وبالعودة إلى عام 2016 في أثناء الانتخابات الأميركية السابقة كان إردوغان قد انتقد سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، فيما يتعلق بالملف السوري، وقال إنه نقل الملفات المتعلقة بالأزمة السورية إلى أوباما ونائبه جو بايدن، لكنهما "فشلا" في تناول هذه الملفات، ماسبب "إزعاج" لتركيا، وهدّد أمنها على الحدود الجنوبية.

ونقلت صحيفة "يني شفق"، حينها عن إردوغان إنه منزعج من تعامل أوباما مع فتح الله غولن، المتهم الوحيد بتنفيذ محاولة انقلاب 15 يوليو في تركيا، معربا في ذلك الوقت من تفائله الكبير من ترامب، ووصوله إلى كرسي الرئاسة.

عضو حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، باكير إيتاجان يتوقع أن تكون العلاقة بين أنقرة وواشنطن، في المرحلة المقبلة بين مد وجزر، وفي الوقت ذاته لا بد من التأثيرات السلبية، لكنها ستكون على الطرفين.

ويقول إيتاجان في تصريحات لـ "موقع الحرة": "تركيا تغيرت عما كانت عليه سابقا، والشعب التركي يدرك تماما بأن تركيا لها موقع استراتيجي وليست كما في الماضي، فهي دولة حديثة وقوية عسكريا واقتصاديا، والمسؤولين فيها يدركون هذه الأهمية التي نتحدث عنها أكثر من أي سياسي".

ويتابع عضو الحزب الحاكم: "نتمنى أن ألا يكون هناك تدخل أميركي وخاصة من بايدن شخصيا، لأن هذه الخطوة سوف تقابل بالفشل".

وحول العرض الذي قدمه بايدن للمعارضة التركية، يشير إيتاجان إلى أنها وفي حال كشفت إعلاميا وسياسيا سيكون لها ردات فعل سلبية، ليس فقط على واشنطن بل على الأحزاب التي "تدعمها" واشنطن أيضا.

سموتريتش ذكر أن الخطة ستُعرض على مجلس الوزراء ليوافق عليها
سموتريتش ذكر أن الخطة ستُعرض على مجلس الوزراء ليوافق عليها

قال وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الخميس، إن إسرائيل ستلغي اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا وستفرض أيضا رسوما جمركية بنسبة 100 بالمئة على الواردات الأخرى من تركيا ردا على قرار الرئيس، رجب طيب إردوغان، وقف الصادرات إلى إسرائيل.

وأضاف أن الخطة ستُعرض على مجلس الوزراء ليوافق عليها.

وفي بداية مايو، قررت وزارة الخارجية الإسرائيلية اتخاذ عدد من الإجراءات للرد على قرار الرئيس التركي بوقف التجارة بين البلدين.

وأعلنت الإجراءات التي وصفتها الخارجية بـ "الهامة والعملية" في ختام جلسة مشاورات ترأسها وزير الخارجية يسرائيل كاتس، وفقا لما أفاد مراسل الحرة.

ومن بين الخطوات الرئيسية التي تم الإعلان عنها، العمل على تقليص أي علاقة اقتصادية بين تركيا والسلطة الفلسطينية وغزة، إذ تعد تركيا أكبر دولة مستوردة من السلطة الفلسطينية، ويبلغ إجمالي وارداتها للسلطة الفلسطينية حوالي 18 في المئة.

وذكرت حكومة إسرائيل حينها أنها ستناشد المنتديات الاقتصادية الدولية لدراسة معاقبة تركيا بسبب انتهاكها الاتفاقيات التجارية.

وأضافت أنها ستعمل إسرائيل وبشكل فوري على ايجاد بدائل في مجالات ومنتجات متنوعة مع تقديم المساعدة لقطاعات التصدير الإسرائيلية التي تأثرت.

وكانت تركيا أعلنت أنها قررت تعليق كل التبادلات التجارية مع إسرائيل إلى أن تسمح الدولة العبرية بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، في خطوة تأتي بعد فرض أنقرة الشهر الماضي قيوداً على الصادرات التركية لإسرائيل.

وقالت وزارة التجارة التركية في بيان إنه "تم تعليق الصادرات والواردات المرتبطة بإسرائيل".

وأضافت أن "تركيا ستطبق هذه الإجراءات الجديدة... إلى أن تسمح الحكومة الإسرائيلية بتدفّق متواصل للمساعدات الإنسانية إلى غزة".

وذكرت تركيا أيضا أنها لن تستأنف التجارة التي يقدر حجمها بنحو سبعة مليارات دولار سنويا مع إسرائيل لحين التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.