متظاهر عراقي يحمل مشروبات غازية
متظاهر عراقي يحمل مشروبات غازية

في مواجهة صفوف قوات الشرطة العراقية التي استعدت لإمطار الحشود المجتمعة في بغداد بالقنابل المسيلة للدموع لتفريقها، كان المتظاهرون بكامل جهوزيتهم وعتادهم: دلاء بلاستيكية وعلب مشروبات غازية وقفازات البستنة.

تواجه الطرفان عند جسر رئيسي في العاصمة، استخدمه المحتجون للتقدم من ساحة التحرير الرمزية في وسط العاصمة للوصول إلى المقار الحكومية الرسمية في المنطقة الخضراء، على الضفة الأخرى من نهر دجلة.

أعاقت قوات مكافحة الشغب التي يرتدي عناصرها بزات سود، تقدم المتظاهرين، بإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع من دون استخدام الرصاص الحي هذه المرة.

فبعد أسبوع دامٍ من الاحتجاجات مطلع أكتوبر الحالي، عاد المتظاهرون هذه المرة متسلحين بدفاعاتهم البدائية.

قام بعضهم برفع الدلاء البلاستيكية من الشوارع، ومطاردة القنابل لتغطيتها، وتقليل أثر الغاز المنبعث منها.

متظاهرون عراقيون في العاصمة بغداد

 

لكن آخرين، وضعوا تلك الدلاء على رؤوسهم، في محاولة لتجنب إصابات الرأس الخطيرة التي تسببها تلك القنابل في حال طالتهم.

أما البعض الآخر، فقد وجدوا في قفازات البستنة حلاً أمثل، إذ تسمح سماكتها بالتقاط القنابل الساخنة مجدداً، ورميها مباشرة باتجاه القوات الأمنية، إلا إذا كانت الفرصة متاحة لركلها.

الأكثر استعداداً بين المتظاهرين كانوا أولئك الذين يرتدون أقنعة باللون الأزرق الداكن، التي عادة ما يستخدمها الرسامون، لحماية أنفسهم من استنشاق الغاز.

أما الأقل حظاً من رفاق الساحة، فابتكروا آليات بدائية، من خلال قص عبوة التنك من مشروب البيبسي، وتغطية أنوفهم وأفواههم.

يقول أحد المتظاهرين لوكالة فرانس برس "الآن إذا أصبت بقنبلة غاز، ستدمع عيني قليلاً، لكنني لن أختنق".

حتى أن الطقس الماطر كان في صالح المحتجين، إذ كانت المياه المتساقطة في بعض الأحيان، مصحوبة بالهواء البارد، تطهر الأجواء من سحب الغاز الكثيفة.

صناديق مشروبات غازية

وتتكون الغازات المسيلة للدموع من جزئيات صلبة متناهية الصغر تتحول عند إطلاقها في الجو إلى غازات، تتسبب في إصابة متنشقيها بأعراض مختلفة، تتراوح بين السعال وذرف الدمع، وتؤدي أحيانا للإصابة بحروق أو بالعمى المؤقت، وتقود في حالات نادرة إلى تقيؤ متواصل يفضي إلى الموت.

وبالتالي، فإن غسل الوجه بالمشروبات الغازية أو عصير الليمون، والحليب، يعتبر من أهم مواد تخفيف الأعراض، ويستخدم المتظاهرون هذه التقنية منذ سنوات حول العالم.

وأقدم عدد قليل من العراقيين الجمعة على تحميل صناديق من المشروبات الغازية في سياراتهم وقادوها إلى أقرب نقطة من التظاهرات قبل أن توقفهم القوات الأمنية.

وعند تلك النقطة، يبدأون بالتلويح لرفاقهم المتظاهرين الآخرين، الذين يحملون الصناديق ويسيرون بها إلى مكان المواجهات مع شرطة مكافحة الشغب.

يقول أحدهم "أنقل هذه إلى إخوتنا المحتجين".

وقتل أكثر من 20 شخصاً في أنحاء العراق الجمعة، بحسب المفوضية العراقية لحقوق الإنسان، بينهم من قضى بعد إصابته بجروح جراء قنابل الغاز المسيل للدموع.

وأصيب أكثر من 1700 شخص، غالبيتهم بحالات اختناق جراء القنابل نفسها.

واستؤنفت الاحتجاجات المطلبية في العراق منذ ليل الخميس، بعدما شهدت مطلع الشهر الحالي أعمال عنف دامية، أسفرت عن مقتل 157 شخصاً، غالبيتهم بالرصاص الحي.

يقول أحد المتظاهرين الجمعة "الآن نعرف كيف نتعامل مع الغاز المسيل للدموع. لكننا سنخاف إذا ما بدأوا باستخدام الرصاص الحي".

العراق- معرض عسكري
بين عام 2008 إلى عام 2018، باعت الصين 181 طائرة بدون طيار إلى 13 دولة | Source: @modmiliq

خلال معرض الأمن والدفاع السنوي في بغداد، الذي جرى على مدى أربعة أيام الأسبوع الماضي، لفتت الطائرة الصينية من دون طيار CH-5 الأنظار، وسط مساعي بكين استغلال القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الصادرات العسكرية لبعض دول الشرق الأوسط، لتسويق ترسانتها من أنظمة مماثلة.

وأقيم المعرض العسكري  في بغداد في الفترة من 20 إلى 23 أبريل، حسبما أفادت منصة الشؤون العسكرية "جاينز غروب" في 24 أبريل.

قدرات "سي إتش-5"

تم تطوير هذه المسيّرة (Cai Hong-5 باللغة الصينية أو Rainbow-5 باللغة الإنكليزية) من قبل شركة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء المملوكة للدولة.

ويمكن لهذه المسيرة الطيران لمدة تصل إلى 60 ساعة على مدى يصل إلى 6213 ميلاً.

تعتمد "سي أتش-5" على نظام الطائرات بدون طيار متوسط الارتفاع وطويل التحمل المسمى (MALE).

يمكن لهذا النظام دمج وظائف الاستطلاع والمراقبة والاستهداف، وفق موقع "ميليتاري درونز".

ويمكن لهذه المسيرة حمل أنواع مختلفة من الحمولات في وقت واحد لإجراء عمليات الاستكشاف والمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد المواقع المستهدفة.

علاوة على ذلك، يمكنها أيضًا حمل أنواع من الأسلحة الموجهة بدقة لتنفيذ عمليات معقدة، ودوريات منطقة حظر الطيران وغيرها من المهام العسكرية.

يمكنها ضرب الأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة بسرعة منخفضة وبدقة. وفي الوقت نفسه، يمكن استخدامها أيضًا في الحالات المدنية، مثل اتصالات الطوارئ والتنقيب الجيوفيزيائي.

أُجريت الرحلة الأولى لطائرة CH-5 في مطار لم يُكشف عنه في مقاطعة قانسو بالصين في أغسطس 2015. واستغرقت الرحلة حوالي 20 دقيقة.

وتم عرض نموذج أولي لهذه الطائرة بدون طيار لأول مرة في نوفمبر 2016.

بعدها بنحو سنة، أعلنت شركة "CASC" الصينية أن الطائرة بدون طيار جاهزة للإنتاج.

ومثل النماذج السابقة من سلسلة Rainbow UAV، تم تصميم CH-5 للتصدير.

صادرات الصين العسكرية للدول العربية 

قال جان لوب سمعان، زميل أبحاث أول في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، لمجلة "نيوزويك" إن الصين تستجيب للاحتياجات الدفاعية لبعض دول الشرق الأوسط، في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة قيودًا على الصادرات العسكرية إلى بعض دول المنطقة. 

وأشار المتحدث إلى أن المنتجات العسكرية الصينية أصبحت أكثر تداولا لدى بعض دول الشرق الأوسط "لأنها أرخص وليس لها أية قيود"، بينما تجد نفس الدول صعوبات كبيرة في الوصول إلى أنظمة مماثلة في الولايات المتحدة، "غالبًا بسبب القيود المفروضة على الصادرات".

وأضاف أن عملية البيع الأخيرة للعراق تتّبع نمطا شائعا للبصمة المتنامية للصين في أسواق الأسلحة في الشرق الأوسط، خاصة في القدرات المتخصصة مثل الأنظمة غير المأهولة أو الصواريخ، ومع الدول التي يُنظر إليها تقليديًا على أنها شريكة مع الولايات المتحدة في نفقاتها العسكرية .

فهل يشكل ذلك تهديدا للتعاون الأميركي مع الدول العربية؟

في نظر المحلل العسكري الأميركي، مارك كيميت، فإن الصين أصبحت بالفعل منافسا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية.

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، أوضح كيميت أن تزايد الصفقات العسكرية بين بكين وبعض الدول العربية "لا يشير بالضرورة إلى تراجع التعاون بين تلك الدول والولايات المتحدة.

أما بخصوص تعاون بكين والعراق فقال كيميت "كل ما يمكن أن يعزز قدرة قوات الأمن العراقية هو أمر إيجابي طالما أن المعدات لا تشكل تهديدا للولايات المتحدة".

وبدأت الصادرات العسكرية الصينية إلى الشرق الأوسط في عام 1975، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2018، بلغ المبلغ الإجمالي، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، 12.84 مليار دولار .

وتمت غالبية المبيعات – 8.8 مليار دولار – في الثمانينيات، عندما صدرت الصين كميات كبيرة من الأسلحة إلى كلا الجانبين في الحرب الإيرانية العراقية.

وخلال التسعينيات، بعد نهاية الحرب الباردة، انخفضت الصادرات إلى الشرق الأوسط إلى 1.8 مليار دولار فقط، معظمها إلى إيران.

واستمر الانخفاض في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع الصادرات بقيمة 1.4 مليار دولار، ذهبت في المقام الأول إلى إيران ومصر، وفق وثيقة أصدرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.

وخلال السنوات الأخيرة، كثفت الصين جهودها لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط.

وبين عام 2008 إلى عام 2018، باعت الصين 181 طائرة بدون طيار إلى 13 دولة، تم تصدير 22.1 في المئة منها إلى الإمارات المتحدة، و19.3 في المائة إلى السعودية، و15.5 في المائة إلى مصر وفق مجلة "نيوزويك".

الصين قوة عالمية لتصدير المعدات العسكرية؟

في أكتوبر 2017، خلال مداخلته في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه بحلول عام 2035 ستصبح الصين قوة بيع عسكرية عالمية وذلك عن طريق تنويع قدرات الجيش ولا سيما تحديث قطاع التصنيع العسكري. وقال "سنصل إلى مستوى عالمي بحلول عام 2049".

وتصادف تلك السنة الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

واعتبارًا من عام 2018، تم تصنيف الصين على أنها من بين أكبر مصدري الأسلحة في العالم، على الرغم من أنها تحتل المرتبة الخامسة بعيدا خلف الولايات المتحدة وروسيا .

وخلال الأعوام 2014-2018، حققت صادرات الأسلحة الصينية زيادة قدرها 5.2% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية، مما يشكل زيادة 2.7 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.

هذه المعطيات "لا تجعل من الصين قوة عسكرية عالمية أو قوة تصدير للأنظمة والمعدات العسكرية بشكل شامل"، وفق الخبير العسكري الأميركي، ريتشارد وايتز، من معهد هدسون، ومقره واشنطن.

وايتز قال في حديث لموقع "الحرة" إن تنامي قدرات بكين للتصدير العسكري تجعل منها منافسا للولايات المتحدة في مجالات محددة فقط مثل الطائرات بدون طيار "هي ليست كذلك في مجالات أخرى"، وفق تعبيره.

وأضاف "ربما سيكمن التنافس بينها وبين واشنطن في الأسعار فقط، وليس في شيء آخر، في إشارة إلى ريادة الولايات المتحدة في تقنيات التصنيع العسكري مقارنة بالصين التي تسعى لبناء صناعة خاصة بها وتصدير أنظمتها للعالم.

وأوضح أنه لا يوجد أي خطر على التعاون العربي- الأميركي بالنظر إلى تنامي التعامل التجاري بين دول الشرق الأوسط والصين، وقال إن تلك الدول تعتمد في كثير من معداتها وترساناتها على التقنية الأميركية  "بل وحتى التدريب".

كيميت قال من جانبه إن الصين حتى وإن أصبحت منافسًا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية، لن تكون منافسا قويا "طالما أن الولايات المتحدة تقدم معدات قتالية ذات جودة أفضل وهو ما لا تستطيع الصين القيام به، أعتقد أن الولايات المتحدة ستبقى الخيار الأول لتلك الدول. 

ويرى بأن منافسة الصين للولايات المتحدة لن تكون بتلك القوة التي يمكن أن يتصورها البعض، إذ "يمكنهم بالتأكيد التنافس في أسعار بيع الأسلحة،  وليس جودتها"، وفقه.

وأضاف "سيبيعون أسلحتهم بنصف السعر ودون مراجعات حقوق الإنسان، هذا مضمار منافستهم لواشنطن".