ارتفاع وتيرة التظاهرات الاثنين في ساحات العراق
ارتفاع وتيرة التظاهرات الاثنين في ساحات العراق

يبدو أن مشهد استمرار التظاهرات ونزول العراقيين إلى الشوارع بشكل أكبر مما كانت عليه في الأيام الماضية، أزعج رجل الدين مقتدى الصدر الذي أعلن انسحابه من دعم المحتجين، حيث اعتقد أن القرار سيخمد الحراك الشعبي وأنه يملك مفاتيح الشارع.

لكن المتظاهرين أرسلوا رسالة إلى الصدر والطبقة السياسية بأنهم مستقلون، وأن التظاهرات مستمرة. وهو ما دفع الصدر فيما يبدو إلى التهديد بالعنف ودعم القوات الأمنية لتصفية التظاهرات بالرصاص الحي.

ومنذ الجمعة بدأت قوات الأمن العراقية حملات تطهير في الساحات والميادين التي يتظاهر فيها المحتجون، واعتدى أنصار الصدر على المتظاهرين وحرقوا خيامهم في الشوارع ما أدى إلى مقتل متظاهرين اثنين في الناصرية يوم الاثنين.

ويقول مراقبون إن الصدر "سقط في امتحان الشعبية"، ليلجأ إلى خطة بديلة وهي ترهيب الشارع، لكن المتظاهرين ردوا بفضح نوايا الصدر معتبرين أنه يسعى للسيطرة على الحراك الشعبي لإظهار نفسه قائدا شعبيا، في حين يقوم بالتنسيق مع إيران عدة الحراك الشعبي الذ يسعى إلى إنهاء نفوذ طهران وسيطرتها على القار السياسي في بغداد.

واصر المتظاهرون رغم عمليات الحرق والترهيب على الصمود في الشارع للتأكيد على استقلالية التظاهرات وأنها موجهة ضد الطبقة السياسية بما فيها الصدر الذي شمله المحتجون بالهتافات التي تتهمه بالخيانة.

وأكد ناشطون عراقيون في التظاهرات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أن الصدر "ظهر على حقيقته"، وأن المتظاهرين متمركزون بمواقعهم رغم عمليات الحرب والترهيب بالرصاص.

 

 

وفي ذات الوقت هاجم مسلحون مجهولون ساحات الاحتجاج وحرقوا الخيام وأطلقوا النار على المتظاهرين العزل.

 

وحتى إن لم يكن الهجوم على المتظاهرين من قبل أنصار التيار الصدري بشكل مباشر، إلا أنه على ما يبدو فإن قوات الأمن أخذت الضوء الأخضر لاستهداف المتظاهرين ورفع وتيرة العنف ضدهم، الأمر الذي وصفته وكالة فرانس برس بـ "حملات التطهير" في الساحات.

وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان الأحد مقتل 12 متظاهرا وجرح 230 شخصا خلال اليومين الماضيين، فيما قتل متظاهران بالرصاص الحي فجر الاثنين في مدينة الناصرية جنوب العراق.

وأدت أعمال العنف خلال الأسبوع الماضي إلى مقتل 21 متظاهرا وإصابة المئات بجروح.

ناشطون: انسحاب أنصار الصدر لم يفقد التظاهرات زخمها

شابات عراقيات يساعدن أحد المتظاهرين خلال صدامات بين قوات الأمن والمحتجين

وقال ناشطون تحدثوا لـ"الحرة" إن انسحاب أنصار الصدر لم يؤثر على متظاهري ساحة التحرير في بغداد، مشيرين إلى أهمية استمرار التظاهرات خلال الأيام الحالية وحتى تنفيذ مطالبهم.

وأوضحوا أن عمليات فض للاعتصامات بإطلاق الرصاص أو حرق الخيام لن تجدي، مؤكدين أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرجهم من ساحات الاعتصام هو "قتل جميع المحتجين" وإلا فإنهم باقون في أماكنهم حتى تلبية مطالبهم.

وقال الناشط طارق حسين لـ"الحرة" إن التصعيد الأمني زاد من وتيرة نشاطات الاعتصام والاحتجاج وأحياها ورفع من أعداد المشاركين فيها.

وحول انسحاب أنصار التيار الصدري ورفع خيمهم، أشار حسين إلى أن الأعداد التي جاءت للمشاركة الأحد في التظاهرات كانت أكثر بكثير من الأعداد التي غادرت وهي إشارة على أن الشباب هم محرك الثورة وليس القوى السياسية، وأن من يغادر أو يعود إلى التظاهرات مرحب به في أي وقت.

وأشار حسين إلى أن انسحاب العديد من "أصحاب القبعات الزرقاء" المناصرين للتيار الصدري لا يعني وجود صدامات بينهم وبين المتظاهرين، مؤكدا أن العديد منهم تصدوا للمليشيات التي كانت تحاول الهجوم على المتظاهرين.

وزاد علي أن انسحاب التيار الصدري أو عودته لا يعني افقاد التظاهرات العراقية زخمها أو التأثير عليها، كما أنه "في حال اعتقدت الأجهزة الأمنية أنها تستطيع التفرد أو استهداف المتظاهرين فهي مخطئة".

حرق خيام ورصاص حي

سيدة عراقية تشارك في الاحتجاجات

وقتل متظاهران بالرصاص الحي فجر الاثنين في مدينة الناصرية جنوب العراق، بحسب ما أفاد مصدر أمني لوكالة فرنس برس، وذلك عقب إقدام مسلحين مجهولين على اقتحام الساحة المركزية للاحتجاجات المناهضة للحكومة وإحراق خيام المتظاهرين.

وليل الأحد الاثنين، أقدم مسلحون مجهولون يستقلون سيارات رباعية الدفع على اقتحام وحرق خيام المعتصمين في ساحة الحبوبي وسط الناصرية. وأطلق هؤلاء النار على المعتصمين وأحرقوا خيامهم التي تحولت إلى ركام.

وبعد ساعات قليلة، رد متظاهرون بإغلاق جسرين رئيسيين في المدينة التي تبعد 350 كيلومترا إلى جنوب بغداد.

وشهدت مدينة النجف هجوما مماثلا الاثنين، قام خلاله مسلحون مجهولون بحرق خيام متظاهرين في ساحة الاحتجاج وسط المدينة، وفقا لمراسل فرانس برس.

والأحد قتل متظاهران بالرصاص الحي خلال مواجهات بين محتجين والقوات الأمنية في العاصمة وجنوبها.

والسبت قتل أربعة متظاهرين في بغداد والجنوب، بحسب حصيلة محدثة، وفق فرانس برس.

الصدر يغير موقفه

المتظاهرون اتهموا الصدر بخيانة الثوار

وأعلن الصدر الجمعة قرار بعدم تدخله في الحراك المطلبي. ودعم الصدر الذي يسيطر على تحالف "سائرون"، أكبر كتلة سياسية في البرلمان، لفترة الاحتجاجات أول انطلاقها بداية أكتوبر، ودعا الحكومة إلى الاستقالة.

وخشية سحق حركة الاحتجاج بعد انسحاب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر منها الجمعة وما تلاه من تدخل أمني لطردهم، انتشر المحتجّون مساء السبت أبرز ساحات الاحتجاج.

وهدد الصدر، المتظاهرين الأحد باتخاذ "موقف آخر" لدعم القوات الأمنية، إذا لم يعيدوا "الثورة إلى مسارها"، في تصعيد جديد لموقفه ضد الاحتجاجات الشعبية المستمرة.

وقال الصدر في تصريحات نقلها عنه المقرب صالح محمد العراقي وأوردتها وسائل إعلام محلية، "إن لم يعودوا فسيكون لنا موقف آخر لمساندة القوات الأمنية البطلة والتي لا بد لها من بسط الأمن لا الدفاع عن الفاسدين بل من أجل مصالح الشعب ولأجل العراق وسلامته".

وكان مكتب الصدر قد جمد السبت عضوية القيادي أسعد الناصري، والذي كان يمثل الصدر في احتجاجات الناصرية، وذلك بسبب ما سماها "تجاوزات" صدرت عن الأخير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وتناقلت وسائل إعلام عراقية بيانا باسم مكتب الصدر، يحوي ثلاثة بنود، تقول إن الناصري "يجب عليه فورا ترك ثوار الناصرية وعدم التدخل بتقرير مصيرهم لا سلبا ولا إيجابا".

وقال خبراء عراقيون في الشأن السياسي إن الصدر يسعى جاهدا للحفاظ على مكانته في الشارع وكسب تأييد إيران، الذي تربطه بها علاقات معقدة.

ويرى محللون إن الزعيم الصدر يمارس نوعا من "اللعبة السياسية المزدوجة" و"خلط الأوراق" في العراق تقوم على دعم النقيضين "القوى السياسية، والمتظاهرين"، وبما يترك له مجالا للمناورة في كسب جميع الأطراف.

وأشاروا إلى أنه لا يمكن فهم التيار الصدري بعيدا عن تاريخه الذي يكون محيرا في بعض الأحيان، وعلى سبيل المثال كان الرجل داعما للتظاهرات ضد الطبقة السياسية التي يعد جزءا منها، وينادي أيضا بخروج القوات الأجنبية من البلاد، في الوقت الذي يسعى فيه إلى جذب الميليشيات المسلحة الموالية لإيران إلى صفه.

حركة التظاهرات

قتل المئات في تظاهرات العراق التي بدأت منذ مطلع أكتوبر 2019

ومنذ الأول من أكتوبر، تخللت حركة الاحتجاج غير المسبوقة والعفوية التي يهيمن عليها الشباب، أعمال عنف خلفت ما لا يقل عن 470 قتيلا معظمهم من المحتجين، بحسب مصادر طبية وأمنية.

وبعد أن بدأت بالتنديد بنقص فرص العمل وسوء الخدمات وبالفساد المستشري، باتت حركة الاحتجاج تطالب بانتخابات مبكرة وبتسمية رئيس وزراء مستقل.

وفي ديسمبر 2019 أقر البرلمان قانونا انتخابيا جديدا، وقدم عادل عبد المهدي استقالته. لكنه لا يزال يشغل منصبه لتصريف الأعمال، وقد فشلت الأحزاب السياسية في التوافق على خلف له.

وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت السبت إن "انعدام المساءلة والتردد لا يلبيان الآمال التي عبر العراقيون عنها بشجاعة لمدة أربعة أشهر وحتى الآن".

وأضافت "في وقت يستمر عدد القتلى والجرحى بالارتفاع، تبقى الخطوات التي اتخذت حتى الآن جوفاء إذا لم تكتمل".

 

سلوان موميكا يتحدر من بلدة الحمدانية جنوب شرقي مدينة الموصل
سلوان موميكا يتحدر من بلدة الحمدانية جنوب شرقي مدينة الموصل

في مواجهة أمر ترحيل أصدرته السلطات السويدية بحقه، كشف رجل عراقي نفذ عدة عمليات حرق للمصحف، الأربعاء، أنه سيطلب حق اللجوء في النرويج المجاورة.

ونفذ سلوان موميكا، 37 عاما، تلك العمليات في السويد خلال السنوات القليلة الماضية، مما أثار غضبا عارما واحتجاجات في دول إسلامية عدة.

وقال موميكا في مقابلة نشرتها صحيفة "إكسبريسن" السويدية، "أنا في طريقي إلى النرويج".

واعتبر، وفقا للصحيفة، أن السويد "لا تقبل إلا الإرهابيين الذين يمنحون حق اللجوء والحماية، بينما يتم طرد الفلاسفة والمفكرين".

حظيت مقاطع الفيديو الاستفزازية التي بثها موميكا وهو يحرق المصحف بدعاية عالمية وأثارت الغضب والانتقادات في العديد من الدول الإسلامية، ما أدى إلى أعمال شغب واضطرابات في العديد من الأماكن.

ويتم التحقيق معه حاليا من قبل السلطات السويدية بتهمة التحريض ضد المجموعات العرقية في السويد.

ووفقًا لصحيفة إكسبريسن، فإن موميكا كان أحد الأسباب التي أدت إلى تأخير عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، التي تم الانتهاء منها في وقت سابق من هذا الشهر، لعدة أشهر.

وحظيت أفعاله بتغطية إعلامية واسعة النطاق في تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، التي استخدمت حق النقض ضد محاولة ستوكهولم للانضمام إلى التحالف العسكري لفترة طويلة.

وألغت سلطات الهجرة السويدية تصريح إقامة موميكا في أكتوبر، قائلة إنه قدم معلومات غير صحيحة بشأن طلبه وسيتم ترحيله إلى العراق.

لكن ترحيله تم تعليقه لأسباب أمنية، لأنه وفقا لموميكا، يمكن أن تكون حياته في خطر إذا أعيد إلى بلده الأصلي.

وذكرت وسائل إعلام سويدية أن موميكا حصل على تصريح إقامة عام 2021. وفيما يتعلق بقرار الترحيل العام الماضي، مُنح موميكا تصريح إقامة مؤقت جديد ينتهي في 16 أبريل، وفقا لصحيفة إكسبريسن.

وقال موميكا للصحيفة: "سأنتقل إلى بلد يرحب بي ويحترمني. السويد لا تحترمني"، مضيفا أنه دخل بالفعل إلى النرويج وكان في طريقه إلى العاصمة أوسلو.

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من السلطات النرويجية، بحسب ما أوردت "أسوشيتد برس".