السعودية تشهد موجة من الانفتاح.
السعودية تشهد موجة من الانفتاح.

بعد أن طالبت ناشطات سعوديات بإسقاط الولاية عن المرأة في بلادهن، وتعرض الكثيرات للاعتقال بسبب إلحاحهن، يبدو أن السلطات استجابت أخيرا إلى تلك الصرخات.

فقد أعلنت، الخميس، سلسة من التعديلات في نظامي السفر والأحوال المدنية، تمنح المرأة حقوقا كانت تبدو من شبه المستحيلات في الماضي القريب، على رأسها السماح لها بالحصول على جواز سفر من دون موافقة ولي، وإمكانية اعتبارها رب أسرة.

وقالت صحيفة سبق، إن الجريدة الرسمية ستعلن الجمعة، تفاصيل ‏الموافقة على التعديلات في نظام وثائق السفر والأحوال المدنية ونظام العمل والتأمينات الاجتماعية.

وكان مستشار سعودي رفيع المستوى غير مصرح له بالتحدث علنا، قد قال في 11 يوليو الماضي إن قيود السفر ستتغير هذا العام، بعد أن كلفت السلطات لجنة حكومية بالعمل على تجديد قوانين الوصاية، مضيفا أن هذه التوجيهات جاءت "من الأعلى".

وتشهد المملكة منذ عام 2017، موجة من الانفتاح يقودها ولي العهد محمد بن سلمان ضمن مشروعه "رؤية 2030".

وشملت التغييرات المجال الفني والثقافي والاجتماعي، وشهدت السماح للنساء بالقيادة، لكن الكثير من السعوديات يطالبن بالمزيد من الحقوق بينها إسقاط الولاية ولا تزال عدد من الناشطات في السجون وبينهن لجين الهذلول.

​​ومن أبرز التعديلات الجديدة، وفق صحيفة عكاظ التي كانت أول من نقل النبأ، منح المرأة الحقوق ذاتها التي يكفلها القانون للرجل فيما يتعلق بالسفر لمن تجاوزوا 21 عاما.

وألغيت المادة الثالثة من النظام والتي كانت تنص على "يجوز أن يشمل جواز السفر زوجة حامله السعودية وبناته غير المتزوجات وأبنائه القصر، وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية".

وجاء في التعديلات أنه "يمنح جواز السفر لكل من يقدم طلبا بذلك من حاملي الجنسية العربية السعودية وذلك وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية"، وأيضا "يكون منح جواز السفر وتصريح السفر للخاضعين للحضانة والقصر المتوفى وليهم، وفقا لما تحدده اللائحة التنفيذية" وفق المادة الرابعة في النظام والتي كانت تشمل جميع الخاضعين لولاية أو وصاية أو قوامة، بحسب ما أوردته عكاظ.

أما التعديلات المتعلقة بالأحوال المدنية، فتشمل إلغاء نص "محل إقامة المرأة المتزوجة هو محل إقامة زوجها إذا كانت العشرة مستمرة بينهما" من المادة 30 لتصبح "محل إقامة القاصر  هو محل إقامة والده أو الوصي عليه".

وتم تغيير المادة 33 لتشمل السماح للمرأة بالتبليغ عن المواليد مثلها مثل الرجل، وإضافة المرأة للتبليغ عن حالات الوفاة في تعديل للمادة 53، وتم حذف نص "الأقرباء الذكور لتكون "الفقرة ب" من المادة "أصول أو فروع أو زوج المتوفى أو أي من أقربائه البالغ من العمر 18 عاما".

وأضافت التعديلات الجديدة الزوجه ضمن من يبلغون عن حالة الزواج أو الطلاق أو المخالعة، في حين كان ذلك مقتصرا على الزوج. وأصبحت المادة 47 تنص على أن "على الزوج أو الزوجة التبليغ عن حالة الزواج او الطلاق أو الرجعة أو التطليق أو المخالعة، ويجوز لوالد الزوج أو الزوجة أو أحد أقاربهما القيام بواجب التبليغ".

وشملت التعديلات المادة 91 من النظام، إذ أصبح "يعد رب الأسرة في هو الأب أو الأم بالنسبة إلى الأولاد القصر"، وتم تعديل المادة 50 لتنص على أن "لأي من الزوجين حق طلب الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية، وتقع المسؤولية على الزوج إذا لم يتقدم بطلب استخراجه خلال 60 يواما من تاريخ عقد الزواج".

الوضع السابق والانتقادات

وبحسب "نظام ولاية الرجل" على المرأة في السعودية، فإنه يتعين أن يكون لكل مواطنة وصي من الرجال، عادة الأب أو الزوج، وأحيانا العم أو الشقيق أو حتى الابن، وتكون موافقته مطلوبة للعمل والعلاج والدراسة والحصول على جواز سفر والسفر إلى الخارج.

وتعرضت تلك السياسة المقيدة للمرأة، لانتقادات من منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، التي اعتبرتها تحرم النساء من حريات اجتماعية واقتصادية وتجعلهن تابعات ومواطنات من الدرجة الثانية.

وتأتي التغييرات على نظام الوصاية، بعد حوادث هروب فتيات سعوديات وطلبهن اللجوء دول غربية، بعد أن اشتكين من قوانين المملكة وعاداتها التي جعلتهن "عبيدا لأقاربهن الذكور".

وكانت المملكة قد خففت قبل نحو عام القيود المفروضة على قيادة النساء للسيارات، في خطوة إصلاحية كبرى في المملكة الساعية لتغيير صورتها في العالم كدولة تفرض قيودا صارمة على مواطنيها.

الناشطة السعودية مضاوي الرشيد من مركز الشرق الأوسط في لندن، قالت عبر حسابها في تويتر "عظيم أن تتمكن النساء السعوديات من الحصول على جواز سفر من دون وصي، وهذا يمكن أن يكون بداية للهجرة الاقتصادية التي تخفف الضغط على محمد بن سلمان، لخلق وظائف للنساء المتعلمات في اقتصاد متحرر مع فرص أقل في القطاع العام".

​​وكتبت باللغة العربية "ستبدأ الهجرة الطوعية، لكن لن تختفي الهجرة القسرية تماما بعد تعديل القانون والسماح بإخراج جواز سفر بدون ولي أمر وسنلاحظ هجرة اقتصادية للنساء تخرجهم من إحصاءات البطالة".

​​الأستاذ في جامعة واشنطن والمحلل فراس مقصد، كتب على تويتر أن التعديلات السعودية تتزامن مع الإفراج عن الطبيب وليد فتيحي الذي يحمل الجنسيتين السعودية والأميركية، بعد 20 شهرا، مشيرا إلى أن "الخطوتين قد تؤديان إلى تحفيف الإحباط في الكونغرس إزاء السعودية ومساعدة سفيرة المملكة الجديدة لدى واشنطن" الأميرة ريما بنت بندر.

​وهنأت الناشطة هالة الدوسري، بنات بلدها بإسقاط الولاية عن المرأة في السفر، وأعربت عن أملها في حصول السعوديات على مزيد من الحقوق. وكتبت على تويتر "مبروك لكل النساء ولكل الأسر، كل الأمل في إتمام ضمانات عدم التمييز وإلغاء قضايا التغيب والعقوق".

وقال الناشط في حقوق الإنسان والإعلام السياسي، عقل الباهلي، لموقع الحرة، إن "التعديلات الخاصة بوثائق السفر تؤكد وتشرّع لحق المرأة مثل الرجل في جانب مهم وهو حرية الحركة وتحديد اختياراتها بنفسها وسبقتها خطوات جسورة من الدولة مثل حقها في التعليم والعمل".

واختار ​​الناشط فارس أباالخيل، الإشارة إلى المناضلات اللائي دفعن ثمنا غاليا بسبب جهودهن وقال في تغريدة "هناك نساء تعرضن للقمع والإقصاء بسبب مطالبتهن المحقه بإلغاء قانون الولايه الجائر على النساء في السعوديه، ودفعن ثمنا مرتفعا، الآن وبعد إقرار إلغائه الجزئي من قبل الدولة، تستحق هؤلاء النسوة الشكر وقبله الإقرار بدورهن الأساسي في المطالبه وتوعية المجتمع".

​​الناشطة والمعتقلة السابقة هتون أجواد الفاسي، كتبت على تويتر "مبروك للمرأة السعودية الموافقة على تعديل نظام وثائق السفر والأحوال المدنية ونظام العمل والتأمينات الاجتماعية".

ورحبت ​​الكاتبة ثريا العريض بالتعديلات وغردت قائلة "المواطنة السعودية تستاهل أن تحظى بدعم صانع القرار محقق الأحلام بالمعجزات. لنا التهنئة ولصانع القرار الشكر و التقدير، ولنا أن نطمع بالمزيد من المعجزات. أتوقع أن نرى تحقق القول الكريم المحمل بالوعد: ولئن شكرتم لأزيدنكم".

​​

نساء سعوديات (أرشيف)
نساء سعوديات (أرشيف) | Source: Courtesy Photo

تخطط المملكة العربية السعودية لتخفيف القيود المفروضة على قدرة النساء على السفر بحيث لن يحتجن لإذن ولي الأمر، حسبما قال مسؤولون سعوديون وأشخاص مطلعون على الأمر لصحيفة "وول ستريت جورنال".

وذكر هؤلاء، وفقا للصحيفة، أن الخطة ستنهي قوانين الوصاية المتعلقة بسفر الرجال والنساء الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما، ما سيسمح لهم بمغادرة البلاد دون موافقة أولياء أمورهم.

​​وفي الوقت الحالي تحتاج النساء في جميع الأعمار، والرجال الذين تقل أعمارهم عن 21 سنة إلى إذن ولي الأمر للسفر إلى الخارج.

​​ولن تؤثر الخطة الجديدة على القوانين الأخرى الخاصة بالنساء والمتعلقة بموافقة ولي أمر على الزواج أو طلب مغادرة السجن أو الخروج من الملاجئ المخصصة للنساء اللواتي تعرضن للإساءة.

وقال مستشار سعودي رفيع المستوى غير مصرح له بالتحدث علنا إن قيود السفر ستتغير هذا العام بعد أن كلفت السلطات لجنة حكومية بالعمل على تجديد قوانين الوصاية، مضيفا أن هذه التوجيهات جاءت "من الأعلى".

الهاربات من الولاية.. لاجئات سعوديات يتحدثن
وفقا لتقارير إعلامية، تضاعفت أعداد طالبي اللجوء من السعوديين حول العالم بما يقارب 350 ضعفا خلال قرابة ربع قرن، منهم 50% تقريبا، طلبوا اللجوء إلى الولايات المتحدة الأميركية.

​​وذكر أحد أفراد العائلة المالكة السعودية على دراية بالخطة أن "ليس هناك شك في أن القيادة والحكومة والشعب يرغبون بتغيير هذا النظام، النقاش الحالي يدور حول كيفية تحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن دون إثارة ضجة".

وتأتي هذه الخطوة لتغيير نظام الوصاية في السعودية بعد سلسلة هروب فتيات سعوديات مؤخرا وطلبهن اللجوء، بعد أن اشتكين من قوانين المملكة وعاداتها التي جعلتهن "عبيدا لأقاربهن الذكور".

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن قوانين الوصاية تحول النساء إلى مواطنين من الدرجة الثانية، وتحرمهن من الحقوق الإنسانية والاجتماعية الأساسية وتتيح الإساءة إليهن.

ويضع نظام "ولاية الرجل" في أيدي الذكور، الأب أو الأخ أو الزوج وحتى الأبناء، سلطة التحكم بجوانب كثيرة في حياة المرأة.

وكانت السلطات السعودية خففت قبل نحو عام القيود المفروضة على قيادة النساء للسيارات، في خطوة إصلاحية كبرى في المملكة الساعية لتغيير صورتها في العالم كدولة تفرض قيودا صارمة على مواطنيها.