أكثر من ربع مليون لاجئ من جنسيات إفريقية يتواجدون في اليمن
أكثر من ربع مليون لاجئ من جنسيات إفريقية يتواجدون في اليمن

لقي مهاجرون حتفهم وأصيب العشرات بجروح إثر اندلاع حريق الأحد في مركز إيواء في العاصمة اليمنية، وفق ما أفادت المنظمة الدولية للهجرة.

وبعيدا عن الرواية التي تنقلها المنظمات الدولية عن الحوثيين، يتم تداول قصة أخرى قد ترتقي لتكون "جريمة حرب"، بأن مركز الإيواء تعرض للحرق من قبل مقاتلين حوثيين كانوا قد ألقوا بقنابل حارقة على المهاجرين.

المنظمة الدولية للهجرة تقول إن الحريق أسفر عن وفاة ثمانية أشخاص، و170 جريحا، حالة 90 منهم خطيرة.

ودعت المنظمة جماعة الحوثيين لإتاحة الوصول للمهاجرين الذي تعرضوا للحرق، لتوفير العلاج المناسب لهم، خاصة في ظل وجود إصابات خطيرة بينهم.

وسبق واتهمت منظمات إنسانية والأمم المتحدة المتمردين الذي يسيطرون على صنعاء وغالبية مناطق شمال اليمن بعرقلة عملها.

ورغم الحرب، يعتبر اليمن محطة عبور لعشرات الآلاف من المهاجرين الذين يسافرون بين القرن الأفريقي والسعودية ودول خليجية أخرى.

ويشكل طالبو اللجوء من إثيوبيا والصومال غالبية اللاجئين وملتمسي اللجوء الذين يستضيفهم اليمن، والذين يبلغ عددهم 270 ألف لاجئ، وفق أرقام المفوضية العليا للاجئين.

منظمات دولية

الحوثيون لم يمنحوا الموافقات للمنظمات الإنسانية للتدخل ومساعدة المهاجرين الإثيوبيين

ويشير بيان المنظمة إلى وجود نحو 900 مهاجر في المكان الذي تعرض للحريق، معظمهم من الإثيوبيين، حيث تم نشر فرق العاملين الصحيين، وسيارات الإسعاف، وإرسال مستلزمات طبية للمستشفيات.

وحاولت منظمات دولية معنية بشؤون المهاجرين، خلال الـ24 ساعة الماضية، إقناع الحوثيين بالسماح لهم لمعاينة مكان الحريق، وسط رفض من قبل السلطات الأمنية.

ودعت المنظمة الدولية السلطات في صنعاء إلى السماح بالوصول "العاجل" لتقديم العلاج لمهاجرين أصيبوا في الحريق.

جريمة حرب ومقابر جماعية

جمدا سوتي، رئيس شبكة مستقبل أوروميا للأخبار الإثيوبية، قال في تصريحات خاصة لموقع "الحرة" إن ما حصل مع المهاجرين الإثيوبيين في صنعاء يتطلب تحقيقا دوليا، حيث تعرضوا لجريمة حرب قد تعتبر إبادة جماعية، حسب تعبيره.

وفي التفاصيل، أوضح أنه منذ أسابيع بدأ الحوثيون بسجن أي مهاجر إفريقي موجود في صنعاء، رغم أن غالبيتهم مقيميين هناك بموجب إقامات رسمية غير مخالفة للقانون، ولكن تم تخييرهم بـ 3 خيارات.

أولى هذه الخيارات، المشاركة في القتال إلى جانب الحوثيين على الحدود مع السعودية، وثانيها دفع مبالغ تصل إلى 150 ألف ريال مقابل السماح لهم بالخروج والعودة لبلادهم، وثالثها، السجن، وهو ما كان من نصيب نحو 4 آلاف شخص مهاجر.

وأضاف سوتي أنه حتى من وافق على القتال على الحدود، فقد عادت الأنباء عن مقتل العديد منهم، حيث يتم وضعهم في الصفوف الأولى في المناطق التي تحتدم فيها المعارك.

وزاد أنه منذ فبراير كان على تواصل مع عدد من المهاجرين الإثيوبيين الموجودين في مراكز الاحتجاز، حيث كانوا يعيشون في ظروف غير إنسانية على الإطلاق، وبعضهم كان مسجونا هناك منذ 7 أشهر ومن دون أي سبب.

واحتجاجا على الأوضاع التي يعيشونها ورفضهم للقتال مع الحوثيين قام هؤلاء المهاجرين بالإضراب عن الطعام، في خطوة أثارت حفيظة الحوثيين وقام بعض مقاتليهم بالدخول إلى مكان الاحتجاز وإجبارهم على الأكل وكسر حالة الإضراب، حيث نشب بينهم مواجهة بعدما بدأ الحراس بضربهم بالعصي، ليقوم المهاجرين بإخراجهم من أماكن الاحتجاز.

ودفع هذا الأمر المقاتلين الحوثيين إلى طلب تعزيزات، وقاموا بإلقاء قنابل حارقة على مركز الإيواء، وهو ما تسبب بوفاة أكثر من 500 شخصا حتى الآن نتيجة للحروق التي تعرضوا لها.

وأشار سوتي، إلى أن مقاتلين حوثيين قاموا خلال ليل الاثنين بجمع جثث العديد من الوفيات ودفنها من مقابر جماعية، وفق ما نقل له شهود عيان من صنعاء.

وأكد أن جميع المعلومات التي لديه مصدرها شهود عيان، وبعض المهاجرين الذي استطاعوا الفرار من مركز الإيواء أثناء الحريق، إضافة لمقاطع مصورة.

وتنفذ جالية المهاجرين الإثيوبيين الأرومية في صنعاء وقفة أمام مبنى مفوضية الأمم المتحدة في صنعاء، حيث يطلبون بإجراء تحقيق دولي في الكارثة التي حصلت.

رواية جماعة الحوثيين

مطالب بتحقيق دولي للحريق الذي تعرض له اللاجئين الإثيوبيين

وزارة الداخلية، التابعة للحوثيين أصدرت الأحد، بيانا قالت فيه إن "الحريق وقع الساعة الثانية والنصف ظهرا وتسبب في وفاة وإصابة عدد من المهاجرين غير الشرعيين والعاملين بمصلحة الهجرة والجوازات"، مشيرة إلى استمرار التحقيقات لمعرفة أسباب الحريق.

وحملت سلطات الحوثيين في البيان "منظمة الهجرة الدولية والأمم المتحدة المسؤولية الكاملة عن هذا الحادث، لتقاعسها عن القيام بدورها في توفير الملاجئ المخصصة لتجميع وإيواء المهاجرين غير الشرعيين، وترحيلهم إلى بلادنهم وفق القوانين الدولية".

طمس معالم الجريمة

وزير الإعلام في الحكومة المعترف بها دوليا، معمر الأرياني، أدان "الجريمة المروعة" التي تعرض لها المهاجرون الأفارقة على يد "ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران" في صنعاء، والذي تسبب بوفاة المئات من الإثيوبيين.

وحذر في بيان صحفي من مساعي الحوثيين إلى "طمس أسباب ومعالم الجريمة التي تكشف مقاطع مصورة وصور يتم تداولها حجم بشاعتها".

وطالب الأرياني بضرورة إجراء تحقيق دولي "شفاف ومستقل" لكشف تفاصيل الحادثة ومحاسبة المتورطين فيها.

كما دعا إلى الضغط على الحوثيين لوقف عمليات التجنيد القسرية للمهاجرين واستغلالهم في المعارك، وإطلاقهم جميعا والسماح لهم بحرية الحركة.

المطالبة بتحقيق دولي

نبيل البكيري، باحث وصحفي يمني، اتفق مع الرواية التي ذكرها سوتي، حيث تقوم جماعة الحوثيين بإلقاء القبض على أي لاجئ إفريقي، رغم أنهم يحملون بطاقات لجوء من مكاتب الأمم المتحدة في صنعاء.

وأشار في حديثه لموقع "الحرة"، إلى أنه تواصل مع مصادر وشهود عيان وأهالي ضحايا مهاجرين كانوا في مراكز الإيواء.

ونقل عن أهالي الضحايا مطالبتهم بلجنة تحقيق دولية لتقصى الحقائق في هذه الجريمة التي أودت بحياة أهاليهم وأقاربهم.

وأكد البكيري أن أعداد الوفيات تتجاوز الأرقام المعلن عنها، وهي تتجاوز الـ 500 شخص، فيما تعرض أكثر من 1500 شخص منهم للحروق والجروح، ولمعرفة أرقام الوفيات الحقيقة بهذا الحريق على لجان التقصي إخراج جثث الوفيات من المقابر الجماعية، حيث يوجد شهادات من شهود عيان على عمليات دفن الضحايا في مقابر خارج العاصمة.

ونقل عن شهادة أحد الناجين من الحريق، قوله "إن مكان الحجز الذي كانوا فيه لأنهم رفضوا القتال في صفوف الحوثيين، تعرض لإلقاء قنابل حارقة من قبل مقاتلين حوثيين".

وزاد أنه حتى من يذهب للقتال عادة ما يقتل خلال فترة قليلة حيث يتم وضعهم في مقدمة جبهات القتال، وأن الأرقام الحقيقية لمن قتلوا في الحريق أكبر بكثير مما تعلنه المنظمات الدولية أو الحوثيين.

ويبقى آلاف المهاجرين عالقين في اليمن، حيث أودت سنوات النزاع بين الحكومة والمتمردين منذ 2014 بعشرات الآلاف وأدت إلى نزوح الملايين في إطار أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم.

أعضاء من الطائفة البهائية يتظاهرون خارج محكمة أمن الدولة بصنعاء (أرشيف)
أعضاء من الطائفة البهائية يتظاهرون خارج محكمة أمن الدولة بصنعاء (أرشيف)

لا تزال الأقلية التي تدين بالبهائية، تعاني الملاحقات والاضطهاد والاعتقالات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون في اليمن، وفقا لما أفادت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين.

وأوضحت المبادرة في تصريحات خاصة لموقع "الحرة"، أن "اليمن يشهد في السنوات الأخيرة، خاصة منذ عام 2014، استهدافا منهجيا للمواطنين البهائيين من قبل سلطة الأمر الواقع في صنعاء (الحوثيين)، حيث تعرضوا إلى صنوف من الاضطهاد والقمع وانتهاك الحقوق الأساسية".

وأضافت: "البهائيون هناك يتعرضون لنوع من أنواع الإبادة الصامتة، التي تستهدف هويتهم ومعتقدهم وحياتهم اليومية، وذلك من خلال ضغوط متتالية ومنهجية تُمارس لإجبارهم على ترك معتقدهم لإخفاء هويتهم، وعبر مساعٍ حثيثة لإجبار العديد على ترك قراهم ومدنهم، بل والهجرة من البلاد".

واعتبرت المبادرة أن ما يتعرض له البهائيون "يرتقي إلى مستوى جريمة تطهير ديني".

وسجلت المبادرة اليمنية خلال السنوات الخمس الأخيرة، المئات من الانتهاكات لحقوق المواطنين البهائيين، لافتة إلى أنه "بالإمكان تصنيفها إلى 34 صنفا من الانتهاكات، إذ أن بعضها تتكرر عشرات المرات للعديد من الأفراد والأسر البهائية، ناهيك عن أن نسبة كبيرة ممن يعانون من هذه الانتهاكات هم من الأطفال والنساء وكبار السن".

المعتقلون الخمسة

كانت المداهمة المسلحة العنيفة التي قام بها الحوثيون لاجتماع سلمي للبهائيين في صنعاء، في 25 مايو 2023، حيث تم اعتقال 17 بهائيا من بينهم 5 نساء، أحد أوضح الانتهاكات في سلسلة مستمرة من الاضطهادات الممنهجة ضد تلك الأقلية الدينية، حسب المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين.

وفي هذا الصدد، حصل موقع "الحرة" على فيديو حصري من المبادرة، يتضمن أسماء المعتقلين الخمسة الذين لايزالون يقبعون في سجون جماعة الحوثي، مع بعض المعلومات الشخصية عنهم.

المعتقلون البهائيون الخمسة في سجون الحوثي

وفي هذا الصدد، أوضح مدير مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، نادر السقاف: "من الواضح أن المحرك الحقيقي خلف ما يحدث للبهائيين في اليمن هو دافع طائفي يحاربهم بسبب اختلاف معتقدهم، ويسعى إلى عملية تطهير طائفي ضد البهائيين".

وأضاف في حديث إلى موقع "الحرة": "الأجهزة الأمنية الحوثية والشخصيات الفاعلة في ملف البهائيين، أعربت أكثر من مرة – تصريحا وتلميحا – بأن المعتقد هو الدافع الرئيسي خلف عمليات الانتهاك والاضطهاد".

وأكد السقاف أن قضايا المعتقلين البهائيين تشهد "تخبطا واضحا" في الاتهامات الموجة لهم، "ففي العديد من المناسبات حملت لغة الخطاب صبغة طائفية صريحة وصلت إلى درجة اتهام كل من يقف إلى جانب البهائيين بالكفر والخروج عن الإسلام والعمالة لأعداء الدين"، على حد قوله.

ولفت إلى أنه "خلال الأيام المقبلة ستكون ذكرى مرور سنة على الاعتقالات اللاإنسانية للبهائيين، وعليه فإننا نطالب تلك الجماعة بإطلاق سراح المعتقلين الخمسة المحتجزين لديها فوراً ودون شرط؛ فالإيمان ليس جريمة يُعاقب عليها، والحرية حق للجميع".

من جانبها، أوضحت الناشطة الحقوقية، رئيسة منظمة التميز لتنمية المجتمع، روحية ثابت، أن "الأحداث أثبتت بوضوح أن الحوثيين هم الجهة الرئيسية المسؤولة عن الاضطهاد الممنهج الحالي للبهائيين في اليمن".

وأشارت إلى أن "عمليات الانتهاك والاضطهاد تفاقمت من حالات فردية إلى عملية منهجية واضحة الملامح، تستهدف كافة أبناء هذا المعتقد، وذلك منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في أواخر عام 2014".

ونوهت بأن تلك الجماعة، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، تعمل على "مسح الهوية الثقافية والاجتماعية للبهائيين، باعتبارهم أحد مكونات المجتمع اليمني".

انتهاكات عديدة

وأشار كل سقاف وثابت إلى الانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية البهائية منذ سيطرة الجماعة الحوثية على مقاليد الحكم في صنعاء، ومن بينها:

- التضييق عليهم ودفعهم للخروج من مدنهم وقراهم، بل وحتى الهجرة القسرية خارج اليمن.

- تضييق سبل العيش، والمضايقات المالية وتجميد المعاملات المصرفية للبهائيين ومن يتعاملون معهم، من خلال المؤسسات المالية ومراكز الصرافة وغيرها.

- إخفاء صوتهم ووجودهم الاجتماعي من خلال المضايقات المستمرة.

- تحريض المجتمع على البهائيين وإثارة المخاوف تجاههم، من خلال نشر الأكاذيب والتهم السياسية والثقافية والأخلاقية المفبركة.

- تخويف أفراد تلك الأقلية من خلال حملات متابعة، وإصدار الأحكام الجائرة، وتعذيب المعتقلين، وسجن النساء والقصَّر.

كما نوه السقاف بأن الأجهزة الأمنية التابعة للحوثيين "تقوم بإجبار المعتقلين البهائيين على التوقيع على تعهدات بوقف الأنشطة الثقافية أو الحديث عن معتقدهم، خوفا من انتشار التعاليم البهائية، مما يؤكد أن الهدف الرئيسي لاعتقالهم هو هدف طائفي مرتبط بعقيدتهم".

الخوف من الاعتقال

وفي حديث إلى موقع الحرة، كشف "ن. س" الذي ينتمي إلى الأقلية البهائية، عن بعض الأوضاع المزرية التي يعانون منها منذ أن خضع معظم شمال اليمن لسطوة الحوثيين.

وقال "ن. س" الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: "يمر اليمن بضائقة اقتصادية بسبب الأوضاع، لكن الاضطهاد الممنهج علينا كبهائيين كان السبب الرئيسي في تدهور أحوالي وانقطاع مصدر رزقي".

وزاد: "بسبب التخوف من حملات الاعتقال التي تستهدفنا فقط لاعتقادنا الديني، نضطر للعيش تحت ظروف قاهرة، فأنا على سبيل المثال، أُجبرت على تغيير مكان سكني مع عائلتي، وبالتالي فقدت عملي لصعوبة الذهاب إليه".

معاناة الأطفال

وعن تأثير حملات الاضطهاد والتمييز التي يشنها الحوثيون على الأطفال والنساء بشكل خاص، قالت ثابت: "تعرض أطفال البهائيين لصدمات نفسية من جراء اعتقال أحد الوالدين أو كليهما، ليحرموا بذلك من الرعاية الأسرية لفترات متفاوتة، ناهيك عن التداعيات النفسية الخطيرة لتفريق الأسر عن بعضها".

وشددت ثابت على أن العديد من ربات المنزل عانين من أجل توفير مصادر مالية لتغطية نفقات أطفالهن اليومية، وتغطية مصاريف تعليم أولادهن، في ظل غياب المعيل الوحيد للأسرة، مما كان سببا في العديد من الحالات بأن تعيش العائلات تحت ضائقة الفقر الشديد.

وبدورها، أوضحت المبادرة اليمينة للدفاع عن حقوق البهائيين، أن العديد من الأطفال "حُرموا من متابعة التعليم بسبب الأساليب الطائفية المتبعة في المدارس، وكذلك بسبب إرغام أسرهم على ترك قراهم ومدنهم".

ولفتت المبادرة في تصريحاتها إلى موقع "الحرة"، أن "السلطات الحوثية في مرات كثيرة أمرت بمراقبة وإيذاء الأطفال بهدف اعتقال ذويهم".

ورأت المبادرة أن تلك  السلطات تستهدف "بشكل رئيسي أموال وأعمال وممتلكات البهائيين، وتمنعهم من الحصول على مستحقاتهم، وتجمد حساباتهم المصرفية، وتستولي على بيوتهم وممتلكاتهم".

وخلصت المبادرة إلى أن "سياسة الحوثيين تجاه أفراد الأقلية البهائية واضحة جدا، فهم يستهدفون إجبارهم على ترك معتقدهم، وإرغامهم على الحضور في محاضرات دينية حوثية، وإلا فالبديل هو السجن والتعذيب والتنكيل وقطع الأرزاق والتهجير وفي بعض الحالات النفي القسري من البلاد".

وفي نفس المنحى، قال السقاف إن" الاضطهاد الممنهج ضد البهائيين جعلهم يعانون من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية منذ نحو 10 سنوات وحتى الآن، حيث تم إجبار العديد منهم على حضور دورات قسرية يطلق عليها الحوثيين (دورات ثقافية)، بهدف التحريض على الآخر المختلف".

تاريخ البهائيين في اليمن

حسب الموقع الرسمي للبهائيين في اليمن، فإن المصادر التاريخية تشير إلى أن ذلك الدين وصل إلى تلك البقعة في بدايات ظهوره.

ففي عام 1260 هجرية (الموافق 1844م) شهد ميناء "المخا" على البحر الأحمر قدوم علي محمد الشيرازي المعروف بـ"الباب المبشر" بظهور الدين البهائي، وذلك في رحلته إلى الحج عبر موانئ اليمن في ذهابه وعودته.

ولم تكن هذه الحادثة التاريخية نهاية علاقة الدين البهائي باليمن، فعندما قضت الإمبراطورية العثمانية بحبس "حضرة بهاء الله" (مؤسس الدين البهائي) في سجن عكا، عادت شواطئ وموانئ اليمن لتشهد مرور أعداد متزايدة من "المؤمنين الأوائل بالدين البهائي والمحبين لرسالته"، وفقا للموقع الرسمي.

فالمسار المائي عبر بحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر هو الطريق الذي سلكه جّمٌ غفيرٌ من أهل المشرق القاصدين زيارة "حضرة بهاء الله" في سجنه.

ومع مرور الزمن استمر مرور البهائيين بأرض اليمن، وتتابع احتكاك أهلها بهم، حيث اعتنق العديد من السكان الدين الجديد، وكان من بينهم شخصيات اجتماعية وقبلية معروفة.

ووفقا للسقاف، "يعتبر البهائيون اليوم من المكونات الأصيلة في المجتمع اليمني، ومن المعروف عنهم حبهم لبلدهم". 

وتابع: "رغم أن البهائيين في اليمن مشهود لهم بتاريخهم المسالم البعيد من أي نشاط سياسي أو حزبي طوال عقود طويلة، ورغم ما عرف عنهم من اهتمام كبير بالأعمال الخيرية والتطوعية والمساهمة في بناء المجتمع، سواء على مستوى العمل المهني أو على مستوى العمل الاجتماعي، فإن السنوات الأخيرة شهدت موجات من الاستهداف والقمع تفاقمت إلى مراحل متقدمة من الاضطهاد المنهجي".

وشدد السقاف على أنه "يصعب حصر أعداد المؤمنين بأي معتقد في الظروف الحالية، خاصة مع ما يتعرض له البهائيون من اضطهاد".

وانتهى بالقول: "التقديرات تشير إلى أن عدد البهائيين في حدود عدة آلاف ينحدرون من مختلف مكونات وطبقات وقبائل المجتمع اليمني، ويتواجدون في معظم المدن والمحافظات".