العمل جار على تطوير حقل "ليفاثيان" في إسرائيل
العمل جار على تطوير حقل "ليفاثيان" في إسرائيل

سايمون هندرسون/

في أواخر كانون الثاني/يناير، ثبّت عمّال [أخصائيون] أنابيب الأساس لمنصة حقل الغاز الطبيعي "ليفياثان" في قاع البحر على بعد ستة أميال من ساحل إسرائيل الشمالي. وحاليا، يمكن رؤية بضعة أقدام فقط من الأنابيب الفولاذية ناتئة فوق سطح الماء. ولكن في وقت لاحق من هذا العام، سيتمّ سحب الجزء العلوي من المنصة إلى موقع حقل "ليفياثان" وتثبيتها باستخدام رافعة عائمة عملاقة، وبذلك توفّر مهبط للطائرات المروحية، وإمدادها معدات التجهيز، وتوفيرها أماكن الإقامة.

وفي الوقت نفسه، سيتم توصيل المنصة بخطوط الأنابيب من حقل "ليفياثان" الواقع على بُعد ثمانين ميلا أخرى في أعماق قاع البحر. وفي وقت ما خلال الربع الأخير من عام 2019، سيتم تشغيل المرفق بأكمله، وسوف يتدفق الغاز حتى الشاطئ ويعبر إلى الزبائن في إسرائيل والأردن، وإذا تم الاتفاق على العقود بشكل نهائي، فسيصل إلى الزبائن في مصر أيضا.

قد يكون الغاز الطبيعي "وقودا خفيا"، ولكن جعله يتدفق في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط عملية مسيّسة للغاية ومحفوفة بالمخاوف الأمنية. فقد تزامن تثبيت أنابيب الأساس في حقل "ليفياثان" مع مناورة بحرية إسرائيلية استمرت أسبوعا، وشملت إطلاق صواريخ لإغراق سفينة شحن قديمة كانت تضطلع بدور السفينة الرئيسية الإرهابية إزاء قوارب هجومية صغيرة.

قد يصبح التنقيب أداة تهديد سياسية، وربما حتى مسألة عسكرية، بالنظر إلى نفوذ إيران الواسع في بيروت

​​وتبرز أيضا مجموعة أخرى من التحديات الدبلوماسية والعسكرية والتجارية، على الرغم من أن الإنجازات الكبيرة المشجعة في التعاون الإقليمي يمكن أن تخفف من المشاكل الأكثر قابلية للتنبؤ.

وكانت المعايير الأساسية للصورة السياسية/الاقتصادية ثابتة لعدة سنوات وهي:

احتياطيات كبيرة محتملة، ولكن يصعب الاستفادة منها. يدور مجال الاهتمام الرئيسي حول المساحة البحرية الممتدة من قبالة سواحل إسرائيل وغزة ولبنان، وامتدادا إلى الشمال الغربي نحو قبرص.

وقد سبق أن تمخض التنقيب عن اكتشافات مختلفة في تلك المنطقة، وعادة من الغاز، ولكن مع بعض الاحتمالات للنفط أيضا. وبالتالي، فإن مصر مهتمة جدا في هذا المجال أيضا. فعلى الرغم من أنه تم إنشاء بنيتها التحتية للنفط والغاز منذ وقت طويل مع اكتشاف العديد من الحقول قبالة دلتا النيل، إلا أن أكبر اكتشاف لها في المياه يقع على بعد 120 ميلا شمالا ـ وهو حقل غاز "ظُهر" الذي تم اكتشافه في عام 2015 وهو أكبر من حقل "ليفياثان" في إسرائيل.

احتياطي الغاز حول قبرص

​​ومع ذلك، فإن الحفر في هذه المياه العميقة باهظ الثمن (100 مليون دولار لكل حفرة)، ويستغرق وقتا طويلا (ثلاثة أشهر)، ولا يمكن التنبؤ به بشكل يدعو للضيق على الرغم من مسوحات الاستكشاف الزلزاليّة الأوليّة المفصّلة.

فعلى سبيل المثال، فشلت "إكسون موبيل"، شريكة شركة "قطر للبترول"، مؤخرا في العثور على كميات تجارية في بقعة في البحر القبرصي وانتقلت سفينة التنقيب إلى منطقة أخرى أبعد بقليل نحو الشمال.

نزاعات على اللقب القانوني. وفقا لقانون البحار، يمكن لأي بلد ساحلي أن يطالب بمنطقة اقتصادية حصرية، لكن يجب أن يتفق على حدودها مع الدول المجاورة. وتجدر الإشارة إلى أن لبنان لا يعترف بالمنطقة الاقتصادية الحصرية التي تطالب بها إسرائيل ويرفض التفاوض [حولها].

وبالمثل، لا تعترف تركيا بأن لقبرص منطقة اقتصادية حصرية تتجاوز حدودها الإقليمية التي يبلغ طولها اثني عشر ميلا، وقد قامت بمضايقة سفن الاستكشاف التي تجاوزت تلك المسافة. ويدعي الأتراك أيضا أن المنطقة الاقتصادية الحصرية الخاصة بهم تصل إلى أقصى الجنوب إلى حد تلامس فيه الحدود مع مصر ـ على الرغم من أن القاهرة وافقت على منطقة اقتصادية حصرية مع قبرص تضم مساحة كبيرة من هذا المجال.

ومما يزيد من هذا الارتباك هو سماح أنقرة لـ"جمهورية شمال قبرص التركية" غير المعترف بها ـ حيث تتخذ القوات التركية مركزا لها ـ بالمطالبة بمنطقة اقتصادية حصرية كبيرة في جنوب الجزيرة، مما يتداخل بشكل كبير مع المنطقة الاقتصادية الحصرية التي تطالب بها الحكومة القبرصية المعترف بها دوليا.

البيئة الدبلوماسية الساخنة والباردة. عرقلت المنافسات السياسية الإقليمية بعض التطورات بينما سهلت تطورات أخرى. فلقد أصبح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يعتبر إسرائيل شريكا أمنيا جديرا بالثقة، كما يعترف بأن بلاده بحاجة إلى الغاز الإسرائيلي لتلبية مطالبها المحلية وتحقيق إمكانياتها التصديرية.

وفي غضون ذلك، تدهورت العلاقات بين إسرائيل وتركيا ـ المنافس الإقليمي الرئيسي لمصر، إذ يبدو أن ما يظهره الرئيس رجب طيب أردوغان من كراهية عميقة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد حال دون النظر بفكرة قيام خط تصدير نحو الشمال، على الأقل في الوقت الذي يظل فيه الرجلان في السلطة.

ونتيجة لذلك، فإن المعضلة الاقتصادية المتمثلة في الاضطرار إلى الاختيار بين العمل مع مصر أو تركيا قد تم إقرارها بالفعل بالنسبة لإسرائيل بناء على خلفيات سياسية.

وهناك العديد من التحديات الأخرى التي تبرز حاليا، وهي:

العثور على السوق المناسب. يشكّل الغاز الذي تم اكتشافه حتى الآن نقطة تحوّل لإسرائيل، ما يسمح لها بالاستعاضة الدائمة عن محطات الطاقة القديمة والملوّثة التي تعمل على الفحم. لكن عبء هذا التغيير يقع على الغاز الذي يتم استخراجه من حقل "تمار"، والذي يوفر أيضا الغاز لمَصْنعين صناعيين أردنيين على البحر الميت. فلن يتم الاستفادة محليا إلا من جزء صغير من غاز حقل "ليفياثان"، إذ وقعت إسرائيل عقدا مع الأردن أمده 15 عاما بقيمة 10 مليارات دولار لتوليد الطاقة لشبكتها الوطنية، ولكن لن تكون لعملية تطوير حقل "ليفياثان" معنى على الصعيد التجاري إلا إذا تم تصدير الغاز المستخرج منه على نطاق واسع.

ومن المتوقع أن بعض الغاز الذي يتم إرساله إلى الأردن سينتهي به المطاف في مصر عبر "خط الغاز العربي" الحالي الذي يتجه جنوبا نجو البحر الأحمر، ثم شمالا عبر شبه جزيرة سيناء.

خلاف لبناني اسرائيلي حول الحدود البحرية

​​وحدث إنجاز كبير آخر في العام الماضي عندما توصلت القاهرة إلى اتفاق مبدئي مع العديد من الشركات يسمح لها التحكم بتدفق الغاز وعكس مجرى خط أنابيب آخر يأتي من سيناء كان ينقل الغاز المصري إلى إسرائيل. ويمتد هذا الخط تحت البحر على طول الطريق الساحلي بين العريش وعسقلان. وبمجرد الاتفاق بشكل نهائي على العقود والانتهاء من إكمال بعض الأعمال الهندسية، سَيُمَكِّنُ الخط المستحدث من استخدام الغاز الإسرائيلي محليا في مصر أو تصديره بواسطة الناقلة عبر مرفقين حاليين للغاز الطبيعي المُسال: أحدهما بالقرب من بورسعيد والآخر بالقرب من الإسكندرية.

السياسة المريرة. قادت شركة "نوبل إنيرجي" ـ التي تتخذ من هيوستن مقرا لها ـ مشروع تطوير حقلي "ليفياثان" "وتمار" بالتعاون مع اتحاد (كونسورتيوم) يضم شركات إسرائيلية. ولقد جعلت السياسة الداخلية ذلك بمثابة تجربة صعبة، مع اتهامات متهورة في بعض الأحيان بالانتهازية وبالتأثير البيئي المضرّ، تُخيف العديد من شركات الاستكشاف الأجنبية الأخرى ذات الخبرة التقنية المطلوبة.

ففي الشهر الماضي، أعلن زعيم حزب "ييش عتيد" الإسرائيلي، يائير لبيد، أنه إذا فاز بالسلطة في انتخابات التاسع من نيسان/أبريل، سيوقف على الفور مشروع "ليفياثان" ـ وهو تصريح صدم المراقبين في قطاع الطاقة.

أما في مصر والأردن، فالجمهور معاد جدا للشراكة مع إسرائيل، مما يؤدي إلى إصدار تصريحات رسمية تتعارض أحيانا مع الواقع. ففي الأردن، غالبا ما يشار إلى غاز "ليفياثان" باسم "غاز نوبل"، بينما زعمت البيانات المصرية الأخيرة أن بعض إنتاجها المستقبلي من الغاز سيُصَدَّر إلى الأردن (وهذا هو الوضع الحالي بالفعل، ولكنه مؤقت فقط). وقد ناقش الأردن أيضا إمكانية استيراد الغاز العراقي، وهو مصدر أكثر قبولا من الناحية السياسية. ومع ذلك، يُفَضّل الملك عبدالله على ما يبدو الخيار الإسرائيلي لأنه قادر على توفير الغاز الذي تشتد الحاجة إليه.

الإرهاب. كانت التدريبات البحرية الإسرائيلية في الأسبوع الأخير من كانون الثاني/يناير مدفوعة بمخاوف من قيام "حماس" أو "حزب الله" بهجمات محتملة ضد منشآت بحرية [إسرائيلية]. وتشكل خطوط الأنابيب عبر سيناء نقطة ضعف أخرى، إذ لا تزال المنطقة تعاني من غياب سلطة القانون وإرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية". ولدى القوات العسكرية المصرية سجل غير منظّم في التعامل مع هذا التهديد. وبإمكان الأطراف المعنيّة إمداد خط أنابيب جديد قبالة ساحل سيناء الشمالي للتخفيف من التهديد بشكل ملحوظ، لكنّ ذلك قد يضيف كثير من النفقات والتأخير.

غياب التمثيل التركي واللبناني عن اجتماع القاهرة هو تذكير بأن صراعات جيوسياسية أكبر لا تزال تهيمن على المنطقة

​​العامل الايراني. عندما أصدرت الحكومة اللبنانية الجديدة رخصة للتنقيب لاتحاد (كونسورتيوم) تتزعمه شركة "توتال" الفرنسية في الأسبوع الأول من شباط/فبراير الحالي، تم الكشف عن أن الجزء الجنوبي من البقعة المعنيّة يقع في مجال متنازع عليه مع إسرائيل.

ومن المتوقع أن يتم التنقيب في وقت لاحق من هذا العام، على الرغم من أنه من المفترض ألا يقترب التنقيب من الخط المتنازع عليه. فمن ناحية، إن القرار مرحب به لأن المشروع يمكن أن يساعد في التخفيف من ظروف الاقتصاد والطاقة الصعبة في لبنان على المدى الطويل. ومع افتراض وجود الغاز، فإن العمل على استخراجه من أي حقل سيحتاج إلى مليارات الدولارات وسيتستغرق عدة سنوات لتطويره. ومن ناحية أخرى، قد يصبح التنقيب أداة تهديد سياسية، وربما حتى مسألة عسكرية، بالنظر إلى نفوذ إيران الواسع في بيروت.

منتدى غاز جديد

في الشهر الماضي، اجتمع وزراء الطاقة من قبرص ومصر واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية في القاهرة لإنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط" بهدف تعزيز التعاون والحوار. وقد استندت القمة إلى اجتماعات سابقة نوقش فيها خط أنابيب في قاع البحر يمتد من الحقول الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان ومن هناك إلى إيطاليا حيث سيتصل بشبكة الأنابيب الأوروبية. ومع ذلك، سيشكل مثل هذا الخط تحديا هندسيا، أما الغاز الذي سيمر به فلم يتم اكتشافه بعد. ومن غير الواضح أيضا من سيدفع الثمن التقديري الضخم البالغ 7 مليارات دولار.

وإلى جانب التقدم المحرز في تطوير حقل "ليفاثيان"، يُمثل المنتدى الجديد خطوة إلى الأمام نحو [قيام] منطقة من الازدهار المتبادل الذي لم يمكن تصوره قبل بضع سنوات. لكن غياب التمثيل التركي واللبناني عن اجتماع القاهرة هو تذكير بأن صراعات جيوسياسية أكبر لا تزال تهيمن على المنطقة.

سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.

المصدر: منتدى فكرة

ـــــــــــــــــــــ
الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.
كرماشيفا محتجزة في روسيا منذ شهر أكتوبر الماضي.

على بعد نحو ساعة بالسيارة عن مدينة دريسدن تقع باوتسن، التي كانت تعد موطنا لمرفق سيئ السمعة في القرن الماضي، ألا وهو سجن معروف باسم المدينة نفسها. 

من عام 1933 إلى 1945، استخدم النازيون سجن "باوتسن" مقرا "للحجز الوقائي" قبل نقل المحتجزين إلى معسكرات الاعتقال. 

وفي الحقبة الممتدة من 1945 إلى 1949، احتجزت سلطات الاتحاد السوفياتي السابق المنشقين في زنزانات مكتظة مع القليل من الطعام والماء، وانتزعت منهم الاعترافات تحت التعذيب. 

وبعد عام 1949، استخدم عناصر "ستاسي"، وهو جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقا، الذين دربهم جهاز الاستخبارات السوفياتية  "كي.جي.بي"، الأسلوب عينه إزاء حوالي ألفي معتقل سياسي في "باوتسن". 

هذا هو عالم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في عصرنا الحالي، هو الذي كان عضوا في في جهاز الاستخبارات السوفييتية، حين انضم للجهاز عندما كان في الثالثة والعشرين من عمره، وقضى عدة سنوات في دريسدن.

ومنذ أيامه الأولى، وباعترافه الشخصي، كان بوتين يحلم بالعنف والسيطرة. 

واليوم تواجه، آلسو كرماشيفا، الصحفية الروسية-الأميركية التي تعمل لحساب إذاعة أوروبا الحرة الممولة من الكونغرس الأميركي، نفس المصير الذي واجه أصحاب القلم والفكر الحر في القرن الماضي خلال حقبة الاتحاد السوفياتي.

فمنذ شهر أكتوبر الماضي، تقبع كرماشيفا في زنزانة باردة وسيئة الإضاءة ومكتظة في مدينة قازان الروسية، التي تبعد نحو 800 كيلومترا شرقي موسكو. 

وتعرضت كرماشيفا للضغط من أجل انتزاع الاعترافات منها، وهو نهج كان مترسخا عند الـ"كي.جي.بي" الذي يعتبر الفكر المستقل تهديدا، والصحافة الحرة جريمة. 

سافرت كرماشيفا، وهي أم لطفلتين، الصيف الماضي إلى قازان من مسقط رأسها في براغ، لزيارة والدتها المسنة واعتقدت أنها ستكون في مأمن. 

في الثاني من يونيو الماضي، وعندما كانت في مطار قازان، استعدادا لرحلة العودة، جرى استدعاء كرماشيفا قبل خمس عشرة دقيقة من صعودها إلى الطائرة.  

اعتقلتها السلطات الروسية واتهمتها بعدم تسجيلها جواز سفرها الأميركي في روسيا، لتتم إعادتها إلى منزل والدتها وحكم عليها بغرامة تقدر بـ100 دولار تقريبا. 

وفي سبتمبر الماضي، اتهمت السلطات الروسية كرماشيفا بعدم التصريح عن نفسها بصفتها "عميلة لجهة أجنبية".  

وفي 18 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من الملثمين المنزل واعتقلت كرماشيفا، وجرى تقييدها ومن ثم نقلها لمحتجز للاستجواب.  

وتعد النيابة العامة الروسية قضية ضدها بحجة نشرها معلومات كاذبة عن الجيش الروسي، وهو أمر ليس صحيحا. 

فخلال فترة عملها في إذاعة أوروبا الحرة محررة باللغة التتارية، دأبت كرماشيفا على إعداد تقارير عن اللغة والعرق والمجتمع المدني وحقوق الأقليات. 

وتتحدر كرماشيفا، وهي مسلمة، من قازان عاصمة جمهورية تتارستان المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وتضم حوالي 50 في المئة من التتار ذوي الأصول التركية. 

ويسعى بوتين إلى جمع رهائن أميركيين لمبادلهم مع معتقلين روس. فخلال السنوات الماضية، اعتقلت روسيا نجمة كرة السلة الأميركية، بريتني غرينر، قبل أن يتم إطلاق سراحها مقابل إطلاق واشنطن تاجر الأسلحة الروسي، فيكتور بوت، في ديسمبر 2022. 

ولا تزال أسهم بوتين في التفاوض تشمل كرماشيفا ومراسل صحيفة وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، وجندي البحرية السابق، بول ويلان.  

ولتخفيف العزلة وتمهيد الطريق للعودة إلى الوطن، لدى إيفان وبول عاملين، لا تزال كرماشيفا تكافح من أجل الحصول عليهما، أولا الحصول على الخدمات القنصلية، وثانيا اعتراف من وزارة الخارجية الأميركية بأنها  "محتجزة بشكل غير مشروع"، وهو ما سيزيد من فرص إطلاق سراحها في عملية لتبادل المعتقلين. 

ماذا يريد بوتين؟ 

إذا كان الأمر يتعلق بصفقات التبادل، فمن الواضح أن الكرملين يريد، فاديم كراسيكوف، الذي يقبع في أحد السجون الألمانية. 

كراسيكوف، الذي عمل سابقا لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، هو قاتل مأجور أقدم على اغتيال معارض شيشاني وسط برلين في أغسطس 2019، بإطلاق رصاصتين على رأسه من مسدس مزود بكاتم للصوت. 

لن يكن الأمر سهلا على الإطلاق، ولكن في الماضي كان من الممكن أن تكون الأمور أكثر وضوحا في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، أراد الشيوعيون في ألمانيا الشرقية الحصول على أموال من الألمان الغربيين.  

وبحلول أواخر حقبة الشيوعية في الثمانينيات، كان نحو 85 ألف مارك ألماني غربي (حوالي 47 ألف دولار) هو ثمن شراء سجين واحد من ألمانيا الشرقية.  

زرت سجن باوتسن قبل وباء كورونا، حيث تحول اليوم إلى متحف ونصب تذكاري. 

وعندما رأيت زنزانة كانت تحتجز فيها شابة من سكان برلين الغربية دأبت على تهريب منشورات سياسية عبر الحدود لمساعدة الناشطين في ألمانيا الشرقية، أصيب بالذعر. 

وأثارت قصة، هايكه فاتيركوت، هلعي، فقد تم اعتقال الشابة البالغة من العمر عشرين عاما في ديسمبر 1976، وبعد ثمانية أشهر من الاعتقال، حُكم عليها بالسجن لمدة أربع سنوات وعشرة أشهر في باوتسن بتهمة التحريض ضد الدولة. 

كانت تلك كانت ثقافة الـ"كي.جي.بي" في ذلك الوقت. ويتعين علينا أن نعمل بجد أكبر لإنقاذ الأبرياء، وبالتأكيد المواطنين الأميركيين مثل كرماشيفا، من دولة الـ"كي.جي.بي" اليوم. 

#هذا المقال كتبه الرئيس التنفيذي المكلف بشكل مؤقت لـ"شبكة الشرق الأوسط للإرسال" (MBN) عضو المجلس الاستشاري للبث الدولي،  الرئيس السابق لإذاعة أوروبا الحرة، جيفري غدمن، في 23 يناير الماضي بمناسبة مرور 100 يوم على احتجاز روسيا لصحافية أميركية-روسية، قارن فيه بين ما جرى في تلك الفترة والتكتيكات التي باتت موسكو تتبعها في عهد بوتين.