على الرغم من مرور العلاقات بين الجزائر والمغرب ببعض المحطات الإيجابية، إلا أن مسألة الحدود المغلقة تتخطى الأزمات التاريخية لتظل عالقة وسط بعض القضايا السياسية والتي لم يتم حلها حتى الآن.
فما هي قصة الجفاء الحدودي؟
جاء إغلاق الحدود بين البلدين الجارين بعد تفجيرات مراكش عام 1994، إذ فرض الملك الراحل الحسن الثاني على الجزائريين التأشيرة لدخول المغرب وردت عليه الجزائر بغلق الحدود البرية بحجة أن قرار فرض التأشيرة "جاء أحادي الجانب".
وتعمل الدولتان على تشديد الحماية العسكرية على الحدود البرية، إضافة إلى إنشاء أسوار عالية لمنع التسلل، في إشارة قال محللون لموقع "راديو سوا" إنها سياسية أكثر منها أمنية.
شارك برأيك:
- قضية الصحراء الغربية
تبرز أيضا مسألة الصحراء الغربية في الصراع بين الدولتين، والتي تجدها مجلة "الإيكونيميست" أبرز القضايا العالقة بين البلدين. فلمدة 35 عاما ومنذ رحيل القوات الإسبانية عن الصحراء الغربية، اشتد النزاع بين حركة البوليساريو، والتي تدعو لاستقلال الصحراء، والحكومة المغربية، التي تصر على تبعية الصحراء لأراضيها، وهو ما جعل النزاع مستعصيا على أي حل دبلوماسي.
ويبرز وسط هذا النزاع دعم الجزائر لاستقلال الصحراء عن المغرب، وهو ما يشكل شرخا عميقا للعلاقات بين البلدين.
وأدى الاختلاف الواضح في الآراء حول مستقبل الصحراء الغربية إلى تأثر حركة التجارة بين الجارين خاصة وبلدان شمال أفريقيا عامة، وهو ما نتج عنه فشل اتحاد المغرب العربي، المنظمة المسؤولة عن تكامل حركة التجارة والاقتصاد بين الدول المغاربية.
ورغم تأسيس اتحاد المغرب العربي في 1989، إلا أنه عجز عن الاجتماع في قمم اقتصادية، بسبب الخلاف السياسي بين الجارين. وعقدت آخر قمة اقتصادية في 1994.
- استغلال سياسي
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بمدينة الرباط، تاج الدين الحسيني، أن المؤسسة العسكرية الجزائرية "عملت على استغلال الأزمة الحدودية لصالحها حتى الآن".
وأضاف الحسيني، في تصريح له لموقع "راديو سوا"، أن "المؤسسة العسكرية المسيطرة على صناع القرار" تضغط من أجل منع التعاون بين الجزائر والمغرب، مؤكدا أن الرباط "لم تجد أذنا صاغية" من طرف القيادة الجزائرية التي وجدت في المغرب غريما قبل أن يكون جارا، بحسب تصريحه.
وعن "تذمر" الجزائري مما تعتبره مشكلة "التهريب" من المغرب إلى الجزائر، وصف أستاذ العلاقات الدولية هذا الموقف "بالحجة الخاطئة"، مؤكدا أن "عمليات التهريب تزداد عندما تكون الحدود مغلقة".
وصرح الحسيني أنه إذا تم فتح الحدود والسماح لمرور البضائع والأشخاص بحرية، فإنه "لن يكون هناك تهريب على الإطلاق"، مضيفا أن الوضع الحالي "خطير للغاية" وأن خلق الحدود نتج عنه "أخطاء فادحة".
ويؤكد الحسيني على أهمية المجتمع المدني والقوى السياسية بالجزائر ودورها في دفع قوى الحوار إلى الأمام، بشكل يضغط على صناع القرار من أجل فتح الحدود والتعاون المشترك، محذرا من أن الحدود المغلقة تضعف الوضع الاقتصادي للبلدين وتقلل من النمو.
- رفض للحوار
أما أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس زيدان خوليف فكان له رأي آخر، إذ إنه يرى أن إغلاق الحدود يرجع إلى "تذرع" الجانب المغربي بحدوث عمل إرهابي بأراضيه اتهم الحكومة الجزائرية بالتورط فيه، ما أدى إلى فرض التأشيرة بين البلدين، وهو ما وصفه "بالوضع المتأزم أصلا".
وصرح زيدان أن "عمليات التهريب المستمرة من المغرب إلى الجزائر تعد إحدى الأسباب الرئيسية التي تقف حائلا دون الوصول إلى حل يضمن فتح الحدود البرية"، مؤكدا أن "المشكلة لا تكمن في أزمة الصحراء الغربية، إنما في رفض الجانب المغربي الجلوس إلى طاولة التحاور".
- آثار سلبية
وقد أثر قرار غلق الحدود بين الدولتين على مدن حدودية بين البلدين، فمدينة وجدة المغربية، التي تبعد 10 دقائق عن الجزائر، عانت من الهبوط المستمر للسياحة والتجارة بها، ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى حوالي 20 في المئة، بحسب الإيكونيميست.
وقال عضو حزب جبهة التحرير الوطني في الجزائر السيد لخضر مناصرية في تصريحات إعلامية إن غلق الحدود ليس في مصلحة البلدين "لأن الجزائر والمغرب دولتان محوريتان"، ولكنه أضاف أن هناك مشاكل عالقة بين الدولتين لابد من حلها أولا.
وأوضح مناصرية أن العقبة الكبرى تكمن في فصل الجزائر قضية الصحراء الغربية عن الحدود المغلقة، إلا أن المغرب يشترط أولا حل مشكلة الصحراء قبل الحديث عن الحدود.
المصدر: موقع "الحرة"