التجسس الإلكتروني
التجسس الإلكتروني | Source: Courtesy Image

في فصل جديد من سلسلة الاتهامات الموجهة لموسكو بالتجسس في دول الاتحاد الأوروبي، أعلنت النمسا بدء تحقيقات بشأن ما إذا كان ضابط سابق في الجيش برتبة عقيد قد تجسس لحساب روسيا لعدة عقود، وفق ما أكد المستشار النمساوي زيباستيان كورتز الجمعة.

وقال كورتز في مؤتمر صحافي إن الضابط الذي تقاعد مؤخرا، والبالغ من العمر 70 عاما، يشتبه بأنه بدأ العمل مع الاستخبارات الروسية في تسعينيات القرن الماضي واستمر حتى 2018.

وكشف الكولونيل المتهم بالتجسس أن الروس كانوا مهتمين "بأنظمة أسلحة، خلال وضع الهجرة الذي كان سائدا في النمسا في السنوات القليلة الماضية".

وبحسب تقارير وسائل إعلام نمساوية، فإن العقيد تلقى 300 ألف يورو (340 ألف دولار) لقاء خدماته.

وسبقت النمسا في إعلان اكتشاف الجواسيس الذين يعملون لصالح روسيا عدة دول في الاتحاد الأوروبي.

سويسرا.. التجسس يتزايد

وفي الدولة التي تستضيف الكثير من المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، خاصة في جنيف، تعتقد السلطات السويسرية أن جاسوسين روسيين استهدفا منشأة لاختبارات الأسلحة الكيميائية.

فمنذ ثلاثة أسابيع فقط، قالت وكالة المخابرات السويسرية إن أنشطة التجسس الروسي تتزايد في البلاد وذلك بعد ضبط عملاء روس يشتبه بأنهم حاولوا اختراق مواقع في سويسرا.

وقال جان فيليب جودان مدير وكالة المخابرات السويسرية (إن.دي.بي) لرويترز "ليس باستطاعتي الإدلاء بالكثير من التفاصيل عن الأنشطة الروسية في سويسرا لكن من الواضح أن هناك أنشطة أكثر من ذي قبل".

وأضاف "ليس باستطاعتي القول كم عدد الجواسيس لكن (النشاط) كبير.. الشيء المختلف اليوم هو أن الروس حاولوا العمل ضد بنيتنا التحتية الحساسة، وهذا خط أحمر".

ويحقق المدعون هناك أيضا في هجوم إلكتروني على مكاتب الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات.

هولندا.. طرد عملاء روس

وصل أربعة روس إلى هولندا في العاشر من نيسان/أبريل الماضي، ومعهم أجهزة غير عادية، وأقاموا في فندق مجاور لمقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.

كان الرجال الأربعة يحاولون اختراق الموقع الإلكتروني للمنظمة لكنهم ضبطوا يوم 13 من الشهر نفسه متلبسين.

وأثناء القبض على العملاء الأربعة، حاولوا تدمير بعض معداتهم لإخفاء ما كانوا يقومون به.

وخلال مؤتمر صحافي في لاهاي، في الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر، عرض رئيس وكالة المخابرات العسكرية الهولندية الميجور جنرال أونو ايتشلشيم الهوائيات وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والمعدات الأخرى التي كان الأربعة يعتزمون استخدامها في اختراق شبكة الإنترنت.

وكان الرجال، الذين يعتقد كذلك أنهم تجسسوا على تحقيق في إسقاط طائرة تابعة للخطوط الجوية الماليزية عام 2014، يخططون للسفر من هولندا إلى معمل في سويسرا تستخدمه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في تحليل عينات الأسلحة الكيماوية.

لكن العملاء الأربعة وضعوا بدلا من ذلك على طائرة إلى موسكو.

وقال ايتشلشيم إن المخابرات العسكرية الروسية "تنشط هنا في هولندا... حيث توجد (مقرات) العديد من المنظمات الدولية".

النرويج.. التحقيق مستمر

اعتقل الروسي ميخائيل بوتشكاريوف يوم 21 أيلول/سبتمبر في مطار أوسلو وهو يهم بمغادرة البلاد بعدما شارك في ندوة دولية في البرلمان النرويجي.

ونفي بوتشكاريوف ارتكاب أي مخالفات وقالت الخارجية الروسية إنها طلبت من النرويج اسقاط "الاتهامات السخيفة" وإطلاق سراح الرجل الذي قالت إنه يعمل موظفا في البرلمان الروسي.

من ناحية أخرى قالت الشرطة النرويجية إنها ستفرج عن مواطن روسي احتجزته للاشتباه في قيامه بأنشطة تجسس لكنها ستواصل التحقيق.

بريطانيا

أعلن الادعاء البريطاني في أيلول/سبتمبر الماضي اتهام روسيين بالتآمر لقتل الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا بغاز أعصاب في إنكلترا في آذار/مارس.

وتقول بريطانيا إن موسكو استخدمت نوفيتشوك في محاولة قتل الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال في مدينة سالزبري البريطانية في آذار/مارس واتهمت رجلين روسيين غيابيا بالشروع في قتله.

وعثر على سكريبال، الكولونيل السابق بالمخابرات العسكرية الروسية الذي وشى بعشرات الجواسيس الروس لجهاز المخابرات البريطاني (إم.آي6)، وابنته يوليا مغشيا عليهما على مقعد في مدينة سالزبري بجنوب إنكلترا في الرابع من آذار/مارس.

وقال المدعون البريطانيون إن الروسيين هما ألكسندر بيتروف ورسلان بوشيروف اللذين ذكرت الشرطة أنهما وصلا إلى مطار جاتويك بلندن قادمين من موسكو في الثاني من آذار/مارس باسمين مستعارين ويبلغان من العمر حوالي 40 عاما، على متن طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الروسية (إيروفلوت) وغادرا البلاد في الرابع من الشهر نفسه. ونشرت الشرطة صورا للرجلين.

وقال المدعون إن مذكرة اعتقال أوروبية صدرت بحق الروسيين.

فرنسا.. حرب النجوم

قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي في 7 أيلول/سبتمبر الماضي إن روسيا حاولت اعتراض الاتصالات التي يبثها قمر فرنسي إيطالي مشترك يستخدمه جيشا البلدين لتأمين الاتصالات ووصفت ذلك بأنه "عمل من أعمال التجسس".

وتابعت بارلي، في حديث حددت فيه السياسة الفرنسية الخاصة بالفضاء للسنوات القادمة أن القمر الروسي لوتش-أولمب اقترب من القمر أثينا-فيدوس عام 2017.

ويوفر القمر اتصالات آمنة للقوات المسلحة الفرنسية والإيطالية ولخدمات الطوارئ بالبلدين.

ووصفت بارلي الجهود الروسية بأنها (حرب نجوم محدودة) وقالت إن إجراءات فورية اتخذت للحيلولة دون اختراق الاتصالات الحساسة. ومضت تقول إن القمر الروسي استهدف أقمارا أخرى منذ ذلك الحين.

وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية "نحن في خطر. اتصالاتنا وتدريباتنا العسكرية وحياتنا اليومية في خطر إذا لم نتحرك".

ليتوانيا.. برامج تجسس

في كانون الأول/ديسمبر 2016، كشفت ليتوانيا، التي تقع على خط المواجهة في التوتر المتزايد بين الغرب وروسيا، عن ثلاث حالات تسلل ببرامج تجسس روسية على أجهزة كمبيوتر حكومية منذ عام 2015 ورصد 20 محاولة لإصابتها في 2016.

وقال مدير مركز الأمن الالكتروني في ليتوانيا ريمتوتاس سيرنياوسكاس إن "برنامج التجسس الذي اكتشفناه كان نشطا لنصف عام على الأقل قبل رصده".

كانت ليتوانيا واستونيا ولاتفيا تحت حكم موسكو خلال الحقبة الشيوعية وتشعر الدول الثلاث بالقلق منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في عام 2014 ودعمت الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.

التجسس الإلكتروني

كان البيت الأبيض اتهم روسيا في شباط/فبراير الماضي بالمسؤولية عن هجوم "نوت بيتيا" الإلكتروني المدمر عام 2017 لينضم إلى بريطانيا في التنديد بروسيا في إطلاق فيروس شل أجزاء من البنية التحتية في أوكرانيا وأضر بأجهزة كمبيوتر في أنحاء متفرقة من العالم.

واستهدفت حملة التجسس الروسية وكالات حكومية وشركات وهيئات تشغيل بنية تحتية مهمة.

وروسيا متهمة بالتجسس الإلكتروني ومحاولة التدخل في الانتخابات الأميركية والفرنسية.

التداعيات المتوقعة

يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس خطار أبو دياب لـ"موقع الحرة" أن اتهام النمسا سيزيد من الموقف توترا بالنسبة لمستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

وأضاف أنه بعد التدخل الروسي المفترض في الانتخابات الأميركية في 2016، وبعد قضية سكريبال في بريطانيا، فضلا عن هولندا والتحذير الأوروبي من الهجمات الروسية المتواصلة، يأتي اتهام النمسا ليضغط على الدول الأوروبية الرافضة لإنزال عقوبات على روسيا بسبب التجسس.

وقال "شرط الإجماع في مسائل من هذا النوع هو الذي حال في السابق لاتخاذ قرار العقوبات، لكن مع انكشاف التهديدات الروسية المتزايدة، يمكن الكشف عن تحولات في مواقف الدول".

وقداستدعت وزيرة الخارجية النمساوية كارين كنايسل القائم بالأعمال الروسي في فيينا على خلفية القضية وألغت زيارة مقررة إلى روسيا.

وقال المستشار النمساوي للصحافيين الجمعة "بالطبع في حال تأكيد مثل هذه الحالات، إن كانت في هولندا أو في النمسا، فإن ذلك لا يمكنه أن يسمح بتحسين العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا".

وأكد كورتز أن "التجسس الروسي في أوروبا غير مقبول ويجب أن يُدان".