صاروخ روسي من طراز N1
صاروخ روسي من طراز N1

كريم مجدي

لطالما كانت فكرة الوصول للقمر متجذرة في الوعي الإنساني منذ القدم حتى في عصور ما قبل التاريخ. لكن خلال القرن الماضي أصبح الحلم حقيقة، بعد عقود من المحاولات والفشل، وأيضا المنافسة.

واستطاع نيل أرمسترونغ أن يصبح أول إنسان يخطو على سطح القمر في 20 يوليو عام 1969، لتكون الولايات المتحدة بذلك صاحبة هذا الإنجاز الذي يعد ضمن أبرز إنجازات البشرية.

لم تكن الولايات المتحدة منفردة في سباقها نحو القمر، فالاتحاد السوفيتي كان على الناحية الأخرى من المضمار، لكن الأمر حسم للولايات المتحدة في نهاية المطاف.

​​في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تم تعزيز كل من البرامج الفضائية للولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي بضم العلماء الألمان الأسرى إلى برامج الفضاء. 

وبينما حصلت الولايات المتحدة على معظم العلماء الألمان وعدد كبير من صواريخ V-2 الألمانية، فإن الاتحاد السوفياتي حصل على الكثير من السجلات الألمانية العلمية، بما في ذلك رسومات من مواقع إنتاج V-2، والعالم الألماني هلموت غريتروب.

السوفيت أيضا كانوا يسبقون بخطوة إضافية بوجود عالم الصوريخ الروسي البارز قسطنطين تسيولكوفسكي في ذلك الوقت.

صاروخ من طراز V2 بمدينة كوكسهاف الألمانية - أكتوبر 1945

​​استطاع السوفيت تطوير صواريخ R-1 وR-7 وN-1 من وحي تصاميم V-2، فيما استطاعت الولايات المتحدة تطوير صواريخ كان أبرزها "ساتورن 5" الذي حمل المركبة القمرية "النسر" إلى سطح القمر.

في 4 أكتوبر 1957، بدأ السباق الفضائي بين الولايات المتحدة والسوفيت، عندما استطاع العالم السوفيتي سيرجي كوروليف قائد برنامج الفضاء السوفيتي، إرسال القمر الصناعي "سبوتنيك 1" لمدار الأرض، من خلال صاروخ من طراز R-7.

أول قمر صناعي روسي "سبوتنيك 1" - الصورة التقطت في 4 أكتوبر 1957

​​كان كوروليف عازما على الوصول إلى القمر، ففي 2 يناير 1959 أطلقت مهمة "لونا 1" التي تضمنت مسبارا حمل نفس الاسم، وكان الهدف الوصول إلى القمر، إلا أن المسبار فشل في الوصول لسطح القمر وحلق بالقرب منه.

في نفس العام، أطلق الاتحاد السوفيتي مسبار "لونا 2"، والذي استطاع الوصول إلى سطح القمر، ليكون بذلك أول مركبة فضائية تهبط على سطح القمر، وأول جسم من صنع الإنسان يتصل بجسم سماوي آخر.

صاروخ فوستوك الروسي من عائلة صواريخ R-7 والتي حملت يوري غاغارين أول إنسان يحلق في الفضاء -أبريل 1961

​​

برنامج فوسخود

​​

 

بدأ كوروليف العمل على برنامج فوسخود، الذي كان هدفه النهائي إيصال البشر إلى القمر.

صمم العالم الروسي صاروخ N-1، الذي يشبه الصاروخ الأميركي "ساتورن 5" من حيث الحجم والوقود المستخدم.

تم وضع تاريخ 7 أكتوبر 1967، كموعد وصول رواد الفضاء السوفيت إلى القمر، والذي يتزامن مع احتفالات الذكرى الخمسين لثورة أكتوبر الروسية.

العالم الروسي الفضائي البارز سيرجي كوروليف أثناء إشرافه على عملية إقلاع صاروخ - 12أبريل 1961

​​لكن لسوء حظ السوفيت، فقد تعرض كوروليف لأزمة صحية توفى على إثرها في يناير 1966، مما أثر بشكل دراماتيكي على برنامج السوفيت للوصول إلى القمر.

لم تتغير موعد مهمة الوصول للقمر بعد وفاة كوروليف، مما وضع خليفته فاسيلي ميشين في وضع ضاغط، أجبره على التغاضي عن العديد من المشاكل التقنية، إذ وصل عدد أخطاء تصميم الصاروخ المقرر حمل رواد الفضاء للقمر إلى 203 أخطاء تصميمية، بحسب المهندسين المشرفين على المشروع.

أطلق السوفيت صاروخ "سويوز 1" في 23 أبريل 1967، ضمن عمليات إطلاق صواريخ سبقت مهمة الوصول للقمر، لكن انتهى "سويروز 1" بكارثة، إذ سقط الصاروخ بعد إقلاعه، متسببا في وفاة رائد الفضاء فلاديمير كوماروف.

جثة رائد الفضاء الروسي فلاديمير كوماروف بعد العثور عليها إثر سقوط الصاروخ الذي كان يحمله

​​مشروع "سويوز 1" شهد العديد من الهفوات والأخطاء، مثل عطل مراصد التوجيه، وفشل نظام الثبات الأوتوماتيكي، وفشل في استواء اللوح الشمسي.

تلى فشل "سويوز 1"، العديد من الانتكاسات، مثل مقتل أول إنسان يسبح في الفضاء يوري غاغارين، أثناء اختبار طيران في 1968، بالإضافة إلى فشل وتفجيرات تخللت عمليات اختبار صاروخ N-1. كل هذا أدى إلى إدمان ميشين للخمر.

​​فيديو يوضح تحطم صاروخ "سويوز 1"

الكوارث والتجارب الفاشلة أدت في نهاية المطاف إلى تعطل البرنامج السوفيتي الفضائي وبالتالي إرجاء هدف الوصول إلى القمر والتركيز على أهداف أقل طموحا، مما أتاح للولايات المتحدة أن تحقق الإنجاز التاريخي المتمثل في هبوط أول إنسان على سطح القمر في 20 يوليو 1969.