العقوبات تشمل تجميد الأصول وحظر السفر على هؤلاء الأفراد للتأكد من أنهم لن يكونوا قادرين على تحويل أموالهم عبر البنوك البريطانية
العقوبات تشمل تجميد الأصول وحظر السفر على هؤلاء الأفراد للتأكد من أنهم لن يكونوا قادرين على تحويل أموالهم عبر البنوك البريطانية

فرضت بريطانيا، الخميس، عقوبات على خمسة أشخاص، بينهم مسؤول عراقي سابق، "متورطين في قضايا فساد خطيرة".

وأعلن وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب العقوبات الجديدة في بيان صدر اليوم، وأشار إلى أن الأشخاص المعنيين يتحدرون من دول العراق وفنزويلا وغينيا الاستوائية وزيمبابوي.

وتشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر على هؤلاء الأفراد للتأكد من أنهم لن يكونوا قادرين على تحويل أموالهم عبر البنوك البريطانية أو دخول البلاد.

من بين الأسماء المشمولة بالعقوبات محافظ نينوى السابق نوفل العاكوب. وقال البيان إنه متورط في قضايا "فساد خطير" أثناء توليه منصبه.

وأشار البيان إلى أن العاكوب "اختلس أموالا عامة مخصصة لجهود إعادة الإعمار وتقديم الدعم للمدنيين، ومنح أيضا عقودا وممتلكات تابعة للدولة  بشكل غير قانوني".

وقال البيان إن العاكوب "يقضي حاليا عقوبة سجن مدتها خمس سنوات في العراق بتهمة الفساد، بما في ذلك إهدار خمس مليارات دينار عراقي (حوالي 2.5 مليون جنيه إسترليني) من خلال أشغال عامة وهمية".

وكانت السلطات العراقية أعلنت في أكتوبر الماضي اعتقال المحافظ السابق للموصل بعد عام ونصف عام من هروبه بتهمة اختلاس 64 مليون دولار من اموال الإعمار ومساعدات النازحين في هذه المدينة.

وتتهم هيئة النزاهة العاكوب باختلاس أموال عامة بالتواطؤ مع مسؤولين داخل محافظة نينوى، التي تبلغ ميزانيتها 800 مليون دولار، بينما يعيش مئات آلاف من النازحين خارج المحافظة.

وكانت الهيئة قد أعلنت قيامها بتأليف فريق تحقيق عالي المستوى للكشف عن مصير الأموال التي تمَّ اختلاسها واعتقلت عددا من المسؤولين والموظفين في ديوان المحافظة بتهمة الاختلاس وتبديد أموال الدولة.

والعاكوب كذلك متهم باختلاس 11.3 مليار دينار (9.4 ملايين دولار) من أموال مخصصة للنازحين في محافظة نينوى.

بيان الخارجية البريطانية أشار أيضا إلى أن العقوبات طالت نائب رئيس غينيا الإستوائية تيودورو أوبيانغ مانغي، وهو نجل الرئيس الحالي للبلاد، لتورطه في اختلاس أموال الدولة ووضعها في حساباته المصرفية الشخصية وكذلك عقد صفقات فاسدة وطلب الرشاوى للإنفاق على أسلوب حياة فخم.

ومن الذين شملتهم العقوبات نائب رئيس غينيا الإستوائية تيودورو أوبيانغ مانغي، وهو نجل الرئيس الحالي للبلاد، واتهم بالتورط في "اختلاس أموال الدولة ووضعها في حساباته المصرفية الشخصية، وكذلك عقد صفقات فاسدة وطلب رشى للإنفاق على أسلوب حياة فخم".

وقال البيان إن أحد الأشخاص الذين فرضت عليهم العقوبات اختلس الملايين من الأموال وصرفها على شراء القصور والطائرات الخاصة وقفاز كان يرتديه مايكل جاكسون بقيمة 275 ألف دولار.

عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق
عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق

يسعى العراقي حسين جلود، الذي فقد ابنه بعد صراع مع سرطان الدم، إلى الفوز في معركة قضائية ضد شركة "بي بي" البريطانية، لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز في أكبر حقل نفط بالعراق.

ويطلب جلود المثقل بالديون، أن تدفع له الشركة التي كانت تعرف باسم "بريتش بتروليوم"، تعويضاً يغطي مصاريف علاج نجله، بما يشمل علاجه الكيميائي وعملية زرع نخاع العظم، ثم جنازة علي الذي توفي في أبريل 2023 عن 21 عاماً.

ويقول جلود (55 عاماً) من منزله المتواضع قرب حقل الرميلة في محافظة البصرة بجنوب العراق: "علي لا يعوّض بمال ولا أكثر من مال، لكن ما أطلبه هو حقي".

ويضيف أن تحركه ضد شركة النفط البريطانية العملاقة "ليس من أجل علي فقط، وإنما أيضاً للفقراء والمصابين والذين توفوا في المنطقة". 

وفي 22 أبريل الماضي، أرسل جلود خطاباً إلى الشركة يشرح ادعاءه، لكن في حال عدم التوصل لاتفاق أو عدم حصوله على رد يرضيه، فإن المرحلة الثانية ستتضمن إجراءات أمام المحكمة، وفق شركة المحاماة "Hausfeld & CO" التي تمثل الوالد المكلوم. 

و"بي بي" من أكبر وأقدم شركات النفط العاملة في العراق، وأحد أكبر منتجي الخام في العالم، وتتواجد في بلاد الرافدين منذ العشرينيات من القرن الماضي.

وتعمل الشركة في حقل الرميلة بشراكة مع مجموعات أخرى، بينها شركة نفط البصرة المملوكة للدولة.

وفي عام 2022، وثقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تحقيق بشأن ارتفاع خطر الإصابات بالسرطان قرب حقول النفط العراقية، حياة علي جلود الشغوف بكرة القدم، والذي شُخصت إصابته بالمرض في 2016.

ويروي والده أنه خلال لقائه الطبيب، سأله الأخير أين تقطن العائلة، وعند إجابته أنه قرب حقل نفط ومحارق غاز، رد: "هذا هو سبب إصابة علي بالسرطان".

انبعاثات مسرطنة

ولم ترد شركة "بي بي" على طلب فرانس برس التعليق، لكنها قالت في بيانات رداً على "بي بي سي"، إنها "لم تكن يوماً الجهة المشغلة لحقل الرميلة، بل تقاضت الرسوم على شكل مخصصات من النفط الخام لقاء خدمات تقنية تقدمها".

وأعربت عن "قلق شديد" تجاه ما ورد في تقرير "بي بي سي"، مشددة على أنها "تعمل مع شركاء في الرميلة". وأشارت لانخفاض بنسبة 65 في المئة في حرق الغاز خلال السنوات السبع الماضية، وأن العمل مستمر لتحقيق خفض إضافي.

وإحراق الغاز هو التخلص من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، ويعد مصدراً أساسياً لتلوث الهواء عبر انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغاز الميثان الخام والكربون الأسود.

وحذرت منظمة "غرينبيس - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في بيان الشهر الماضي حول قضية جلود، من أن حرق الغاز ينتج "عدداً كبيراً من الملوّثات المرتبطة بالسرطان، بما في ذلك البنزين".

وفي كل مرة يفتح فيها جلود باب منزله، أول ما يراه هو مشاعل حرق الغاز والدخان الأسود الكثيف، مؤكداً أن رؤيته يومياً لما يحمّله مسؤولية رحيل ابنه يولّد في نفسه "شعوراً حزيناً".

وأمام منزله، يلعب أطفال كرة القدم أو يركبون دراجاتهم الهوائية، غير مدركين للخطر المحدق بهم في الهواء، وفق الأب المكلوم.

وفي عام 2022، بلغ إجمالي ما تم حرقه 139 مليار متر مكعب حول العالم، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

ويعد العراق  ثاني أكثر دولة بعد روسيا التي تحرق الغاز المصاحب عالمياً، وقد بلغ مجمل ما تم احراقه في 2022 نحو 18 مليار متر مكعب، بحسب المصدر ذاته.

وانضم العراق عام 2017 إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي، تقضي بوقف حرق الغاز بحلول 2030. 

وتؤكد الحكومة في بغداد سعيها إلى وقف حرق الغاز المصاحب واستغلاله لتشغيل محطات الطاقة، مما يقلل اعتمادها على الغاز المستورد من إيران، الضروري لإنتاج الكهرباء. 

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مايو، أنه يسعى لإنهاء حرق الغاز المصاحب خلال 3 إلى 5 سنوات، لـ"إيقاف الآثار البيئية المدمرة لهذه العملية".

وتقدم وزارة النفط العراقية الدعم لقطاع الصحة في البلاد ومن بينها محافظة البصرة المعروفة بإنتاج النفط. وقد أعلنت وزارة الصحة في فبراير عن إجراءات لمكافحة السرطان، بينها اتفاق مع شركة نفط البصرة لبناء مركز للأورام. 

واضطر جلود، وهو أب لسبعة أبناء، لبيع مصوغات ذهبية وأثاثاً منزلياً، والحصول على قرض مصرفي، إضافة الى الاقتراض من أصدقاء، لتغطية علاج علي ثم جنازته. 

ويقول إنه على غرار آخرين، يعيشون قرب حقل النفط، لكن إمكاناتهم المادية لا تسمح لهم بالانتقال إلى مكان آخر. 

ونقلت شركة المحاماة الممثلة لجلود أنه وفقاً للقانون العراقي، يُمنع أن تكون مصافي النفط على مسافة ما دون 10 كيلومترات من منطقة سكنية. لكن "الأدلة" تشير في حقل الرميلة إلى أن حرق الغاز يتم على بعد 5 كيلومترات فقط من مجمعات سكنية. 

ويقول جلود: "نعيش هنا رغم الصعوبة والخوف من هذا المرض"، مشيراً إلى أنه يعتقد أن كثيرين في المنطقة أصيبوا بالسرطان نتيجة حرق الغاز.

ويضيف: "الهدف من هذه الدعوة (ضد بي بي) ليس فقط علي، وإنما التقليل من الغاز (المحترق)، وتأمين مستلزمات طبية للمرضى مجاناً، ومساعدة الفقراء غير القادرين على الانتقال إلى مكان آخر".