يستغرب الكثيرون من غياب أوباما حتى الآن عن دعم بايدن علنيا في مواجهة ساندرز
يستغرب الكثيرون من غياب أوباما حتى الآن عن دعم بايدن علنيا في مواجهة ساندرز

هشام بورار- واشنطن / 

من كان يعتقد أن سباق الديمقراطيين على الترشح للرئاسة، الذي عرف اكتظاظا كبيرا هذا الموسم لم تسعه منصات المناظرات التلفزيونية، سينتهي بهذه السرعة إلى منافسة بين مرشحين رئيسيين فقط؟

لكن المفاجأة الكبرى تبقى الصعود اللافت لنائب الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، البالغ من العمر 77 عاما، الذي كانت تصارع حملته الانتخابية حتى الأسابيع القليلة الماضية من أجل البقاء في السباق وإقناع مموليها بأنه مازال جديرا بالرهان.

قد يكون من الصعب تصديق ان بادين الذي يترشح للرئاسة لثالث مرة في حياته فاز لأول مرة بولاية في الانتخابات التمهيدية عندما فاز بساورث كارولاينا قبل أسبوع.

حدث مفصلي قاده الى الحصول على دعم ثلاثة من منافسيه السابقين ثم نيل حصة الأسد من أصوات الثلاثاء الكبير.

 لكن صعود بايدن وإن غير قواعد اللعبة الانتخابية وطمأن قلوب الكثيرين في المعسكر الديمقراطي، فانه لا يعني بالضرورة ضمان ترشيح الحزب.

فمنافسه "بيرني ساندرز" البالغ من العمر 78 عاما الذي احتل المرتبة الثانية لايزال يمثل تحديا لا يستهان به لما يحظى به من دعم مستميت من جيل الشباب والجناح التقدمي في الحزب كما كشف فوزه الكاسح بولايتي نيفادا وكاليفورنيا.

رسائل الثلاثاء الكبير

 في وقت يشهد فيه الحزب الديمقراطي صراعات داخلية وتجاذبات بين تيار وسطي معتدل وآخر يساري تقدمي بدأت نبرة القلق تتكشف في تصريحات قادة الحزب الذين يخشون من إساءة ترتيب الأولويات.

 فبينما يحرص الجناح المعتدل الذي يدعم بايدن على التركيز على استعادة البيت الأبيض يرى الجناح اليساري الذي يتزعمه ساندرز أن ذلك لا يمنع من إعلان "ثورة" متشبعة بأفكار الاشتراكية الديمقراطية على النموذج الاسكندنافي، كما يفضل ساندرز وصفها، كإلغاء الأقساط الجامعية والرعاية الصحية المجانية الشاملة. أفكار لم يتوان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن استغلالها لاتهام الحزب الديمقراطي بانه "بات رهينة لليسار المتطرف".

وازداد قلق الديمقراطيين من تقدم ساندرز قبل الثلاثاء الكبير لاسيما بعد تصريحات مثيرة للجدل امتدح فيها سجل الديكتاتور الكوبي السابق فيديل كاسترو في مجال التعليم.

ولم تعد المخاوف تقتصر على خسارة في الانتخابات الرئاسية فحسب بل انتقلت الى قلق من تأثير محتمل على حظوظ أعضاء مجلس النواب والشيوخ في الحفاظ على مقاعدهم في ولايات حاسمة فاز بها ترامب في انتخابات 2016، كفلوريدا الذي يتواجد فيها عدد كبير من الناخبين من أصول كوبية.

قلق اختصره عضو مجلس النواب الديمقراطي هوان فارغاس بقوله " نريد مرشحا يفوز في نوفمبر ويوحد صفوفنا ويحمي اغلبيتنا في مجلس النواب ولا يضرم النار في البيت".

ويقول الخبير الاستراتيجي في الحزب الديمقراطي برادلي كاين إن الديمقراطيين أدركوا بعد اول تصويت في الانتخابات التمهيدية حقيقة أن "ترامب سيفوز بولاية ثانية لو كان ساندرز مرشحهم للرئاسة".

تحديات بايدن

 صعود بايدن قد يكون طمأن صدور قيادات الديمقراطيين مرحليا لكنهم يدركون أيضا أن الوجه المألوف والشخصية السياسية المخضرمة التي قضت ما يقارب نصف قرن في عالم السياسية تمثل أيضا جيلا لا يتجاوب كثيرا مع تطلعات وأولويات ناشطي الحزب الجدد.

وبالرغم من أن فوز بايدن الكاسح في ولايات الجنوب الأميركي يؤكد قدرته على تشكيل ائتلاف متنوع يضم الناخبين من الأقليات والبيض فإن دعم الشباب الراسخ لساندرز يظهر تحديات بايدن في الحصول على أصوات الناخبين الشباب الذين ضاقوا ذرعا بالمؤسسة التقليدية للحزب الديمقراطي.

كما أن تجربة بايدن الطويلة في الكونغرس وعمله الى جانب الرئيس السابق باراك أوباما لثماني سنوات يحمل معه سجلا ثقيلا لا يضم انجازات فحسب بل ملفات قد تمنح الجمهوريين أيضا ذخيرة لمهاجمته.

ويقول الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري جون آكوري إن بايدن لم يقدم حتى الآن "أجوبة شافية" لدوره في انضمام ابنه هانتر لشركة غاز أوكرانية عندما كان بايدن نائبا لأوباما.  

أين هو أوباما؟

سؤال يحير الكثيرين. فرغم ظهوره المتكرر في الإعلانات الانتخابية لجميع المرشحين الديمقراطيين فان الرئيس السابق لم يدلي بعد بدلوه في هذا الموسم الانتخابي رغم كونه الشخصية الأكثر شعبية في الحزب الديمقراطي.

وبينما تتسابق القيادات الديمقراطية لإعلان دعمها لبايدن لم يخرج أوباما بعد لمؤازرة نائبه السابق.

ويستغرب الخبير الاستراتيجي جون أكوري لغياب أوباما قائلا إن الرئيس الأسبق رونالد ريغان "لم يتردد في دعوة الأميركيين" في عام 1988 لانتخاب نائبه السابق "جورج هوربرت وولكر بوش".

من جهته يقول "كاين" إن أوباما يلعب مع ذلك دورا مهما "خلف الكواليس" وأنه سيخرج في الوقت المناسب لاستخدام "قيادته الأخلاقية" من أجل توحيد الحزب. 

ويرى خبراء كثيرون ان عدم ظهور أوباما على ساحة المعركة الانتخابية حتى الآن قد يكون اختيارا استراتيجيا لأن دعمه لبايدن على حساب ساندرز في هذه المرحلة قد يعقد فرص نائبه السابق في الحصول على دعم مؤيدي ساندرز في حال فوزه بترشيح الحزب.

السيناريو عينه الذي يعزو إليه ديمقراطيون خسارة مرشحتهم السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016.