حرب ناعمة تشنها إيران في سوريا
حرب ناعمة تشنها إيران في سوريا

على مدار 9 سنوات، تشن إيران حربا ناعمة على سوريا، ترغب من خلالها في توسيع نفوذها في دمشق حتى بعد انتهاء الحرب، وهي بخلاف الحرب العسكرية التي تشارك فيها مع النظام السوري ضد المعارضة.

وهذه الحرب تركز على نشر المذهب الشيعي في سوريا وتطوير وإنشاء المراكز التي تٌعرف باسم الحسينيات، ونشر اللغة الفارسية، وإنشاء المدراس التي تبث أفكار ولاية الفقيه.

فمنذ ثمانيات القرن الماضي، وإيران تسعى لتوسيع نفوذها من خلال سفاراتها، وقد دفعت العلاقات المميزة بين طهران ودمشق في السنوات الأخيرة إلى أن تصبح سوريا أبرز مركز للنفوذ الإيراني، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويتم ذلك من خلال الاتفاقيات التعليمة والثقافية بين البلدين، والتي وصلت إلى 11 اتفاقية، أخرها في نهاية شهر يناير الماضي، عندما وقعت وزارة التعليم السورية ووزارة التعليم الإيرانية مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات والتجارب في المجالات العلمية والأكاديمية والتعليمية.

ومن المقرر أن تساهم هذه الاتفاقية والخدمات الفنية والهندسية التي ستوفرها في تطوير التعليم في كلا البلدين، في تطوير نظام البحث العلمي، وتوفير متطلبات التعليم المهني المختلفة، إلا أن إيران ستسعى من خلالها لنشر أفكارها بين طلاب المدارس والسيطرة على المدارس السورية.

الدكتور محمد عبد المجيد، الباحث في مركز إيران للدراسات، بدوره قال في تصريحات لموقع"iranwire" إن أي تغيير في هيكل النظام سيؤدي إلى إسقاط الشبكة الإيرانية في سوريا، لأنها شبكة قائمة على المصالح، وليس الإيديولوجية.

وأضاف أن الانتفاضات العراقية واللبنانية أثبتت أن إيران ليس لها قاعدة شعبية في المنطقة، حتى بين الشيعة العرب أنفسهم.

المدارس 

وتركز إيران نشاطها بين الأطفال وطلاب المدارس وخاصة في المرحلة ما قبل الجامعية.

فقبل الثورة السورية، كان هناك أكثر من 40 مدرسة إيرانية خاصة في دمشق وحدها، منتشرة في مناطق التجمعات الشيعية، وفقًا لمركز هارمون للدراسات المعاصرة.

وشملت هذه المدارس حوالي 10 مدارس ثانوية تابعة لوزارة الأوقاف الدينية ومعترف بها من قبل وزارة التربية والتعليم في دمشق وحلب واللاذقية وإدلب ودير الزور، وأشهرها مدرسة المحسنية التي يشرف عليها عبد الله نزام، وتقوم المدرسة بالوعظ للطلاب السنة وتوفر التسهيلات المالية لأولئك الذين يتحولون إلى المذهب الشيعي.

وفي عام 2014، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسومًا بتدريس المذهب الشيعي في المدارس السورية إلى جانب السني، بالإضافة إلى افتتاح أول مدرسة شيعية حكومية في البلاد تحت اسم "الرسول الكبير" في العام نفسه، ولها فروع في مدن سوريا عدة.

وتعرف المدرسة نفسها بأنها "مدرسة دينية بدأت التدريس في عام 2014، وتهدف إلى تدريس الأدب والعلوم وحب الأمة وزعيمها، وتنشر في صفحاتها على مواقع التواصل، منشورات دينية منسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب.

تعليم اللغة الفارسية

كما تسعى طهران إلى نشر اللغة الفارسية بين السوريين لتكون اللغة الثانية لهم،  ففي 2005، نجحت طهران عن طريق مكتبها الاستشاري الثقافي والسفاري، في افتتاح أول قسم للغة الفارسية في جامعة دمشق، تليها جامعتي حمص وحلب، وتبعها عدد كبير من الجامعات السورية في دير الزور وطرطوس.

وفي 2011، اعترفت وزارة التعليم العالي بكلية السيدة رقية لتدريس علوم الشريعة الشيعية العاملة تحت اسم المعهد العالي المشرق.

وتقوم الهيئة الاستشارية الثقافية الإيرانية في دمشق وفروعها في باقي المدن السورية، بنشاط كبير في تعليم اللغة الفارسية، فقد بلغ عدد دورات اللغة الفارسية في مقر الهيئة في دمشق 100 دورة، وفي مركز اللاذقية 52 دورة.

الكشافة

وفي محاولة للسيطرة على تفكير الطلاب والأطفال، تم إنشاء كشافة المهدي في 2014، وهي تابعة لجمعية الإمام المهدي في مدينة السيدة زينب، وتتركز أغلب مبادئها على غرس المفاهيم الثقافية والدينية وعبارات الثورة الإيرانية في أذهان الأطفال.

وقد أكد الموقع الإيراني المعارض أن هذه الكشافة يتم تمويلها من قبل المركز الاستشاري الثقافي في دمشق، والذي يمتلك بدوره جمعية الفرات للسلام والوئام الاجتماعي.

وأضاف أن أنشطة كشافة المهدي تشمل العروض التقديمية، وكذلك الرحلات الترفيهية والاجتماعية ظاهريا؛ إلا أن أنشطتها الفعلية غير عادية إلى حد ما وغير تقليدية بالنسبة للأطفال، وتشبه إلى حد كبير غسل الدماغ المنظم، بما في ذلك: تعزيز أهمية الانتقام للحسين، وارتداء الملابس العسكرية، وممارسة الرياضة التي تشبه التدريبات العسكرية.

الحسينيات

وبالنسبة لنشر المذهب الشيعي، فإن طهران تتوسع في إنشاء الحسينيات، فقد بلغ عددها في منتصف 2019، نحو 500 حسينية ونحو 69 حوزة شيعية، وتقوم هذه المراكز بتعليم أصول الفقه الشيعي.

وفي ضوء الأنشطة الاجتماعية والثقافية الشيعية التي تقوم بها هذه المراكز، مع الدعم المالي، تحول نحو 7500 شخص من جنوب وشرق سوريا إلى المذهب الشيعي بنهاية عام 2019، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ويتلقى جميع الذين نقلوا مذهبهم رواتب شهرية، والتي تختلف من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى الغذاء والمعيشة واللوازم التعليمية.

اتجاه الحشاشين لاستخدام الاغتيال السياسي كانت وسيلتهم الوحيدة للمواجهة
وكالة أنباء الطلبة الإيرانية وصفت مسلسل الحشاشين بأنه مثال لتحريف الحقيقة

حظرت إيران بث المسلسل التلفزيوني المصري "الحشاشين" المستوحى من تاريخ طائفة شيعية من العصور الوسطى، منددة بـ"تشويهات" تاريخية، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية، الأحد.

ويستوحي المسلسل أحداثه من قصة حسن بن الصباح، وهو من مواليد بلاد فارس، ومؤسس طائفة الحشاشين المعروفة في القرن الحادي عشر، وأعضاؤها من الشيعة الإسماعيلية النزارية التي تشكل أقلية مسلمة صغيرة.
 
المسلسل المكون من 30 حلقة، الذي تم بثه لأول مرة في مارس خلال شهر رمضان، حقق نجاحا كبيرا في الشرق الأوسط وسرعان ما أصبح أحد المسلسلات الأكثر مشاهدة بين الإيرانيين.
 
لكن إيران قررت حظر بثه على "جميع المنصات المحلية"، معتبرة أنه يحتوي على "تشويهات تاريخية عديدة ويبدو أنه تم إنتاجه بنهج سياسي متحيز"، بحسب ما نقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) عن المسؤول في التلفزيون، مهدي سيفي.
 
واعتبرت الوكالة أن المسلسل يقدم "صورة زائفة عن الإيرانيين"، ونقلت عن خبراء قولهم إن المسلسل يسعى إلى ربط الإيرانيين بـ"مولد الإرهاب".

بعيدا عن الأساطير والقصص الدرامية.. ماذا يقول التاريخ عن "الحشاشين"؟
لم يكن مسلسل "الحشاشين" التاريخي الذي يعرض ضمن الموسم الرمضاني، أول الأعمال الدرامية والفنية التي تسلط الضوء على هذه الجماعة الإسلامية من القرون الوسطى، إذ لطالما ألهمت قصص طائفة "الحشاشين" الروائيين والكتاب والمخرجين، بل وحتى منتجي الألعاب الإلكترونية.

 
بدورها، قالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) إن المسلسل "مثال" على "تحريف الحقيقة وتزييفها".
 
وغادر حسن بن الصباح مصر في أوائل تسعينيات القرن الحادي عشر، واستقر في قلعة ألموت، وهي اليوم موقع سياحي في شمال إيران، حيث قام بتدريب مقاتلين نفذوا العديد من الاغتيالات السياسية بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر.
 
وألهمت القصص عن بن الصباح العديد من الأعمال الإبداعية على مر السنين.