A handout picture released by the Omani News Agency shows newly sworn-in Sultan Haitham bin Tariq (R) receiving Saudi Arabia's…
الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز زار السلطنة للتعزية في وفاة السلطان قابوس العام الماضي

في أول زيارة خارجية رسمية له، سيتوجه السلطان هيثم بن طارق إلى السعودية، الأحد، تلبية لدعوة الملك سلمان بن عبد العزيز، حسبما أعلن الديوان السلطاني العماني، بينما تُسلط الأضواء على أربعة ملفات رئيسية من المتوقع أن يناقشها المسؤولون في البلدين الخليجين.

وعقب الإعلان عن الزيارة، الجمعة، انضم وسم (هاشتاغ) سلطان عمان ضيف الملك سلمان لقائمة الوسوم الأكثر انتشارا بين السعوديين، ترحيبا بالزيارة الأولى من نوعها لهيثم بن طارق.

الزيارة التي تستمر يومين تأتي بعد نحو شهرين من احتجاجات نادرة على البطالة شكلت تحديا للسلطان العماني الجديد.

ويقول عبد الرحمن الملحم، المحلل السياسي السعودي، لموقع "الحرة"، إن الزيارة "مهمة للغاية" وتأتي في ضوء دور توثيق العلاقات القوية بين البلدين.

وفي نفس السياق يقول سالم الجهوري، الباحث العماني في الشؤون الدولية، لموقع "الحرة" إن السلطنة والمملكة تتواصلان منذ تولي السلطان هيثم مقاليد الأمور، مشيرا إلى زيارة العاهل السعودي لمسقط للتعزية في وفاة السلطان قابوس بن سعيد، العام الماضي، ثم تسليم دعوة رسمية للحاكم الجديد من أجل زيارة الرياض.

وبعد أيام من احتجاجات مجموعات من العمانيين في مدينة صحار بشمال السلطنة للمطالبة بوظائف، في مايو الماضي، أجرى العاهل السعودي اتصالا هاتفيا بالسلطان هيثم. ويقول الجهوري: "يبدو أنه تم التباحث بشأن الزيارة والاتفاق عليها حينذاك".

وبعد وفاة السلطان قابوس، اعتلى السلطان هيثم العرش، واضطر إلى اتخاذ إجراءات تقشفية لتخفيف الضغوط على المالية العامة، في وقت كانت فيه أسعار النفط منخفضة.

سلطان عمان هيثم بن طارق

ويعاني اقتصاد عمان، الذي تعرض أيضا لصدمة جائحة فيروس كورونا، من مستويات مرتفعة للديون. ويقًدر صندوق النقد الدولي أن إجمالي الدين الخارجي للسلطنة سينخفض إلى حوالي 112 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 127 في المئة العام الماضي.

وفي أبريل الماضي، استحدثت السلطنة ضريبة للقيمة المضافة للمرة الأولى، ضمن سلسلة إصلاحات تهدف لضمان الاستدامة المالية.

يقول الملحم: "الوضع مع سلطان عمان الحالي يختلف تماما عن السابق؛ السلطنة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة وتنظر للسعودية كشريك اقتصادي".

والعام الماضي، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وعمان 3.36 مليارات دولار، شملت منتجات الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية.

فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى السلطنة 1.16 مليار دولار، شملت منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية. 

ويعتقد الملحم أن تسفر الزيارة عن توقيع اتفاقيات اقتصادية كبيرة.

مشروع الدقم

أما الجهوري فيعتقد أن تتناول المباحثات بين البلدين أربعة ملفات، أولها العلاقات الثنائية الاقتصادية، حيث سيناقش المسؤولون "التكامل الاقتصادي والاستفادة من المرافق الطبيعية والمنشآت والموانئ في كلا البلدين، وخاصة في عمان، وإقامة المنطقة الصناعية السعودية على الأراضي العمانية عند المنفذ الحدودي بين البلدين".

وتحدث الجهوري عن إعادة إحياء مشروع مد خط أنابيب للمشاريع المستقبلية من السعودية إلى منطقة الدقم، حيث تبني السلطنة منطقة صناعية تتكلف عدة مليارات من الدولارات على الساحل الجنوبي للبلاد.

وتسعى عمان لتحويل الدقم، التي كانت يوما ما مجرد قرية للصيد تبعد 550 كيلومترا إلى الجنوب من العاصمة مسقط، إلى مرفأ ومركز صناعي مهم في منطقة الشرق الأوسط.

وعن مشاريع خطوط الأنابيب، قال الجهوري: "هذا المشروع قديم، يعود للحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، وكان من المخطط أن تشارك الكويت والإمارات فيه أيضا".

ويرجح الباحث العماني إمكانية أن تدرس السعودية هذا المشروع من أجل تجنب المخاطر الأمنية التي يشهدها مضيق هرمز، قبالة ساحل إيران، بين وقت وآخر. 

وفي 2018، وقعت حكومة سلطنة عمان اتفاقا للحصول على تمويل بقيمة 81 مليون ريال عماني (210 ملايين دولار) من السعودية لمشروع المنطقة الصناعية في الدقم.

وفي 2019، وقعت الولايات المتحدة اتفاقية استراتيجية للموانئ مع سلطنة عمان.

وقالت السفارة الأميركية في عمان، في بيان، حينذاك، إن الاتفاقية تضمن للولايات المتحدة الاستفادة من المنشآت والموانئ في الدقم وصلالة، حيث أنها ستحسن الوصول إلى موانئ تتصل بمنطقة الخليج عبر شبكة من الطرق، كما ستحد من الحاجة لإرسال السفن عبر مضيق هرمز.

ويعد ميناء الدقم مثاليا للسفن الكبيرة لدرجة أنه يتسع لاستدارة حاملة طائرات.

وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، وهو مسار رئيسي لشحن النفط في الخليج، "ردا على أي عمل عدائي أميركي، بما في ذلك محاولات وقف صادرات النفط الإيرانية عن طريق العقوبات".

كما يعتقد الجهوري أن تمتد المحادثات لفرص الاستثمار بين البلدين في البتروكيماويات والسياحة والطاقة الشمسية، مشيرا إلى إمكانية إعلان موعد فتح الطريق البري الذي يمتد لـ800 كيلومتر، بين الرياض وغرب عمان.

وكانت وكالة الأنباء السعودية قالت إن "من أهم المكتسبات للبلدين الجارين على المدى القريب استكمال مشروع المنفذ البري الرابط بين المملكة وعُمان بمسافة تتجاوز 680 كيلو متراً، ليسهم بعد افتتاحه في تسريع وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، لاختصاره نحو 800 كيلو متر من زمن الرحلة".

ومن المنتظر أن يفتح الطريق المجال أمام حركة البضائع من المملكة مرورًا بالطرق البريّة في السلطنة وصولاً إلى موانئها، ومنها تصدّر لمختلف دول العالم.

أما عن ثاني الملفات التي قد تتطرق إليها المحادثات، فيشير الجهوري إلى أنها ستتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، حيث يتم التباحث في ملفات السوق الخليجية المشتركة والمواطنة وجواز السفر الموحد والاتحاد الجمركي، وكذلك أمن دول المجلس بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، قائلا: "هناك مسؤولية مشتركة لمحاولة إحياء مفاوضات السلام المتعثرة".

وفي هذا الإطار، يقول الملحم إن "القيادتين تنظران للزيارة في تكريس الجهود لكي تتحول دول مجلس التعاون إلى دولة واحدة"، قائلا: "هناك روابط قديمة بين عمان والسعودية لكنها ستزيد في العهد الحالي."

حل مشكلة اليمن

وفي الوقت الذي تسعى فيه السلطنة لتنويع موارد اقتصادها بعيدا عن صادرات النفط والغاز، فهي تريد أيضا الاحتفاظ بدورها الحيادي في السياسة والدبلوماسية بمنطقة الشرق الأوسط على الطريقة السويسرية.

وفي محاولة لإنهاء حرب اليمن استضافت سلطنة عمان عددا من زعماء الحوثيين لتسهيل المفاوضات بينهم وبين التحالف الذي تقوده السعودية. 

وتشترك السلطنة في حدود مع اليمن وتنتهج منذ فترة طويلة سياسة خارجية محايدة في النزاعات الإقليمية.

وفي هذا الإطار، يقول الجهوري إن ثالث الملفات ستتمحور حول الأزمة اليمنية، مضيفا "يبدو أن الأطراف تقترب من توافقات".

وفي يونيو الماضي، زار وفد عماني صنعاء، والتقى بزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، ويعتقد الجهوري أن "هذه الزيارة جاءت على ضوء المبادرة السعودية والتوافق الأممي العماني السعودي الأميركي حول ضرورة دعم الجهود لحل الأزمة اليمنية نهائيا".

وتدخل التحالف في اليمن في مارس 2015، بعدما أطاح الحوثيون بالحكومة المعترف بها دوليا من العاصمة صنعاء.

وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف من اليمنيين ودفعت بالبلاد إلى حافة المجاعة. ويهاجم الحوثيون البنية التحتية السعودية بطائرات مسيرة مسلحة وصواريخ باليستية.

ويعتقد الملحم أن المحادثات السعودية-العمانية ستتطرق إلى الحد من تسريب الأسلحة الإيرانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي في اليمن وتتواجد بها منافذ بحرية.

وإذا تم التوصل إلى اتفاق، فسيكون ذلك أول تقدم كبير في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب منذ أن عقدت محادثات السلام المتوقفة آخر مرة في السويد في ديسمبر 2018. 

نووي إيران

وفيما يتعلق برابع الملفات على طاولة اللقاء السعودي-العماني، قال الجهوري: "دور مجلس التعاون في الملف النووي الإيراني والضمانات ونتائج الاتصالات بين عمان وإيران في هذا الصدد".

فيما قال الملحم: "الملف الإيراني سيكون ساخنا، بالنظ إلى علاقة السلطنة بإيران سياسيا وعسكريا أيضا، حيث سبق وأن أجرى البلدان مناورات عسكرية مشتركة". 

وتجري الولايات المتحدة محادثات غير مباشرة مع إيران، بهدف إعادة الدولتين للامتثال للاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 والذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب.

وسبق وأن دعت السعودية إلى إبرام اتفاق أقوى لفترة أطول يراعي أيضا مخاوف الخليج بشأن برنامج الصواريخ في إيران ودعمها لجماعات تحارب بالوكالة في أنحاء المنطقة.

وقطعت السعودية وإيران العلاقات في 2016، وبدأتا محادثات مباشرة في أبريل بهدف احتواء التوتر بينهما.

والثلاثاء الماضي، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن إيران بدأت عملية التخصيب، في خطوة قد تسهم في تطوير سلاح نووي وقوبلت بانتقاد من الولايات المتحدة وقوى أوروبية.

وقالت إيران إن خطواتها تهدف لصنع وقود لمفاعل أبحاث وليس إنتاج سلاح نووي.

وتعليقا على ذلك، قال مسؤول في وزارة الخارجية السعودية لرويترز، الجمعة، إن المملكة "تشعر ببالغ القلق" بسبب زيادة الأنشطة النووية الإيرانية التي تهدد الأمن في المنطقة.

ماكرون
في فبراير، قالت باريس إنها تبنت "عقوبات" ضد 28 "مستوطنا إسرائيليا متطرفا" مذنبين "بارتكاب أعمال عنف" في الضفة الغربية

أعلنت الرئاسة الفرنسية، الخميس، أن باريس "تدرس اتخاذ تدابير أخرى" لفرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين "المذنبين بارتكاب أعمال عنف ضد مدنيين فلسطينيين" في الضفة الغربية، وذلك بعد مكالمة هاتفية بين الرئيس، إيمانويل ماكرون، وملك الأردن، عبد الله الثاني.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنه "في ما يتعلق بالضفة الغربية، دان الزعيمان بشدة الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة في مجال الاستيطان والتي تتعارض مع القانون الدولي". 

وأضافت أن ماكرون "ذكر بأنه تم اتخاذ إجراءات أولى ضد مستوطنين مذنبين بارتكاب أعمال عنف ضد مدنيين فلسطينيين، وبأن فرنسا تدرس إجراءات أخرى بالتشاور مع شركائها".

وفي فبراير، قالت باريس إنها تبنت "عقوبات" ضد 28 "مستوطنا إسرائيليا متطرفا" مذنبين "بارتكاب أعمال عنف ضد مدنيين فلسطينيين في الضفة الغربية". وهؤلاء الأفراد الـ28 "مستهدفون بحظر إداري" يمنعهم من دخول الأراضي الفرنسية، وفقا لوزارة الخارجية.

والأسبوع الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أربعة مستوطنين إسرائيليين ومجموعتين من الناشطين الإسرائيليين "المتطرفين" بسبب العنف ضد فلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.

من جهة ثانية، ناقش ماكرون وعبد الله الثاني "الوضع الإنساني الكارثي في غزة" و"أعربا عن قلقهما العميق إزاء احتمال شن هجوم إسرائيلي على رفح، إلى حيث لجأ أكثر من 1,5 مليون شخص، وجددا معارضتهما هذه العملية".

وأضافت الرئاسة الفرنسية أن "كلاهما شدد على ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار من أجل السماح بإيصال المساعدات الطارئة على نطاق واسع وحماية السكان المدنيين". 

كما ذكر ماكرون بأن "إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس هو أولوية مطلقة لفرنسا".