خبراء يحذرون من انهيار الاقتصاد التونسي
خبراء يحذرون من انهيار الاقتصاد التونسي

أثار بيان حديث للبنك المركزي التونسي الجدل حول حالة الاقتصاد بالبلد الذي يمر بأزمة سياسية، وحذر خبراء اقتصاديون من الانهيار وتكرار السيناريو اللبناني، بحسب  خبراء تحدثوا لـرويترز

وكان البنك المركزي التونسي قد أعلن عن "شح حاد" في الموارد المالية الخارجية وعجز في تمويل موازنة العام الحالي. وأشار في بيان الأربعاء، إلى أن هذا الواقع "يعكس تخوّف المقرضين الدوليين في ظل تدهور الترقيم السيادي للبلاد وغياب برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي".

وكانت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية خفضت في يوليو الماضي تصنيف تونس إلى B-، مع نظرة مستقبلية سلبية في ظل ارتفاع مخاطر السيولة.

ودعا  البنك المركزي إلى "تفعيل التعاون المالي الثنائي خلال الفترة المتبقية من السنة لتعبئة ما أمكن من الموارد الخارجية"، أي محاولة الحصول على قروض من دول حليفة، وذلك لتفادي تدخل البنك المركزي بالتمويل النقدي لسد العجز، وذلك لتفادي "تداعيات لا على مستوى التضخم فقط بل أيضا على الاحتياطي من العملة الأجنبية وعلى إدارة سعر صرف الدينار، بالإضافة إلى أثره السلبي على علاقة تونس بالمؤسسات المالية المانحة ووكالات الترقيم السيادي"، حسبما ذكر البيان. 

يرى الباحث والمحلل الاقتصادي، الدكتور رضا الشكندالي، أن الاقتصاد التونسي يعيش حالة من عدم اليقين وعدم الاستقرار السياسي، جعل المستثمرون يعزفون عنه.

وقال الشكندالي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن تونس في مرحلة فارقة بسبب ازماتها المالية، حيث تعاني من فجوة مالية في الموازنة العامة. وأشار إلى أن الوضع الاقتصادي يتميز بالضبابية، مما أدى إلى تراجع التصنيف السيادي للبلاد.

جذور الأزمة

 

يلخص المحلل الاقتصادي، فتحي النوري، الوضع قائلا: "الأزمة الحالية في تونس سببها حاجتها إلى سد عجز الموازنة"، مشيرا إلى أنها في حالة توفير هذه السيولة المالية، ستبدأ الدولة في حل مشكلاتها الاقتصادية.

ويرجع النوري جذوز عجز الموازنة إلى أسباب كثيرة على مدار عقد من الزمان، إذ يؤكد: "منذ الثورة أسأنا إدارة الاقتصاد وتم تركيز كل الاهتمام على الأوضاع السياسية". 

ولم يكن من المستغرب أن يؤيد الكثيرون قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو، بتجميد عمل البرلمان وحل الحكومة. فقد فشل النظام الديمقراطي الذي أقيم بعد ثورة 2011 في توفير فرص العمل. كان النمو أقل من 3٪ منذ عام 2012. في العام الماضي وبسبب كورونا انكمش الاقتصاد بنسبة 8%، بحسب مجلة إيكونوميست.

كما قفز الدين العام من 39٪ من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010 إلى 88٪. وخسر الدينار خلال نفس الفترة نصف قيمته. كما تبدو البلاد عالقة في فخ الديون، حيث يبلغ إجمالي عجز الميزانية 9٪ من الناتج المحلي، ومدفوعات خدمة الديون السنوية من 7-9% من الإجمالي المحلي، وفقا للمجلة.

وبحسب معهد الإحصاء الحكومي، فإن نسبة البطالة وصلت إلى 17.8 بالمئة، وتفاقم العجز المالي إلى أكثر من 11 بالمئة في 2020. 

كما حذرت وكالة فيتش الدولية السبت، من احتمال تعرض البنوك التونسية إلى مخاطر رغم تحسن مردوديتها.

وقالت الوكالة الدولية المتخصصة في التصنيف الائتماني إن "الوضع السياسي الهش" في تونس، وقرب انتهاء العمل بتدابير تأجيل أقساط القروض المخصصة لمواجهة التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، يمكن أن يشكل تحديا لتعافي القطاع المصرفي.

واستبعدت الوكالة أن يعود القطاع المصرفي التونسي إلى مستوى ما قبل الجائحة بسبب مخاطر سداد القروض وتأثير ذلك على أداء القطاع، إضافة إلى ضعف الاقتصاد التونسي في المرحلة الراهنة.

وأرجع الشكندالي هذا الانهيار إلى  الاعتماد على سياسات نقدية غير ناجحه خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى جائحة وباء كورونا.

وأضاف أنه منذ سبعينيات القرن الماضي يعتمد الاقتصاد التونسي على القطاعين العام والخاص، الذي يوفر 24 % من إجمالي الناتج المحلي، لكن بعد ثورة 2011، تعرض القطاع الخاص لضغوط سياسية بعد محاسة رجال الأعمال بقضايا فساد، وضغوط اجتماعية من خلال اعتصامات واضرابات العمال، مما أدى إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في الاقتصاد التونسي وتحمل القطاع العام كل هذه التكلفة. 

أزمة صندوق النقد الدولي

 

وذكر النوري أن بيان صندوق البنك المركزي يقصد شح الموارد المالية الخارجية فقط. وأشار إلى أن الاقتصاد التونسي في حاجة إلى 16 مليار دينار (5.7 مليار دولار) من الدول المانحة لم يتوفر منها إلا 6 مليار فقط (2 مليار دولار).

أما فيما يتعلق ببيان البنك المركزي، أكد الشكندالي أنه لم يأت بجديد. وقال إن البيان اقترح حلين لهذه الأزمة وهي المساعدات الدولية، أو الاقتراض من البنك المركزي، ولكن البنك يفضل الحل الأولي لأن الخيار الأخير قد يؤدي إلى التضخم وهو ما يخشاه البنك المركزي.

ويرجع المحللان سبب تطور الأزمة الاقتصادية مؤخرا للأزمة السياسية، فقد دخلت حكومة المشيشي العام الحالي في مفاوضات طويلة مع صندوق النقد الدولي، للحصول على 4 مليارات دولار (10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي)، وعرضت خفض الأجور العامة والتخلص التدريجي من دعم الغذاء والوقود.  

تعثرت المفاوضات ولم تصل إلى شيئ، وحين قرر الرئيس قيس سعيد إقالة الحكومة، وسط حزمة إجراءات استثنائية يوليو الماضي، توقفت المفاوضات تماما، مما حرم تونس من فرصة للحصول على السيولة اللازمة بالوقت المناسب. 

ويقول النوري أن الحصول على مساعدة من صندوق النقد الآن صعبة للغاية، في ظل عدم وجود حكومة وبرلمان منذ أكثر من شهرين تناقش الميزانية، بالإضافة إلى غياب رؤية اقتصادية مستقبلية.

وحذر البنك المركزي في بيانه من عواقب عدم تأمين صفقة جديدة مع صندوق النقد الدولي. وقال "استمرار هذه الوضعية سيكون له تداعيات جدّ سلبية على التوازنات الخارجية وسوق الصرف".

وفي 29 سبتمبر، كلّف سعيّد الاستاذة الجامعية المتخصصة في الجيولوجيا وغير المعروفة في الأوساط السياسية نجلاء بودن بتشكيل حكومة جديدة.

السيناريو اللبناني

 

تعقيبا على الأحوال الاقتصادية، قال المحلل الاقتصادي معز جودي لوكالة رويترز: "الوضع حرج للغاية في الاقتصاد والمالية العامة على وجه الخصوص .. نحن على وشك الانهيار منذ شهور". وأضاف  "لكن الأزمة السياسية الآن وغياب أي برنامج ورؤية اقتصادية واضحة يسرّعان الانهيار الكامل".

وذكرت وكالة بلومبيرغ أن البيان يدق ناقوس الخطر بشأن الوضع المالي لتونس، مشيرة إلى أن "هذا الاجتماع هو الثاني للبنك منذ تعليق الرئيس قيس سعيد البرلمان وإقالة رئيس الوزراء في أواخر يوليو، ما أثار أزمة سياسية فاقمت المشكلات الاقتصادية".

وتوقع المحلل معز جودي أن تركيز سعيّد على السياسة يمكن أن يحوّل تونس إلى لبنان آخر يعيش في خضم أزمة مالية وصفها البنك الدولي بأنها الأسوأ في التاريخ الحديث، والتي دفعت ثلاثة أرباع سكان لبنان إلى براثن الفقر وفقدت عملته المحلية 90٪ من قيمتها في العامين الماضيين.

وسددت تونس أكثر من مليار دولار من الديون هذا الصيف من احتياطيات العملات الأجنبية ، لكن يجب أن تجد حوالي 5 مليارات دولار أخرى لتمويل عجز الميزانية المتوقع والمزيد من سداد القروض.

لكن الشكندالي استبعد هذا التحليل، وقال لسنا قريبين من الوضع اللبناني، لأن تونس تحتاج إلى 3 مليارات دينار تونسي فقط لإنهاء فجوة موازنة هذا العام.

وأشار الشكندالي إلى أن المشكلة هي موازنة العام القادم، لذا طالب بالتحضير الجديد لها، والجلوس على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتنفيذ متطلباته فيما يتعمل بإصلاح القطاع العام والدعم.

من جانبه، استبعد هذا السيناريو تماما، مؤكدا أن تونس لن تكون لبنان أو اليونان لأن الوضع في تونس يختلف فيه تمتلك مؤسسات ووبنك مركزي، بالإضافة إلى ان كل اقتصاد له الهيكل الخاص به.

ويرى النوري أن تونس في حاجة إلى حكومة دائمة تحسن التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وتنفذ الإصلاحات التي يطلبها الصندوق، للخروج من هذه الأزمة الاقتصادية.

عبير موسي خلال تجمع سياسي. صورة أرشيفية.
عبير موسي خلال تجمع سياسي. صورة أرشيفية.

أعلن الحزب الدستوري الحر  بتونس، الأحد، أنه قرر رسميا ترشيح رئيسته المسجونة، عبير موسي، للانتخابات الرئاسية المقررة، خريف العام الجاري.

ودعا الدستوري الحر في بيان، إلى إطلاق سراح موسي وإلى وقف ما سماها "الهرسلة القضائية التي تتعرض لها"، مشيرا إلى خطورة "سعي السلطة إلى حرمانها من حقوقها المدنية والسياسية"، حسبما نقله موقع "بوابة تونس".

وكانت موسي المحامية والنائبة السابقة في البرلمان المنحل، أحد أبر أوجه المعارضة التونسية، ومنتقدة شرسة لقيس سعيد وقبله للإسلاميين، زمن توليهم الحكم في البلاد.

وشهر أكتوبر الماضي، أمر قاض بسجن عبير موسي بعد القبض عليها عند مدخل القصر الرئاسي بشبهة “الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وإثارة الفوضى"، في إطار حملة بدأتها السلطات ضد سياسيين معارضين.

ومنذ مطلع فبراير من العام الماضي، احتجزت السلطات معارضين عديدين، بمن فيهم الزعيم التاريخي لحزب النهضة الإسلامي المحافظ راشد الغنوشي، فضلا عن شخصيات بارزة من بينها وزراء ورجال أعمال سابقون.

ووصف الرئيس، قيس سعيد، الذي تتهمه المعارضة باعتماد نهج استبدادي، الموقوفين بأنهم "إرهابيون"، قائلاً إنهم متورطون في "مؤامرة ضد أمن الدولة".

وجدد الحزب إدانته احتجاز رئيسته "قسريا"، رافضا "الاعتداء السافر على حقوقها، منددا بملاحقة قيادات الحزب واستهداف مناضلاته ومناضليه وعرقلة تحركاته".

وفي الأشهر الماضية، نظم الحزب الدستوري الحر احتجاجات ضد سعيد. وتتهم موسي رئيسة الحزب سعيد بأنه يحكم خارج القانون.

وموسي من مؤيدي الرئيس الراحل، زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به الاحتجاجات الحاشدة عام 2011، وهي الانتفاضة التي انتشرت فيما بعد في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفقا لرويترز.

وجدد "الدستوري الحر"، تمسكه بحقه في النشاط السياسي طبق ما تكفله التشريعات الوطنية والدولية والتزامه بالاستماتة في الدفاع بكل الطرق النضالية السلمية والمشروعة عن حقوق التونسيات والتونسيين في المشاركة في انتخابات مطابقة للمعايير الدولية، وفق البيان.

يذكر أن أمين عام حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي المرايحي، أعلن الأسبوع الماضي ترشحه للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الخريف القادم، وفقا لبوابة تونس.

كما أعلن الوزير الأسبق، منذر الزنايدي، ترشحه رسميا للانتخابات الرئاسية.