اقترح أردوغان في 2017، أن يضم مدينة كاردزهالي إلى بلاده على اعتبارها تقع في "الحدود الروحية" لتركيا
اقترح أردوغان في 2017، أن يضم مدينة كاردزهالي إلى بلاده على اعتبارها تقع في "الحدود الروحية" لتركيا

أصبحت فرص اندلاع حرب بين تركيا واليونان أعلى من أي وقت منذ الصراع التركي-القبرصي في 1974، كما يرى الكاتب بمجلة "ناشيونال إنترست"، مايكل روبين.

ويضع روبين في مقاله أسباب اندلاع الحرب المحتملة بين تركيا واليونان، والتي تأتي في مقدمتها رغبة أردوغان في إلغاء معاهدة لوزان، واستعادة بعض أراضي الإمبراطورية العثمانية خارج حدود تركيا الحالية.

أما السبب الثاني فهو اقتصادي، حيث تسعى "تركيا لسرقة موارد من المناطق الاقتصادية الحصرية في مياه اليونان وقبرص، بجانب رغبة أردوغان في التفوق على أتاتورك كمنتصر عسكري"، على حد وصف الكاتب.

وكانت البحرية اليونانية قد أعلنت الأربعاء أنها نشرت بوارج في بحر إيجه بعدما أعلنت حال "التأهب" بسبب الأنشطة التركية لاستكشاف موارد الطاقة قرب جزيرة يونانية في منطقة تقول تركيا إنها ضمن جرفها القاري.

ويستمر الخلاف بين تركيا وكل من اليونان والاتحاد الأوروبي على خلفية الحقوق البحرية في شرق المتوسط وسط مساع للسيطرة على الموارد في أعقاب اكتشاف احتياطيات غاز كبيرة في السنوات الماضية.

وأضاف روبين أن "أردوغان قد مهد الساحة لإلغاء معاهدة لوزان. ففي ديسمبر 2017، فاجأ الجمهور اليوناني خلال زيارة له إلى هناك، حيث طرح الفكرة (إلغاء المعاهدة)".

واقترح أردوغان آنذاك، أن يضم مدينة كاردزهالي إلى بلاده على اعتبارها تقع في "الحدود الروحية" لتركيا، ما أدى إلى مظاهرات في بلغاريا التي كانت تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت.

كما بدأت الصحف التركية التابعة للدولة في نشر خرائط لتركيا ذات حدود أوسع، حيث ضمت أجزاء من الدول المجاورة.

ويرى روبين أن محاولة أردوغان الأخيرة لدفع خطته بخصوص معاهدة لوزان كانت الأخطر، عندما أرسلت تركيا سفينة المسح الزلازلي "أوروك ريس" في المياه المحيطة بالجزر اليونانية.

ولا تسعى تركيا فقط في رأي روبين إلى مراجعة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تمنح اليونان مياه اقتصادية أكبر، وإنما تسعى إلى السيطرة على مئات الموارد حول الجزر اليونانية في بحر إيجة. 

كما علق روبين على قضية تحويل متحف "آيا صوفيا" إلى جامع، بقوله إن تنظيم أول صلاة جمعة في "آيا صوفيا" تزامن مع ذكرى معاهدة لوزان، مشيرا إلى أنه "لا توجد طريقة أفضل من ذلك بالنسبة لأردوغان، لإظهار رفض تركيا الرمزي لنظام ما بعد معاهدة لوزان".

وخلص روبين في نهاية مقاله إلى أنه إذا تقدم أردوغان أكثر في شرق المتوسط، فإن اليونان ربما تلجأ للقتال، على أثينا أن تنظر في جميع الخيارات على الطاولة. إذا حدث مثل هذا السيناريو، فيجب ألا تكون الولايات المتحدة محايدة، يجب أن تعترف علنا بأن تركيا هي المعتدي وأن مزاعمها باطلة".

"بالتعاون مع أوروبا، واشنطن قد تستطيع أيضا تذكير تركيا بأنه في حال ما حاولت إبطال معاهدة لوزان، فإن مراجعات أنقرة ربما تكون أقرب لاتفاقية سيفر في 1920، مقارنة باتفاقية باسارويتز في 1718"، يقول روبين.

تركيا توقف جميع أشكال التعاون التجاري مع إسرائيل. أرشيفية
تركيا توقف جميع أشكال التعاون التجاري مع إسرائيل. أرشيفية

منذ بدء الحرب في غزة، تعمّقت "عزلة" إسرائيل، إذ تراوحت سياسات بعض الدول ما بين خفض العلاقات إلى قطعها، وحتى تلك الدول الحليفة للدولة العبرية أصبحت أكثر انتقادا لزخم العمليات العسكرية التي أودت بحياة الآلاف في القطاع.

ووفق تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، ما أعلنت عنه تركيا بـ"تعليق جميع أشكال التجارة مع إسرائيل" ربما يكون أحدث سلسلة تجعل من "عزلة" إسرائيل "أعمق" مما كانت عليه خلال الأشهر القليلة الماضية.

ووضعت أنقرة شروطا للتراجع عن وقف جميع أشكال التعاون التجاري مع إسرائيل، من خلال "وقف دائم لإطلاق النار" و"السماح بدخول المساعدات الإنسانية الكافية دون انقطاع إلى غزة".

من جانبها انتقدت إسرائيل، ما أعلنته تركيا، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الخطوة التي اتخذها الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، تنتهك اتفاقيات تجارة دولية، مضيفا "هكذا يتصرف الدكتاتور".

تركيا تضع شروطا لعودة التجارة مع إسرائيل. أرشيفية

وبحسب أرقام الميزان التجاري بين البلدين، صدّرت تركيا لإسرائيل منتجات بأكثر من 5.4 مليارات دولار، فيما بلغت صادرات إسرائيل لتركيا أكثر من 1.6 مليار دولار.

وهذه أقوى خطوة تقدم عليها أنقرة بعد انتقادها الشديد على مدى أشهر حملة إسرائيل العسكرية التي حولت مناطق كبيرة من القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان إلى أنقاض. وواجه إردوغان دعوات محلية متزايدة من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الملموسة.

وذكر أردوغان بعد صلاة الجمعة أن تركيا لم يمكنها الوقوف ساكنة في مواجهة "القصف الإسرائيلي للفلسطينيين العزل". وتقول إسرائيل إنها تستهدف المسلحين المختبئين في مناطق سكنية، وتلقي اللوم جراء حصيلة القتلى المدنيين على حماس وتزعم أن الحركة تستخدمهم "كدروع بشرية".

بعد إغلاق "الباب التركي".. ما هي بدائل إسرائيل وهل تلجأ إلى المحاكم؟
أصبحت تركيا أول شريك تجاري كبير لإسرائيل يوقف تبادل السلع معها بسبب الصراع في غزة، حيث رهنت أنقرة على لسان وزير تجارتها، عمر بولات، استئناف المبادلات بوقف دائم لإطلاق النار وتوفير المساعدات الإنسانية في قطاع غزة.

وقال إردوغان لاحقا لرجال أعمال أتراك إن أنقرة ستواجه المشكلات الناجمة عن هذا القرار "بالتنسيق والحوار" مع عالم الأعمال، مضيفا أنه يعتقد أن هذا سيكون مثالا يُحتذى به لدول أخرى "مستاءة من الوضع الحالي".

وأضاف "أريد أن يعلم الجميع هذا، نحن لا نسعى إلى معاداة أو قتال أي دولة في منطقتنا"، مضيفا أنه على علم "بالكيفية التي سيهاجمنا بها الغرب" بسبب التحرك.

وأردف "لدينا هدف واحد هنا، وهو إجبار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، التي خرجت عن السيطرة بسبب دعم الغرب العسكري والدبلوماسي غير المشروط، على وقف إطلاق النار".

تركيا جميع أشكال التعاون التجاري مع إسرائيل. أرشيفية

والأربعاء الماضي، كان كولمبيا أعلنت قطع علاقاتها مع إسرائيل، بعد بوليفيا وبليز، وكانت كولمبيا قد استدعت سفيرها لدى إسرائيل وفعلت ذلك تشيلي وهندوراس.

وقامت دول عربية مثل الأردن والبحرين، بإعادة سفراء إسرائيل إلى وطنهم، في وقت مبكر من الحرب.

وتشير الصحيفة إلى "تغير في اللهجة تجاه الحرب في غزة" وهو ما يعكس "التكلفة الهائلة التي يتحملها الفلسطينيون"، إذ قتل أكثر من 34 ألف شخص في غزة غالبيتهم من النساء والأطفال بحسب وزارة الصحة في القطاع.

تركيا تغلق "باب التجارة" مع إسرائيل.. من "سيتألم" أكثر؟
يبلغ حجم التجارة بين إسرائيل وتركيا كما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان 9.5 مليار دولار، وبعد القرار الذي اتخذته وزارة التجارة في حكومته قال إنهم "أغلقوا الباب بافتراض أن هذا الرقم المذكور غير موجود"، فما تأثير هذه الخطوة على كلا الطرفين؟ وماذا تبادلا في السابق؟

وجاء الهجوم الإسرائيلي في أعقاب هجمات نفذتها حركة حماس على مستوطنات إسرائيلية في محيط غزة، أسفرت عن مقتل 1200 مدنيا، واحتجاز 250 رهينة بحسب ما تزعم السلطات الإسرائيلية.

إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الحليف الأكثر أهمية لإسرائيل، رفضت سحب الدعم العسكري لإسرائيل، ولكنها تحذر من عملية واسعة في رفح حيث يتكدس أكثر من مليون فلسطيني نازح في الخيام.

وتظهر بيانات التجارة التركية أن أهم صادرات أنقرة إلى إسرائيل هي الصلب والمركبات والبلاستيك والأجهزة الكهربائية والآلات، بينما هيمن الوقود على الواردات، بكلفة بلغت 634 مليون دولار العام الماضي.

وذكرت جمعية المصدرين الأتراك أن الحكومة سيكون عليها تقليص مستهدفات التصدير لنهاية العام إلى 260 مليار دولار من 267 مليارا ما لم تُستأنف التجارة مع إسرائيل في غضون شهرين. وأظهرت بيانات الجمعية أن الصادرات إلى إسرائيل انخفضت 24 بالمئة خلال نيسان هذا العام مقارنة بالعام الماضي.

وذكر بنك جيه بي مورغان أن تعليق التجارة ربما يزيد بشكل هامشي من الضغوط على أسعار البضائع في إسرائيل على المدى القصير.

ونددت تركيا بالحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، كما أرسلت آلاف الأطنان من المساعدات لسكان القطاع، وأعلنت قبل أيام اعتزامها الانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وتنفي إسرائيل ارتكاب أفعال الإبادة الجماعية في غزة أو انتهاك القانون الإنساني هناك.

وقال سنان أولجين، وهو دبلوماسي تركي سابق ومدير مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية لوكالة رويترز إن التحرك مدعوم على نطاق واسع من الأتراك نظرا "للرأي السائد بأن رد فعل الحكومة على إسرائيل لم يكن كافيا".

ويعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية ناجمة عن الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حماس منذ السابع من أكتوبر، وتحذر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة من مجاعة وشيكة.