معبر حدود عند منطقة الباقورة شمال الأردن - 21 أكتوبر 2019
معبر حدود عند منطقة الباقورة شمال الأردن - 21 أكتوبر 2019

خمس وعشرون سنة مرت على توقيع الأردن وإسرائيل معاهدة "وادي عربة" للسلام، والتي بموجبها أنهت عقودا من الحرب بين البلدين، بجانب السماح لإسرائيل باستئجار منطقة "الباقورة والغمر" الأردنية للزراعة.

ومع انتهاء عقد الإيجار الأحد، أعلن الأردن عدم تجديده، فيما نقلت الصحف الإسرائيلية أنباء مخالفة عن تمديد العقد بين البلدين حتى نهاية العام القادم.

وكانت السلطات الأردنية قد أعلنت رسميا الأحد منع الإسرائيليين من دخول الأراضي الأردنية في الباقورة والغمر بعد انتهاء عقد يسمح للمزارعين الإسرائيليين بالعمل في تلك الأراضي.

لكن أنباء مخالفة نشرتها صحيفة "هآرتس" نقلا عن الجيش الإسرائيلي، تقول إنه قد تم تمديد اتفاق الإيجار بين البلدين حتى نهاية العام القادم وفقا لشروط جديدة.

والباقورة منطقة حدودية أردنية تقع شرق نهر الأردن في محافظة إربد (شمال) تقدر مساحتها الاجمالية بحوالى ستة آلاف دونم. أما الغمر فمنطقة حدودية أردنية تقع ضمن محافظة العقبة (جنوب) وتبلغ مساحتها حوالى أربعة كيلومترات مربعة.

موقع منطقة الباقورة الخصب في شمال الأردن:

src=

وقد نص الملحقان الخاصان بهذه الأراضي على أن يتجدد وضعها بتصرف إسرائيل تلقائيا في حال لم تبلغ الحكومة الأردنية قبل عام من انتهاء المدة، برغبتها باستعادتها. وانتهت مدة الوضع في التصرف الحالية في 10 نوفمبر.

وكان الأردن قد وافق خلال مفاوضات السلام على إبقاء هذه الأراضي الحدودية بتصرف الدولة العبرية، مع اعتراف إسرائيل بسيادة الأردن عليها.

وفي آخر التحديات، قرر الملك عبدالله العام الماضي استعادة أراضي الباقورة، فيما يرى محللون أن إلغاء عقد الإيجار جاء على خلفية السياسات الإسرائيلية بخصوص الأراضي الفلسطينية.

أهمية المنطقة

 

 

وللمنطقتين أهمية استراتيجية كما يقول المحلل السياسي الأردني مالك العثامنة، فمنطقة الباقورة "تعد سلة غذاء بالنسبة لإسرائيل"، على حد وصفه.

وأضاف العثامنة للحرة أن الباقورة تمثل نقطة التقاء نهر اليرموك مع نهر الأردن، ما يجعلها من أخصب المناطق الزراعية بالمنطقة، وكانت تدر أموالا طائلة على إسرائيل. أما فيما يخص منطقة الغمر الصحراوية، قال المحلل الأردني إن لها أهمية عسكرية، فهي منطقة حدودية مفتوحة.

سياسيا، يرى العثامنة أن استعادة المنطقتين في هذا الوقت "له بعد معنوي هائل"، إذ تزامن استعادتهما مع خطاب العرش للملك الأحد، بالإضافة إلى تزامنه مع وجود توتر بين إسرائيل والأردن.

كما تسببت وعود أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو  بفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق غور الأردن وشمال البحر الميت إذا ما أعيد انتخابه، برفع التوتر بين البلدين. 

كما ساهمت حوادث عدة بتصعيد التوتر في العلاقات بين إسرائيل والأردن بدءا من محاولة اغتيال رئيس حركة "حماس" خالد مشعل في عمان عام 1997، ثم اقتحام رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون للمسجد الأقصى عام 2000 واندلاع الانتفاضة الثانية.

وأدت محاولة اغتيال مشعل في عمان في عهد حكومة نتانياهو الأولى إلى أسوأ أزمة بين البلدين، ووضع الملك حسين حينها حياة مشعل في كفة ومعاهدة السلام في الكفة المقابلة، ما أنقذ حياة مشعل، إذ سلّم الإسرائيليون الأردن "المصل المضاد" للسمّ الذي سمموه به.

موقع منطقة الغمر جنوب الأردن:

src=

مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي قال لوكالة فرانس برس، إنه يرى خطوة استعادة المنطقتين "إشارة من الملك عبد الله الثاني مباشرة بأن السلام سيتضرر بما يجري على المسار الفلسطيني".

ورأى مدير مركز القدس أن "ليس لدى إسرائيل أي حجة قانونية أو سياسية بعدم الاستجابة للموقف الاردني"، مضيفا أن هذا "سيكون اختبارا للنوايا الاسرائيلية".

وقد توقع الرنتاوي في حديثه مع الوكالة الفرنسية، أن يكون موضوع الغمر والباقورة سببا "لاشتباك" قريب بين البلدين، موضحا أنه لا يتحدث عن حرب ولكن وسائل دبلوماسية وقانونية وتقاض دولي وربما تحكيم الدولي".

المحلل السياسي عادل محمود تخوف من "تعرض الأردن لضغوط من الإدارة الأميركية للدفع نحو بدء إجراء مفاوضات (جديدة) بين الطرفين" الأردني والإسرائيلي، في حال كان الرد الإسرائيلي سلبيا. 

لكنه رأى في حديث مع فرانس برس أن "قرار الملك المدعوم شعبيا نهائي ولن يدخل ضمن سياق التفاوض مع إسرائيل من جديد على أراض أردنية سيادية".

من جانب آخر، قال أوديد آران السفير الإسرائيلي السابق إلى الأردن، بين عامي 1997 و2002، والباحث في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي، إن على إسرائيل "تقديم شيء مغر إلى الأردنيين"، أو تعويض المزارعين على خسائرهم.

تاريخ "الباقورة والغمر"

 

 

احتل الجيش الإسرائيلي بعد حرب 1967 أراض أردنية بينها الغمر. أما الباقورة، أو نهاريم كما يسميها الإسرائيليون، فقد احتلتها إسرائيل في عملية توغل داخل الأراضي الأردنية عام 1950. 

وخلال مفاوضات السلام بين اسرائيل والأردن، وافق الأردن على إبقاء هذه الأراضي لمدة 25 سنة تحت سيطرة الإسرائيليين مع اعتراف اسرائيل بسيادة الأردن عليها، بذريعة أنهم أقاموا فيها بنى تحتية، ومنشآت زراعية.

وتهدد خطوة إلغاء العقد بإثارة أزمة بين إسرائيل والأردن، الدولة العربية الوحيدة التي ترتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل بعد مصر.

وقال إيتان ليبسيك المسؤول عن المنطقة منذ 13 عاما للوكالة الفرنسية، إن العلاقة مع الأردنيين كانت "ممتازة" حتى الوقت الحالي.

وأضاف "شعرنا وكأننا في وطننا، وفوجئنا بأنه لم يعد مرحبا بنا"، لافتا الى أن نحو ثلث سكان القرية البالغ عددهم أقل من مائة شخص يعتاشون من الزراعة، وبدون وجود ممر إلى الغمر يصبح بقاء تسوفار موضع شك. 

جنود إسرائيليون أمام معبر مؤدي إلى منطقة الباقورة

وقال غيدج الذي يشكل بيع الفلفل المزروع على الأراضي الأردنية والمعد للتصدير نحو 80 بالمئة من عائداته إن استعاد الأردن المناطق "فسوف نخسر جميع المنشآت عليها". 

وأوضح أن الفلفل ينمو في الغمر أفضل من أي مكان آخر لأن تربتها غنية بالمعادن، لافتا إلى أن إعادة تأسيس مشروعه داخل إسرائيل قد يستغرق من خمس إلى ست سنوات، وربما لن يحقق مثل هذه العائدات الجيدة على الإطلاق.

ويتوقع بعض سكان الغمر من الإسرائيليين أن المزارعين الأردنيين سيكافحون من أجل زراعة أي شيء على الأرض التي تقع وسط صحراء قاحلة. 

واعتبر المزارع غيدج الذي يعيل ثلاثة أطفال إن احتمال اخراجهم من هذا الجيب يشكل "ضغطا هائلا" على الغمر.

وقال "إذا فقدت هذه الأرض، فسوف أغادر على الأرجح"، مضيفا "لا يوجد شيء آخر في المنطقة، لا سياحة ولا صناعة تكنولوجيا".

أسفر الاشتباك عن "مقتل اثنين من المهربين، وإصابة آخرين وتراجعهم إلى داخل العمق السوري"
أسفر الاشتباك عن "مقتل اثنين من المهربين، وإصابة آخرين وتراجعهم إلى داخل العمق السوري"

صرح مصدر في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أن المنطقة العسكرية الشرقية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية وإدارة مكافحة المخدرات أحبطت مساء الخميس، وضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة قادمة من الأراضي السورية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الأردنية "بترا".

وأسفر الاشتباك عن "مقتل اثنين من المهربين، وإصابة آخرين وتراجعهم إلى داخل العمق السوري، وضبط عدد من الأسلحة، وتم تحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة"، بحسب الوكالة الأردنية الرسمية.

وذكرت "بترا" أن المصدر أكد أن "القوات المسلحة الأردنية تسخر جميع القدرات والإمكانيات للضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني الأردني"، حسب قوله.

وأتى هذا الإعلان بعد يوم من الكشف عن منع محاولة تهريب أسلحة إلى المملكة، أُرسلت من قبل ميليشيات مدعومة من إحدى الدول إلى خلية في الأردن".

ونقلت "بترا" عن مصدر مسؤول لم تكشف هويته، الأربعاء، أن الأسلحة "صودرت عند اعتقال أعضاء الخلية، وهم أردنيون، في أواخر مارس الماضي"، مشيرا إلى أن التحقيقات والعمليات ما زالت جارية لكشف المزيد المتعلق بهذه العملية.

وكان مصدران أردنيان مطلعان قالا لرويترز، في وقت سابق الأربعاء، إن الأردن أحبط مؤامرة يشتبه أن إيران تقف خلفها لتهريب أسلحة إلى أراضيه، وذلك لمساعدة معارضين للحكم الملكي على تنفيذ أعمال تخريبية.

وأوضح المصدران للوكالة أن الأسلحة أرسلتها فصائل في سوريا مدعومة من إيران إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، لها صلات بالجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). 

وأضافا أنه تم ضبط الأسلحة عندما ألقي القبض على أعضاء في الخلية، وهم أردنيون من أصول فلسطينية، في أواخر مارس.

ويتصدى الجيش الأردني لعمليات تسلل وتهريب أسلحة ومخدرات، لا سيما حبوب الكبتاغون، برا من سوريا التي تشهد منذ عام 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا هائلا وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

وقتل الجيش الأردني ثلاثة مهربين في السابع من فبراير، كما قتل خمسة مهربين واعتقل 15 آخرين في السادس من يناير.

وفي 18 ديسمبر الماضي، اعتقل الجيش الأردني تسعة مهربين بحوزتهم مخدرات وأسلحة متنوعة بعد اشتباكات على الحدود مع سوريا أوقعت إصابات في صفوف حرس الحدود الأردنيين.

كما وقعت ثلاثة اشتباكات مماثلة في الشهر ذاته أدى احدها إلى مقتل عنصر في حرس الحدود الأردنيين واصابة آخر ومقتل عدد من المهربين، فيما أسفر الآخران عن مقتل أربعة مهربين وإصابة آخرين.

ويقول الأردن الذي يستضيف نحو 1.6 مليون لاجئ سوري، إن عمليات التهريب هذه باتت "منظمة" وتستخدم فيها أحيانا طائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة، ما دفع الأردن إلى استخدام سلاح الجو مرارا لضرب هذه المجموعات وإسقاط طائراتها المسيرة.

وصناعة الكبتاغون ليست جديدة في المنطقة، وتُعدّ سوريا المصدر الأبرز لتلك المادة منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011. إلا أن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجا واستخداما وتصديرا.