زيارة إردوغان إلى الإمارات تعتبر الأولى منذ عام 2013
زيارة إردوغان إلى الإمارات تعتبر الأولى منذ عام 2013

وقّعت تركيا والإمارات، الاثنين، 13 اتفاقية تشمل مجالات مختلفة، وفي الوقت الذي تحدث فيه مسؤولو البلدين عن "حقبة جديدة" تخيّم على مشهد العلاقات الثنائية، ذكرت وسائل إعلام أن أنقرة وأبوظبي تستعدان لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجالات النقل البري والبحري. 

ومن المخطط، بحسب ما ذكر موقع "TRT عربي" أن تشمل المذكرة تفعيل خطّ نقل بري بين البلدين عبر الأراضي الإيرانية، ومن شأنه، إذا جرى، أن يقلّص مدة الشحن بين تركيا والإمارات إلى سبعة أيام فقط (ثلث المدة الحالية عبر البحر).

ونشر الموقع خريطة ضمن تقريره توضّح مسار هذا الخط، والمدة الزمنية التي يوفرها بدلا عن ذاك الذي يمر عبر البحار، قاطعا قناة السويس المصرية ومضيقي باب المندب وباب السلام، وصولا إلى الموانئ الإيرانية. 

وبحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول"، تشمل الاتفاقيات التي وقعتها تركيا والإمارات بحضور الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، مجالات الاستثمار والنقل والصحة والزراعة والدفاع. 

وقالت الوكالة إن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عادل قرايسمايل أوغلو، ووزير التجارة الخارجية، ثاني بن أحمد الزيودي، وقعا اتفاقية "تعاون في مجال النقل البري والبحري"، لكنها لم تذكر أي تفاصيل، حول ما إن كان الممر البري ضمن هذه الاتفاقية من عدمه.

وكذلك لم ينشر أي تصريح رسمي من مسؤولي تركيا والإمارات حول ذلك، وهما البلدان اللذان بدآ قبل أشهر بخطوات لافتة لإعادة تطبيع علاقاتهما المتوترة بشدة، منذ سنوات. 

ما قصة "الممر البري"؟ 

وتعتبر زيارة إردوغان إلى الإمارات، المقرر أن تنتهي، الثلاثاء، الأولى منذ عام 2013، عندما كان رئيسا للوزراء، وتأتي في سياق "العودة" عن تلك التي أجراها ولي عهد أبوظبي إلى العاصمة، أنقرة، في نوفمبر الماضي. 

وقبل شهرين ونصف، كان الجانبان قد وقّعا في أنقرة أكثر من عشر اتفاقيات أيضا، استهدفت في معظمها قطاعي الاستثمار والاقتصاد، فضلا عن أخرى شملت الصحة والزراعة والنقل. 

وكان مشروع "الممر البري" بين البلدين قد تردد أولا في ذلك الوقت، حيث تحدثت وسائل إعلام تركية عن رغبة تركية – إماراتية لتفعيله على أرض الواقع، كونه يسهّل عمليات نقل البضائع والتجارة، ويوفر من ناحية أخرى وقتا وتكلفة. 

وبقي ذاك الحديث لمدة مقتصرا على تقارير وسائل الإعلام، ليدلي وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بتصريحات، في اليوم الأخير من عام 2021، قائلا إن بلاده تلقت اتفاقية من دولة الإمارات، بشأن النقل البري إلى تركيا، وقد تعاملوا معها بشكل إيجابي.

وأوضح جاويش أوغلو أنه لن يكفي إتمام هذا الأمر على المستوى الثنائي بين البلدين فقط، لأن هذا النقل البري سيأتي عبر إيران في الوقت الحالي.

وأضاف "عندما نجري الحسابات، فإن أي شحنة تغادر إسطنبول حاليا متوجهة إلى الإمارات فإنها تستغرق ما بين 25 و28 يوما عن طريق البحر، لكن ستغرق عشرة أيام برا. ومع ذلك، يتم قضاء جزء طويل من هذا الوقت في التخليص الجمركي".

وشدد وزير الخارجية التركي على أنه "لا بد من تخفيض هذا الوقت. ومن ثم فإنه بعد التوقيع على مثل هذه الاتفاقية، ربما يمكننا بعد ذلك التوقيع عليها على المستوى الثلاثي بعد التوقيع عليها على المستوى الثنائي. لقد رحبنا بها، ونحن نتفاوض بشأنها حاليا. نريد أن نوقع هذه الاتفاقية على هامش زيارة الرئيس في فبراير للإمارات (الزيارة الحالية)".

خطة "الممر" تقترح نقل البضائع من ميناء في الشارقة ومن ثم إيصاله لإيران لتمر عبرها إلى تركيا

"من الميناء إلى البر"

وبحسب ما تقول وسائل إعلام تركية، ستستفيد أنقرة من استخدام ميناء بندر عباس في إيران، حيث ستُنقل الشاحنات الموسومة بنظام النقل البري الدولي (TIR) من الشارقة في الإمارات إلى الميناء الإيراني.

وبعد ذلك تبدأ السير برا إلى معبر بازرجان- جوربولاك الحدودي بين إيران وتركيا، الأمر الذي من شأنه أن يختصر مدة الرحلة إلى حوالي أسبوع واحد فقط.

ويختصر هذا المسار ثلثَي الوقت مقارنة بمدة الطريق البحري التقليدي عبر قناة السويس، بينما يخفض تكلفة الصادرات والواردات أيضا، بسبب مدة الوصول القصيرة وتكلفة الشحن.

ما فرص التطبيق؟ 

وبينما يؤكد محللون وباحثون أتراك وإماراتيون غياب أي تصريح رسمي بشأن المشروع المذكور، تحدثوا لموقع "الحرة" عن فرص تطبيقه على أرض الواقع، خاصة أن جزءا كبيرا من الممر سيعتمد على الأراضي الإيرانية. 

ويؤكد الكاتب والصحفي الإماراتي، محمد الحمادي ، في تصريحات لموقع "الحرة"، على أنه "لا يوجد حتى الساعة أي بيان رسمي صادر عن الجانب الإماراتي بشأن ممر بري يربط البلاد بتركيا".

ولكنه أشار إلى أن "واحدة من الاتفاقيات التي تم الإعلان عن توقيعها خلال زيارة إردوغان لأبوظبي، كانت اتفاقية النقل البري، التي لم يأت البيان الرسمي الصادر على ذكر تفاصيلها"، متوقعا أن "تكون جزءا من هذا المشروع الذي يتم الحديث عنه في بعض وسائل الإعلام".

وعن إمكانية تطبيق هذا الاتفاق على أرض الواقع، يرى الحمادي أن "في مثل هذه المشاريع، تكون الأولوية للمصالح الاقتصادية، التي تستدعي تنظيم حوار مشترك للبت فيها". 

واعتبر أن "من مصلحة طهران الموافقة على هذا الممر، ومن غير المنطقي معارضته"، مستدركا أن هناك "بدائل أخرى لاسيما أن الحدود مع تركيا تمر بسوريا والعراق". 

و"بات العراق أكثر استقرارا مما سبق، وحتى أن الأوضاع في المنطقة تأتي في إطار حلحلة للأزمات سواء في دمشق أو حتى في بغداد".

ويوضح الحمادي: "يتم دائما الحديث عن مشروع سكك حديد تربط دول الخليج بتركيا"، مذكرا بقطار الحجاز الذي كان يقوم بهذا الدور في السابق، وأنه "يمكن العودة إلى تشييده والسير به".

من جانبه، يرى مدير مركز "أورسام لدراسات الشرق الأوسط"، البروفيسور أحمد أويصال، أن الممر البري وفي حال تنفيذه سيكون إما عبورا من إيران أو العراق، مؤكدا أنه يستند على "بلد ثالث". 

ويقول أويصال لموقع "الحرة": "هناك نقاش حول إيران، لكن أتوقع أن يستمر عبر العراق، ومع ذلك سيأخذ وقتا في كلتا الحالتين. هناك فراغ في العراق والحكومة لم تتشكل، بينما توجد تعقيدات في إيران". 

ووفق الباحث التركي فإن "هذا المشروع إيجابي وبديل لطرق أخرى. ليس ثنائيا فحسب، بل ربط المنطقة الخليجية من الشرق إلى الغرب". 

خط سكك الحديد الحجازية أسسته الدولة العثمانية ويمر عبر عدة دول، من بينها الأردن

"تجارب سابقة"

على مدى السنوات الماضية، كان ملاحظا توجه أنقرة بخصوص إعادة تفعيل ممراتها البرية وسكك قطاراتها، في مسعى لأن تكون "منطقة ربط بين مناطق الشرق الأوسط والقوقاز ووسط آسيا باتجاه أوروبا".

وبدا ذلك لافتا أكثر بعد التغير الذي طرأ على سياستها الخارجية، وفي الوقت الذي يتردد فيه الحديث عن المعبر البري مع الإمارات الآن، كان إردوغان قد أبدى، في مطلع فبراير الحالي، نيته العمل مع إسرائيل من أجل نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى أوروبا. 

وكذلك الأمر بالنسبة لأرمينيا، والتي بدأت معها تركيا مباحثات إعادة تطبيع العلاقات، وذهبت بجزء منها إلى ممر زنغازور البري، الذي يربط الأخيرة بأذربيجان عبر الأراضي الأرمينية. 

وفي تعليقه على "مشروع الممر البري" بين الإمارات وتركيا، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في "مركز ابن خلدون" بجامعة قطر، الدكتور علي باكير، أن الأمر لا يزال نظريا حتى الآن، لاسيما مع غياب أي تأكيد رسمي. 

ومع ذلك يقول باكير لموقع "الحرة": "بخصوص القضية هناك تجربة سابقة حولها، تتمثل بالممر البري بين تركيا وقطر. بداية من تركيا إلى إيران ومن ثم بالزوارق والسفن إلى قطر". 

ويضيف أستاذ العلاقات الدولية أن الممر، وإن تم بالفعل "سيقلل التكلفة والوقت اللازم ويؤمّن مسارات بديلة في حال تعطل المسارات الأخرى، سواء البحرية أو سلاسل الإمداد المتعلقة بشرق آسيا أو غيرها من المناطق".

كما يعزز "التجارة البينية والتواصل البيني والترابط، وله انعكاسات تتخطى الجانب الاقتصادي إلى السياسي والاجتماعي".

من جهته، يعتقد المحلل الاقتصادي الإماراتي، عبد الرحمن الطريفي، في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "الممر البري قد يكون بديلا كاملا عن ممرات البحر التي تعبر عبر قناة السويس، لاسيما أنه يخفف من مدة النقل وتكلفته بشكل كبير". 

ورأى الطريفي أن "تركيا تحاول جاهدة أن تعود للشرق الأوسط ودول الخليج العربي تحديدا، لا سيما أن السعودية والإمارات من أكثر الدول التي كان لديها أعمال تجارية واقتصادية معها".

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن "تركيا قريبة جدا من قطر خاصة بعد عملية المقاطعة الخليجية، حتى يمكن القول إن الاقتصاد التركي يعتمد على منطقة الخليج بشكل شبه كلي". 

وأعرب عن أمله في أن "يكون هناك نوع من الاتفاق التركي - الإماراتي بخصوص إيجاد ممر بري يكفل التصدير عبر البر والشاحنات، لاسيما في ظل أزمة الحاويات"، لافتا إلى أن "تركيا تتوسع وبقوة، لا سيما بعدما بدأت العمل في تنظيم ممر البحر الأسود مع بحر إيجه الذي من شأنه أن يختصر مسافة كبيرة، كما دخلت وبقوة إلى طريق الحرير".

الممر البري بين الإمارات وتركيا قد يعني الاستغناء عن قناة السويس واقتطاع مدة وصول الشحنات والتكلفة

"نظريا وعمليا" 

في غضون ذلك، وكما هو الحال بالنسبة لتركيا والإمارات، لم تبد إيران أي موقف جديد من المشروع الذي تتداول تفاصيل وسائل الإعلام. 

لكن، وفي ديسمبر 2021، كانت وكالة "مهر" الإيرانية قد نشرت تقريرا لافتا، قبيل زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، إلى العاصمة طهران، واعتبرت أنه "ناقش هذه المسألة".

ونقلت الوكالة عن محمد جواد هداياتي، مدير عام مكتب العبور والشحن التابع لمنظمة الطرق والمواصلات، تأكيده على "إطلاق ممر عبور جديد من إيران إلى الإمارات وتركيا"، بقوله: "قبل نحو شهر (أكتوبر)، أجرينا تجربة عبور تجريبي من الإمارات إلى تركيا، ووصلت شاحنة من الإمارات إلى إيران على متن سفينة وتوجهت إلى تركيا من حدود بازركان".

وأشار المسؤول إلى أن "الجانب الإماراتي أجرى هذا الاختبار لعبور الأراضي الإيرانية للتحقق مما إذا كان العبور عبر الأراضي الإيرانية اقتصاديا أم لا، خاصة وأن الشحن البحري زاد مرتين إلى ثلاث مرات".

من جهته، يقول أستاذ العلاقات الدولية، علي باكير: "في ظل الدور الجدلي الإيراني في المنطقة من الصعب جدا أن يتم التعويل على مثل هذا الخط. على الأقل في الظروف الحالية".

ويضيف "مستقبلا إذا تغيرت الظروف في إيران بشكل أفضل يمكن أن تكون له أهمية بشكل كبير".

ويوضح باكير أن "إيران غير مستقرة وسياستها غير إيجابية عندما يتعلق الأمر بموضوع التجارة بين دول المنطقة. لديها الكثير من المشاكل".

ومن الناحية النظرية، اعتبر باكير أن "مشروع الممر البري ممتاز، لكنه يعتمد بشكل كبير على السياسات الإيرانية في المنطقة، وليس فقط على السياسات الإماراتية والتركية".

ويرى أن "الجانب الإيراني له مصلحة لتعزيز هذه التجارة، لكن في نهاية المطاف إيران دولة نفطية ولا تعول كثيرا على ذلك، وإن كانت تسعى لتعزيز موقعها الإقليمي تجاريا في مثل هذه المشاريع".

وأكد أستاذ العلاقات الدولية فكرته بأن "الممر البري ممتاز نظريا، حيث يخفف من التكلفة والوقت لتبادل البضائع ويعزز من الشراكات الإقليمية وله انعكاسات، بينما مشكلته أنه يرتبط بسياسات الجانب الإيراني. هي غير مستقرة وفي غالبيتها خطيرة فيما يتعلق بأمن المنطقة". 

دبي شهدت هطول أمطار غزيرة
دبي شهدت هطول أمطار غزيرة

قالت وزارة الصحة الإماراتية في بيان، إن "عددا محدودا" من الأشخاص بدت عليهم أعراض مرتبطة بتلوث المياه، بعد السيول التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة.

ولم يذكر البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (وام) في ساعة متأخرة الأربعاء، عدد المصابين أو يحدد ما يتلقون علاجا له.

وجاء في بيان الوزارة أن هناك "عددا محدودا جدا من الحالات التي بدت عليها بعض أعراض تأثرها بالمياه المختلطة، وتم تقديم العلاج اللازم لها والتأكد من سلامتها وخروجها من المستشفى".

ولم يذكر البيان المواد التي تلوثت بها المياه.

وتعرضت الإمارات لسيول قياسية في 16 أبريل، مما أدى إلى تعطل الحياة بعدد من المناطق. وغمرت المياه الغزيرة أحياء في دبي ومدن شمالية ومناطق أخرى. ولقي 4 أشخاص حتفهم، وفق رويترز.