واشنطن ترى أن امتلاك تركيا منظومة إس 400 الروسية يشكل خطرا أمنيا على أنظمة حلف شمال الأطلسي
واشنطن ترى أن امتلاك تركيا منظومة إس 400 الروسية يشكل خطرا أمنيا على أنظمة حلف شمال الأطلسي

تدخل العلاقة بين واشنطن وأنقرة في مرحلة جديدة بعد العقوبات التي فرضت على الأخيرة بموجب قانون "كاتسا"، واستهدفت قطاع الصناعات الدفاعية ورئيسها، إسماعيل ديمير، في إجراء اتخذه، دونالد ترامب، في آخر أيامه بالبيت الأبيض، وفي ذات الوقت افتتح به السياسة المقبلة التي سيسير عليها خلفه الرئيس المنتخب، جو بايدن. 

السياسة الأميركية المقبلة وحسب ما تفرضه الأيام الحالية، يبدو أنها لن تكون بعيدة من التوتر، والذي مهدت له عدة عوامل مؤخرا، أبرزها الصورة العدائية ضد أنقرة التي كونها بايدن أثناء حملته الانتخابية، وألمح إلى أنه سيسير عليها حال تسلمه مهام الرئاسة، في يناير المقبل.

ووفق رصد أجراه موقع "الحرة" لوسائل الإعلام التركية، فإن الأوساط السياسية وفي الساعات الماضية اصطفت في موقف رافض للعقوبات الأمريكية، سواء المعارضون أو الموالون للحزب الحاكم، من منطلق أن هذا الإجراء الأميركي يهدد "سيادة الدولة التركية"، ويجب ألا يستمر من أجل الحفاظ على العلاقات القائمة بين واشنطن وأنقرة. 

بينما كان هناك نبرة ملامة وتوّعد في آن واحد من جانب المسؤولين الأتراك، ووفق بيان للخارجية التركية فقد أدانت القرار، وأشارت إلى أن أنقرة ستتخذ الإجراءات اللازمة ضد العقوبات التي لا مفر من تأثيرها سلبا على العلاقات بين البلدين.

هل كانت أنقرة مستعدة لها؟ 

لم يكن قرار فرض العقوبات الأميركية على أنقرة مفاجئا، بل كانت الأخيرة قد تنبهت إليه في الأيام الماضية، وأطلقت عدة تصريحات على لسان مسؤوليها، بأنه وفي حال فرضها، فن تلك العقوبات ستلعب دورا في تأزيم العلاقة بين الجانبين.

ويرى مراقبون أن العقوبات الأميركية التي طالت قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا، لم تكن جديدة بل كانت مفروضة بشكل ضمني من جانب إدارة ترامب، ليتم في الوقت الحالي اعتمادها بصفة الرسمية، كبداية أولى للسياسة التي سيسير عليها الديمقراطيون بعد تسلم بايدن مقاليد الحكم. 

الباحث في الشؤون التركية، الدكتور باسل الحاج جاسم، يقول إنه "بعد إبرام أنقرة صفقة إس 400 الروسية، وتجريب هذه المنظومة، كان من السذاجة الاعتقاد بأنه لن تكون هناك عقوبات أميركية".

ويتابع الباحث في تصريحات لـ "موقع الحرة" بأن "السؤال المفترض في هذه الحالة، هل تركيا مستعدة للخطوة الأميركية هذه؟، التي هي أبعد من مجرد قضية تتعلق بالاستحواذ على المنظومة الدفاعية الروسية؟"

ويشير الحاج جاسم إلى أن "هناك دولا أخرى في الناتو سبق واشترت منظومة دفاعية روسية إس 300"، معتبرا أن "واشنطن هي التي وضعت حليفتها تركيا في هذا الموقع، بعدم تزويدها بمنظومة دفاعية جوية، ما دفع أنقرة للبحث عن البدائل".

وتقول واشنطن إن استخدام أنظمة "إس 400" قد يعرض الأنظمة الدفاعية في حلف الأطلسي (الناتو) للخطر، بينما تقول أنقرة إنه لن يتم دمج المنظومة في أنظمة الحلف، ولن تشكل أي تهديد.

واعتبر المحلل السياسي التركي، مهند حافظ، أن تركيا في سياستها الخارجية لديها حسابات متعددة، ومن ضمنها فرض عقوبات عليها، وهو ما أكده إردوغان سابقا بالقول: "منذ عقود من الزمن وسيف العقوبات يُشهر في وجهنا ولكننا نكمل طريقنا".

ويشير الحافظ في تصريحات لـ "موقع الحرة" إلى أن "أسلوب العقوبات لا يجدي نفعا مع تركيا، والصحيح هو الحوار المباشر معها. أنقرة ترد على هذه التحركات الغربية عموما بتجديد الدعوة للتنسيق والحوار وبالمزيد من الإسراع في الاعتماد على نفسها في الصناعات العسكرية".

ما خيارات أنقرة الحالية؟ 

تعود صفقة شراء "إس 400" بين أنقرة وروسيا إلى عام 2017، وكانت مؤسسة الدفاع التركية قد بدأت استلام أول 4 بطاريات من منظومة الدفاع الروسية بقيمة 2.5 مليار دولار في يوليو 2019. 

وحاليا وبعد أن باتت العقوبات أمرا واقعا مفروضا على أنقرة، تتجه الأنظار إلى الأوراق التي ستستخدمها، وإلى الخيارات أمامها في المرحلة المقبلة، والتي ستكون صعبة وحساسة حسب محللين، خاصة أن ما تشهده العلاقة بين أمريكا وتركيا في الوقت الحالي يوازيه توتر أوروبي- تركي أيضا، كانت آخر آثاراه العقوبات الفردية التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي على شخصيات تركية. 

ويرى الحاج جاسم أن العقوبات ستؤثر على علاقات أنقرة مع الإدارة الأميركية القادمة، معتبرا أن "جوهر وجذور المشكلة بين واشنطن وأنقرة بدأت من سوريا، بعد تجاهل إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لمصالح تركيا الدولة الحليفة الاستراتيجية لواشنطن".

ويوضح الباحث قوله: "ستكون هناك بداية معقدة في التعامل بين أنقرة وإدارة بايدن، والتي ستبدأ مع إرث ثقيل، ولاسيما إذا أرادت تركيا الرد على هذه العقوبات بالابتعاد عن خطط واشنطن في سوريا"، خاصة أن مبعوث واشنطن السابق إلى سوريا، جيمس جيفري، قال منذ أيام إنه "بفضل تركيا تمكنت بلاده من تحقيق الكثير من الأهداف هناك".

أما المحلل التركي، مهند الحافظ، فيرى أن أحد الخيارات الواردة لدى أنقرة هو المزيد من الاتفاقيات العسكرية مع روسيا كطلب شراء طائرات "سوخوي 35"، وإن كان هذا في الوقت الحالي مجرد خيار غير مفعّل ريثما تتبين سياسة بايدن الخارجية عموما، وإزاء تركيا خصوصا.

ويشير الحافظ إلى أن "تركيا الآن تتريث حتى تتوضح معالم التحركات الأمريكية، وعليه سوف تتخذ تحركات تساهم في الدفاع عن حقوقها ومصالحها".

هل سيكون هناك أثر على الصناعات الدفاعية؟

وتشمل العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية إدارة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها، إسماعيل ديمير، وثلاثة مسؤولين فيها، كما تحظر جميع تراخيص التصدير الأميركية، وتجميد الأصول، ووضع قيود على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة للمسؤولين عن الهيئة التركية المذكورة.

ووفق مراقبين، فإن أهمية العقوبات ورمزيتها تأتي من أنها فرضت من طرف في حلف "الناتو" ضد طرف آخر ضمن الحلف، ورغم أن العقوبات بموجب "كاتسا" تستهدف "خصوم أمريكا"، إلا أن العلاقة بين واشنطن وأنقرة لم تصل إلى حد "الخصومة" حتى الآن. 

الخبير العسكري الأردني، اللواء فايز الدويري، يقول في تصريحات لـ "موقع الحرة" إنه "لا شك أن فرض عقوبات من قبل أميركا على أي دولة في العالم سيلحق بها الضرر، وهذا يعتمد على نوع العقوبات ومدى اتساع قاعدتها".

ويضيف الدويري أنه "إذا ما نظرنا للعقوبات الأميركية على إيران فإنها شملت كل مجالات الحياة من قطاع عسكري واقتصادي وغيرها، لكن في الحالة التركية فرضت على إدارة الصناعات الدفاعية، بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا، وفرضت تجميد أصول إسماعيل ديمير".

ويرى الخبير العسكري أن تجميد أصول إسماعيل ديمير "ليس بالأمر الهام، وتأثر الصناعات الدفاعية التركية سيكون منوط بحجم اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية".

وتُعتبر الطائرات المسيرة رائدة الصناعات التركية، ويتابع الدويري: "لذلك سيكون التأثير محدود كونها صناعة تركية خالصة".

رسالة إلى موسكو 

في سياق ما سبق وبوجهة نظر الباحث في الشؤون التركية، باسل الحاج جاسم، فالعقوبات الأميركية على أنقرة "سيكون لها تأثير مع أنها ليست ثقيلة".

ويقول الباحث: "رمزيتها سيكون لها تأثير أيضا في عرقلة المشاريع التي بدأت تبرز تركيا فيها، لاسيما الطائرات بدون طيار وغيرها، والتي أثبتت نجاحها فيها خلال فترة قياسية في أكثر من ساحة حرب من سوريا إلى ليبيا إلى ناغورنو قره باغ".

وهناك أهداف أميركية أخرى من وراء فرض العقوبات، بحسب المحلل السياسي التركي، مهند الحافظ، مشيرا إلى أن "القرار يهدف إلى إرسال رسالة لكل الأطراف الدولية بأن واشنطن هي عاصمة القرار، ومن ضمن هذه الأطراف موسكو".

ووصف الحافظ العقوبات بأنها "رسائل تمهيدية لمحاولة بايدن وفريقه إعادة الوضع السياسي الأميركي على ما كان عليه قبل عهد ترامب"، مشيرا "في مؤسسات الولايات المتحدة هناك قناعة أن فترة ترامب هي جملة اعتراضية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، ويجب القفز عنها وإكمال المنهج في قيادة الكوكب".

وكانت موسكو أول طرف يدين العقوبات الأميركية على تركيا بعد فرضها، وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف: "إنه دليل جديد على الموقف المتكبر إزاء القانون الدولي، والإجراءات غير الشرعية والأحادية التي تستخدمها الولايات المتحدة ومنذ وقت طويل، على اليسار وعلى اليمين".

مراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية وحلفائه للانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول
مراد قوروم مرشح حزب العدالة والتنمية وحلفائه للانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول

بين انتخابات محلية وأخرى في تركيا دائما ما تتردد أصداء عبارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الشهيرة التي قال فيها: "من يسيطر على مدينة إسطنبول يمكنه أيضا حكم البلاد بأكملها في الانتخابات العامة".

من خلال هذه العبارة أعطى الرئيس التركي قبل سنوات بعدا سياسيا للمنافسة الانتخابية المحلية في البلاد، والخاصة بإسطنبول على وجه التحديد.

ورغم أن الصبغة التي فرضها على مشهد الاستحقاق الداخلي كان لها الوقع الأكبر وربما "الاستثنائي" تبرز عدة عوامل أخرى حسبما يوضح خبراء ومراقبون لموقع "الحرة"، بينما يقولون إن آثارها ما تزال قائمة حتى الآن.

في الحادي والثلاثين من مارس الحالي ستشهد تركيا انتخابات محلية يشارك فيها 34 حزبا، وعلى خلاف سابقتها التي حصلت في 2019 لا تلوح في أفقها حتى الآن معالم أي تحالفات، ولا سيما لدى ضفة أحزاب المعارضة.

الانتخابات المحلية تأتي بعد 10 أشهر من فوز إردوغان بالانتخابات الرئاسية، وحصول حزبه الحاكم "العدالة والتنمية" على الأغلبية في البرلمان، بعدما تحالف مع "حزب الحركة القومية" وأحزاب صغيرة أخرى.

ومن المتوقع أن تحدد نتائجها مصير سياسيين معارضين، من بينهم عمدة إسطنبول الحالي، أكرم إمام أوغلو.

وستكون مهمة أيضا على صعيد استمرارية المعارضة ككل في البلاد أو لجهة تعزيز وجود الحكومة وجذور الحزب الحاكم (العدالة والتنمية).

كيف تبدو المنافسة؟

تستهدف الانتخابات جميع الولايات التركية، ومن المقرر أن يشارك فيها ما مجموعه 61 مليونا و441 ألفا و882 ناخبا مسجلين لدى "الهيئة العليا للانتخابات" (YSK).

ومع ذلك تأخذ حيز اهتمام وتركيز كبير في المدن الثلاث الكبرى، وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير. 

في هذه المدن دائما ما يسود الترقب وتحبس الأنفاس بشأن النتائج الخاصة بها بعد عمليات فتح وفرز الأصوات.

ورغم وجود عدة مرشحين الآن تشير المعطيات إلى أن المنافسة ستكون محتدمة على نحو أكبر بين مرشحي "تحالف الجمهور" وأولئك الذين اختارهم "حزب  الشعب الجمهوري".

يضم "تحالف الجمهور" حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحليفه "حزب الحركة القومية"، ومرشحهما عن مدينة إسطنبول، مراد قوروم وفي أنقرة تورغوت ألتينوك وحمزة داغ في إزمير.

وفي المقابل يقود دفّة "الشعب الجمهوري" أكبر أحزاب المعارضة في إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وفي أنقرة منصور يافاش وجميل توغاي في إزمير.

يوضح الدكتور سمير صالحة، وهو كاتب وباحث تركي، أن "الانتخابات المحلية في تركيا دائما ما تجري تحت تحت تأثير أكثر من عامل سياسي وحزبي واقتصادي وأمني".

ويقول لموقع "الحرة": "لم نر انتخابات منذ 1930 دون أن نشهد مثل هذا التشابك بين العوامل المذكورة أعلاه".

وحتى لو كان موضوع النقاش الأساسي هو البنى التحتية والكهرباء والمياه والمواصلات دائما ما تتطغى النقاشات السياسية في كثير من الأحيان، وخاصة خلال الحملات الانتخابية، وفق حديث صالحة.

يحاول الرئيس إردوغان وحزبه الحاكم في هذه الانتخابات استعادة إرث "العدالة والتنمية" في إسطنبول، بعدما فقدوه قبل 4 سنوات، عندما انتزع إمام أوغلو كرسي رئاسة البلدية في 2019.

ومع أنهم يركزون اهتمامهم أيضا على أنقرة، تبدو الأنظار موجهة بقدر كبير على إسطنبول ومرشحها مراد قوروم، القادم من وزارة البيئة والتحضر العمراني.

من جانب المعارضة وبالتحديد "الشعب الجمهوري" تعتبر هذه الانتخابات الأولى التي يخوضها بعد الخسارة التي مني بها رئاسيا وبرلمانيا، في مايو 2023.

الحزب المذكور الآن بزعيم جديد هو أوزغور أوزيل، والذي خلف كليتشدار أوغلو بعد هزيمته أمام إردوغان.

ويحاول "الشعب الجمهوري" تثبيت أقدام إمام أوغلو من جديد في إسطنبول ومنصور يافاش في أنقرة، مع غياب أي ملامح لما ستكون عليه النتائج في يوم 31 من مارس.

"تختلف هذه المرة"

الدكتور صالحة يشير إلى أن الانتخابات الحالية تبدو مختلفة عن أجواء وحيثيات الانتخابات السابقة، ويقول إن هناك عوامل جديدة دخلت على الخط، مثل موضوع التحالفات الحزبية.

"تحالف الجمهور" الذي يضم "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" مازال على ذات حالة التنسيق التي كان عليها، وفق الكاتب وهو أستاذ في العلاقات الدولية أيضا.

ويضيف المقابل أن "الطاولة السداسية التي شكلتها المعارضة قبل قرابة العام تفككت، وحتى أن أطرافها دخلوا بسجالات حزبية معقدة"، وأن ذلك قد يمنح الكثير من الفرص لمرشحي "تحالف الجمهور".

ومع ذلك يرى الباحث أن "هناك تنسيقا غير معلن بين حزب ديم الكردي (الشعوب الديمقراطي سابقا) وحزب الشعب".

ويتابع أن "تأثير ذلك قد نراه في المدن الكبرى في إسطنبول وإزمير وأنقرة ومرسين وأضنة التي يلعب فيها الصوت الكردي دورا".

ويشرح الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن الشخصية المرشحة دائما ما تكون بارزة على نحو أكبر في الانتخابات المحلية وعند قياسها بالحزب ككل.

مثال على ما سبق يطرحه جوناي، بقوله إن "رئيس بلدية أنطاكيا الحالي عن حزب الشعب الجمهوري لطفي سافاش كان قبل دورتين ضمن صفوف العدالة والتنمية".

ويتابع في حديثه لموقع "الحرة" أن "هذه الحالة تشير إلى أن الناس وعندما يحبون شخصا لا ينظرون إلى أي حزب ينتمي".

"هناك أشخاص فازت في السابق وترشحت بشكل مستقل"، ويؤكد الباحث على فكرة "التأثير الخاص بالشخصيات المرشحة"، وأن ذلك قد نراه في الاستحقاق المقبل.

"صراع شخصي في إسطنبول"

وستبدأ عملية الاقتراع صباح يوم 31 من مارس، وسيكون اليوم الأول من أبريل تاريخا جديدا على صعيد بلديات المقاطعات، خاصة إسطنبول التي دائما ما ينظر إليها بعين الأهمية، إلى جانب أنقرة العاصمة السياسية لتركيا.

في الانتخابات المحلية لعام 2019، كان أحد أكثر الأمور التي تم الحديث عنها بعد انتخاب أكرم إمام أوغلو عمدة بلدية إسطنبول هو ما إذا كان سيكون مرشحا للرئاسة وما إذا كان سيفوز إذا كان كذلك.

واستمر الأمر خلال عملية اختيار المرشحين لانتخابات 2023. ومع ذلك، عندما كان المرشح الرئاسي كمال كيليتشدار أوغلو، لم يكن من الممكن اختبار الطرح المذكور.

ويقول الخبراء إنه إذا فاز إمام أوغلو مرة أخرى (دون الحاجة إلى تحالف) فإن يده ستكون أقوى بكثير وستحدد الانتخابات مستقبله السياسي، وفي حالة غير ذلك قد يستقر به الحال للانسحاب من المشهد السياسي.

يشير الباحث جوناي إلى أهمية المنافسة في إسطنبول، من زاوية الميزانية المخصصة لها، والتي تفوق ميزانيات مدن كثيرة في القارة الأوروبية.

ويقول إن "الصراع سيكون على التحكم بهذا القدر من المال ومصادر التمويل".

علاوة على ذلك تتمتع إسطنبول بأكبر عدد من السكان، ومن المعروف أنه عندما يكون شخصا ما في منصب رئيس البلدية سيكسب شعبية كبيرة، وفي حال أرضا السكان "سيكون له مستقبل سياسي"، وفق الباحث.

"الصراع الآن شخصي بين إردوغان وبين إمام أوغلو" رغم وجود مراد قوروم كمرشح، حسب جوناي. 

ويوضح أن إردوغان بدأ مشواره السياسي من إسطنبول، وكان أول منصب مهم بالنسبة لديه هو رئيس البلدية، التي بقيت في يد "العدالة والتنمية" طوال 25 عاما.

ولا يريد الآن تكرار الهزيمة في انتخابات 2019.

في المقابل وبالنسبة لإمام أوغلو يضيف جوناي أن حالة فوزه قد تعني أنه "سيحظى بكلمة ودور في إدارة البلاد، وربما سيترشح للرئاسة التركية في المرحلة المقبلة".

"معركة معنوية"

في غضون ذلك يعتقد الباحث وأستاذ العلاقات الدولية صالحة أن "معركة إسطنبول ستكون معنوية لكلا الطرفين"، أي المعارضة والحزب الحاكم.

ويشير إلى أهمية المدينة من منطلق "الموقع الاستراتيجي والسياحة والاستثمارات والموازنة المخصصة"، وأن "كل هذه العوامل تعكس أهمية المدينة الكبيرة، دون أن يشمل ذلك المسألة المعنوية".

صالحة يتوقع أن نرى في الانتخابات المحلية المقبلة ذات السيناريو الذي شهدناه في مايو الماضي، من زاوية "خلط الأوراق على مستوى الأحزاب والتحالفات".

ويقول إن "شكل النتائج قد يقرر ما يدور الحديث عنه بشأن الانتخابات المبكرة بعد 3 سنوات، ونية الرئيس التركي إردوغان الترشح لولاية رئاسية ثالثة".

وقد تكشف النتائج أيضا عن "مفاجأة" تتعلق بحصة حزب "الرفاه من جديد" الذي يتزعمه فاتح إربكان، والذي لم يتحالف مع "العدالة والتنمية" في هذه الانتخابات، وقرر خوضها منفردا. 

وكان الحزب المذكور قد حصل على 2.8 بالمئة من مجموع الأصوات في الانتخابات الماضية.

ويعتقد صالحة أن قراره المنفرد "يقلق قيادات حزب العدالة والتنمية في بعض المدن الحساسة"، ويلفت من جانب آخر إلى الصوت الكردي وما إذا كان سيلعب دورا كما في الانتخابات الماضية، لتعديل كفة مرشحي "الشعب الجمهوري".