العلماء يتوقعون تفشي أمراض أسوأ من "كورونا"
العلماء يتوقعون تفشي أمراض أسوأ من "كورونا"

شهد العالم خلال العقدين الأخيرين تفشي العديد من الأوبئة، التي أودت بحياة آلاف الأشخاص، كان أخطرها السارس وإنفلونزا الخنازير وإنفلونزا الطيور، وكورونا. ومع نهاية كل وباء، يتساءل الناس.. هل سيظهر وباء آخر يهدد حياتهم؟

أما العلماء فيتوقعون ظهور المزيد من الأوبئة، ويحذرون منها.

ودائما ما تكون الحيوانات مصدر هذه الأوبئة، فمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (السارس) التي انتشرت في الصين منذ 17 عامًا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، وفيروس "كورونا" الحالي، نشأت في الحيوانات قبل أن تنتقل إلى البشر.

ولم يؤكد الخبراء بعد الحيوان الذي نشأ فيه هذا الفيروس، لكن هناك إشارات إلى أنه الخفاش، وفقاً لبعض الباحثين.

فيروس كورونا

ومنذ 31 ديسمبر الماضي، قتل الفيروس التاجي الجديد أكثر من 170 شخصًا وأصاب أكثر من سبعة آلاف آخرين.

وفي مقالة افتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز يوم الإثنين، ذكر الكاتب العلمي ديفيد كوامن، أن تجارة الحياة البرية في آسيا وإفريقيا والولايات المتحدة، وخاصة النوع الذي يحدث في الأسواق الكثيفة التي تباع فيها الحيوانات الميتة في حجم صغير الفضاء، مسؤولة جزئيا عن الوباء الحالي.

وأضاف كوامن، أنه في حالة ووهان، يعتقد بعض الخبراء أن فيروس كورونا انتقل من الخفافيش إلى الثعابين في البرية، ثم من الثعابين إلى الناس في السوق الرطب، كما ظهر مرض السارس، وH7N9، وH5N9 بين الطيور في الأسواق الرطبة.

وقال "عندما ننتهي من القلق بشأن هذا الوباء، سنقلق بشأن الأوبئة التالية"، ففي القرن الماضي، انتقل ما لا يقل عن 10 أمراض معدية من الحيوانات إلى البشر.

جمعية حماية الحياة البرية، قالت من جانبها في بيان الأسبوع الماضي، إن "أسواق الحيوانات الحية التي تخضع لسوء التنظيم والمختلطة بالتجارة غير المشروعة لحيوانات برية توفر فرصة فريدة للفيروسات لتنتقل من الحيوانات إلى البشر".

أما عن سبب نشأة هذه الأمراض في الشرق الأقصى وتحديداً الصين، فقال أدريان هيزلر، كبير المسؤولين الطبيين في شركة Healix International، إنه ناجم عن الاتصال الوثيق بالحيوانات الحية والكثافة السكانية هناك.

الوباء القادم

وقال إريك تونر، العالم البارز في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، لصحيفة بيزنس إنسايدر "ستستمر الأمراض المعدية في الظهور والعودة للظهور، وأعتقد أنها جزء من العالم الذي نعيش فيه الآن"، وأضاف "نحن في عصر الأوبئة بسبب العولمة، بسبب التعدي على البيئات البرية، ويمكن أن تتفشى العديد من الأمراض في المستقبل".

أما عن مصدر الوباء القادم، فقال بارت هاجمانس، عالم الفيروسات في مركز إيراسموس الطبي في هولندا، إن "الخفافيش والطيور تعد من الأنواع المستأجرة للفيروسات التي لها إمكانية نشر الأوبئة، نظرًا لأن الناس يفتقرون إلى المناعة ضد فيروسات الشرايين التي تنتشر في أحشائها".

وتوقعت دراسة نشرت في مارس أن الخفافيش قد تكون مصدر تفشي فيروس كورونا جديد في المستقبل، وأن هناك احتمالا متزايدا بأن يحدث ذلك في الصين أيضاً، وأن يكون أسوأ من فيروس "كورونا" الحالي".

العالم غير مستعد للوباء القادم

دائما ما يحذر خبراء الصحة من أن العالم ليس مستعدًا لوباء مميت.

وكتب بيل غيتس في عام 2017 أنه يعتبر الوباء القاتل أحد أكبر ثلاثة تهديدات في العالم، بجانب تغير المناخ والحرب النووية، وقال "على العالم أن يستعد للأوبئة بنفس الطريقة الخطيرة التي يستعد بها للحرب".

ولا يوجد علاج لفيروس كورونا الجديد أو السارس أو MERS.

بدوره، قال مايك ريان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية يوم الأربعاء "لا يوجد علاج معترف به ضد هذه الفيروسات"، وأضاف أن أفضل شيء يمكن أن تفعله المستشفيات هو "تقديم الدعم الكافي للرعاية للمرضى، خاصة فيما يتعلق بالدعم التنفسي".

شركات تستخدم علم البصريات الوراثي في إعادة الرؤية لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي. (أرشيفية-تعبيرية)
شركات تستخدم علم البصريات الوراثي في إعادة الرؤية لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي. (أرشيفية-تعبيرية)

تناولت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها تطورا تكنولوجيا وطبيا هائلا يرتبط بعلم البصريات الوراثي والذي أصبح يُمكن البشر من استعادة البصر وتحديدا لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.

وذكرت الصحيفة أن التهاب الشبكية الصباغي هو مرض خلقي يصيب واحدًا من كل 5000 شخص، أي أكثر من مليوني شخص في جميع أنحاء العالم. ويولد معظم الأشخاص المصابين بهذه الحالة وبصرهم سليم، وبمرور الوقت، يفقدون الرؤية المحيطية أولاً، ثم الرؤية المركزية، وأخيرًا، بصرهم، وأحيانًا في وقت مبكر من منتصف العمر.

لكن الحلول للتغلب على هذا المرض أصبحت في متناول اليد، إذ صممت شركة "ساينس"  Science، وهي شركة ناشئة في ألاميدا بولاية كاليفورنيا، عضوا اصطناعيا بصريا يسمى Science Eye  "ساينس آي" يمكنه استعادة الرؤية، وإن كان بشكل محدود، لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.

شارك ماكس هوداك، الرئيس التنفيذي للشركة، في تأسيس الشركة الناشئة "ساينس"  بعد فترة قضاها في شركة Neuralink "نيورالينك" التابعة لإيلون ماسك. وتقوم شركات أخرى، مثل شركة التكنولوجيا الحيوية GenSight Biologics ومقرها باريس، وشركة Bionic Sight  في نيويورك، بتجربة المزيد من الطرق لاستعادة البصر.

ووفقا للصحيفة، يعتمد جميعهم في عملهم على أداة بحثية في علم الأعصاب تسمى علم البصريات الوراثي، وهو شكل من أشكال العلاج الجيني الذي يوفر بروتينات تسمى الأوبسينات عن طريق الحقن في العين لتعزيز حساسية الخلايا للضوء في شبكية العين، وهي طبقة الأنسجة الموجودة في الجزء الخلفي من مقلة العين.

ونقلت الصحيفة عن أناند سواروب، وهو باحث كبير في المعهد الوطني للعيون في بيثيسدا بولاية ماريلاند، والذي عمل على تنكس الشبكية الوراثي لما يقرب من أربعة عقود، قوله إنه "من المؤكد أن العلاج البصري الوراثي لاستعادة الرؤية يبشر بالخير، لكن لا يزال هناك مجال للتحسين".

وقال سواروب: "على الأقل في هذه المرحلة، يبدو الأمر جيدًا جدًا في الحالات التي يكون فيها الشخص أعمى تمامًا، إذ يجب سيكون قادرًا على إيجاد طريقه ولن يصطدم بالأشياء، وهو أمر رائع. لكنه لن يتمكن من التمييز بين العديد من الأشياء المختلفة".

وشرحت الصحيفة كيفية عمل علم البصريات الوراثي، موضحة أنه في الرؤية الطبيعية، يدخل الضوء إلى العين من خلال العدسة ويشكل صورة على شبكية العين. تتكون شبكية العين نفسها من عدة أنواع مختلفة من الخلايا، وخاصة المستقبلات الضوئية.

ووفقا للصحيفة، فإن المستقبلات الضوئية هي خلايا حساسة للضوء على شكل قضبان ومخاريط تحتوي على الأوبسينات. وعادة، تقوم المستقبلات الضوئية بتحويل الضوء إلى إشارات كهربائية تنتقل إلى الخلايا العقدية في شبكية العين، والتي بدورها تنقل تلك الإشارات الكهربائية عبر العصب البصري إلى الدماغ. وهذه هي الطريقة التي تقرأ بها الكلمات الموجودة في هذه الصفحة الآن.

وذكرت الصحيفة أنه في التهاب الشبكية الصباغي، تتحلل العصي والمخاريط الموجودة في المستقبلات الضوئية وتموت في النهاية. أولاً، تذهب الرؤية المحيطية، ويطور الناس رؤية نفقية، أي أن عليهم أن يديروا رؤوسهم بالكامل فقط لرؤية العالم من حولهم. ويحتاج العديد من الأشخاص الذين يعانون من الرؤية النفقية إلى عصا للمساعدة في التنقل حول العالم (وتجنب الاصطدام بالأشياء، مثل الأثاث). ويتبع ذلك العمى بعد فترة ليست طويلة. ومع ذلك، فإن انهيار المستقبلات الضوئية لا يقلل من قدرة الدماغ على معالجة الإشارات الكهربائية، والأهم من ذلك، أن الخلايا العقدية تظل سليمة.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن علم البصريات الوراثي يسعى إلى التحايل على تصميم الرقصات المعتاد عن طريق توصيل بروتينات الأوبسين مباشرة إلى الخلايا العقدية، ما يعني أنه يمكن تحفيزها بالضوء لإرسال إشارات إلى الدماغ.

ويحتوي الطرف الاصطناعي البصري Science Eye  "ساينس آي" على عنصرين، بحسب ما ذكرت الصحيفة. الأول عبارة عن عملية زرع مكونة من ملف طاقة لاسلكي ومجموعة من مصابيح LED الدقيقة المرنة للغاية والتي يتم تطبيقها مباشرة على شبكية العين، وهي عملية جراحية أكثر شمولاً مقارنة بإجراءات العين الأخرى مثل إصلاح إعتام عدسة العين. وفقًا لهوداك، فإن المصفوفة، التي يتم اختبار النماذج الأولية منها على الأرانب، توفر دقة تبلغ ثمانية أضعاف دقة شاشة "آيفون".

أما العنصر الثاني، وفقا للصحيفة، هو زوج من النظارات بدون إطار، تشبه في الحجم والشكل النظارات الطبية العادية، والتي تحتوي على كاميرات مصغرة تعمل بالأشعة تحت الحمراء وملفات طاقة حثية.

وبشكل عام ذكرت الصحيفة أن العملية تتكون من ثلاث خطوات، الخطوة الأولى تضم حقن الأوبسينات في الخلايا العقدية للعين، والخطوة الثانية تشمل بتثبيت الزرع، أما الخطوة الثالثة، فتتعلق بالنظارات التي تعمل على تنشيط الخلايا العقدية المعدلة عن طريق توصيل المعلومات لاسلكيًا من العالم المرئي؛ وبدورها، تنقل الخلايا العقدية الجديدة الحساسة للضوء تلك المعلومات عبر العصب البصري إلى الدماغ.