آلاف السودانيين يسعون لعبور الحدود سواء مع مصر أو تشاد أو جنوب السودان
آلاف السودانيين يسعون لعبور الحدود سواء مع مصر أو تشاد أو جنوب السودان

أعلن مسؤول دبلوماسي سوداني تراجع وتيرة النزوح إلى مصر مقارنة بالأيام الماضية، مؤكدا أن عدد اللاجئين الذين دخلوا مصر تجاوزوا الـ40 ألف مواطن، بينهم عدد من الأجانب.

وقال القنصل العام السوداني في أسوان، عبد القادر عبد الله، في مقابلة مع "الحرة" إنه تم "تحويل عدد كبير من النازحين للعبور إلى مصر عبر منفذ قسطل، المعروف في الجانب السوداني باسم أشكيت، لتخفيف التكدس الذي شهده معبر أرقين خلال الأيام الماضية".

وأضاف عبد الله: "كان هناك تكدس كبير قبل خمسة أيام في معبر أرقين، حيث كانت الأعداد كبيرة جدا، لكنهم بالنهاية عبروا جميعا".

وتابع عبد الله أن "السلطات السودانية ومن أجل تخفيف الزحام عن هذا المعبر، أرسلت حافلات تقل نازحين إلى معبر حلفا، مما تسبب في تكدس أعداد كبيرة منهم هناك، بانتظار العبور لمصر".

وأكد المسؤول السوداني أن "مدينة حلفا بالأساس صغيرة، وفيها فنادق قليلة، لكن السلطات هناك فتحت المدارس والمراكز والأندية لإيواء النازحين".

وأشار إلى أنه "فقط الذين يحتاجون تأشيرة دخول يقصدون معبر حلفا، بالتالي التأخير الحاصل هو نتيجة انتظار التأشيرات".

وبين أن "السوداني الذي يحمل جواز سفر منتهي الصلاحية، يتم تمديد صلاحيته في المعابر، أما الذين لا يحملون أي مستند رسمي فهناك صعوبة بالغة في السماح لهم بالدخول، إلا في حالات ومن خلال توجيهات عالية تقديرا للظروف الإنسانية".

القنصل السوداني أكد أيضا أن "الأطفال، ولغاية عمر خمس سنوات، يمكن إضافتهم إلى جواز أحد الوالدين، من أجل أن تعبر الأسرة بأكملها لمصر".

وتابع كذلك أنه "لا يمكن لأحد الدخول من دون تأشيرة، ومع ذلك حسب الاتفاقات بين مصر والسودان فإن جميع النساء من أي عمر لا يحتاجون لتأشيرة، وكذلك الرجال حتى عمر 16 سنة، وأيضا من هم فوق سن الـ 50".

"فقط الذكور من عمر 16 إلى 49 عاما يحتاجون لتأشيرة دخول، مما يؤدي إلى تأخير عبورهم وبالتالي تأخر عائلاتهم التي ترغب بالعبور بأكملها".

وبالنسبة للأجانب الذين لا يمتلكون أوراقا ويريدون العبور لمصر، قال عبد الله إن "سفاراتهم في القاهرة يجب أن تصدر لهم وثائق سفر طارئة وجلبها لهم".

وأكد أن "95 في المئة من الفارين من السودان كانت وجهتهم إلى القاهرة"، مبينا أن "هناك أسر تنتظر تحسن الأوضاع حتى ترجع للسودان، وهناك من لديها وجهات لدول أخرى".

السفير عبدالله أشار إلى أن "النازحين يصلون لوجهاتهم في مصر دون قيود". وكذلك لفت إلى أن "السلطات المصرية أرسلت كوادر إضافية لدعم المعابر التي تشهد اكتظاظا مما ساعد في زيادة طاقتها وتسريع الحركة".

وقال إن "الإحصاءات المصرية تشير إلى أن الذين دخلوا من السودان بلغ عددهم 40 ألفا لغاية يوم الاثنين، من كل الجنسيات بما في السودانية".

ويحاول آلاف السودانيين الخروج من البلاد، والعديد منهم يسعى لعبور الحدود سواء مع مصر أو تشاد أو جنوب السودان. وحذرت الأمم المتحدة الاثنين من أن 800 ألف قد ينزحون في النهاية، بمن فيهم لاجئون يعيشون في السودان بشكل مؤقت.

ونفذت دول أجنبية عملياتها الخاصة لإجلاء مواطنيها، سواء من خلال جسر جوي من خارج العاصمة، أو عبر قوافل برية إلى بورتسودان، حيث نقلتهم سفن إلى الخارج.

وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن الاشتباكات في السودان، التي دخلت أسبوعها الثالث بين قوات الجيش والدعم السريع، قد تسبب في أزمة إنسانية.
 

الحرب في السودان

تتفاقم آثار الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء السودان، دون أن تظهر أي علامات على إمكانية تراجعها، جراء الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو عامين.

لا يزال آلاف السودانيين يُقتلون ويُجوعون ويُغتصبون بوتيرة يومية، ويجبر العنف ملايين الأشخاص على ترك منازلهم والنزوح داخليا أو عبر الحدود إلى الدول المجاورة. 

تسبب  الصراع بـ"أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم" وفق توصيف الأمم المتحدة، إذ تصدر السودان دول العالم في عدد النازحين داخليا بسبب الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، شبه الحكومية.

وتجاوز عدد النازحين قسرا داخل البلاد 9 ملايين شخص، بالإضافة إلى أكثر من 3.8 مليون لاجئ إلى الدول المجاورة، ما يعني أن نحو 13 مليون شخص قد فروا من العنف خلال العامين الماضيين، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتحذر منظمات دولية، بينها اليونيسيف، من أن الموت يشكل "تهديدا مستمرا" لحياة الأطفال في السودان.

وفي محيط مدينة الفاشر، غربي البلاد، وحدها، يحاصر الموت ما يقرب من 825 ألف طفل، يواجهون قصفا مستمرا ونقصا حادا في أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة.

وحذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة من انتشار حالات الاغتصاب مع استمرار الحرب التي تفجرت بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه الحكومية منذ سنتين في السودان.

وقالت آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب إفريقيا: "بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب".

وشددت على أن "ما خفي كان أعظم، فهناك كثيرات لا يبلغن عن هذه الجرائم خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا، الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب".

وأكد نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، مالك عقار، إن "الحكومة عازمة على تنفيذ كافة الاتفاقيات الخاصة بحماية النساء من العنف الجنسى والقضاء على التمييز، وانفاذ القانون وضمان عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي جرائم العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والأطفال".

وأشار عقار لدى لقائه، في بورتسودان، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات، براميلا باتن، إلى أن "السودان ومنذ الشرارة الأولى أرسل العديد من التقارير المصورة والموثوقة لعدد من الهيئات والمنظمات الدولية والاقليمية ومنظمات حقوق الإنسان، توضح العنف الذي مارسته قوات الدعم السريع في حق النساء والفتيات والأطفال في السودان إلا أن الاستجابة كانت بطيئة مما فاقم الأوضاع لاسيما في المناطق التي كانت تسيطر عليها".

ونفت الدعم السريع في يوليو الماضي عن الانتهاكات التي تقع أثناء الحرب، إنها ستتخذ تدابير وقائية لمنع انتهاكات حقوق الإنسان.

خطر آخر يهدد المدنيين وعمليات الإغاثة يتمثل في الذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب. وحذر رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان، صديق راشد، من أن المناطق التي كانت آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بهذه الأسلحة القاتلة، بما فيها الخرطوم وولاية الجزيرة.

وقد تجسدت هذه المخاوف في حوادث مأساوية، حيث لقي مدنيون، بينهم أطفال ونساء، مصرعهم وأصيب آخرون بسبب انفجار هذه الذخائر.

وناشد صديق راشد الأطراف المتحاربة تجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة، وتسجيل المناطق الملوثة لتسهيل عملية التطهير، ودعا المجتمع الدولي لتقديم الدعم اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وفي خضم هذه الكارثة الإنسانية المتفاقمة، توجه كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي: الناس في وضع يائس.

وقالت: "نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال في السودان الذين وجدوا أنفسهم في هذا الوضع الصعب للغاية في هذه اللحظة الحرجة".

ووجه المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، رسالة إلى العالم حول السودان: "يجب أن يكون مرور عامين على هذا الصراع الوحشي الذي لا معنى له بمثابة جرس إنذار للأطراف لإلقاء أسلحتها وألا يستمر السودان في هذا المسار المدمر".