القصير السورية
ثمان سنوات مرت منذ سيطرة قوات الأسد و"حزب الله" اللبناني على مدينة القصير السورية

ثمان سنوات مرت على سيطرة قوات الأسد و"حزب الله" اللبناني على مدينة القصير السورية، وفيها تحولت إلى مدينة "أشباح" كما يقول سكانها الأصليون، وهم المتوزعون الآن لاجئين ونازحين في عدة مناطق، في مقدمتها عرسال اللبنانية بالإضافة إلى مناطق الشمال السوري، المنقسم بين إدلب وريف حلب.

تعتبر القصير من المدن الكبيرة في محافظة حمص، ويتبع لها أكثر من 80 قرية وبلدة.

وفي يونيو عام 2013 سيطرت عليها قوات الأسد بدعم رئيسي ومباشر من "حزب الله" اللبناني، لتكون أولى المناطق التي تشهد تدخلا خارجيا من قوات أجنبية، عدا عن كونها "الانكسارة الأولى والكبرى" التي تعرضت لها الفصائل العسكرية المعارضة لنظام الأسد عندما كانت تسمى سابقا "فصائل الجيش السوري الحر".

ومنذ عام السيطرة عليها غابت تفاصيل الحياة اليومية في القصير عن الساحة الإعلامية بشكل كامل، ليقتصر ذكرها على ما تورده تقارير إعلامية بين الفترة والأخرى، حيث تكشف ممارسات "حزب الله" فيها من جهة وحرمان الأهالي من العودة إليها من جهة أخرى، لاعتبارات أمنية تتعلق بالأخير أكثر مما تتعلق بنظام الأسد.

في يونيو 2013 سيطرت قوات الأسد على مدينة القيصر بدعم رئيسي ومباشر من "حزب الله" اللبناني

"أبو الوليد" (40 عاما) من أهالي مدينة القصير ويقيم منذ سنوات في منطقة جندر بريف حمص الجنوبي يقول إنه قدم عدة طلبات ووضع اسمه في قوائم العودة إلى المدينة، لكنه لم يتلق الرد حتى الآن.

يضيف أبو الوليد في تصريحات لموقع "الحرة": "أملك أكثر من 400 دونم من الأراضي الزراعية في القصير ولا يصلني منها شيء منذ 8 سنوات. يزرعها ويحصدها شخص من الطائفة الشيعية من قرية الذيابية وقيل لي إنه مقرب جدا من مسؤولي حزب الله اللبناني".

وفي خطوة لافتة، في أكتوبر 2019 كان نظام الأسد قد أعلن عودة 3 دفعات من أهالي مدينة القصير إلى منازلهم، ونشرت حينها وسائل إعلامه الرسمية صورا وتسجيلات مصورة وثقت فيها عملية العودة.

كان "أبو الوليد" الذي فضل عدم ذكر اسمه الصريح من ضمن الأشخاص الذين نقلوا بالباصات إلى القصير قبل عامين تقريبا، ويوضح: "سمح لي بتفقد منزلي لساعات فقط وتقييم الأضرار على الواقع، على أن أعود مجددا لأبدأ عمليات الصيانة ومن ثم العيش فيه، وهو الأمر الذي لم يحصل حتى الآن".

ويشير الأربعيني إلى أن المدينة "مهجورة بالمجمل"، مؤكدا: "قلة فقط سمح لها بالعودة، وهي المحسوبة على بعض المسؤولين في حزب البعث، بينما ما تزال الغالبية العظمى تنتظر. القرار بيد حزب الله وليس بيد حكومة النظام السوري".

"المنازل مدمرة بنسبة 85 بالمئة"

ويقيم حاليا في مدينة القصير ما بين 2000-5000 شخص، من أصل سكانها الـ60 ألفا بحسب الإحصاء الرسمي الصادر عن حكومة نظام الأسد في عام 2011.

وبحسب المصادر التي تحدث إليها موقع "الحرة" تبلغ نسبة الدمار في المنازل والمنشآت الحيوية 85 في المئة، مشيرةً إلى أن حكومة نظام الأسد "لم تزيل حجرا عن حجر حتى الآن، على الرغم من إعلاناتها المتكررة بخصوص ذلك".

"أبو عدي" من أهالي مدينة القصير، ويقيم حاليا في منطقة عرسال اللبنانية، يقول إنهم تلقوا عدة وعود وعروض في السنوات الماضية للعودة إلى القصير، لكنها لم تكن كاملة "ومبهمة التفاصيل والمستقبل أيضا".

تبلغ نسبة الدمار في المنازل والمنشآت الحيوية 85 في المئة

يضيف "أبو عدي" في تصريحات لموقع "الحرة": "أولى العروض كانت من جانب حزب الله اللبناني. الرفض كان قطعيا بشرط الحصول على ضمانات دولية ومن جانب الأمم المتحدة".

ويتابع الشاب متسائلا: "كيف أثق بعروض الجهة التي أخرجتني من منزلي؟ لن أعود وهو قرار جميع أهالي القصير الموجودين في منطقة عرسال اللبنانية".

وتحدث "أبو عدي" أن نظام الأسد لم يسمح بدخول أهالي القصير إلى منازلهم بشكل جدي حتى الآن، مشيرا: "عائلات كثيرة تسجل أسمائها لكنها لم تحصل على الموافقات حتى الآن".

"الغرباء في ديارنا"

وتعرف أراضي منطقة القصير والتي تجاور لبنان بحدود طويلة وما حولها بوفرة مياهها ومساحتها الزراعية الواسعة.

وكانت هذه الأراضي قد استقطبت فلاحين من المناطق والقرى في مدينة حمص في السنوات السابقة، إذ اتجه البعض منهم إلى استئجار الأراضي أو شراء بضع الدونمات، نظرا لكمية المياه الجوفية التي تساعدهم في زراعة المحاصيل.

"أبو الهدى الحمصي" ناشط إعلامي من القصير ويقيم حاليا في محافظة إدلب يتابع أخبار مدينته "عن بعد" بحسب قوله، من خلال تطبيقات المراسلة، مثل "واتساب".

يقول "أبو الهدى" في تصريحات لموقع "الحرة": "مدينة القصير في الوقت الراهن تحت هيمنة حزب الله اللبناني-هذا هو الواقع المؤكد- من أراضي وأشجار ومساحات واسعة من الأراضي".

وكان مقربون من "حزب الله" قد أقدموا في السنوات الماضية على قطع الأشجار من مساحات واسعة، بحسب الناشط المذكور.

ويضيف: "الممارسات ماتزال مستمرة حتى الآن، وخاصة الأراضي الواقعة غرب نهر العاصي، وهي المحاذية للحدود اللبنانية".

من جانبه يقول "أبو عدي" الذي يقيم في عرسال: "هناك غرباء في ديارنا بالقصير، وخاصة من كفريا والفوعة. هم مدنيون من الطائفة الشيعية تم الاتفاق على إخلائهم من مناطقهم بريف إدلب منذ سنوات واستقر جزء منهم في منازلنا وجزء آخر في منطقة الذيابية".

ويضيف الشاب أن منع عودة أهالي القصير لا يقتصر على المعارضين منهم، بل ينطبق ذلك أيضا على الموالين، ويتابع: "بعض العائلات الموالية لنظام الأسد لم تتمكن من استعادة أراضيها حتى الآن من يد مسؤولين مقربين من حزب الله اللبناني".

"مركزان للتهريب والحشيش"

وللقصير موقع استراتيجي جعل منها في السنوات الماضية نقطة رئيسية لعمليات التهريب من لبنان إلى سوريا وبالعكس، وهو ما أكدته مصادر رسمية لبنانية مؤخرا.

وإلى جانب ذلك تردد حديث في السنوات الماضية بكثرة، وأفاد بتوجه مسؤولين في "حزب الله" إلى زراعة مئات الهكتارات من أراضي منطقة القصير بالحشيش، كما اتجهوا أيضا إلى تأسيس مصانع مصغرة لصناعة حبوب "الكبتاغون".

وفي الوقت الذي لا تصدر فيه أي تعليقات حول ما سبق من جانب "حزب الله" أو نظام الأسد، يؤكد أهالي المدينة تلك الممارسات، ويقولوا إنها في تصاعد، من حيث المساحات المزروعة بالحشيش أو تطوير طرق التهريب. 

حديث عن ضلوع مسؤولين في "حزب الله" في زراعة مئات الهكتارات من أراضي منطقة القصير بالحشيش

وتواصل موقع "الحرة" مع أحد المدنيين المقيمين في منطقة ربلة وهي إحدى قرى القصير، وكشف عن مركزين للتهريب أسسهما "حزب الله" اللبناني في المنطقة منذ سنوات.

المركز الأول يسمى بـ"مركز منطقة ربلة"، وتحول في الأعوام الثلاثة الماضية إلى مركز تجاري "ضخم جدا"، يغذي المناطق الواصلة حتى مركز مدينة حمص. من وقود ومواد غذائية وأيضا القطع الأجنبي، وبالأخص الدولار.

أما المركز الثاني بحسب المدني الذي طلب عدم ذكر اسمه فيسمى بمركز "العقربية"، وتحول أيضا إلى مركز تجاري كبير، بالإضافة إلى عمليات التهريب شبه اليومية التي يشهدها.

وفيما يخص المعلومات المتعلقة بزراعة الحشيش يوضح "أبو عدي" المقيم في عرسال إلى أن الزراعة تتركز في منطقة غرب العاصي المحاذية للحدود اللبنانية.

ويقول "أبو عدي" لموقع "الحرة": "منطقة القصير تنقسم إلى مناطق غرب العاصي ومناطق شرق العاصي. الأولى تحاذي لبنان وتعرف بتربتها الخصبة".

حماه- سورية
الإدمان يتربص بالشباب السوري.. تفاصيل تهريب المخدرات وزراعة الحشيش
المخدرات أصبحت من أبرز آثار الحرب الدائرة في سوريا، إذ انتعشت تجارتها وترويجها بين الشباب في مناطق مختلفة من البلاد، فيما اعتبرها المرصد السوري لحقوق الإنسان ظاهرة تنمو تدريجيا حتى باتت تنتشر بشكل واسع وملحوظ في مناطق الشمال السوري التي تديرها "حكومة الإنقاذ" بالتحديد.

ويضيف الشاب السوري أن أغلب الأشجار المثمرة في مناطق غرب العاصي تم قطعها من قبل أشخاص نافذين على صلة بـ"حزب الله"، ومن ثم أقدموا على تحويلها إلى أراض فارغة تصلح فقط لزراعة نبتة "الخشخاش. هذه النبتة تحب الأرض وتنمو فيها بشكل عجيب مع وفرة المياه الموجودة بالأصل من العاصي".

12 عاما على اختفاء أوستن تايس
12 عاما على اختفاء أوستن تايس

منذ 12 عاما تنتظر ديبرا تايس، والدة الصحفي الأميركي أوستن تايس، المختطف في سوريا معرفة مصير ابنها، وتؤكد أن "الأمور صعبة" ولم تصبح "سهلة على الإطلاق".

وتقول تايس في مقابلة مع قناة "الحرة" إن "الكثير من الأمور تغيرت" وحدثت تطورات كثيرة.

وأعربت عن أملها بأن ابنها "تايس سيخرج من الاحتجاز"، فهي مسألة "وقت"، مشيرة إلى أن الحكومة السورية "تقول إنها تريد إجراء مفاوضات مع الحكومة الأميركية، والسعي للتقارب" ولكن واشنطن "تبقى على موقفها بعدم الانخراط بمفاوضات مع الحكومة السورية".

واختطف أوستن تايس، وهو مراسل مستقل وجندي سابق في مشاة البحرية الأميركية، في أغسطس 2012 أثناء تغطيته للانتفاضة على رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في دمشق، وكان يبلغ من العمر آنذاك 31 عاما.

وتعتقد أسرته أنه على قيد الحياة ولا يزال محتجزا في سوريا. ولا تزال هوية خاطفي تايس غير معروفة، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن خطفه.

وظهر تايس الذي كان يبلغ 31 عاما معصوب العينين في مقطع فيديو في سبتمبر 2012، لكن لم ترد أي معلومات عنه منذ ذلك الحين.

وقالت ديبرا تايس إن آخر المحاولات للانخراط في مفاوضات "كانت في مارس الماضي"، ولكنه لم يفض إلى "التزام ورغبة في مواصلة الحوار للوصول لاتفاق"، مشيرة إلى أن الأمور "لا تشبه ما نراه من الحكومة الأميركية وتصميمها على تحرير الرهائن الموجودين لدى حماس".

وأكدت أن "أوستن لم يحصل على الالتزام والتفاني" الذي تبذله الحكومة الأميركية لتحرير الرهائن الإسرائيليين الموجودين لدى حماس، مشيرة إلى وجود "كيانات" أو وسطاء آخرين أبدوا رغبتهم بالانخراط في مفاوضات بين واشنطن ودمشق، ولكن الحكومة السورية تريد "التقارب المباشر مع الحكومة الأميركية".

وبشأن الجهة التي تعتقل أوستن، قالت تايس "إننا نعلم أنه يمكن تغيير مكان السجناء من مكان لآخر، ولدينا أسباب للاعتقاد أنه بين أيدي كيان غير الحكومة السورية".

وأعادت ديبرا التذكير برحلتها إلى سوريا في 2014، حيث بقيت هناك لنحو ثلاثة أشهر، ولكن الحكومة السورية رفضت التفاوض معها، وطلبت الحديث مع مسؤولين أميركين رسميين لبحث مسألة اختطاف أوستن.

الحكومة السورية تنفي احتجازها أوستن تايس. أرشيفية

وتساءلت لماذا "ترفض الحكومة الأميركية التفاوض مع الحكومة السورية؟ في الوقت الذي تتفاوض فيه مع الحكومات الروسية والإيرانية وحتى حماس، ولماذا تستثنى الحكومة السورية".

وذكرت أن آخر الاجتماعات التي جرت في مارس الماضي لم تكن جدية رغم توجيهات الرئيس الأميركي، جو بايدن.

وكان الرئيس الأميركي بايدن قد اتهم دمشق باحتجاز تايس عام 2022 ودعا الحكومة السورية إلى المساعدة في تأمين إطلاق سراحه.

لكن الخارجية السورية نفت حينها احتجاز أي مواطن أميركي بمن فيهم تايس.

وأعلنت السلطات الأميركية في العام 2018 مكافأة قدرها مليون دولار لمن يقدم أي معلومات يمكن أن تقود إلى تحرير تايس.

وفي بيان بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تحدث بايدن عن تايس الذي يحتجز "كرهينة في سوريا بعد ما يقرب من 12 عاما".

ودعا إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحفيين الذين تم وضعهم خلف القضبان لمجرد قيامهم بعملهم.

وأضاف بايدن "لا ينبغي للصحافة أن تكون جريمة في أي مكان على وجه الأرض".

وكانت الولايات المتحدة من أوائل الدول التي قطعت علاقاتها مع النظام السوري بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية المناهضة له عام 2011، وما لبثت أن تبعتها عواصم عربية وغربية، كما فرضت عليه عقوبات قاسية.

وكشف الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة أواخر أبريل عن لقاءات تجري "بين الحين والآخر" مع الولايات المتحدة الأميركية، مشيرا إلى أن هذه "اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء".