A rescuer is seen next to a residential building damaged by shelling, amid the Russian invasion of Ukraine, in Mykolaiv,…
روسيا تعيد نشر المعلومات المضللة لتبرير غزوها لأوكرانيا

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إخبارية عربية شائعات حول إدارة البنتاغون لمختبرات سرية في أوكرانيا، كانت تستخدم لتصنيع الأمراض الفتاكة والأسلحة البيولوجية، وهي ادعاءات يروج لها الكرملين منذ سنوات.

والاثنين، ادعت وزارة الخارجية الروسية أن قوات الأمن الأوكرانية بالتعاون مع كتيبة آزوف "تلاعبوا بمفاعل في محطة نووية للأبحاث بمعهد خاركيف للفيزياء والتكنولوجيا، وذلك بغرض "اتهام روسيا بأنها تسببت في كارثة بيئية".

واستند الادعاء إلى "تنبيه" من وزارة الدفاع الروسية نشرته وسائل الإعلام الروسية، بما في ذلك موقع "سبوتنيك" الإخباري المملوك للكرملين.

كذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية، الاثنين، أنها حصلت على دليل موثق على تعاون أوكرانيا والولايات المتحدة لتطوير أسلحة بيولوجية وأن الولايات المتحدة تمول المختبرات البيولوجية في أوكرانيا بمبلغ يتجاوز 200 مليون دولار، وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الروسية الرسمية (تاس).

وقال الناطق باسم الجيش الروسي، اللواء إيغور كوناشينكوف، الذي أدلى بهذا الإعلان، "في سياق العملية العسكرية الخاصة، فإنه تم الكشف عن آثار برنامج بيولوجي عسكري يتم تنفيذه في أوكرانيا بتمويل من وزارة الدفاع الأميركية".

وفقا لوكالة "تاس"، حاولت الولايات المتحدة وأوكرانيا تدمير عينات من "الطاعون والجمرة الخبيثة والتولاريميا والكوليرا والأمراض الفتاكة الأخرى" يوم 24 فبراير الذي اجتاحت فيه القوات الروسية، أوكرانيا، كما أن "كل ما هو ضروري للمضي قدما في البرنامج العسكري البيولوجي قد أُخرج بالفعل من أوكرانيا"، بحسب الوكالة الروسية الرسمية.

ونشرت "تاس" صورا لوثائق باللغة الروسية تزعم من خلالها وزارة الدفاع أنها دليل على برنامج الأسلحة البيولوجية دون أن توضح تفاصيل هذه الوثائق أو مصدرها.

تاريخ الكذبة 

في 4 أكتوبر 2018، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الولايات المتحدة تدير مختبرا سريا للأسلحة البيولوجية في جورجيا، وزعمت أن ذلك يشكل انتهاكا الاتفاقيات الدولية وتهديدا أمنيا مباشرا لروسيا.

وزعم رئيس قوات الدفاع الإشعاعي والكيماوي والبيولوجي، الجنرال إيغور كيريلوف، في إفادة بأن المختبر في جورجيا كان جزءًا من شبكة من مختبرات أميركية منتشرة بالقرب من حدود روسيا والصين، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

وردا على تلك المزاعم، رفض المتحدث باسم البنتاغون آنذاك، إريك باهون، بشدة مزاعم كيريلوف، ووصفها بأنها "اختراع لحملة التضليل الروسية الخيالية والكاذبة ضد الغرب" و"محاولات واضحة لتحويل الانتباه عن السلوك الروسي السيئ على جبهات عديدة".

وقالت وكالة أسوشيتد برس إن تلك المزاعم استندت إلى حد كبير إلى مركز "ريتشارد جي لوغار" لأبحاث الصحة العامة الذي تموله الولايات المتحدة في العاصمة الجورجية تبليسي. وزعم كيريلوف أن الوثائق التي نشرها وزير أمن الدولة الجورجي الأسبق، إيغور جيورجادزه، أظهرت أن المنشأة تم تمويلها بالكامل من قبل الولايات المتحدة وأن الملكية الجورجية لها على الورق كانت غطاء.

قال باهون في ذلك الوقت إن "الولايات المتحدة لا تطور أسلحة بيولوجية في مركز لوغار".

وأضاف أن المختبر يعد منشأة صحية بشرية وبيطرية مشتركة، يملكه ويديره المركز الوطني الجورجي للسيطرة على الأمراض والصحة العامة (NCDC)، وليس الولايات المتحدة.

وتابع باهون: "تتمثل مهمة مركز لوغار في المساهمة في حماية المواطنين من التهديدات البيولوجية، وتعزيز الصحة العامة والحيوانية من خلال الكشف عن الأمراض المعدية، والمراقبة الوبائية، والبحث لصالح جورجيا ومنطقة القوقاز والمجتمع العالمي". 

وافتتح المركز عام 2013 وتم تسميته على اسم السناتور الأميركي السابق ريتشارد لوغار. وقبل مغادرته الكونغرس، كان العضو الجمهوري جزءًا من جهد أميركي تشكل من الحزبين للمساعدة في تأمين الترسانة السوفيتية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991.

في 2018 أيضا، ذكرت شركة "كودا" الإعلامية غير الربحية أن هذه الادعاءات تعد جزءا من حملة تضليل أوسع من قبل الكرملين لتشويه سمعة الولايات المتحدة في عيون جيران روسيا المؤيدين للغرب: أوكرانيا وجورجيا. لكن تلك المزاعم الكاذبة لم تتوقف.

تطويع الكذبة لتبرير غزو أوكرانيا

في 21 سبتمبر 2021، قال سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، في مقابلة مع صحيفة "Argumenty I Fakty" الأسبوعية إن "المختبرات البيولوجية التي تنشئها الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم تعرض للخطر صحة عشرات الملايين من الناس".

وأكد باتروشيف في التصريحات التي نقلتها وكالة "تاس" أن "الغرب قلق بشأن حقوق الإنسان ولكنه في الواقع ينتهكها على نطاق واسع. فالمختبرات البيولوجية التي تنشئها واشنطن في جميع أنحاء العالم تعرض صحة عشرات الملايين من الناس للخطر، وبالتالي تنتهك حقوقهم".

وفي يناير الماضي، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في كلمة أمام مجلس "الدوما"، إن "معظم الدول المجاورة لبلاده لديها مختبرات بيولوجية عسكرية أميركية"، مشيرا إلى أنه "من الصعب للغاية فهم" ماهية عمل هذه المختبرات، على ما نقلت وكالة "تاس" أيضا.

وعندما بدأت روسيا في غزو أوكرانيا خلال الساعات الأولى من صباح يوم 24 فبراير الماضي، بدأ هاشتاغ يحمل عنوان "USBiolabs#" (المختبرات البيولوجية الأميركية) في الظهور عبر موقع تويتر.

وفي الهاشتاغ، كررت الحسابات الموالية لموسكو الرواية الروسية التي تتهم الولايات المتحدة بإدارة مختبرات سرية في أوكرانيا، حيث تصنع الأمراض الخطيرة لاستخدامها كسلاح بيولوجي.

في تقرير جديد نشر يوم 7 مارس، يقول المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية تتخذ من العاصمة واشنطن مقرا له، إنه "في محاولة أخرى لتبرير غزو أوكرانيا، اتهم الكرملين مرة أخرى أوكرانيا باستفزاز روسيا من خلال تطوير قنابل مشعة وأسلحة بيولوجية".

ويعد هذا الاتهام، بحسب المجلس الأطلسي، هو الأحدث في سلسلة خلال الأسبوعين الماضيين زعم فيها مسؤولون روس ووسائل إعلام في الكرملين - دون دليل - على أن أوكرانيا كانت تصنع قنبلة مشعة.

وقبل أسابيع من غزو أوكرانيا، حذرت أجهزة المخابرات الأميركية من أن روسيا تخطط لشن هجوم كاذب كذريعة للغزو، بالإضافة إلى حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي لتصوير أوكرانيا على أنها الطرف المعتدي.

ووفقا للمجلس الأطلسي، فإن الكرملين استخدم مرارا وتكرارا الوثائق المزورة كجزء من عمليات تأثير سابقة، لا سيما في الرواية المضللة التي ينشرها باستمرار بشأن مختبرات الأسلحة البيولوجية.

ويملك الكرملين تاريخا طويلا في اتهام الغرب بتطوير عوامل بيولوجية منذ زمن الحرب الباردة التي انتهت عام 1991. ففي عام 2020، حاولت وسائل إعلام موالية لروسيا إلقاء اللوم على الولايات المتحدة في جائحة كوفيد-19 من خلال الإشارة إلى أن فيروس كورونا تم تصنيعه في المختبر.

كيف حرفت روسيا الحقيقة؟

في 24 فبراير، خلص تقرير لموقع "سنوبز" المتخصص في كشف الحقائق إلى أنه "لا يوجد أي دليل على أن روسيا كانت تستهدف (المختبرات البيولوجية الأميركية) عندما شنت غزوها على أوكرانيا".

ولفت التقرير إلى أن "هذا الادعاء مجرد تكرار جديد في حملة تضليل طويلة الأمد قام بها الكرملين وأنصاره"

ويؤكد الموقع أن الشائعات الروسية تمثل تحريفا لحقيقة أن وزارة الصحة الأوكرانية ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أبرمتا اتفاقية في عام 2005 بهدف "القضاء على تهديد الإرهاب البيولوجي من خلال وضع ضمانات على مسببات الأمراض الفتاكة التي يرجع تاريخها إلى برنامج أسلحة بيولوجية من الحقبة السوفيتية".

ويتم تشغيل المختبرات البيولوجية في أوكرانيا من قبل الحكومة الأوكرانية وفقا للمبادئ التوجيهية المنصوص عليها في القانون المحلي.

وبحسب موقع "سنوبز"، فلا يوجد دليل يشير إلى أن هذه المعامل "تم تركيبها" من قبل الجيش الأميركي، ولا أنها تدار من قبل القوات الأميركية. 

في أبريل 2020، أصدرت السفارة الأميركية لدى كييف بيانا ينفي فيه "هذه الشائعات ويضع الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بنشر المعلومات المضللة داخل بعض الدوائر في أوكرانيا والتي تعكس التضليل الروسي فيما يتعلق بالشراكة القوية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا للحد من التهديدات البيولوجية".

وقالت السفارة الأميركية، آنذاك، إن "برنامج الحد من التهديدات البيولوجية التابع لوزارة الدفاع الأميركية يعمل مع الحكومة الأوكرانية لتوحيد وتأمين مسببات الأمراض والسموم ذات الأهمية الأمنية في مرافق الحكومة الأوكرانية، مع السماح في الوقت نفسه بالبحث السلمي وتطوير اللقاحات".

وأضافت: "نعمل أيضا مع شركائنا الأوكرانيين لضمان قدرة أوكرانيا على اكتشاف مسببات الأمراض الخطيرة والإبلاغ عنها قبل أن تشكل تهديدات للأمن أو الاستقرار".

وفي مايو 2020، أصدر جهاز الأمن الأوكراني (SBU) بيانا يدعو السياسيين إلى التوقف عن نشر معلومات كاذبة حول وجود معامل بيولوجية عسكرية أجنبية في أوكرانيا.

النسبة الأكبر من هذه الأموال اتت من حسابات المصرف الوطني الروسي
صادرات تركيا إلى موسكو انخفضت على أساس سنوي إلى 2.1 مليار دولا

كشف تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن تراجع أحجام تجارة روسيا مع الشركاء الرئيسيين مثل تركيا والصين في الربع الأول من هذا العام، وذلك عقب استهداف واشنطن للمصارف الأجنبية التي تساعد روسيا في الحصول على منتجات مهمة لدعم جهودها الحربية.

وذكر مسؤولون غربيون و3 من كبار الممولين الروس أن الأمر التنفيذي الأميركي، الذي جرى تفعيله، أواخر العام الماضي، دفع المقرضين إلى التخلي عن نظرائهم الروس وتجنب المعاملات في مجموعة من العملات.

ونقلت الصحيفة اللندنية عن نائبة مساعد وزير الخارجية للشؤون العالمية في وزارة الخزانة الأميركية، آنا موريس، قولها إنه قد "أصبح من الصعب على روسيا الوصول إلى الخدمات المالية التي تحتاجها للحصول على هذه السلع".

وتابعت: "ذلك يهدف بالتأكيد إلى جعل تدفق هذه الأموال أكثر صعوبة، بما يزيد زيادة التكلفة على الروس".

وأوضح المسؤولون والممولون أن الالتفاف على القيود سوف يتطلب شبكة متنامية من الوسطاء لتجنب التدقيق التنظيمي حتى لو كانت المعاملات النقدية لا علاقة لها بآلة الحرب الروسية، مع زيادة تكاليف تحويل العملة والعمولات.

ولفت أحد المسؤولين الغربيين الذين تحدثوا إلى الصحيفة إلى أن "الأمر يزداد صعوبة كل شهر.. وفي غضون 6 أشهر لن تتمكن موسكو من فعل أي شيء".

من جانبه، قال أحد كبار المستثمرين الروس إن: "نقطة النهاية المنطقية لهذا الأمر هي جعل روسيا مثل إيران"، في إشارة إلى تأثير العقوبات المالية الصارمة المفروضة على طهران.

ويعني الأمر التنفيذي الأميركي باستهداف البنوك في البلدان التي سجلت ارتفاعات حادة في التجارة مع روسيا بعد أن فرض الغرب عقوبات عقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير من العام 2022.

وحسب التقرير، فقد ارتفعت صادرات تركيا من السلع "ذات الأولوية القصوى" - وهي مواد مخصصة للاستخدام المدني في الأساس لكنها تعتبر بالغة الأهمية للمجهود الحربي، مثل الرقائق الدقيقة - إلى روسيا وخمس دول سوفياتية سابقة بعد الحرب على أوكرانيا.

ووفقًا لمراقب بيانات التجارة، فقد وصل الحجم إلى 586 مليون دولار في العام 2023، أي بزيادة خمسة أضعاف عن أحجام ما قبل الحرب، بيد أنه وفي الربع الأول من هذا العام، انخفضت صادرات تركيا إلى موسكو على أساس سنوي إلى 2.1 مليار دولار.

وانخفضت قيمة صادرات أنقرة المعلنة من السلع ذات الأولوية العالية إلى روسيا والدول المجاورة لها بنسبة 40 في المئة، إلى 93 مليون دولار في الربع الأول من العام 2024 مقارنة بالربع السابق، مما يظهر تأثير الأمر التنفيذي.

كيف خنقت العقوبات مشروع بوتين الطامح لمنافسة قناة السويس؟
صمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير في وجه العقوبات الغربية المفروضة منذ الحرب التي شنتها موسكو ضد أوكرانيا، لكن تقرير لوكالة "بلومبيرغ" سلط الضوء على كيف خنقت تلك العقوبات طموحات الرئيس فلاديمير بوتين في مجال الغاز بمنطقة القطب الشمالي.

وقال مسؤولون وخبراء أميركيون إن الانخفاض الحاد في الصادرات المرتبطة بالحرب يُعزى إلى خوف البنوك من ردة فعل الولايات المتحدة، التي يمكن أن تتعقب أي معاملة بالدولار وتشل المقرضين من خلال استبعادهم من النظام المالي القائم على العملة الأميركية.

وكانت وكالة الجمارك الروسية أعلنت في وقت سابق أن صادرات موسكو إلى أوروبا انخفضت بأكثر من الثلثين في عام 2023، إذ خفض الاتحاد الأوروبي بشكل كبير مشترياته من النفط والغاز الروسي، حسب وكالة "تاس".

وانخفضت صادرات روسيا إلى أوروبا بنسبة 68 في المائة في عام 2023 إلى 84.9 مليار دولار، وفقا لبيانات هيئة الجمارك.

وذكرت وكالة "تاس" أن الصادرات إلى آسيا، التي حلت محل أوروبا كأهم سوق للطاقة الروسية، ارتفعت بنسبة 5.6 في المائة إلى 306.6 مليار دولار.