صورة التقطت في 25 ديسمبر 2022 تظهر طالبة تحتج ضد حظر التعليم العالي للمرأة
صورة التقطت في 25 ديسمبر 2022 تظهر طالبة تحتج ضد حظر التعليم الجامعي للمرأة

زادت حركة طالبان بعد عودتها إلى السلطة في أفغانستان التدابير المقيّدة للحريات، لا سيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن تدريجياً من الحياة العامة ومن غالبية الوظائف العامة وأقصين من المدارس الثانوية والجامعات.

في أحدث ضربة لحقوق المرأة منذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس 2021، أبلغت الحركة، السبت، جميع المنظمات غير الحكومية بوقف عمل موظفاتها تحت طائلة إلغاء ترخيصها.

وفي 20 ديسمبر، أعلنت حكومة طالبان أن الجامعات الأفغانية باتت محظورة لأجل غير مسمى على الفتيات المحرومات أصلا من التعليم الثانوي منذ وصول الحركة المتشددة إلى الحكم.

وكانت طالبان قد أغلقت "المدارس الثانوية" بعد بضع ساعات من إعادة فتحها، ومنعت تعليم "الفتيات" منذ 23 مارس.

وفي نوفمبر، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.

ومنعت "الحركة المتشددة" النساء من ممارسة العديد من الوظائف الحكومية ومن السفر من دون محرم فيما أُمرن بارتداء "البرقع".

وعندما كانت طالبان في السلطة قبل عقدين من الزمن، منعت إلى حد بعيد "تعليم الفتيات"، لكنها قالت إن "سياساتها قد تغيرت"، وفقا لـ"رويترز".

لكن الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، يرى أن "حركة طالبان لم تتغير ومازالت تطبق الرؤية التي سارت عليها عند وصولها للحكم في أفغانستان المرة الأولى".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يؤكد أن طالبان سارت على ذلك النهج عند وصولها للسلطة أول مرة ولمدة 5 سنوات ووقتها منعت الفتيات أيضا من التعليم، وعادت لتكرر الأمر في تجربتها الثانية".

وفي عام 1996 وصلت طالبان إلى الحكم في أفغانستان للمرة الأولى، وامتدت فترة حكمها إلى عام 2001.

ويشير أديب إلى أن منع الفتيات والنساء من "التعليم والعمل يكشف عن تشدد الحركة وعدم التزامها بأي تعهدات مع الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي الذي راهن على تغيير طالبان".

ويتابع: "هذا الموقف المتشدد يأتي من خلفية ترى في المرأة خطرا على الحركة"، ويقول "طالبان تخشى انتشار الوعي الذي قد يخلقه التعليم عامة وتعليم النساء خاصة".

وتقف الحركة ضد التعليم عموما وتعليم المرأة على "وجه الخصوص"، ولذلك تبع قرار منع التعليم النساء قرار مماثل بمنع الموظفات من العمل بالمنظمات الأجنبية، حسب أديب.

شريعة "طالبان"؟

اعتمد رجال الدين في نظام طالبان أحد "أكثر تفسيرات الشريعة تشددا"، بما في ذلك عقوبات الإعدام والعقوبات الجسدية التي لا تستخدمها معظم الدول الإسلامية الحديثة، حسب "فرانس برس".

في الفترة الفاصلة بين حكمي طالبان، كانت "الفتيات" مخولات ارتياد المدارس وتسنى لـ"النساء" إيجاد فرص عمل في كل القطاعات، حتى لو بقي المجتمع محافظا.

وبعد عودتها للحكم، تعهدت طالبان بـ"إبداء مرونة أكبر"، لكنها سرعان ما عادت إلى" تفسيرها المتشدد جدا" للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.

ومنذ وصولها للحكم، أدخلت طالبان تدريجا قواعد صارمة بشكل متزايد، ولا سيما قيودا شديدة للغاية على "حقوق وحريات المرأة".

وقدمت طالبان مجموعة من التبريرات لإغلاق "المدارس الثانوية" من نقص التمويل إلى الوقت اللازم لإعادة صياغة المناهج، "وفقا للقواعد الإسلامية".

وبررت سلطات طالبان منع دخول الفتيات من "التعليم الجامعي"، بسبب عدم التزام النساء بقواعد "اللباس الإسلامي" الصارم الذي يغطي كامل الجسم والوجه.

لكن أديب يشير إلى "فروقات شاسعة" بين قناعات طالبان وبين حقيقة الدين الإسلامي الذي يوجب ويفرض تعليم المرأة".

ويقول إن طالبان تنطلق من "فتاوى فقهية متشددة لا تعبر عن الدين الإسلامي".

ماذا يقول الدين الإسلامي؟

يؤكد العالم الأزهري، عبدالعزيز النجار، أن الدين الإسلامي لا يمنع المرأة من الحياة وبالتالي فهو لا يحرم ولا يجرم "تعليم النساء أو عملهن".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يشدد على وجوب "تعليم المرأة"، قائلا" الإسلام يجبر المرأة على التعليم من أجل نهضة المجتمع وحرمانها من ذلك هو تعطيل لمسيرة بناء الأمم".

ويشير النجار إلى أن عمل المرأة من عدمه يرجع فقط إلى "رغبتها"، ويقول "الإسلام لا يمنع النساء عن العمل".

وحسب حديثه فإن الجماعات والحركات المتطرفة على غرار "داعش والقاعدة وطالبان"، تستند إلى فتاوى "قديمة كانت تناسب عصرا معينا ولا تنطبق على عصرنا هذا".

ويقول النجار إن "الفتاوى اجتهاد بشري تتغير بتغير الزمان والمكان، وليست شريعة إسلامية، ولا يوجد في الدين ما يمنع عمل وتعليم النساء".

ولا يجوز "تعميم الفتاوى" التي تمثل فهم العلماء للدين في عصر معين واعتبار أنها "شريعة" يجب أن يطبقها الجميع، وفقا لحديث النجار.

ويتابع حديث معتبرا أن من يمنع تعليم وعمل المرأة، "يسيء للدين وينفر الناس منه".

ويؤكد النجار أن تلك الفتاوى تخالف "وصية" النبي محمد، عندما قال: "استوصوا بالنساء خيرا".

ولا يمكن أن يكون "الخير للمرأة" في العيش بظلمات الجهل في عصر العلم والا تخرج للتعليم والعمل وكأنها تحولت لـ"ملف مهمل"، وفقا لحديث النجار.

وفي أفغانستان، تم منع 1.1 مليون فتاة من الذهاب إلى المدرسة، ويعيش 97 بالمئة من الأفغان في فقر، ويحتاج ثلثي السكان إلى مساعدات للبقاء على قيد الحياة في حين يواجه 20 مليون شخص الجوع الشديد وفقا لـ"رويترز".

وتقدر الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة أن أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 38 مليون نسمة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية خلال فصل الشتاء القاسي، حسب "فرانس برس".

ويعتمد الملايين حول البلاد على المساعدات الإنسانية التي يقدمها مانحون دوليون عبر شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية، وتعمل عشرات المنظمات في المناطق النائية من أفغانستان والعديد من موظفيها نساء.

جنود إسرائليون في الجولان
إسرائيل لا تؤكد أو تنفي ضرباتها في سوريا

رغم أن القصف الذي نسب لإسرائيل واستهدف الدفاعات الجوية السورية جنوب البلاد فجر الجمعة يندرج ضمن مسار اعتيادي وسائد منذ سنوات طويلة تطلق حالة تزامنه مع الهجوم الذي ضرب مواقع في أصفهان الإيرانية تساؤلات.

ووفق وكالة الأنباء السورية (سانا) استهدفت إسرائيل بالصواريخ مواقع دفاع جوي في المنطقة الجنوبية، ما أسفر عن خسائر مادية، وأضافت أن الإطلاق حصل من اتجاه الشمال.

وأفاد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن "الضربات وقعت في المنطقة الواقعة ما بين السويداء ودرعا بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي، بدون أي صواريخ الدفاع الجوي".

وبينما أشار إلى أن المنطقة المستهدفة واقعة بين زرع وقرفا التي توجد فيها "كتيبة رادار" أكد على ذلك موقع "تجمع أحرار حوران المحلي"، وقال أيضا إن الصواريخ طالت أيضا مطار إزرع الزراعي والثعلة العسكري.

وبدورها أوضحت "سانا" أن الضربات حصلت في الساعة الثانية و50 دقيقة فجرا، في ذات التوقيت الذي أبلغت فيه مصادر ووكالات عن سماع دوي انفجارات في منطقة أصفهان الإيرانية.

ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي ضرباتها الجمعة إن كان في سوريا أو إيران، لكن وسائل إعلام عبرية نقلت عن مسؤولين قولهم إن إسرائيل ضربت في إيران "ذات المكان الذي هاجمها".

وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" نقلا عن مصدرين في وزارة الدفاع إن "طائرات عسكرية أطلقت صواريخ بعيدة المدى على قاعدة عسكرية إيرانية في أصفهان"، في رواية قابلتها أخرى ورجحت حصول الهجوم في إيران من الداخل.

"منطقة عسكرية بامتياز"

وتنتشر إيران عبر الميليشيات وما تصفهم بـ"المستشارين" في عموم الجغرافيا السورية، ودائما ما تنفذ إسرائيل ضربات جوية وصاروخية في البلاد، وتربطها بشكل غير مباشر بعمليات تهريب الأسلحة، التي تتم باتجاه "حزب الله".

ومنذ بداية الحرب في غزة تطورت الضربات الجوية الإسرائيلية لتطال مسؤولين بارزين وثكنات عسكرية للجيش السوري وتقع غالبيتها في جنوب سوريا، بينها "كتيبة الرادار" التي استهدفت مجددا فجر الجمعة.

تقع الكتيبة بالقرب من مدينة إزرع في ريف محافظة درعا، وهي جزء من منظومة دفاع جوي كاملة خاصة بالجنوب السوري، حسبما يوضح خبراء وباحثون لموقع "الحرة".

الخبير العسكري العقيد السابق، إسماعيل أيوب يقول إن وظيفة كتائب الرادار بالمجمل في سوريا محددة بكشف الأهداف الجوية متوسطة وكبيرة وصغيرة الحجم، وعلى مختلف الارتفاعات.

ويضيف لموقع "الحرة" أن المنطقة الجنوبية لسوريا ما زالت "عسكرية بامتياز"، وتضم قطعات وتشكيلات وفرق عسكرية وأفواج أبرزها وأهمها "الفوج 189" للدفاع الجوي، أو كما يعرف بـ"فوج جباب".

بعدما تكشف "كتيبة الرادار" الأهداف الجوية تنقل المعلومات لمقرات القيادة والسيطرة، وتعمل على توزيعها على وسائط الدفاع الجوي للتصدي.

وعلى أساس ذلك، يشرح أيوب أن "قصفها دائما ما يكون الهدف الأول للطائرات الحربية المعادية".

وفي بعض الأحيان يتم إعماء "كتائب الرادار" عن طريق التشويش، وفي حالات أخرى يتم تدميرها بالوسائط النارية.

ويبدو أن إسرائيل "اختارت تدميرها بأسلحة وصواريخ تطلق من مسافات بعيدة"، حسب الخبير العسكري.

ويعتقد أن التزامن بين ضربات جنوب سوريا و"الهجوم على إيران" يمكن فهمه من زاويتين.

الأولى في مسعى من إسرائيل "لضرب أهداف إيرانية داخل سوريا لا تستدعي ردا قويا".

ويرتبط الهدف الثاني بأمور عسكرية تتعلق بضمان دخول الطائرات الأجواء السورية، دون التعرض لأي تصدٍ من الأرض.

"مرسل ومستقبل"

ويأتي "الهجوم الإسرائيلي على إيران" والذي لم تتبناه إسرائيل رسميا حتى الآن بعد أسبوع من هجوم بالصواريخ والمسيرات نفذه "الحرس الثوري" باتجاهها.

وأظهرت تسجيلات مصورة ليلة السبت – الأحد الفائت الصواريخ الإيرانية والمسيّرات في أثناء عبورها الأجواء الأردنية، باتجاه إسرائيل.

ويشير الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، نوار شعبان إلى أن المواجهات في الزمن الحالي تحول الكثير منها إلى الضرب بصورة غير مباشرة، عبر الدرونات المتفجرة والصواريخ المجنحة.

ويحتاج هذا الأسلوب وفق حديثه لموقع "الحرة" أجهزة إشارة لضمان البقاء على ذات المسار حتى الوصول للهدف.

ولا يستبعد الباحث أن تكون إيران قد استغلت كتائب الرادار في سوريا، كقواعد إشارة لتوجيه طائراتها المسيرة.

ويرجح أن تشهد سوريا "تحييدا أكبر في المرحلة المقبلة، على صعيد الرادارات وأجهزة الإشارة".

"سلاح بـ3 أقسام"

وينقسم سلاح الرادار في سوريا إلى 3 أقسام، حسبما يوضح الخبير العسكري إسماعيل أيوب، وجميعها تتبع للإدارة التابعة للقوى الجوية.

وهذه الأقسام عبارة عن 3 ألوية كبيرة هي: لواء المنطقة الجنوبية ولواء المنطقة الوسطى والساحلية ولواء المنطقة الشمالية والشرقية.

ويقول إن تكون كتيبة الرادار التي تم استهدافها فجر الجمعة تتبع للواء المنطقة الجنوبية، الذي يغطي مناطق تمتد من النبك في ريف دمشق وحتى الحدود الأردنية.

ضمن المنطقة المذكورة توجد العديد من الكتائب الرادارية، وجميعها تتموضع على المرتفعات والجبال.

ويضيف الخبير: "مهمتها كشف الأهداف الطائرة وإرسال المعلومات لمقرات السيطرة والتعاون مع رادارات الدفاع الجوي لاتخاذ قرار الهجوم الجوي".

ودائما ما كان النظام السوري يعلن عن تفعيل الدفاعات الجوية عندما يتم الإبلاغ عن قصف إسرائيلي في سوريا.

لكنه ومنذ شهرين التزم ببيانات ثابتة تؤكد حصول "عدوان" دون التصدي له.

ولا يستبعد الباحث شعبان أن تكون إيران تستخدم كتائب الرادار لأغراضها العسكرية المتعلقة بالدرونات التي تستخدمها.

وبينما يقول إن لديهم (الإيرانيون) غرف عمليات خاصة بالإشارة، يوضح أن تواجدهم خلال السنوات الماضية في القطع العسكرية والمطارات يثبت توغلهم في هذا القطاع العسكري.