تنظيم "داعش" هزم في عام 2017
تنظيم "داعش" هزم في عام 2017

دعا تنظيم "داعش" الإرهابي أنصاره إلى مواصلة الهجمات في أوروبا لاستغلال انشغال العالم بالحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا.  

وقال المتحدث باسم التنظيم، عمر المجاهد، إنه يجب الاستفادة من "محاربة الصليبيين لبعضهم"، على حد تعبيره، وشن موجة من الهجمات، انتقاما لمقتل زعيم "داعش" في غارة أميركية، شمال شرقي سوريا.

ومنذ إلحاق هزيمة شديدة بالتنظيم الإرهابي في عام 2019، زاد الجدل بشأن إمكانية عودة "داعش" خلال السنوات الماضية، وبرز ذلك عبر عدة حوادث، منها محاولة هروب عدد من عناصره من سجن في الحسكة السورية في يناير الماضي، كما تبنى شن 45 هجوما في سوريا شهريا في عام 2020، وعمليتين في إسرائيل، وحظي بنمو في أفغانستان وأجزاء من أفريقيا. 

لكن مجلة "فورين بوليسي" أشارت في تحليل إلى أن التنظيم، ورغم أنه لم يختف كليا، إلا أنه أصبح غير قادر حتى على شن ما يعرف باسم "هجمات الذئاب المنفردة"، وهي الاعتداءات الفردية التي ينفذها مؤيدون أو عناصر ينتمون للتنظيم باستخدام أدوات تتوفر لديهم. 

وأكد محللون للمجلة أن "داعش" لم يعد يملك القوة البشرية أو الموارد لشن هجمات في الغرب، مضيفا أن التنظيم لم يعد يحظ بـ "الشعبية" السابقة التي كانت تدفع أوروبيين لشن هجمات في بلادهم. 

وقال الباحث في مؤسسة "سنتشري"، آرون لوند، للمجلة: "لا أعتقد أن الحرب الأوكرانية مهمة فيما يتعلق بمصير داعش"، مضيفا أن التنظيم يقوم بحملات دعائية "ليبدو وأنه متصل بما يحصل اليوم، ومتشبثا بالأحداث الجارية". 

"داعش" يفقد "جاذبيته"

ويُظهر تقييم الهجمات التي تبناها التنظيم منذ سقوطه أنه لا يزال ضعيفا، وقد تم اختزاله في مجرد توجيه نداءات للمتعاطفين معه في الغرب، وفقا للمجلة، إذ لم يعد للجماعة "دولة" لعبت دورًا كبيرًا في جذب الشباب المسلمين الذين يعيشون على أطراف المجتمعات الغربية للانضمام إلى صفوفها، كما أنه لم يعد يسيطر على آبار للنفط ويحصل الضرائب من السكان المحليين، وهي موارد استخدمها لإدارة شؤونه وتمويل الهجمات المتطرفة. 

وأكد التحليل أن التعاون بين أجهزة الاستخبارات الأوروبية ونظيراتها في الشرق الأوسط أصبح أقوى بكثير مما كان عليه في السابق، إذ تم القبض على أعضاء في تنظيم "داعش" في عدة دول أوروبية، وأرسلت محاكماتهم اللاحقة "رسالة ردع" للمجندين المحتملين، مشيرا إلى أن الانضمام إلى التنظيم لم يعد "جذابا" كما كان في السابق للمتطرفين في أوروبا. 

وقال أوليفييه غيتا، المدير الإداري لشركة استشارات المخاطر "GlobalStrat" للمجلة: "لم تنفَّذ حقا أي هجمات كبيرة في أوروبا منذ عام 2017. 5 سنوات هي فترة طويلة جدا بالنسبة لجماعة متشددة كانت في السابق في صدارة الخارطة الأمنية".    

هجمات "الذئاب المنفردة" لا تزال تشكل تهديدا

"استغلال" الحرب الأوكرانية 

وأشار غيتا إلى أن انشغال الغرب بالحرب الأوكرانية لن يحدث فرقا في قدرة "داعش" على تنفيذ الهجمات على الأراضي الأوروبية. 

وأوضح: "إن كان بمقدروهم فعل ذلك (شن الهجمات)، كانوا سينفذونها منذ عام 2017 أو حتى خلال فترة الجائحة، وعدا أفغانستان وأفريقيا، حيث وسع التنظيم عملياته، فقد تراجع في كل المناطق الأخرى، الخلافة تحولت إلى جزء ضئيل مما كانت عليه في عام 2015". 

وفيما يتعلق بالهجمات التي شنها التنظيم في ذروة نشاطه، بكل من فرنسا وبلجيكا، تؤكد المجلة أن منفذيها كانوا قد تلقوا تدريبات في الأراضي التي سيطر عليها "داعش"، مشيرة إلى أن غياب تلك الأراضي بعد دحر التنظيم قلل من فرص تنفيذ عمليات كبيرة، رغم أن فرص شن عمليات الذئاب المنفردة لا تزال واردة. 

ونوهت المجلة إلى أن ارتفاع التعاون بين الوكالات الاستخباراتية الأوروبية ساهم في دحر العديد من هجمات "داعش"، بحيث تمكنت ألمانيا من إفشال 9 عمليات تفجيرية بين عامي 2015 و2020، وحاكمت عضوا في التنظيم شارك في قتل 700 سوري في عام 2014، كما اعتقلت دول أوروبية أخرى عناصر من التنظيم. 

شخصيات "مثيرة للشفقة" 

وذكرت المجلة أن أوروبا استقبلت ملايين اللاجئين السوريين، وتعتقد الوكالات الأمنية أن العديد منهم دخلوا دون أوراق ثبوتية أو بهويات مزورة، من ضمنهم عناصر "داعش". 

لكن الكثير من هؤلاء اللاجئين من ضحايا التنظيم الإرهابي، وساهموا في التعرف على عناصر التنظيم في الدول الأوروبية ومحاكمتهم. 

وبرزت 3 محاكمات لعناصر التنظيم في فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا. 

إذ حوكم صلاح عبدالسلام بتهمة ضلوعه في تنفيذ الهجمات الإرهابية في باريس عام 2015، وظهر في محاكمته وهو يطلب العفو من الشعب الفرنسي. 

وفي الولايات المتحدة، أدين عنصران من التنظيم كانا عضوين في خلية عرفت باسم "بيتلز"، هما الشافعي الشيخ وأليكساندا آمون كوتي. 

وشددت المجلة في تحليلها على أن الإفادات التي صرح بها عناصر التنظيم خلال محاكماتهم تجسدهم "كشخصيات مثيرة للشفقة، وليس كأبطال للإسلام يتوجب تمجيدهم واتباعهم".

وذكرت أن وكالات الأمن تأمل في أن تحيد هذه المحاكمات الراغبين في الانضمام لصفوف "داعش".     

ويحذر المراقبون من أن تهديد داعش لم يمسح كليا من الوجود، وأن التخاذل في مراقبة النشاطات الإرهابية في الغرب أو استرجاع التنظيم قوته في العراق وسوريا، قد يعيد مخاطر إعادة تأسيسه من جديد. 

FILE PHOTO: Ukrainian coast guard patrols the "grain corridor" in the Black Sea
في اللحظة الأخيرة، انسحبت أوكرانيا فجأة وتم إلغاء الاتفاق

أفادت أربعة مصادر مطلعة وكالة رويترز بأن روسيا وأوكرانيا خاضتا مفاوضات لشهرين مع تركيا بشأن اتفاق لضمان سلامة الشحن في البحر الأسود، وتوصلتا إلى اتفاق على نص كان من المقرر أن تعلنه أنقرة لكن كييف انسحبت فجأة.

وذكرت المصادر التي تحدثت للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن المفاوضات توسطت فيها تركيا بعد دعوات من الأمم المتحدة.

وتم التوصل إلى اتفاق في مارس "لضمان سلامة الشحن التجاري في البحر الأسود"، ورغم أن أوكرانيا لم تكن ترغب في التوقيع عليه رسميا، فقد أعطت كييف موافقتها للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، لإعلانه في 30 مارس، قبل يوم من انتخابات البلدية الحاسمة، وفقا لما قالته المصادر.

وقال أحد المصادر "في اللحظة الأخيرة، انسحبت أوكرانيا فجأة وتم إلغاء الاتفاق".

وأكدت المصادر الثلاثة الأخرى هذا الحديث. وأحجمت روسيا وأوكرانيا وتركيا عن التعليق.

ولم يتضح بعد سبب انسحاب أوكرانيا. وقال الأشخاص الذين تحدثوا إلى رويترز إنهم لا يعرفون السبب الذي دفع كييف إلى اتخاذ القرار.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير إنه بدون مساعدة عسكرية أميركية جديدة، لن تتمكن أوكرانيا من الدفاع عن ممر الشحن في البحر الأسود الذي يعانق ساحلها الغربي على البحر الأسود بالقرب من رومانيا وبلغاريا.

تقدم المحادثات حول صفقة الشحن، والتي لم يتم الإعلان عنها من قبل، لمحة عن الدبلوماسية الهادئة التي تجري خلف أبواب مغلقة حول سبل إقناع الجانبين المتحاربين بالتفاوض، ولو بشكل مبدئي، حول الشحن التجاري.

وعندما طلب منه التعليق على تقرير رويترز، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك "مازلنا نأمل أن تسود حرية الملاحة البحر الأسود".

وتحاول تركيا والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، منذ أشهر، تأمين حرية الملاحة بشكل أكبر للسفن التجارية عبر البحر الأسود، الذي تحولت بعض المناطق فيه إلى ساحة حرب بحرية منذ غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022.

ويعد البحر الأسود طريقا رئيسيا لكل من روسيا وأوكرانيا لتصدير المنتجات السائبة مثل الحبوب والأسمدة والنفط إلى الأسواق العالمية، على الرغم من انخفاض أحجام الشحن البحري بشكل كبير منذ الحرب.

محادثات روسية أوكرانية

جاء في نص الاتفاق، الذي اطّلعت رويترز على نسخة منه، أن تركيا توصلت "في إطار جهود الوساطة" إلى اتفاقات مع أوكرانيا وروسيا "بشأن ضمان حرية وأمن الملاحة للسفن التجارية في البحر الأسود" امتثالا لاتفاقية مونترو بشأن نظام المضايق.

تمنح اتفاقية عام 1936 تركيا السيطرة على مضيق البوسفور والدردنيل والقدرة على تنظيم عبور السفن الحربية البحرية.

كما تضمن حرية مرور السفن المدنية في وقت السلم وتقيد حركة مرور السفن غير التابعة لدول منطقة البحر الأسود.

وبموجب الاتفاق الذي كاد أن يعلن في 30 مارس، كانت كل من موسكو وكييف ستقدم ضمانات أمنية للسفن التجارية في البحر الأسود مع الالتزام بعدم استهدافها أو الاستيلاء عليها أو تفتيشها طالما أنها إما فارغة أو تم تحديد أنها تحمل شحنة غير عسكرية.

وجاء في مسودة الاتفاق أن "هذه الضمانات لا تنطبق على السفن الحربية والسفن المدنية التي تحمل بضائع عسكرية (باستثناء النقل البحري الذي يتفق عليه الطرفان في إطار المهام الدولية)".

وجاء في المسودة أن "الجمهورية التركية تبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بأنه تم التوصل إلى الاتفاق ويجري تنفيذه من خلال وساطة الجمهورية التركية. ويدخل الاتفاق حيز التنفيذ فور الإعلان عنه".

وساعدت تركيا والأمم المتحدة في التوسط في مبادرة تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وهي اتفاق تم التوصل إليه في يوليو 2022 وسمح بتصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب الأوكرانية من البحر الأسود بشكل آمن.

وانسحبت روسيا من الاتفاق في يوليو 2023، واشتكت من أن صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة تواجه عقبات هائلة.