مسلمو الهند يتعرضون للمضايقات بسبب جائحة كورونا
مسلمو الهند يتعرضون للمضايقات بسبب جائحة كورونا

ألقى جيران المواطن الهندي جايور حسن، الحجارة على منزل عائلته الكائن في قرية شمال الهند وأضرموا النار في ورشته بسبب تعبير إعجاب على المنصات الاجتماعية.

وقد ندد موقع فيسبوك باستهداف الأقلية المسلمة في الهند منذ أن دخلت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 1.3 مليار نسمة في إغلاق شامل لمواجة فيروس كورونا المستجد، في أواخر مارس.

"فرانس برس" قالت إن الشرطة التي ألقت القبض على رجلين، إثر الشكوى التي رفعها حسن، كشفت أن رجال عائلته بأكملها مهددون: "ما لم يحلقوا لحاهم ويتوقفوا عن ارتداء قبعات الإسلامية".

وقال حسن، 55 عاما، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف من قرية كيوراك ، حيث تعيش عشرات العائلات المسلمة بين حوالي 150 أسرة هندوسية: "كان أجدادي يعيشون هنا وقد ولدت هنا".

وتابع: "عشنا كعائلة واحدة، والدين لم يكن يوما مشكلة هنا"، ثم أضاف: "لكن الآن هناك جو من الخوف والكراهية في كل مكان".

وكان الهجوم على عائلة حسن، مجرد حلقة أخرى في مسلسل الاعتداءات على المسلمين، في أعقاب التضليل الممارس في حقهم وسط الانتشار الواسع لفيروس كورونا وسط المواطنين هناك.

ويستخدم القوميون الهندوس الفيروس التاجي لإثارة الكراهية ضد المسلمين، باستخدام منصات على الإنترنت وبعض وسائل الإعلام الرئيسية واتهامهم بنشر المرض.

ويلقي البعض باللوم على رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي يتهمونه بالسعي لإعادة تشكيل الهند كأمة هندوسية، مما يقوض الجذور العلمانية والتعددية لأكبر ديمقراطية في العالم.


#كورونا_الجهاد 

وعلى مدى الشهرين الماضيين، قام فريق التحقيقات التابع لوكالة فرانس برس بـ "فضح" المئات من منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي استهدفت المسلمين فيما يتعلق بوباء الفيروس التاجي في الهند.

مسلمون من بومباي في الهند يدعون من أجل رفع الوباء عن بلادهم

وانتشرت مقاطع فيديو مزيفة ومريبة تزعم أنها لمسلمين يلعقون الثمار للبيع وينتهكون قواعد الإغلاق.

وفي إحدى المنشورات التي كشفتها وكالة فرانس برس، تم نشر صورة على فيسبوك وتويتر مع ادعاء كاذب أن المسلمين الهنود يخرقون قواعد الابتعاد الاجتماعي عن طريق الصلاة على سطح. وفي الواقع، أظهرت الصورة أشخاصًا يصلون في دبي، تؤكد فرانس برس.

كما استخدمت مئات الآلاف من المنشورات عبر الإنترنت علامة التصنيف #CoronaJihad (#كورونا_الجهاد)، والتي تم نشر بعضها من قبل أعضاء حزب باهراتيا جاناتا (BJP) الحاكم.

وزاد تتبع الهندوس للمسلمين عندما تبين أن مجموعة مسلمة، تدعى "تابليغي" (Tabligi)، تجاهلت المبادئ التوجيهية المتعلقة بالإغلاق خلال تجمع ديني شهر مارس في نيودلهي.

وارتبطت المجموعة بحوالي ثلث حالات الإصابة بالفيروس التاجي في الهند، وأجبر حوالي 40 ألف شخص على البقاء في الحجر الصحي.، ورغم ذلك ظل الهندوس يتهمون المسلمين بنشر الفيروس عبر البلاد.

في الجهة المقابلة، اتُهمت الصحف والقنوات التلفزيونية، وكذلك الحكومة، بإثارة التوترات، حيث وصف مراسلون صحفيون أعضاء جماعة التبليغ بـ"القنابل البشرية".

 

تداعيات العالم الحقيقي

 

ومع تفشي المعلومات الخاطئة، ازداد العنف والغضب ضد المسلمين، وانتقل من العالم الافتراضي إلى العالم الحقيقي.

وسجلت أغلب أنحاء البلاد، اعتداءات على سائقي الشاحنات المسلمين والبدو الرحل. وأظهر مقطع فيديو على فيسبوك شاب مسلم ينزف ويتوسل وهو يضرب بالعصي.

وفي الفيديو الذي تمتلك الشرطة نسخة منه، يمكن سماع أحد المهاجمين يسأل الشاب المسلم قائلا: "من أرسلك لنشر الفيروس؟"

كما اتخذ العداء أشكالًا أكثر جرأة، حيث ظهرت ملصقات مكتوب عليها "لا للمسلمين" في بعض القرى.

وقال أحد المستشفيات إن المسلمين لن يتم قبولهم بدون شهادة تثبت أن نتائج فحوص كوفيد19 سلبية لديهم.

ويشتكي نحو 200 مليون مسلم في الهند منذ فترة طويلة من العداء المتزايد في عهد مودي، الذي وصل إلى السلطة قبل ما يقرب من ست سنوات.

وكان مودي مسؤولا عن ولاية غوغارات الغربية عندما قتلت أعمال شغب دينية حوالي ألف مواطن معظمهم من المسلمين عام 2002.

وشهدت ولايته الأولى كرئيس للوزراء زيادة في أعمال عنف يقوم بها المتطرفون الهندوس الذين يقتلون المسلمين بتهمة أكل لحوم البقر أو قتل الأبقار، وهي مقدسة بالنسبة للعديد من الهندوس، وفقا لناشطين.

وبدأت ولايته الثانية في العام الماضي بإلغاء الحكم الذاتي للدولة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند، وانتقد تشريع المواطنة الجديد على أنه تمييزي.

وفي فبراير، أسفرت أسوأ أعمال الشغب الدينية في نيودلهي منذ عقود عن مقتل أكثر من 50، ثلثيهم من المسلمين، وتم اتهام مشرع محلي من حزب بهاراتيا جاناتا بأنه محرض رئيسي.

 

الوحدة... الأخوة

 

يقول نشطاء إنه في الأسابيع الأخيرة، مع تركيز اهتمام وسائل الإعلام على الوباء، كثفت الشرطة الاعتقالات بسبب الاضطرابات، ومعظم الموقوفين من المسلمين، وذلك بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

ويسعى مودي علنا إلى تهدئة التوترات، داعيا إلى "الوحدة والأخوة" لكن مسلمي الهند يتهمونه بتأجيج الراي العام ضدهم.

وغرد مودي مرة قائلا: "كوفيد- 19 لا يرى العرق أو الدين أو اللون أو الطبقة الاجتماعية أو العقيدة أو اللغة أو الحدود قبل أن يضرب".

لكن جمعية الناشط "شاهد صديقي" التي تضم أغلبية مسلمة تشكلت لمحاربة كراهية الإسلام، قالت إن الدولة متورطة في إذكاء الكراهية.

وصرح صديقي لوكالة فرانس برس قائلا إن المسلمين "تعرضوا لسوء المعاملة ورسموا على أنهم خطرون في ظل الدعاية المنظمة"، وكشف أن الحكومة ووسائل الإعلام التابعة لها تتعمد تحويل اهتمام الشعب عن الأزمات الحقيقية، بالسماح بتفشي الكراهية بين أبناء الوطن الواحد.

فلسطينيون يتجمعون على شاطئ دير البلح في وسط قطاع غزة في 17 أبريل 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس
فلسطينيون يتجمعون على شاطئ دير البلح في وسط قطاع غزة في 17 أبريل 2024، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة حماس

سلطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية الضوء على مقطع الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع لسكان غزة على الشاطئ والذي قالت إنه أثار حالة من الجدل المجتمعي وأغضب بعض الإسرائيليين.

وانتقدت الصحيفة تعليقات بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيليين والذين استخدموا هذه الصور للتشكيك في كل ما يقال عن تعرض الفلسطينيين لـ"إبادة جماعية وتطهير عرقي ومجاعة".

وأوضحت أن الكثيرين في إسرائيل لا يصدقون أن "رؤية بعض الأشخاص على الشاطئ لا تنفي أنه من بين مليوني شخص يعيشون في غزة يمكن أن يكون الكثيرون تعرضوا للموت والجوع والنزوح".

ولم تصل منشورات أخرى إلى حد اتهام سكان غزة بتزييف المجاعة، وبدلاً من ذلك سلطت الضوء على شعور الإسرائيليين بالمرارة بسبب رؤيتهم لطفل فلسطيني تجرأ وأظهر استمتاعا بيوم على الشاطئ، في حين تم إغلاق بعض الشواطئ في الشمال والجنوب على الجانب الإسرائيلي منذ ما يقرب من سبعة شهور.

وغرد صحافي القناة 13، أموغ بوكر، قائلاً إن الصور "ألحقت الأذى بجسده"، وأضاف: "في حين أن شاطئنا زيكيم تم إعلانه منطقة عسكرية مغلقة، على الجانب الآخر من السياج يقضي سكان غزة وقتهم على الشاطئ ويستحمون في البحر كما لو لم تكن هناك حرب".

وبالنسبة للجانب الفلسطيني، أشارت الصحيفة إلى أنه ظهرت أيضا العديد من التعليقات المختلفة تماما، منها أشار البعض إلى أن مياه البحر الباردة هي الطريقة الوحيدة للهروب من درجات الحرارة الحارقة للخيام التي يضطر العديد من سكان غزة الاحتماء بها الآن بعد أن تحولت منازلهم إلى أنقاض.

ورأى آخرون أن الفيديو كان بمثابة انتصار، وشهادة على صمود الفلسطينيين. وقالت تغريدة أخرى "كل ما فعلته إسرائيل الإرهابية لتدمير أهل غزة لن ينجح، لأننا شعب يحب الحياة".