صورة تعبيرية من باخموت بمنطقة دونيتسك وسط الغزو الروسي لأوكرانيا
صورة تعبيرية من باخموت بمنطقة دونيتسك وسط الغزو الروسي لأوكرانيا

وجهت الولايات المتحدة الأميركية لروسيا اتهاما واضحا ومباشرا بأنها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال حربها على أوكرانيا، وذلك قبل أسبوع من حلول الذكرى السنوية الأولى لهجوم موسكو على كييف.

وتحمل هذه التهمة أبعادا سياسية، وأخرى قانونية لها تبعات قد تطال أرفع المسؤولين في موسكو، وفق خبراء استطلع موقع "الحرة" رأيهم.

ووجهت واشنطن الاتهام مرتين، المرة الأولى من نائبة رئيس الولايات المتحدة الأميركية كمالا هاريس في كلمة خلال مؤتمر ميونيخ للأمن قالت فيها إن أميركا تصف رسميا ما ارتكبته روسيا في أوكرانيا بأنه جريمة ضد الإنسانية، وأن بلادها تدعم التحقيقات الدولية للوصول إلى العدالة من أجل الضحايا، متوجهة إلى من ارتكب هذه الجرائم بالقول: "ستحاسبون".

والثانية من وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، الذي قال إن قوات روسية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها.

"مساران أمام حلفاء أوكرانيا"

ويشير الخبير الاستراتيجي، سامي نادر، في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن "التصريح الأميركي يعني مقاضاة روسيا أمام محاكم حقوق الإنسان، أكان تحت قبة الأمم المتحدة أو المحاكم الدولية".

ويضيف أنه "على المستويين المعنوي والسياسي، يمكن تحليل التصريحات على أنها مواصلة دعم لأوكرانيا بسلاح نوعي".

وأشار إلى أن "الولايات المتحدة الأميركية وضعت قاعدة، وانطلاقا منها تسير في طريقين، الأول طريق المقاضاة لروسيا، والثاني هو طريق مواصلة الدعم العسكري لكييف".

ما هي الجريمة ضد الإنسانية؟

في كلمتها بمؤتمر ميونيخ، قالت هاريس إن "القوات الروسية شنت هجوما واسع النطاق على السكان المدنيين، وارتكبت أعمالا شنيعة من القتل والتعذيب والاغتصاب والتهجير، والضرب والصعق بالكهرباء، ورحلت السلطات الروسية قسرا مئات الآلاف من الأشخاص من أوكرانيا إلى روسيا، بينهم أطفال".

وشددت هاريس على أن "هذه الأعمال همجية وغير إنسانية".

وبحسب المحكمة الجنائية الدولية فإن الجريمة ضد الإنسانية ترتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم، وضمنها:

  • القتل العمد
  • الإبادة
  • الاسترقاق
  • إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان
  • السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي
  • التعذيب
  • الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة
  • اضطهاد أي جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس، أو لأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها
  • الاختفاء القسري للأشخاص
  • جريمة الفصل العنصري
  • الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية

وبناء على تعريف المحكمة الجنائية الدولية، يستند المحامي الدولي فيصل الفريحات، للقول في حديث لموقع "الحرة" إن "هذه الأفعال هي جرائم ترتكب ضد الإنسانية وضد المدنيين، وبالتالي فإن الجريمة ضد الإنسانية هي أفعال القتل المقصود والعمد، والإبادة، والإبعاد القصري من دولة إلى دولة أخرى. وحتى حبس الحريات للمدنيين في الدولة تعتبر جريمة ضد الإنسانية".

ويشير الفريحات إلى أن "الأفعال جميعها تقع على المدنيين وليس على المقاتلين العسكريين، وفي المفهوم العام للجريمة ضد لإنسانية حتى الأسير المقاتل في حال اعتدي عليه وتم التعسف في تعذيبه وانتزاع الاعتراف منه، فهذه تعتبر جريمة ضد الإنسانية".

وتاليا فإن الجريمة ضد الإنسانية تقع على المدنيين. أما جريمة الحرب فهي جريمة تقع على المسلحين والمقاتلين، وعملية الاعتداء عليهم بتصرفات لا إنسانية وتخالف قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، حسب الفريحات.

ماذا بعد التوصيف الرسمي؟

بعد تبني توصيف "الجريمة ضد الإنسانية" من قبل واشنطن، يعتقد الفريحات أنه "سيطرح على هيئة الأمم المتحدة، بعد أن تتشاور مع الدول الحليفة في عملية إصدار مشروع قانون لتجريم روسيا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا، وإذا مر مشروع القانون هذا في الأمم المتحدة، وتبنتها منظمة الأمم المتحدة ووافقت عليها غالبية الأعضاء الدائمين، يُحول المشروع مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية المعنية في الحرب الروسية على أوكرانيا".

وضمن الإطار، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن وليام لورانس، في حديث سابق لموقع "الحرة" إن الخطوة مهمة من الناحيتين السياسية والقانونية". وأضاف لورانس أنه "من الواضح أن ما جرى من جرائم وانتهاكات في أوكرانيا أمر لا يقبل الشك"، ومع ذلك استدرك بالقول: "لكن التقرير الجنائي الكامل بشأن تلك الجرائم والتحقيق النهائي بشأنها حتى الآن لا يزال مستمرا، ومن الناحية القانونية هي مجرد ادعاءات".

وأوضح لورانس: "في الوقت ذاته فإن هذه الادعاءات جاءت بشأن جرائم مرتكبة، وبعض التحقيقات اكتملت بالفعل، وخصوصا في ما يتعلق بما جرى في مدينة بوتشا وأيضا استهداف مرافق طبية بالقنابل في مدن أخرى مع بداية الحرب".

ويؤكد لورانس أن " هناك جرائم حرب واضحة جدا، لكن إثباتها في المحكمة يحتاج لاكتمال التحقيقات، التي انتهى بعضها ولا يزال عدد منها مستمرا".

مصير بوتين في حال الإدانة

في حين أفادت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة أحصت ووثقت منذ بدء الغزو أكثر من 30600 حالة من جرائم الحرب يشتبه بأن القوات الروسية في أوكرانيا ارتكبتها، يشرح الفريحات أنه "بحال حصلت الإدانة بموجب قرارات دولية صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، وهي قرارات تعتبر أممية، فإن المرتكب لهذه الجرائم ضد الإنسانية هي الدولة الروسية ومن هو مفوض عنها، وفي المقدمة رئيسها فلاديمير بوتين، لأنه الحاكم الفعلي العسكري لروسيا".

ويتابع الفريحات أن "هناك شخصيات أمنية وعسكرية يحاسبون بالقانون الدولي كما حصل في القضايا مثل رواندا وطوكيو ويوغسلافيا السابقة، وأيضا عمر البشير في السودان الذي أدين بقرار دولي وأممي أنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية وتم التعميم عليه بإلقاء القبض عليه في أي دولة كانت وليس عليه حصانة".

ويلفت الفريحات إلى أنه "في حال صدور هذه القرارات الدولية التي تعتبر قرارات أممية تسقط الحصانة عن بوتين وجماعته"، مشيرا إلى أن "من يصدر قرارات ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية يعتبر مجرم حرب".

جرائم روسيا

قالت هاريس في مؤتمر ميونيخ: "شاهدنا ماذا حصل في مسرح ماريوبول، حيث قُتل مئات الأشخاص. علينا أن نتذكر صورة الأم الحامل التي قُتلت جراء غارة على المستشفى حيث كانت تستعد للولادة. وعلينا أن نتذكر أيضا ما حصل في بوتشا حيث قتل مدنيون بدم بارد، وتركت أجسادهم في الشارع".

وذكرت بالفتاة "البالغة من العمر 4 سنوات التي قالت الأمم المتحدة إنها تعرضت لاعتداء جنسي من قبل جندي روسي".

ففي يونيو 2022، اعتبرت منظمة العفو الدولية "أمنستي" في تقرير أن القصف الذي استهدف، في 16 مارس، مسرح ماريوبول في أوكرانيا يشكّل "بوضوح جريمة حرب" روسية.

سُجلت أولى حالات العنف الجنسي بعد ثلاثة أيام من بدء غزو أوكرانيا في 24 فبراير
"جنود مزودون بالفياغرا".. هكذا استخدم الروس الاغتصاب "سلاحا" في أوكرانيا
دانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة، براميلا باتن، جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية التي تتهم القوات الروسية بارتكابها في أوكرانيا، معتبرا أنها تمثل بشكل واضح "استراتيجية عسكرية" و"تكتيكا متعمدا لتجريد الضحايا من إنسانيتهم".

وعن الاغتصاب، كشف تحقيق أجرته لجنة دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، في أكتوبر، أن روسيا ارتكبت جرائم حرب في أوكرانيا تضمنت حالات عنف جنسي ضد النساء والفتيات.

وتراوحت أعمار الضحايا من طفلة تبلغ أربع سنوات إلى سيدة يبلغ عمرها 80 عاما، فيما أجبر أفراد الأسرة على مشاهدة بعض أقاربهم يتعرضون للاعتداء والعنف الجنسي.

وفي أكتوبر الماضي، دانت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة، براميلا باتن، جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية التي تتهم القوات الروسية بارتكابها في أوكرانيا.

وأوضحت أن الحالات الأولى لعنف جنسي ظهرت "بعد ثلاثة أيام من بدء غزو أوكرانيا" في 24 فبراير.

المدعون الألمان قالوا إن الرجلين هدفا في مخططاتهما إلى "تقويض الدعم العسكري المقدم من ألمانيا لأوكرانيا لمواجهة العدوان الروسي"
المدعون الألمان قالوا إن الرجلين هدفا في مخططاتهما إلى "تقويض الدعم العسكري المقدم من ألمانيا لأوكرانيا لمواجهة العدوان الروسي"

قبض على مواطنَين ألمانيَين-روسيَين في بافاريا للاشتباه في تجسسهما لصالح روسيا والتخطيط لأعمال تخريبية لتقويض الدعم العسكري لأوكرانيا، وفق ما أعلن مدّعون فيدراليون، الخميس.

وأوضح المدعون أن الرجلين اللذين عُرِّف عنهما باسم ديتر إس وألكسندر جيه، قبض عليهما في مدينة بايرويت الأربعاء. وهما متّهمان باستكشاف أهداف محتملة لشن هجمات عليها "بما فيها منشآت تابعة للقوات الأميركية" المتمركزة في ألمانيا.

كما فتشت الشرطة منزلي الرجلين ومكاني عملهما، الأربعاء.

ويشتبه في أنهما "كانا يعملان بنشاط لصالح جهاز استخبارات أجنبي" فيما قال المد عون إنها "قضية تجسس خطيرة".

واستدعت وزارة الخارجية الألمانية، الخميس، السفير الروسي بعد توقيف الرجلين. وقال ناطق باسم الوزارة لوكالة فرانس برس إن وزيرة الخارجية، أنالينا بيربوك، استدعت السفير الروسي بعد القبض على الرجلين في بايرويت المتّهمين أيضا بالتجسس لصالح روسيا.

وبحسب المدعين، كان ديتر يتشارك معلومات مع شخص مرتبط بأجهزة الاستخبارات الروسية منذ أكتوبر 2023، للبحث في أعمال تخريبية محتملة.

وأضافوا "كانت تلك الأعمال تهدف خصوصا إلى تقويض الدعم العسكري المقدم من ألمانيا لأوكرانيا لمواجهة العدوان الروسي".

وأعلن ديتر استعداده "لتنفيذ هجمات بمتفجرات على بنى تحتية عسكرية ومواقع صناعية في ألمانيا وإحراقها".

ومن أجل القيام بذلك، جمع ديتر معلومات حول أهداف محتملة "بما فيها منشآت تابعة للقوات الأميركية".

وأشار المدعون إلى أن المشتبه به الثاني، ألكسندر جيه، بدأ مساعدته اعتبارا من مارس 2024 على أبعد تقدير.

وحدّد ديتر بعض الأهداف المحتملة من خلال التقاط صور ومقاطع فيديو لوسائل نقل ومعدات عسكرية. ويشتبه بأنه شارك المعلومات بعد ذلك مع جهة الاتصال الخاصة به.

ويواجه ديتر أيضا تهمة منفصلة تتعلق بالانتماء إلى منظمة إرهابية أجنبية إذ يشتبه المدعون في أنه كان مقاتلا في وحدة مسلحة في "جمهورية دونيتسك الشعبية" في شرق أوكرانيا بين 2014 و2016.