Ali Shamkhani (R), Iran's Secretary of the Supreme National Security Council, meets with  Sheikh Tahnoun bin Zayed al-Nahyan (L…
طحنون بن زايد زار طهران في أواخر عام 2021

في مؤشر جديد على التقارب بين إيران ودول الخليج العربية، يصل كبير المسؤولين الأمنيين الإيرانيين، علي شمخاني، إلى دولة الإمارات، الخميس، لإجراء محادثات مع المسؤولين في أبوظبي.

وتأتي رحلة شمخاني إلى الإمارات بعد الاتفاق بين الرياض وطهران على إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في غضون شهرين، مما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات.

وكان الاتفاق بين القوتين المتنافستين في الشرق الأوسط جزءا من صفقة بوساطة الصين وقعها شمخاني، الذي يشغل منصب أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ونظيره السعودي في بكين.

وقال المحلل السياسي الإيراني، سعيد ليلاز، إن "حقيقة أن شمخاني يشارك بشكل مباشر في مثل هذه المحادثات تظهر أن الجمهورية الإسلامية مصممة على تحسين علاقاتها مع الدول العربية" في الخليج.

وأضاف في حديث لصحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية، أن أولويات شمخاني في محادثات الإمارات ينبغي أن تكون إنهاء الصراع اليمني المستمر منذ تسع سنوات، وتيسير تحويل العملات الأجنبية إلى إيران.

وجاءت الزيارة بينما قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، إن الاستثمار السعودي في إيران يمكن أن يحدث "بسرعة كبيرة" بعد اتفاق الأسبوع الماضي.

في المقابل، يستبعد المحلل السياسي الإماراتي، محمد تقي، أن تكون هذه الزيارة مرتبطة بالاتفاق السعودي الإيراني في بكين.

وأرجع تقي في حديثه لموقع قناة "الحرة"، رأيه لاستباق الإمارات جارتها السعودية بالتقارب مع إيران، موضحا أن الاتفاق السعودي الإيراني يتعلق بالعلاقات الثنائة بين الرياض وطهران.

وقال إن زيارة شمخاني جاءت بناء على دعوة من قبل مستشار الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وهي ردا على زيارة قام بها الأخير إلى طهران في أواخر عام 2021.

وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن صحيفة "نور نيوز" الإيرانية قولها إن رحلة أبوظبي جاءت ردا على زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي إلى إيران أواخر عام 2021.

وقالت صحيفة "نور نيوز" إن كبار المسؤولين الاقتصاديين والمصرفيين والأمنيين سيرافقون شمخاني لإجراء محادثات تشمل قضايا ثنائية وإقليمية ودولية.

ويرى تقي أن الوفد الاقتصادي والدبلوماسي والأمني الذي يرافق شمخاني في هذه الرحلة يحمل دلالة أن طهران "تهدف لفتح آفاق تعاون أوسع في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية" مع الإمارات.

علاقات متنامية وشراكة تجارية

وبحسب "الفايننشال تايمز" نقلا عن محللين، فإن إيران استخدمت على مدار العقد الماضي، الشركات في المراكز التجارية بالإمارات للتحايل على العقوبات المنهكة التي فرضتها الولايات المتحدة ردا على برنامج إيران النووي.

كانت الإمارات من بين أكبر الشركاء التجاريين لإيران منذ عقود حتى في الأوقات الصعبة بين الدولتين.

وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية لطهران أن بضائع بقيمة 13.6 مليار دولار تم استيرادها إلى البلاد عبر الدولة الخليجية، وهو ما يمثل نحو 31 بالمئة من جميع الواردات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الإيراني الذي ينتهي الأسبوع المقبل.

وأثارت التحركات الدبلوماسية الأخيرة لطهران الآمال بين العديد من الإيرانيين ومجتمع الأعمال في البلاد في أن القادة المتشددين ربما يستعدون لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.

لكن على الرغم من ذوبان الجليد في العلاقات الإقليمية، لم تكن هناك إشارة قوية من القيادة الإيرانية على استعدادها للعودة إلى الاتفاق النووي.

وقال ليلاز إن إيران "ليس لديها خيار سوى تقديم تنازلات في نهاية المطاف مع الولايات المتحدة حيث وصل كلاهما إلى طريق مسدود في التعامل مع بعضهما البعض".

وأضاف أنه "في الوقت الحالي، يشعر الإيرانيون بالارتياح؛ لأن بعض التقدم يحدث في السياسة الخارجية".

وكتبت صحيفة "اعتماد" على قناتها على تلغرام، "سيلتقي شمخاني مع نظيره الإماراتي لبحث وضع مفاوضات إحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 وقضايا أمنية وسياسية أخرى".

وفي هذا الإطار، لم يستبعد المحلل السياسي الإماراتي تدخل بلاده لمحاولة إحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى لعام 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، عام 2018.

وقال تقي إن الإمارات دائما ما تسعى لتقريب وجهات النظر في القضايا الإقليمية والدولية، وهي سباقة في المساعدة متى ما اقضت الحاجة.

وتسلط زيارة شمخاني للإمارات الضوء على تنامي العلاقات بين طهران وأبوظبي منذ أن أعادت الإمارات سفيرها إلى إيران في سبتمبر بعد خفضها مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية لأكثر من ست سنوات.

ورجح تقي "تنامي" العلاقات بين طهران وأبوظبي قائلا إن "هناك زيارات مستقبلية على مستوى رؤساء الدول".

الخلافات الحدودية بين السعودية والإمارات تعود للواجهة
الخلافات الحدودية بين السعودية والإمارات تعود للواجهة | Source: AFP PHOTO / UAE PRESIDENTIAL COURT

تمسكت الإمارات بخطوط الأساس المستقيمة لحدودها البحرية المعلن عنها بقرار حكومي صدر عام 2022، رافضة "الادعاء" بأن تلك الخطوط تتعارض مع القانون الدولي.

وفي وثيقة رسمية نشرها موقع الأمم المتحدة، مؤرخة بتاريخ 13 مارس 2024، تشير وزارة الخارجية الإماراتية إلى أن تلك الخطوط حددت بناء على قرار مجلس الوزراء رقم 35 لسنة 2022 "استنادا للفقرة 2 من المادة 16 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار".

وذكرت وزارة الخارجية في رسالتها أن الإمارات "تؤكد بأن خطوط الأساس المستقيمة التي أودعتها لدى الأمين العام للأمم المتحدة، تترتب عليها كافة الآثار القانونية المكفولة لها في مناطقها البحرية، بموجب القانون الدولي للبحار".

وجاءت رسالة الإمارات التي رفعتها بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة وطلبت "نشرها وتعميمها"، ردا على مذكرة شفوية رفعتها نظيرتها السعودية مؤرخة في 21 ديسمبر 2023.

وفي تلك الوثيقة، قالت وزارة الخارجية السعودية إن المملكة "ترفض" قرار مجلس الوزراء الإماراتي رقم 35 لسنة 2022 "المتضمن إعلان تطبيق نظام خطوط الأساس المستقيمة مقابلة سواحل دولة الإمارات".

وجاء في الرسالة المرفوعة للأمين العام للأمم المتحدة: "تؤكد حكومة المملكة العربية السعودية رفضها هذا الإعلان، ولا تعتد به ولا تعترف بأي أثر يترتب عليه وتتمسك بكافة حقوقها ومصالحها وفقا للقانون الدولي العام، ووفقا لاتفاقية الحدود المبرمة بين البلدين في 21 أغسطس 1974 الملزمة للطرفين".

وذكرت الوثيقة أن خطوط الأساس المستقيمة التي أعلنت عنها الإمارات عام 2022 "المقابلة للساحل السعودي لا علاقة لها بسواحل الإمارات، وهذا يخالف القانون الدولي العام".

وجددت السعودية دعوتها لجارتها الإمارات "لتنفيذ المادة 5 من اتفاقية الحدود بين البلدين لعام 1974".

وكانت الإمارات أعلنت عن خطوط الأساس المستقيمة للمناطق البحرية للدولة وفقا لإحداثيات أوردتها في جدول متكامل للجزر البحرية بمياه الخليج وخليج عمان، وذلك في قرار مجلس الوزراء الإماراتي 35 لعام 2022.

واعتبرت الإمارات أن "المياه الموجودة على الناحية المواجهة لليابسة من خطوط الأساس المستقيمة" التي أعلنت عنها في القرار الحكومي "مياها داخلية لدولة الإمارات".

كما ألغى القرار الحكومي لعام 2022 قرارا مماثلا لعام 2009 بشأن تطبيق نظام خطوط الأساس المستقيمة على جزء من ساحل دولة الإمارات.

وفي هذا الجانب، قالت الخارجية السعودية في رسالتها المؤرخة 21 ديسمبر 2023، إنها "تتمسك بجميع المواقف الواردة في مذكرتها المؤرخة في 9 أغسطس لعام 2009 الموجهة لوزارة خارجية ... بشأن قرار مجلس وزراء الإمارات رقم 5 بتاريخ 14 يناير 2009 المتعلق بتطبيق نظام خطوط الأساس المستقيمة على جزء من ساحل الإمارات".

وجاء الكشف عن هذه الوثائق من قبل الأمم المتحدة بعد نحو شهر من كشفها لوثائق مماثلة تفيد بـ"رفض" السعودية لإعلان الإمارات أن "الياسات" منطقة بحرية محمية، معتبرة أن ذلك "يتعارض مع القانون الدولي".

وتأتي هذه التطورات المعلن عنها حديثا، بينما تداولت وسائل إعلام أميركية خلال الأشهر الماضية، تقارير تفيد بوجود "خلافات متصاعدة" بين الدولتين، بشأن السياسات تجاه اليمن وقرارات منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).

وتملك السعودية والإمارات خلافات حدودية قديمة رغم التحالف بين البلدين الذين سبق لهما أن قادا تحالفا عسكريا في اليمن، علاوة على اتفاقهما بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر برفقة البحرين ومصر أيضا، وهو خلاف خليجي انتهى بتوقيع اتفاق العلا مطلع عام 2021.

وتعود أصول بعض هذا التنافس إلى النزاعات الإقليمية والسياسات الأسرية التي سبقت استقلال دولة الإمارات، وفقا لورقة بحثية نشرها، العام الماضي، موقع المركز العربي واشنطن العاصمة (ACW)، وهو منظمة بحثية غير ربحية ومستقلة وغير حزبية، مهتمة بالشرق الأوسط.