تنظيم داعش يعتمد على فرض الإتاوات كأحد مصادر دخله الأساسية
تنظيم داعش يعتمد على فرض الإتاوات كأحد مصادر دخله الأساسية

يجني تنظيم داعش ملايين الدولارات شهريا، من فرض إتاوات على المستثمرين في حقول النفط في شمال شرق سوريا، وأصحاب المصانع والمحلات التجارية في العراق، كأحد مصادر دخله الأساسية، بعد فقدانه مناطق سيطرته على الأراضي في هاتين الدولتين منذ ثلاث سنوات. 

ويقول الخبير في الحركات الراديكالية، حسن أبو هنية، لموقع "الحرة" إنه لا تكاد تمر شاحنة وقود خاصة في مناطق شمال شرق سوريا الغنية بالنفط، إلا وتدفع إتاوة للتنظيم"، مشيرا إلى أن هذا الأمر ينفذه عناصر التنظيم أيضا في معظم المناطق السنية في العراق، وبشكل واضح على الكثير من الأعمال التجارية، والمصانع، وحتى على أصحاب السيارات، وليس شاحنات النفط فقط. 

وأعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق، السبت، عن الإطاحة بخلية تجمع أموال الإتاوات لصالح تنظيم داعش الإرهابي غربي محافظة نينوى، شمالي البلاد.

وأشار البيان إلى أن أربعة أشخاص كانوا "يفرضون على المواطنين دفع الأموال لتمويل عصابات داعش وعملياتهم الإرهابية".

وأضاف أنه "جرى تدوين أقوال المتهمين أصولياً بعدما اعترفوا بتهديد وترهيب العديد من المواطنين، وأخذ الأموال منهم بالقوة وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم".

الخبير الأمني فاضل أبو رغيف يقول لموقع "الحرة" إن المجموعة التي تم القبض عليها السبت، ليست خلية بالمعنى الكبير لها، هي فقط عبارة عن مجموعة صغيرة كانت تمارس ما يسمى بالكفالات (الرواتب)، وأعتقد أن لديهم شعبة تسمى "رعاية الأسرى والمفقودين"، وهي تحت الهيكلة وتعمل على نطاق محدود، ولا وجود رسمي لها على الأرض. 

في المقابل يقول أبو هنية إن الأمر يجري على نطاق واسع، في المحافظات السنية الست، خاصة في نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى، مشيرا إلى أن رجالا يدعون الانتماء للتنظيم نفذوا عمليات ابتزاز لأصحاب المتاجر وسائقي الشاحنات، كما قتل عناصر التنظيم عشرات الأشخاص الذين رفضوا الدفع. 

ويقول: "لا أحد يستطيع أن يمر في الأنبار أو صلاح الدين، دون أن يدفع إتاوة، ولا أحد ممن يمتلك مصنعا أو حتى محلا صغيرا، يريد أن يخاطر. إذا لم يدفع الإتاوة يحرقونه له (منشأته)". 

وأوضح أن "عناصر تنظيم الدولة الإسلامية تذهب لصاحب المنشأة وتخبره بأنهم من التنظيم بشكل واضح، وتطلب مبلغا معينا شهريا أو نسبة محددة من الأرباح في حدود عشرة إلى عشرين في المئة، مقابل الحماية"، مشيرا إلى أن التنظيم كان يفعل ذلك تحت مسمى "الزكاة" أثناء سيطرته على هذه الأراضي. 

وأضاف: "المغامرة (برفض الدفع) قد تؤدي إلى حرق المصنع أو اغتيال صاحب العمل التجاري. هذا مثل عمل المافيا بالضبط"، مشيرا إلى أن التنظيم يجني من هذه الإتاوات ملايين الدولارات التي وصلت أحيانا إلى 40 مليون دولار سنويا. 

ويقول "يدفع الرجل المعلوم ويأمن السلامة، ولا يستطيع في المقابل أن يخاطر بتبليغ القوات الحكومية التي قد تكون مخترقة، وهو ما قد يعني قتله". 

وترى صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "تنظيم داعش ازدهر من خلال عمليات التهريب والابتزاز وتجنيد الاتباع ببطء من خلال الاعتماد على مجتمعات عربية سنية مهمشة".

وذكر سكان محليون، ومسؤولون غربيون، إن التنظيم يوسع نفوذه بهدوء في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.

وفي منطقة الحسكة على سبيل المثال، يقول مسؤول أمني أوروبي إن التنظيم طلب من أصحاب المتاجر والمزارعين دفع الضرائب أو ما يعرف بـ"الزكاة".

وقال ناشط سوري، من دير الزور، إن "قادة التنظيم يبتزون سائقي الشاحنات الذين ينقلون النفط من الحقول في جنوب شرق سوريا". 

وأضاف أن "الذين يدفعون المال من سائقي الشاحنات يمنحون كلمة مرور يعطونها لمقاتلي الدولة الإسلامية عند إيقافهم، بينما يتعرض من ليس لديهم هذا الرمز للهجوم".

وفي  15 ديسمبر الحالي، اقتحم عناصر من التنظيم محطة الصبيحان النفطية في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، وهددوا بقتل عمال المحطة إذا لم يدفع المستثمرون "غرامة إنتاج النفط"، بحسب تقرير لموقع "المونيتور".

وقبل ذلك بأسبوع، استهدف التنظيم، بعبوة ناسفة، حافلة تقل عمالا في طريق عودتهم إلى ديارهم في ريف دير الزور من محطة خريطة النفطية، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة آخرين.

وفي 29 أكتوبر، اقتحم عناصر من داعش محطة أبو حبيبة النفطية بريف دير الزور الشمالي بعد مطالبة مستثمري النفط بدفع حصة لهم من الاستثمار النفطي في الحقل.

وأكد  الباحث في مركز الشرق للسياسات والمهندس النفطي، سعد الشارع، في حديث سابق لموقع "الحرة"، أن  "تنظيم داعش يفرض إتاوات تقارب العشرين في المئة من قيمة الإنتاج اليومي، وهي بمثابة إتاوات يجبر المستثمرون على دفعها خوفا من الاعتداء عليهم أو استهداف صهاريج النقل بعبوات ناسفة".

وأشار الشارع إلى أن "التنظيم يعلم جيدا حجم الإنتاج اليومي لأنه كان يسيطر على هذه المنطقة في السابق، فضلا عن أن بإمكانه مراقبة عدد الصهاريج"، موضحا أنه "إذا كان يمر على المحطة صهريج واحد في اليوم، فهذا يعني أن نسبة الإنتاج لا تتجاوز ال 150 برميلا".

وحين سيطر عناصر  داعش على تلك المنطقة، في عام 2014، استخدموا المعدات الموجودة لاستخراج النفط وتكريره بطرق غير آمنة للحصول على عوائد مالية تمول عمل التنظيم المتطرف.

ويقول أبو هنية إنه "من المستحيل أن ينتقل صهريج نفط دون أن يتم دفع إتاوة، نحن نتحدث عن مساحة واسعة، لا تستطيع قوة أمنية أو عسكرية أن تسيطر عليها سواء قوات سوريا الديمقراطية، أو الصحراء الواسعة في الأنبار، والسويداء على سبيل المثال في العراق. ومن دون استخبارات وطائرات من دون طيار مثل التي تمتلكها الولايات المتحدة، فمن الصعب التغلب على التنظيم". 

ويقول الشارع إن "المحطات والآبار تكون بعيدة عن الحقول، الأمر الذي يجعل تأمينها من الناحية العسكرية والأمنية صعبا، وهو ما يسمح لداعش بالوصول إليها".

وتعتبر مناطق الشمال الشرقي الخزان الرئيسي لآبار النفط في سوريا، حيث تضم حقولا نفطية ضخمة تحتوى على 70 و80 في المئة من نفط وغاز البلاد.

ويشير أبو هنية في حديثه مع موقع "الحرة" إلى أن "كل التقارير الاستخبارية تتحدث عن عودة التنظيم، خاصة أنه لا يزال لديه عشرة آلاف عنصر فاعل و20 ألف آخرين عبارة عن خلايا نائمة ويمتلك تمويلات 300 مليون دولار واحتياطات مالية، فضلا عن أنه يحصل على إتاوات، فلا يمكن أن يمر النفط أو الغاز يمر بسهولة". 

وأكد أن فرض الإتاوات، هو بمثابة "نهج" يتبعه التنظيم في أي مكان يسيطر عليه، وينفذه في أفريقيا التي يسيطر على مساحات شاسعة فيها، وكذلك تفعل ولاية خراسان في جنوب شرق آسيا ومناطق في أفغانستان، حيث يعمل مثل المافيا وهي جزء من مصادر دخله الأساسية".

ويقول: "التنظيم لم يغب وإنما كان يعمل بطريقة حرب استنزاف معدل ثابت تقريبا يتمثل في 1600 هجوم في العراق وسوريا سنويا، وعودة تكتيكات الاقتحامات والانتحاريين والعربات المفخخة وإعدامات". 

لكن الخبير العسكري العراقي، فاضل أبو رغيف، يرى في حديثه مع موقع "الحرة"، أن "التنظيم لن يعود إلى سالف عهده، لأنه فقد السيطرة على قدرته بالانطلاق تارة أخرى من أرض العراق". 

وأرجع أبو رغيف رؤيته إلى عدد من الأسباب، مثل تنامي قدرات القوات العراقية بالإضافة إلى قدرتها الجوية وطيران الجيش والأجهزة الاستخبارية، وهي على أهبة الاستعداد لأي طارئ قد ينشأ في أي لحظة". 

المتحدثة الإقليمية للخارجية الأميركية، جيرالدين غريفث قالت في مقابلة مع قناة "الحرة"، إن التحالف يعمل على جميع الأصعدة لتجفيف منابع تمويل داعش وبناء شبكة دولية لمكافحة الفروع الناشطة في كافة أنحاء العالم بالإضافة إلى محاربة الأفكار المتطرفة. ندرك أن هناك صعوبات إضافية لذلك نواصل جهودنا الدولية مع شركاءنا في المنطقة لهزيمة داعش بشكل تام". 

وأضافت أنه "يتم تدريب أكثر من مئتي ألف من قوات الأمن العراقية، والولايات المتحدة تعمل على تعزيز قدرات هذه القوات لمكافحة هذه التنظيمات". 

ويعتبر أبو هنية أن مكافحة مثل هذه الأعمال "تحتاج إلى قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب تقوم على عمل استخباري ونوعي وتكتيكات خاصة واصطياد لهذه العناصر، وليس جيوش نظامية مدربة على حرب تقليدية".  

عمليات الإعدام في العراق تلاقي انتقادات من جماعات حقوق الإنسان (أرشيف)
عمليات الإعدام في العراق تلاقي انتقادات من جماعات حقوق الإنسان (أرشيف)

أعلنت السلطات العراقية، الاثنين، تنفيذ حكم الإعدام بحق 11 "مدانا بالانتماء لتنظيم داعش الإرهابي" بعد اكتساب الأحكام صفة القطعية من قبل محكمة التمييز.

وقالت السطات العراقية إنها نفذت، فجر الاثنين، عمليات الإعدام في سجن الناصرية المركزي (الحوت) بإشراف وفد من وزارة العدل، قبل أن يتم تسليم الجثث لذوييهم من قبل الطب الشرعي.

وبموجب القانون العراقي، يمكن أن تؤدي الإدانة بـ"الإرهاب"، وكذلك جرائم القتل العمد وحتى الاتجار بالمخدرات، إلى عقوبة الإعدام شنقا لمرتكبيها. ويجب أن يوقع الرئيس العراقي المراسيم التي تسمح بتنفيذ أحكام الإعدام.

وقال مسؤول أمني في محافظة ذي قار (جنوب) إنه "تم تنفيذ حكم الإعدام بأحد عشر إرهابيا من تنظيم داعش في سجن الحوت في مدينة الناصرية  بإشراف  فريق عمل من وزارة العدل". 

أصدرت المحاكم العراقية في السنوات الأخيرة مئات أحكام الإعدام والسجن المؤبد بموجب القانون الذي ينص على عقوبة تصل إلى الإعدام لكل من انضم إلى "جماعة إرهابية"، سواء قاتل المتهم في صفوفها أم لا.

وفي الماضي، شهد العراق مئات المحاكمات التي وصفت بأنها متسرعة، أو شملت انتزاع اعترافات تحت التعذيب أو لم يحظ المتهمون فيها بتمثيل قانوني فعّال، وفق مدافعين عن حقوق الإنسان.

في هذا الصدد، أشارت منظمة العفو الدولية في بيان، الشهر الماضي، إلى إعدام 13 رجلا الاثنين 22 أبريل "أدينوا على أساس اتهامات غامضة بالإرهاب".

وجاء في البيان أن 11 منهم "أدينوا بالانتماء إلى ما يسمى بجماعة الدولة الإسلامية المسلحة".

وأضافت منظمة العفو الدولية أن الاثنين الآخرين، المعتقلين منذ عام 2008 وفق ما نقلت عن محاميهما، أُدينا "بتهم إرهاب بموجب قانون العقوبات، بعد محاكمة غير عادلة بشكل واضح".