مظاهرة ضد ارتفاع أسعار الوقود في الرقة - صورة أرشيفية
مسؤولون في الإدارة الذاتية عبروا عن تضامنهم مع الأهالي

تشهد مناطق شمال وشرق سوريا حالة من الغليان الشعبي، بعد قرار أصدرته "الإدارة الذاتية" الكردية، وقضى برفع أسعار المحروقات من بنزين ومازوت وغاز إلى مستويات غير مسبوقة، في خطوة مفاجئة لم تتضح الأسباب والمبررات التي تقف ورائها حتى الآن.

ولم يكن رفع الأسعار لليرات سورية قليلة بل قفز إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف، فمثلا تم رفع سعر إسطوانة الغاز الواحدة من 2500 ليرة سورية إلى 8000 ليرة.

وسعّرت "الإدارة الذاتية" المازوت الممتاز بـ400 ليرة سورية (0.13 دولار حسب سعر صرف السوق الموازي)، بعد أن كان بـ150 ليرة، والمخصص للمنظمات 500 ليرة (0.16 دولار).

واللافت أن مناطق شمال شرق سوريا تعتبر الخزان الرئيسي لآبار النفط في سوريا، وكانت "وحدات حماية الشعب" (العماد العسكري لقوات سوريا الديمقراطية) قد سيطرت عليها منذ عام 2021. ومنذ ذلك الوقت تعمل على استثمارها وخاصة تلك الموجودة في الرميلان بمحافظة الحسكة والعمر في ريف دير الزور.

ولا تكشف "الإدارة الذاتية" حجم العائدات المالية التي تحصل عليها من استثمار آبار النفط، كما تغيب الأرقام الواضحة التي تتعلق بالمجالات التي تصرفها عليها، سواء الخدمية أو التي يحتاجها المواطنون بشكل يومي، وحاول موقع "الحرة" التواصل مع المسؤولين في "إدارة المحروقات" في شمال شرق سوريا ولم يتعلق ردا حول ذلك.

ولعل النقطة المذكورة هي التي أججت الشارع الشعبي، وبحسب ما قالت مصادر إعلامية فإن مدينة القامشلي في محافظة الحسكة تشهد إضرابا لأصحاب المحال التجارية، احتجاجا على القرار الذي وصف بـ"الجائر".

وتضيف المصادر: "معظم المناطق سواء في محافظة الحسكة أو دير الزور تشهد حالة الغليان. في القامشلي هناك إضراب وفي ريف دير الزور هناك محتجون قطعوا الطرقات رفضا لقرار رفع الأسعار".

"معادلة صعبة الحل"

قبل أيام قليلة لم تصل إلى حد الأسبوع عَبرت من مناطق شمال شرق سوريا 200 شاحنة تحمل النفط الخام، وتوجهت إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، بترفيق من قوات تتبع لرجل الأعمال المقرب من الأخير، حسام القاطرجي.

المصادر الإعلامية التي فضلت عدم ذكر اسمها قالت لموقع "الحرة" إن الشاحنات مرّت من أمام أعين الأهالي في محافظة الحسكة ومن ثم محافظة الرقة، التي تعتبر نقطة الاستلام والتسليم.

ما سبق وكأنه "معادلة صعبة الحل" طرحت عدة إشارات استفهام عن الأسباب التي دفعت "الإدارة الذاتية" الكردية لرفع أسعار المحروقات إلى ثلاثة أضعاف، وفي ذات الوقت توجهها إلى تمرير النفط الخام إلى نظام الأسد، دون معرفة العائدات المالية التي تحصل عليها حيال ذلك، أم أن الأمر يسير "بالمجان".

الباحث في الشأن الكردي، شيفان إبراهيم يقول لموقع "الحرة": "حتى الآن الأسباب غير واضحة ومعلومة خاصة أن الإدارة الذاتية لم تصدر أي موقف. مهما كانت الأسباب فهي تقع ضد مصلحة المواطن".

ويتابع إبراهيم المقيم في القامشلي: "لاسيما أن الميزانية غير واضحة، ومنذ ست سنوات لا أحد يعرف حجم ميزانية هذه المنطقة من خلال الواردات والكتلة المالية المخصصة للموظفين والجانب العسكري. لا أحد يعلم شيء عن الجانب المالي".

ويرى الباحث أن "غياب الشفافية المالية يضع كل تبريرات الإدارة الذاتية على المحك، مهما انتشرت الأقاويل عن بعض التصريحات غير رسمية أن حجم الاستخراج مكلف".

ومنذ الاثنين انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات غير رسمية لمقربين من "الإدارة الذاتية". وبررت هذه التصريحات قرار رفع أسعار المحروقات بأن "الأسعار القديمة متدنية جدا ولا تغطي تكاليف الإنتاج".

في المقابل دعا مسؤولون في تلك "الإدارة" وأحزاب مشاركة فيها للتراجع عن القرار، "لأنه لا يتناسب مع الظروف الزراعية ولم يعطِ أي اعتبار لرأي الأحزاب المنضوية في الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية".

"لغز عميق"

دعوة المسؤولين في "الإدارة" كان مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبت آهين سويد، وهي الرئيسة المشاركة لـ"مكتب الطاقة والاتصالات في إقليم الجزيرة" عبر "فيس بوك": "كلنا أمل في الإدارة أنها ستعيد النظر في القرار".

وأضافت: "هكذا قرار لا يناسب معايير الشعب وخصوصا في هذه الفترة الاقتصادية الصعبة".

واعتبر الباحث الكردي، شيفان إبراهيم أن "أي نظام سياسي يرغب أن ينال الشعبية يجب أن يكسب القاعدة الشعبية، وهو أمر مرتبط في تمويل ما يمس جوهر حياة الناس من خبر ومحروقات، بمعنى ما يدخل في صلب الحياة. كلها مفقودة".

ويقول إبراهيم: "كل يومين هناك أزمة على المحروقات وأخرى على الخبز. المنطقة تعج بآبار النفط ولا يوجد لدينا غاز ومازوت. المنطقة تعج بالأراضي الزراعية ووهناك ابتزاز لشراء أسعار القمح من الفلاحين".

وبوجهة نظر الباحث: "هناك لغز عميق وراء هذا القرار الذي يمس بشكل مباشر تفقير المنطقة ودفعها نحو المجهول والشر المطلق. لا شيء يؤجج الوضع بين مكونات المنطقة أكثر من جانب الفقر".

وتابع إبراهيم متسائلا: "هل تدرك الإدارة الذاتية أن المنطقة ستتجه إلى الإفراغ من السكان والتغيير الديمغرافي. راتب الموظف للإدارة الذاتية 70 ألف ليرة سورية، وهذا الرقم لا يكفي لدفع فواتير الكهرباء (لقاء 4 أمبيرات في الشهر)".

من يقف وراء القرار؟

قرار رفع أسعار المحروقات في شمال وشرق سوريا حمل رقم "119"، وبحسب "الإدارة الذاتية" فإنه صدر بناء على مقترح "إدارة المحروقات العامة"، وبناء "على مقتضيات المصلحة العامة".

تواصل موقع "الحرة" مع أحد المسؤولين في "هيئة الاقتصاد" (نتحفظ عن ذكر اسمه)، وأبدى رفضه للقرار بالقول: "أنا بالأصل لست موافقا عليه"، الأمر الذي يشي بوجود انقسام داخل "الإدارة الذاتية" بشأن إصداره.

وما يؤكد على الانقسام الدعوة التي وجهها مسؤولون في "الإدارة الذاتية" في الساعات الماضية وأحزاب مشاركة فيها بضرورة إلغاء رفع الأسعار.

بدوره ألمح مصدر إعلامي مطلع على قرارات "الإدارة الذاتية" أن رفع الأسعار جاء بـ"قرار من فوق"، بحسب تعبيره، في إشارة منه بصورة غير مباشرة إلى أن هذه الخطوة صدرت من جانب أطراف مهيمنة على قطاع الاقتصاد في المنطقة.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: "القرار لم يتخذ داخل الدوائر الضيقة في الإدارة الذاتية"، متهما "مسؤولين في حزب العمال الكردستاني يمسكون بملف الاقتصاد" بالوقوف ورائه.

وتنفي السلطات التي تدير مناطق شمال شرق سوريا ارتباطها بجهات خارجية، في مقابل اتهامات موجهة لها بتواصلها المباشر مع "حزب العمال الكردستاني"، الذي يتخذ من جبال قنديل مقرات له، كما ينشط أيضا في مناطق متفرقة بشمال العراق.

رياض درار الرئيس المشترك لـ"مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) وهو الذراع السياسية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) علّق على قرار رفع أسعار المحروقات في منشور له الثلاثاء عبر "فيس بوك".

وقال درار: "هناك فوائد من رفع القرار، بينها وقف التهريب نحو المناطق والدول المجاورة، وتخفيض استفادة الفئات الميسورة من الدعم على حساب الطبقات الكادحة والفقيرة".

وتابع: "فالطبقات الميسورة تستفيد من دعم أسعار المحروقات 8 أضعاف ما تستفيد منه الطبقات الكادحة أي أن المستفيد الأول من الدعم هو الغني وليس الفقير".

واعتبر المسؤول في "مسد" أن "رفع الأسعار سيؤدي إلى تخفيض استخدام الوقود كمصدر للطاقة، وبالتالي تخفيض نسبة الانبعاثات السامة للصحة وهذا في مصلحة البيئة ونقائها من التلوث".

"مساوئ"

وفي مقابل "فوائد القرار" استعرض رياض درار جملة من المساوئ، مضيفا أن "دعم المواد يستنزف موارد الإدارة ويضعف قدرتها على التنمية في قطاعات أخرى ".

وبحسب المسؤول فإن قرار رفع الأسعار سيؤدي إلى "ارتفاع تكلفة التدفئة والمواصلات وتكلفة الإنتاج الزراعي والصناعي الذي يعتمد على المولدات، وبالتالي حصول تضخم عام قد يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر".

واعتبر درار أن الحل هو "توجيه جزء من الموارد لدعم الطبقات الأقل دخلا من خلال تأمين بعض المواد المدعومة، بالإضافة للدعم النقدي من خلال زيادة الرواتب، وتقديم المنح المالية للعائلات الفقيرة".

بدوره أشار الباحث المقيم في القامشلي، شيفان إبراهيم إلى أن "المشاريع شبه مفقودة في مناطق شمال وشرق سوريا".

وقال في سياق حديثه لموقع "الحرة": "لا يوجد أي مشروع اقتصادي أو تنموي. المشاريع المالية هي لجهات خاصة. الإدارة الذاتية وحتى الآن لم تستطيع تأمين الخضراوات في المنطقة".

ويضيف: "لا يوجد مشاريع يمكن القول إن عائدات النفط تصرف عليها. غالبية المشاريع خاصة. قرار رفع المحروقات هو فساد أكبر، لأنه سيؤدي إلى تشجيع الجريمة والفساد، وكل عوامل زعزعة السلم المجتمعي".

aviationfile.com
فارس صعد للفضاء ضمن برنامج الفضاء السوفييتي في مركبة سويوز M3 عام 1987 | Source: aviationfile.com

توفي، الجمعة، اللواء المنشق عن نظام الأسد ورائد الفضاء السوري، محمد فارس بعد معاناة مع المرض في مدينة غازي عنتاب التركية.

ونعى صحفيون وسياسيون سوريون فارس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبوا عن مناقبه وتحدثوا عن الذكريات المرتبطة به، لاسيما أنه كان أول سوري يصعد إلى الفضاء والوحيد.

وأكد أحد المقربين من اللواء السوري نبأ الوفاة، وقال لموقع "الحرة" إنه كان قد أصيب بوعكة صحية منذ حوالي 3 أسابيع.

وأضاف أن الوعكة الصحية ألمت به بعد مضاعفات عمل جراحي في شرايين القلب.

واللواء فارس من مواليد مدينة حلب عام 1951، وكان صعد للفضاء ضمن برنامج الفضاء السوفييتي في مركبة سويوز M3 للمحطة الفضائية مير في تاريخ 22 يوليو 1987.

ورافقه في الرحلة اثنان من رواد الفضاء الروس ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء بين سوريا والاتحاد السوفيتي.

وإضافة إلى كونه السوري الأول الذي يصعد للفضاء فإن فارس هو العربي الثاني الذي خاض هذه الرحلة بعد السعودي سلطان بن سلمان آل سعود.

وكان قد انشق فارس عن نظام الأسد في بدايات الثورة السورية عام 2012، وأعلن انضمامه ودعمه لمطالب السوريين الثائرين.

ومع ذلك لم ينخرط في أي نشاط مسلح، وفضل الإقامة بين مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب، ومنحته تركيا جنسيتها.