تأجيل للتركيز الجهود على مواجهة فيروس كورونا
تحاول مصر مواجهة انتشار فيروس كورونا بفرض إجراءات مشددة

محمد محي الدين – القاهرة

ينذر تصاعد الإصابات بفيروس كورونا بين الكوادر الطبية في مصر بتفاقم الأزمة التي سببها الفيروس، فيما تتزايد حدة الأزمة بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء التي تشتكي من عدم توافر مستلزمات الوقاية والحماية اللازمة للأطباء.

وحتى الآن، أصيب 90 طبيبا مصريا بالمرض، توفي خمسة منهم، بحسب أسامة عبد الحي عضو مجلس نقابة أطباء مصر.

كما ظهرت إصابات جديدة بالفيروس في مستشفى الباطنة بجامعة المنصورة الثلاثاء، من ضمنها إصابة رئيس جامعة المنصورة، بحسب عبد الحي الذي قال لموقع "الحرة" إن إجراءات أمنية وصحية فرضت حول المستشفى الجامعي.

ويؤكد عبد الحي أن الأطباء في مستشفيات العزل التابعة لوزارة الصحة يعملون في ظروف سيئة، حيث يعيش كل أربعة أفراد في غرفة واحدة بدورة مياه مشتركة، لكنه قال إن "عدد الشكاوى التي تصل من الأطباء بشأن نقص مستلزمات الوقاية انخفضت بشكل ملحوظ".

وقال عبد الحي إن الأطباء العاملين في مستشفيات العزل لم يحصلوا بعد على المكافأة المقررة لهم ولا يسمح لهم بقضاء فترة نقاهة وعزل ذاتي بعد انتهاء مدة عملهم في المستشفيات ويضطرون إلى عزل أنفسهم في منازلهم.

وحذر عبد الحي من "كارثة محتملة" إذا لم يتم تدارك كل هذه المشكلات خصوصا إجراء تحاليل دورية للأطباء الذي قد تؤدي إصابتهم إلى تناقص في عدد الكادر الطبي في ظل تزايد أعداد المصابين بين المصريين بشكل ملحوظ، وتجاوزهم الخمسة آلاف مصاب حتى الآن.

وتقدم عضو مجلس النواب المصري، هيثم الحريري ببيان عاجل للبرلمان بشأن أسباب زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا بين الكادر الطبي.

وبحسب البيان الذي نشره الحريري فقد تم الإعلان عن إصابة 17 من الكوادر الطبية في مستشفى الصدر بدكرنس بمحافظة الدقهلية، و5 في محافظة أسوان، و17 في معهد الأورام، و16 في مستشفى بنها، و22 في مستشفى الزيتون.

وقال الحريري لموقع "الحرة" إنه طالب في بيانه بضرورة توفير الحماية لكافة الأطقم الطبية، والتي "لا يمكن تعويض الخسائر في صفوفهم في هذا الوقت الحرج".

وأكد الحريري أن الإصابات المتكررة في عدد من المستشفيات وإصابة عدد كبير من الكادر الطبي تؤكد وجود "خطأ وتقصير"، وطالب بضرورة إعادة ترتيب الأولويات وضرورة توفير كافة أوجه العناية لكل الطاقم الطبي والمسعفين والممرضين وكل العاملين في المستشفيات.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اجتماع مع مديري مستشفيات العزل عبر الفيديو، بضرورة توفير كافة الاحتياجات والمستلزمات الطبية اللازمة لمستشفيات عزل المصابين بفيروس كورونا في مصر، والتأكد من تطبيق بروتوكولات العلاج المحدثة وأعلى معايير مكافحة العدوى بها، فضلاً عن التشديد على توفير العدد الكافي من القوى البشرية.

فيديو -السيد الرئيس يجتمع عبر تقنية الفيديو كونفرانس مع عدد من مديري مستشفيات العزل على مستوى الجمهورية،

Posted by ‎المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية-Spokesman for the Egyptian Presidency‎ on Tuesday, April 28, 2020

ويقول أحمد زهران أمين عام نقابة الأطباء في محافظة الدقهلية لموقع "الحرة" إن النقابة المستقلة بالدقهلية لجأت إلى تصنيع بعض المستلزمات كأقنعة الوجه لحماية الأطباء ومواجهة غلائها في الأسواق فضلا عن توزيع النقابة لمنتجات الكحول الطبي مجانا على الأطباء في محاولة لتخفيف الضغط من على كاهل الحكومة.

 وخاطب زهران المسؤولين في المستشفيات بقوله إن "الاعتراف بوجود نقص في المستلزمات ليس بالعيب حيث أن الطلب على المستلزمات الطبية هو طلب عالمي ونقص عالمي أيضا".

 وبحسب زهران فإن "التحدي الأكبر يكمن في وعي الناس حيث يلجأ بعض المشتبه بهم إلى إخفاء أعراض الإصابة ظنا منهم بأن الأطباء لن يقوموا بالكشف عليهم وهو ما قد يؤدي إلى تعرض الأطقم الطبية للإصابة بالفيروس".

الحكومة المصرية تهدم آلاف المقابر لإنشاء جسر
وزير العدل المصري يمنح الضبطية القضائية لعدد من العاملين بهيئة الطرق والكباري. (أرشيفية-تعبيرية)

أثار قرار وزير العدل المصري بمنح الضبطية القضائية لنحو 80 من العاملين بهيئة الطرق والكباري (الجسور) التابعة لوزارة النقل تساؤلات عن دلالته وأسبابه وعما إذا كان يعتبر تقييدا للحريات.

وفي حين يرى البعض أن هذا القرار يأتي في إطار سعي الدولة لفرض القانون وإحكام سيطرتها على مختلف القطاعات الحيوية، اعتبره البعض الآخر رخصة تُمنح للمواطنين العاديين وقد تتم إساءة استخدامها.

تقييد للحريات؟

ونشرت الجريدة الرسمية، الأسبوع الجاري، قرار وزير العدل، المستشار عمر مروان، رقم 1212 لسنة 2024 بتخويل بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي.

وتضمنت المادة الأولى لقرار وزير العدل أنه "يخول بعض العاملين بالهيئة العامة للطرق والكباري صفة مأموري الضبط القضائي، وذلك إعمالًا لنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية، بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة".

وقال المحامي الحقوقي، محمد شكرالله، لموقع "الحرة" إن "مصر حاليا تشهد أزمة واضحة بين الحكومة وبعض فئات الشعب بسبب خطط توسيع وتطوير الطرق والكباري تحديدا، وهذا القرار يسمح للموظفين بالتعامل مع التعديات على أملاك الدولة وفقا للمادة ٩٧٠ من القانون ".

وأضاف أن "خطط التطوير التي تنفذها الحكومة تجور على ممتلكات شخصية لأفراد وكذلك عامة مملوكة للشعب، وهذا ما رأيناه في الفترة السابقة من هدم مقابر تاريخية ومتاحف ومنازل سكنية، وهو ما يدفع العديد من الأشخاص والجهات للاعتراض على هذه القرارات الحكومية ومحاول إيقافها من خلال الشكاوى أو من خلال رفض تنفيذ قرارات الإخلاء التي تسبق الهدم".

وتابع أن "قرار منح الضبطية القضائية يعني أن الموظفين العموميين سيقومون بدور الداخلية في رصد وضبط أي مخالفة، ومن ثم القبض على الشخص المخالف وتسليمه للشرطة،  بدون حكم قضائي وكذلك بدون رقيب من القضاء أو من أي جهة أخرى، ما يفتح الباب للاشتباكات بين المواطنين المدنيين".

وشهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة إزالة  الآلاف المباني السكنية في العديد من المناطق، وكذلك القبور في جبانة القاهرة التاريخية التي تُعد الأقدم في العالم الإسلامي والمدرجة على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي، لخدمة مشاريع لتطوير شبكة الطرق والمواصلات في العاصمة من خلال بناء جسور وأنفاق وسكك حديدية، وفقا لوكالة "فرانس برس".

وأوضح شكرالله أن "منح الضبطية بدوره يفتح الباب للاشتباك بين المواطنين المدنيين، كما يُشجع الناس العاديين للوشاية أو للإبلاغ عن بعضهم البعض".

ويرى المحامي الحقوقي أن "منح الضبطية القضائية لموظفين مدنيين لا يحدث في أغلب دول العالم، وعادة ما يكون تطبيقه في أضيق الحدود، لأنه يفاقم من مشكلة الرشاوى والتحيزات والخلل في تطبيق منظومة العدل".

وأشار إلى أنه "مؤخرا بدأت الحكومة المصرية التوسع بشكل واضح في منح الضبطية للموظفين في وزارت مختلفة مثل وزارة الإسكان، والتأمين، ليس لتطبيق القانون فحسب بل لفرض سيطرتها على معارضيها داخل هذه الوزارات والهيئات التابعة لها، فضلا عن موافقة البرلمان، في يناير الماضي، على مشروع قانون تقدمت به الحكومة، يمنح رجال الجيش صلاحية الضبطية القضائية، والذي يعتبر تقويضا سافرا للحريات العامة والمدنية"، حسب تعبيره.

ويوضح قانون العمل المصري ضوابط تفتيش العمل والضبطية القضائية، إذ نصت المادة 232 على أنه يكون للعاملين القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له والذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص، صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة للجرائم التي تقع في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم، وذلك عملًا بنص المادة (23) من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون رقم 84 لسنة 1968 بشأن الطرق العامة.

وتنص المادة 233 على أن يحمل العامل الذي له صفة الضبطية القضائية بطاقة تثبت هذه الصفة وله حق دخول جميع أماكن العمل وتفتيشها للتحقق من تطبيق أحكام هذا القانون والقرارات المنفذة له، وفحص الدفاتر والأوراق المتعلقة بذلك، وطلب المستندات والبيانات اللازمة من أصحاب الأعمال أو من ينوب عنهم، وفقا لصحيفة "اليوم السابع".

اختصاصات محدودة

وقال المحامي الحقوقي، أحمد معوض، لموقع "الحرة" إن "هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إصدار قرارات الضبطية القضائية في مصر، إذا صدرت سابقا، وإذا تحدثنا تحديدا عن هيئة الطرق والكباري سنجد أن قرار الضبطية صدر في 2021، و2017، وقبل ذلك أيضا".

وأضاف أن "هذا القرار ليس له علاقة بالحريات العامة، لأنه يتعلق بمهمة محددة للموظف وهي رصد الانتهاكات المتعلق بالطرق والكباري فقط، والقبض على المخالفين وتسليمهم للشرطة لتحرير محضر، ومن ثم الاحتجاز حتى العرض على النيابة العامة".

وتابع أن "هؤلاء الموظفين يقومون بدور الشرطة فيما يتعلق فقط بنطاق اختصاصهم المتمثل في تنفيذ قوانين الطرق والكباري، أي أنه إذا وقعت أي مخالفة أخرى أو جريمة، فليس من حقهم التدخل أو إصدار أي قرار بالضبط".

وتحدث معوض عن جدوى إصدار مثل هذا القرار، قائلا إن "مصر حاليا تعاني من أزمة عددية في جهاز الشرطة، وبالتالي تفقد الحكومة السيطرة على مفاصل الدولة والمخالفات بالقطاعات المختلفة، لذلك لابد من الاستعانة بالموظفين المدنيين لمساعدتها في ضبط المخالفين والتحرك بشكل يومي ودقيق لرصد أي انتهاكات للقانون".

وبشأن إساءة استخدام هذه الصلاحية، يرى المحامي الحقوقي أن "أي موظف عمومي يمكنه استغلال منصبه مهما كان بسيطا، ولذلك فإن قرار الضبطية ليس له علاقة مباشرة بالفساد أو الرشاوي أو المحسوبية لأنها موجودة بالفعل في مختلف القطاعات المصرية". لكنه أوضح أن "الضبطية قد تزيد من وشاية المواطنين ضد بعضهم".

وفيما يتعلق بأزمة تطوير الطرق والكباري بين الحكومة وبعض فئات الشعب، قال معوض إن كما رأينا خلال الفترات السابقة، فإن الحكومة تنفذ خططها بغض النظر عن أي اعتراض أو غضب مجتمعي، وتستخدم في ذلك جهازي الداخلية والجيش، ولذلك فإن قرارات الضبطية للموظفين المدنيين لن تزيد الأوضاع تعقيدا".