الرئيس السوري بشار الأسد يواجه أصعب التحديات منذ اندلاع الحرب السورية في 2011
الرئيس السوري بشار الأسد يواجه أصعب التحديات منذ اندلاع الحرب السورية في 2011

ينتظر كل من النظام والشعب السوريين بالإضافة إلى روسيا وإيران، تشريعا أميركيا يدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر الجاري، ويفرض عقوبات إضافية على نظام بشار الأسد وداعميه والمتعاملين معه. 

التشريع الجديد الذي يسعى لتقديم كل المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، يسمى بـ"قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، وأدرج في موازنة الدفاع الأميركية لعام 2020 لتفادي أي عرقلة جديدة في الكونغرس بعد أكثر من خمس سنوات على كتابته وصياغته. 

وأطلق على القانون اسم "قيصر" نسبة إلى مصور عسكري سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف باسم مستعار هو "قيصر"، استطاع الهرب من سوريا صيف عام 2013 حاملا معه 55 ألف صورة مروعة تظهر جثثا تحمل آثار تعذيب.

يفرض القانون عقوبات على بشار الأسد ويلاحق الأفراد والشركات التي تمول النظام سواء كانوا سوريين أو أجانب، كما يسمح بتجميد أصولهم ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية. 

ويستهدف القانون المصانع العسكرية والبنى التحتية والمصرف المركزي في سوريا، كما يسمح القانون بمعاقبة روسيا وإيران في حال استمرارهما في دعم نظام بشار الأسد. 

ومن شأن القانون أن يزيد الضغوط على النظام السوري، إذ قد تنسحب شركات روسية متخصصة في الطاقة، وهو ما ستأثر البلاد من تبعاته، خاصة وأن سوريا تستورد نحو 60 في المئة من احتياجاتها المحلية للغاز. 

ويأتي القانون في وقت يعاني فيه الأسد ضغوطا من حلفائه الروس، ولا سيما بعد نشر تقارير في صحف مقربة من الكرملين تنتقد طريقة إدارة الأسد للصراع في بلاده.  

كما تأتي مرحلة تنفيذ القانون في وقت يعاني الأسد أيضا من صراع داخلي بسبب الأزمة مع ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، والتي قد تكون جزءا من عملية تصفية حسابات سياسية مع موسكو بهدف الدخول في تسوية لحل الأزمة. 

وقال شبال ابراهيم، وهو معتقل سابق بالسجون السورية وعضو في منظمة العفو الدولية، لـ"موقع الحرة"، إن قانون قيصر هو "انتصار لصوت المعذبين والمعتقلين على آلة الإجرام المتمثلة  بالنظام السوري وحلفائه  وهو انتصار لكل من حاول خلال السنوات الماضية إيصال صوت المعتقلين إلى المحافل الدولية والجهد الكبير الذي بذله المصور السابق لدى الشرطة العسكرية "قيصر" والذي قام بنسخ عشرات الآلاف من صور الضحايا وإرسالها إلى خارج سوريا".

ورغم تأكيد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أهمية إقرار قانون قيصر وبدء تطبيقه، وأمله في أن يكون وسيلة لخنق النظام السوري وإجباره على وقف عمليات التعذيب المستمرة في حق المدنيين السوريين، فإنه أعرب عن قلقه من أن يلحق التطبيق ضررا بأبناء الشعب السوري إذ إنه قد "يصعد من المأساة والكارثة الإنسانية التي يعيشها المواطن السوري في ظل انهيار الاقتصاد والتراجع التاريخي بقيمة الليرة السورية". 

وقال المرصد "نأمل بألا ينقلب القانون كذريعة تخدم مصلحة النظام السوري، وأن يساعد القانون بالانتقال بسورية نحو العدالة والمساواة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه منذ الإعلان عن القانون توفي 86 مدنيا سوريا تحت التعذيب. 

وأكد المرصد ضرورة أن تتم محاسبة ومحاكمة جميع قتلة الشعب السوري وعلى رأسهم بشار الأسد، "بالإضافة لمحاسبة مسؤولي النظام الذين شاركوا في تلك الجرائم حتى وإن كانت مشاركتهم بشكل غير مباشر، حيث أن ارتكاب شخص ما الجريمة لا يعني أنه لم يتلق الأمر من شخص آخر أعلى منه في التراتبية الوظيفية".

لكن شبال يقول لـ"موقع الحرة": "نعم هناك مخاوف كبيرة من تأثر المواطن السوري من غلاء في الأسعار وتدهور في المجال الاقتصادي والذي قد يتأثر به المواطن السوري بشكل مباشر، لكن هذه العقوبات القاسية قد تقلب الطاولة على النظام السوري وتسحب الغطاء الروسي". 

ودخلت الحرب الأهلية السورية عامها التاسع وتسببت في مقتل نحو 700 ألف شخص وتشريد الملايين. 
 

تبدأ المحاكمة يوم الثلاثاء في فرنسا
تبدأ المحاكمة يوم الثلاثاء في فرنسا

للمرة الأولى في فرنسا، تنطلق، الثلاثاء، محاكمة غيابية أمام محكمة الجنايات في باريس، لثلاثة مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في النظام السوري، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على خلفية مقتل فرنسيَين سوريَين اعتُقلا في 2013.

وحسب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، تهدف الإجراءات إلى "محاكمة أعلى المسؤولين في النظام منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011" ضد الرئيس بشار الأسد.

وتشمل المحاكمة الغيابية في باريس، 3 متهمين هم المدير السابق لمكتب الأمن الوطني، علي مملوك، والمدير السابق للمخابرات الجوية، جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية، عبد السلام محمود.

وسبق لمسؤولين أقل شأناً أن خضعوا لمحاكمات في أماكن أخرى في أوروبا، وخصوصاً في ألمانيا، بشأن انتهاكات النظام. كما حضر هؤلاء جلسات الاستماع.

وستضم هيئة محكمة الجنايات 3 قضاة من دون محلفين، وسيتم تصوير جلسات الاستماع المقررة على مدى 4 أيام لحفظها ضمن أرشيف القضاء.

وسيتم لأول مرة في محكمة الجنايات في باريس، توفير الترجمة العربية للجمهور.

تنديد منظمات حقوقية بالطعن الفرنسي على مذكرة اعتقال الأسد.. "بيان أخلاقي" يصطدم بالحصانة
اعتبر ناشطون وحقوقيون سوريون أن البيان الذي دانت فيه منظمات حقوقية سورية ودولية قرار القضاء الفرنسي الطعن في صلاحية مذكرة الاعتقال الصادرة بحق رئيس النظام الأسد، بشار الأسد، خطوة جيدة، ولكنها غير كافية لتحقيق العدالة لشعبهم وإنهاء الأزمة الدامية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من 13 عاما.

وترتبط القضية بالضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن. وكان باتريك (وُلد في 1993) طالباً في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق، بينما كان والده (وُلد عام 1956) مستشاراً تربوياً رئيسياً في المدرسة الفرنسية بالعاصمة السورية.

واعتُقل الاثنان في نوفمبر 2013 على يد عناصر قالوا إنهم من جهاز المخابرات الجوية السورية.

تعذيب

وحسب صهر مازن الذي اعتُقل في الوقت ذاته ثم أُطلق سراحه بعد يومين، فقد نُقل الرجلان اللذان يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية، إلى مطار المزّة قرب دمشق، الذي يوصف بأنه أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام.

إثر ذلك، غابت أي مؤشرات الى أنهما على قيد الحياة، إلى تم الإعلان عن وفاتهما في أغسطس 2018. 

ووفق شهادات الوفاة المرسلة إلى العائلة، فقد توفي باتريك في 21 يناير 2014، ومازن في 25 نوفمبر 2017.

وفي اللائحة الاتهامية، اعتبر قضاة التحقيق أنه "من الثابت بما فيه الكفاية" أن الرجلين "عانيا، مثل آلاف المعتقلين لدى المخابرات الجوية، من تعذيب قاس لدرجة أنهما ماتا بسببه".

وفي السياق ذاته، قدم عشرات الشهود، من بينهم العديد من الفارين من الجيش السوري ومحتجزين سابقين في المزّة، تفاصيل للمحققين الفرنسيين واللجنة الدولية للعدالة والمساءلة، وهي منظمة غير حكومية، بشأن التعذيب في هذا السجن. وتحدثوا عن الضرب بقضبان من الحديد على أخمص القدمين وصدمات كهربائية وعنف جنسي.

من ناحية أخرى، طُردت زوجة مازن الدباغ وابنته من منزلهما في دمشق الذي استولى عليه عبد السلام محمود.

ونص الاتهام على أن هذه الوقائع "من المرجح أن تشكل جرائم حرب وابتزاز وتمويه ابتزاز"، كما أن "الحجز على ممتلكات سوريين اختفوا أو وُضعوا في معتقلات أو مهجّرين قسراً أو لاجئين، كان ممارسة منتشرة للنظام السوري".

وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي تمثل عدداً من الأطراف المدنية إن "كثيرين قد يعتبرون هذه المحاكمة رمزية، لكنّها جزء من عملية طويلة ويجب قراءتها في ضوء المحاكمات".

وأضافت: "كل هذا يصب في جهد لمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم النظام السوري، وهو الأمر الأكثر أهمية لأن هذا الكفاح من أجل العدالة هو أيضاً كفاح من أجل الحقيقة".

وتابعت بيكتارت: "نميل لأن ننسى أن جرائم النظام لا تزال تُرتكب حتى اليوم"، مشيرة إلى أن هذه المحاكمة بمثابة تذكير بأنّه "يجب ألا نقوم بأي حال من الأحوال بتطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد".

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعاً دامياً تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

ولا يزال مصير عشرات الآلاف من المفقودين والمخطوفين والمعتقلين لدى أطراف النزاع كافة، خصوصاً في سجون ومعتقلات النظام السوري، مجهولاً.