ينتظر كل من النظام والشعب السوريين بالإضافة إلى روسيا وإيران، تشريعا أميركيا يدخل حيز التنفيذ منتصف الشهر الجاري، ويفرض عقوبات إضافية على نظام بشار الأسد وداعميه والمتعاملين معه.
التشريع الجديد الذي يسعى لتقديم كل المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، يسمى بـ"قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، وأدرج في موازنة الدفاع الأميركية لعام 2020 لتفادي أي عرقلة جديدة في الكونغرس بعد أكثر من خمس سنوات على كتابته وصياغته.
وأطلق على القانون اسم "قيصر" نسبة إلى مصور عسكري سابق في الشرطة العسكرية السورية يُعرف باسم مستعار هو "قيصر"، استطاع الهرب من سوريا صيف عام 2013 حاملا معه 55 ألف صورة مروعة تظهر جثثا تحمل آثار تعذيب.
يفرض القانون عقوبات على بشار الأسد ويلاحق الأفراد والشركات التي تمول النظام سواء كانوا سوريين أو أجانب، كما يسمح بتجميد أصولهم ومنعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية.
ويستهدف القانون المصانع العسكرية والبنى التحتية والمصرف المركزي في سوريا، كما يسمح القانون بمعاقبة روسيا وإيران في حال استمرارهما في دعم نظام بشار الأسد.
ومن شأن القانون أن يزيد الضغوط على النظام السوري، إذ قد تنسحب شركات روسية متخصصة في الطاقة، وهو ما ستأثر البلاد من تبعاته، خاصة وأن سوريا تستورد نحو 60 في المئة من احتياجاتها المحلية للغاز.
ويأتي القانون في وقت يعاني فيه الأسد ضغوطا من حلفائه الروس، ولا سيما بعد نشر تقارير في صحف مقربة من الكرملين تنتقد طريقة إدارة الأسد للصراع في بلاده.
كما تأتي مرحلة تنفيذ القانون في وقت يعاني الأسد أيضا من صراع داخلي بسبب الأزمة مع ابن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، والتي قد تكون جزءا من عملية تصفية حسابات سياسية مع موسكو بهدف الدخول في تسوية لحل الأزمة.
وقال شبال ابراهيم، وهو معتقل سابق بالسجون السورية وعضو في منظمة العفو الدولية، لـ"موقع الحرة"، إن قانون قيصر هو "انتصار لصوت المعذبين والمعتقلين على آلة الإجرام المتمثلة بالنظام السوري وحلفائه وهو انتصار لكل من حاول خلال السنوات الماضية إيصال صوت المعتقلين إلى المحافل الدولية والجهد الكبير الذي بذله المصور السابق لدى الشرطة العسكرية "قيصر" والذي قام بنسخ عشرات الآلاف من صور الضحايا وإرسالها إلى خارج سوريا".
ورغم تأكيد "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أهمية إقرار قانون قيصر وبدء تطبيقه، وأمله في أن يكون وسيلة لخنق النظام السوري وإجباره على وقف عمليات التعذيب المستمرة في حق المدنيين السوريين، فإنه أعرب عن قلقه من أن يلحق التطبيق ضررا بأبناء الشعب السوري إذ إنه قد "يصعد من المأساة والكارثة الإنسانية التي يعيشها المواطن السوري في ظل انهيار الاقتصاد والتراجع التاريخي بقيمة الليرة السورية".
وقال المرصد "نأمل بألا ينقلب القانون كذريعة تخدم مصلحة النظام السوري، وأن يساعد القانون بالانتقال بسورية نحو العدالة والمساواة"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه منذ الإعلان عن القانون توفي 86 مدنيا سوريا تحت التعذيب.
وأكد المرصد ضرورة أن تتم محاسبة ومحاكمة جميع قتلة الشعب السوري وعلى رأسهم بشار الأسد، "بالإضافة لمحاسبة مسؤولي النظام الذين شاركوا في تلك الجرائم حتى وإن كانت مشاركتهم بشكل غير مباشر، حيث أن ارتكاب شخص ما الجريمة لا يعني أنه لم يتلق الأمر من شخص آخر أعلى منه في التراتبية الوظيفية".
لكن شبال يقول لـ"موقع الحرة": "نعم هناك مخاوف كبيرة من تأثر المواطن السوري من غلاء في الأسعار وتدهور في المجال الاقتصادي والذي قد يتأثر به المواطن السوري بشكل مباشر، لكن هذه العقوبات القاسية قد تقلب الطاولة على النظام السوري وتسحب الغطاء الروسي".
ودخلت الحرب الأهلية السورية عامها التاسع وتسببت في مقتل نحو 700 ألف شخص وتشريد الملايين.