منذ أن تسلم الرئيس الأميركي، جو بايدن، مهامه في البيت الأبيض يترواح سؤال كبير في أروقة السياسة الأميركية، يتعلق بطبيعة التعامل مع إيران وما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقي على سياسة تشديد العقوبات التي انتهجتها ادارة الرئيس السابق، دونالد ترامب.
جزء كبير من النقاش تركز حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستفقد نفوذها على إيران في حال عادت إلى الاتفاق النووي وخففت العقوبات، لكن مجلة فورين بوليسي الأميركية المتخصصة في البحوث السياسية، ترى عكس ذلك، بحسب تحليل للكاتب ماشا روحي، زميل معهد الدراسات الإستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني الأميركية.
وذكر روحي في تحليله "يعتقد بعض المحللين والكتاب أنه إذا عادت إدارة بايدن إلى الانضمام إلى الاتفاق – المعروف أيضاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة – فإن الولايات المتحدة سوف تبدد النفوذ الذي تم بناؤه في السنوات الأخيرة من خلال استراتيجية الضغط القصوى لترامب".
إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أعادت التأكيد على العودة إلى الاتفاق النووي، الثلاثاء، وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه يأسف لخروج الولايات المتحدة منه أصلا.
وأشار بلينكن إلى أن الاتفاق النووي كان "فعالا للغاية في قطع جميع المسارات التي كانت مفروضة على إيران وقتها لإنتاج المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي... ومن المؤسف للغاية أننا انسحبنا منه".
وتسببت العقوبات الأميركية بشل الاقتصاد الإيراني بشكل كبير، لكنها لم تنجح، بحسب فورين بوليسي بـ"تغيير سلوك طهران بما يتعلق ببرنامجها النووي"، بدلا من ذلك "انخرطت إيران في استراتيجية بناء نفوذها من خلال تكثيف أنشطتها النووية وبرنامجها الصاروخي وأنشطتها الإقليمية".
وبالفعل، بدأ السياسيون الإيرانيون يتحدثون علنا عن زيادة تخصيب اليورانيوم، كما أن "الرفض العلني لصناعة القنبلة النووية وامتلاكها قد خفت كثيرا في الخطاب الإيراني".
ورغم أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، أصدر عام 2003، فتوى تحرم على إيران امتلاك سلاح نووي، لكن في 2021 قال وزير الاستخبارات الإيراني، محمود علوي، إن إيران قد تصنع قنبلة إذا ما استمر فرض العقوبات عليها.
وقال الوزير الإيراني في مقابلة تلفزيونية قبل أيام إن "امتلاك القنبلة حرام لكنه لن يكون ذنبنا وإنما ذنب من دفعنا إليها"، في تصريحات أثارت قلق واشنطن.
و أشار التحليل إلى أنه "من خلال إحياء الاتفاق النووي، فلن تهدر الحكومة الأمريكية أي نفوذ للعقوبات، ولكن إذا لعبت أوراقها بحكمة، فإنها قد تعزز موقفها من المفاوضات التالية حول البرنامج النووي الإيراني والأنشطة الإقليمية".
وتبدو إيران هي الأخرى راغبة في إحياء الاتفاق، فقد قال وزير خارجيتها، جواد ظريف، إن "إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يمكنها أن تنقذ الاتفاق النووي" لكن عليها "اتخاذ الخطوة الأولى للتعويض عن فشل سياسة الضغط الأقصى التي اتبعها ترامب".
وتقول فورين بوليسي إن "عودة نظيفة إلى الاتفاق من شأنها أن تسمح بوقف التطوير النووي الإيراني، والتخفيف من احتمال حدوث مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل أو الولايات المتحدة، واستعادة الجهود الدبلوماسية المتعددة الأطراف".
وفيما ستعود إيران ببطء لإنعاش اقتصادها، ستمنح العودة للاتفاق الولايات المتحدة "اليد العليا" على طاولة المفاوضات، إذ يمكنها استخدام الحوافز الاقتصادية للحصول على تنازلات إضافية.
كما أنه "إذا انتهكت إيران الاتفاق، يمكن للحكومة الأمريكية إعادة فرض العقوبات ليس فقط بدعم من أوروبا ولكن أيضاً من الصين وروسيا"، بحسب فورين بوليسي إذ أن "جميع الأطراف الأخرى في الاتفاق تشترك في الرغبة بمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية".
وتقول فورين بوليسي إن "عقوبات دولية شاملة، وليس عقوبات أميركية فحسب، تمثل كابوسا لإيران التي رأت ما يمكن للعقوبات الأميركية وحدها تحقيقه".
كما أن "التلويح بفرصة للخروج من العقوبات الاقتصادية التي أنهكت الشعب الإيراني سيمنح المعتدلين في إيران دعما شعبيا يحتاجونه لمواجهة المتشددين الذين قادوا الاقتصاد إلى الهاوية"، وسيزيد الغضب الشعبي في حال "عادت إيران لتهديد الاتفاق النووي والمجازفة بالتعرض لعقوبات جديدة"، وفقا للتحليل.