الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب الرئيس الإيراني حسن روحاني
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جانب الرئيس الإيراني حسن روحاني

توتر بدأت معالمه تطفو على السطح أكثر من أي وقت مضى، عقب أنباء عن اشتباك بين القوات الروسية من جهة، والميليشيات الموالية لإيران في مطار مدينة حلب السورية.

وكانت الشرطة العسكرية الروسية قد شنت الأسبوع الماضي هجوما ضد مسلحين مدعومين من إيران، كانوا متمركزين في مطار حلب الدولي، بحسب وسائل إعلام محلية سورية.

وعقب الهجوم، اعتقلت الشرطة العسكرية الروسية عددا من زعماء الميليشيات الإيرانية، في ما عده البعض حلقة أخرى ضمن التوترات القوات الإيرانية والروسية في سوريا، حسب تقرير لـ"صوت أميركا".

وأفاد موقع أورينت المعارض، بوقوع قتلى وإصابات داخل صفوف الميليشيات الإيرانية التي كانت متواجدة في مطار حلب، بعد اشتباكات استخدم فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد نشر تقريرا في نيسان/أبريل الماضي عن تصاعد وتيرة الخلافات بين إيران وروسيا داخل سوريا، لأسباب تتعلق بمحاولة مد النفوذ السياسي والاقتصادي.

ومنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، تواجدت سوريا وإيران بقوة لدعم حليفهما بشار الأسد.

وأرسلت إيران الآلاف من عناصر الحرس الثوري بالإضافة إلى ميليشيات شيعية أخرى مثل حزب الله اللبناني، ولواء "زينبيون" الباكستاني، ولواء "فاطميون" الباكستاني، والمدعومين من الحرس الثوري.

مسؤولون عسكريون إيرانيون في حمص السورية

وأعلنت روسيا تدخلها عسكريا بشكل رسمي في عام 2015، وتركز تدخلها بشكل أساسي على شن الغارات الجوية ومهمات تنفذها قوات خاصة.

لكن مع تراجع وتيرة الحرب في سوريا، واستعادة قوات النظام السوري للأراضي التي كانت في حوزة المعارضة المسلحة أو الجماعات الإرهابية، فإن الخلافات بدأت تدب بين روسيا وإيران حول فرض النفوذ والهيمنة على سوريا، حسب تقرير "صوت أميركا".

صراع ولاءات

ويقول محللون لـ "صوت أميركا"، إن الحرب الطويلة في سوريا قد خلقت شقاقا طفيفا بين الحليفين روسيا وإيران.

فيليب سميث، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي يتابع عن كثب نشاط الميليشيات التي تدعمها إيران في سوريا، يقول إن "هناك خلافات واضحة بين روسيا وإيران داخل سوريا".

"تستطيع أن ترى مثل ما حدث مؤخرا في حلب وبؤر التوتر، بسبب استمرار النشاط الإجرامي هناك. كل طرف يريد قطعة من السلطة"، يضيف سميث لـ" صوت أميركا".

ومؤخرا، اندلع اشتباك عسكري بين قوتين تابعتين للجيش السوري في مناطق مختلفة في البلاد، بحسب تقارير محلية.

ويرى مراقبون أن صراع النفوذ بين قادة الجيش السوري، سببه الولاء والتبعية إما لروسيا أو إيران.

جندي روسي في محافظة حلب السورية

​​يضيف سميث "أعتقد أن الأمر يعود لنقطة 'من يتحكم في ماذا'، وما طبيعة السلطة التي يتقاسمها كل منهم. لكن لا أعتقد بالضرورة أن هذا سيؤدي إلى خلافات كبيرة بين القوات الإيرانية والروسية هناك".

اختلافات تكتيكية؟

وقال خبراء لـ "صوت أميركا"، إن الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران في سوريا أعمق من أن تهزها هذه الخلافات، إذ تعتمد روسيا على القوات الإيرانية للحفاظ على الأراضي التي تم استرجاعها، ولدعم الجيش السوري النظامي.

آنا بورشيفسكايا، زميلة أبحاث في المؤسسة الأوروبية للديمقراطية، حيث تركز على سياسة روسيا في الشرق الأوسط، قالت للموقع الأميركي، "لا أعتقد إطلاقا أن روسيا ستنفصل عن إيران".

"إن الخلافات بينهما تتلخص في محاولة كل منهما تشكيل مناطق نفوذ في سوريا، الأمر الذي تتفهمه روسيا جيدا.. إن علاقتهما معقدة بالتأكيد"، تضيف بورشيفسكايا لـ "صوت أميركا".

 

قوات أميركية في محافظة دير الزور السورية

​​وأضافت بورشيفسكايا أنه "على المستوى التكتيكي، فإن روسيا وإيران يختلفان أحيانا، لكنهما يتفقان على الصورة الأكبر".

سباق اقتصادي

محللون آخرون يرون أن الخلاف بين روسيا وإيران سببه البحث عن المكاسب الاقتصادية داخل سوريا.

الباحث الاقتصادي السوري جوان هيمو، قال لموقع "صوت أميركا"، "الآن هناك نقاط خلاف أكثر من أي وقت مضى".

"لذلك، من الطبيعي أن تجدهم يتنافسون لتوقيع عقود مع النظام السوري، في قطاعات الطاقة وبقية الاستثمارات"، يضيف هيمو.

وفي عام 2018، منح النظام السوري روسيا حقوقا حصرية لإنتاج النفط والغاز السوري. وقد وقعت سوريا عقدا مع موسكو يسمح للقوات الروسية استخدام ميناء طرطوس لـ 49 عاما، بينما حازت إيران على حق استخدام ميناء اللاذقية جزئيا.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن البلدين يريدان احتكار سوريا اقتصاديا على المدى الطويل، لأن كل منهما قد منح النظام السوري قروضا كبيرة خلال وقت الحرب.