صورة نشرها الأفريكوم تظهر طائرات ومقاتلات روسية في ليبيا لدعم قوات مجموعة فاغنر
صورة نشرها الأفريكوم تظهر طائرات ومقاتلات روسية في ليبيا لدعم قوات مجموعة فاغنر

قالت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) ،الجمعة، إن لديها دليل جديد يثبت مواصلة روسيا نشر المعدات العسكرية في ليبيا من خلال مجموعة فاغنر.

وأضاف البيان المنشور على موقع "أفريكوم"، أن الصور الجوية تظهر قوات فاغنر ومعدات روسية على الخطوط الأمامية في مدينة سرت الليبية.

وتظهر الصور طائرات شحن عسكرية من بينهما طائرات IL-76، وأنظمة دفاع جوي من طراز SA-22، بجانب شاحنات متعددة الأغراض، ومدرعة روسية مقاومة للألغام.

صورة نشرها الأفريكوم تظهر طائرات ومقاتلات روسية في ليبيا لدعم قوات مجموعة فاغنر

وقال مدير عمليات أفريكوم، الجنرال برادفورد غيرنج، إن "روسيا مستمرة في لعب دور غير مفيد من خلال إرسال الإمدادات والمعدات إلى مجموعة فاغنر. إن الصور تكشف حقيقة إنكارهم المستمر".

وقال البيان إن الأدلة الحالية تشير إلى استمرار انتهاك روسيا لقرار مجلس الأمن رقم 1970، الصادر عن الأمم المتحدة، بخصوص حظر توفير المعدات العسكرية والمقاتلين إلى الخطوط الأمامية في النزاع الليبي.

صورة نشرها الأفريكوم تظهر عربات مصفحة وكواسح ألغام في ليبيا لدعم قوات مجموعة فاغنر

وكانت أفريكوم قد وثقت سابقا أدلة بخصوص دعم روسيا لمجموعات فاغنر في ليبيا عن طريق مقاتلات جوية، وعربات مصفحة، ودفاعات جوية، مما يزيد من تعقيد الوضع.

وقال العميد بالجيش الأميركي غريغوري هادفيلد، نائب مدير المخابرات في أفريكوم "تعكس الصور النطاق الواسع للتدخل الروسي، إنهم يسعون باستمرار للحصول على موطئ قدم في ليبيا".

وفي مايو الماضي، نشرت أفريكوم تقريرا عن وجود 14 مقاتلة من طراز Mig-29s وSU-24s على الأقل، انتقلت من سوريا إلى ليبيا، حيث تم تغطية بعض الرموز من على سطحها لإخفاء أصلها.

كما نشرت أفريكوم سابقا أدلة وصور تثبت زراعة مرتزقة فاغنر لألغام أرضية وأجهزة متفجرات مرتجلة في مناطق مدنية في طرابلس وما حولها، بغض النظر عن سلامة المدنيين.

وتدعم روسيا قوات برلمان مدينة طبرق شرق ليبيا بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي يحاول حاليا تأمين مدينتي سرت والجفرة من هجوم محتمل من قبل قوات حكومة الوفاق في العاصمة الليبية طرابلس، والمدعومة من تركيا.

وكانت مصر قد هددت بالتدخل عسكريا في ليبيا على لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في حال ما هاجمت قوات الوفاق بمساعدة تركيا، مدينتي سرت والجفرة. 

ليبيا غرقت في فوضى سياسية وأمنية منذ 13 عاما
ليبيا غرقت في فوضى سياسية وأمنية منذ 13 عاما

أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، استقالته بشكل مفاجئ الثلاثاء، مُطلقا موجة من التساؤلات بشأن مستقبل العملية السياسية الهشة في البلاد، خصوصا في ظل الإحباط الذي عبر عنه في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء من "غياب الإرادة السياسية" و"أنانية" القادة.

ويأتي قرار باتيلي بعد 18 شهرا من توليه المنصب، وهو تاسع مبعوث أممي لليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 عقب ثورة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي.

ورسم الدبلوماسي السنغالي للصحفيين، بعد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، صورة قاتمة للوضع في ليبيا، التي تشهد حربا أهلية منذ 2011.

وقال إن البعثة الأممية "بذلت الكثير من الجهود خلال الأشهر الـ18 الماضية"، لكن "في الأشهر الأخيرة تدهور الوضع"، منددا "بغياب الإرادة السياسية وحسن نية الزعماء الليبيين السعداء بالمأزق الحالي".

وأوضح أن "تصميم القادة الحاليين بكل أنانية على الحفاظ على الوضع الراهن من خلال مناورات ومخططات بهدف المماطلة على حساب الشعب الليبي، يجب أن يتوقف".

ولفت إلى أنه "في هذه الظروف، ليس لدى الأمم المتحدة أي وسيلة للتحرك بنجاح. ولا مجال لحل سياسي".

ماذا وراء الاستقالة؟

وتعليقا على استقالة المبعوث الأممي، قال المحلل والباحث في الشأن الليبي، محمد الجارح، لموقع الحرة إن الاستقالة رسالة تُجسد مدى تعقيد الأزمة الليبية، وتُؤكد عجز الأمم المتحدة عن لعب دور فاعل في حلحلة هذه الأزمة المُستعصية.

وأضاف: "الأطراف الليبية المتصارعة، ومن خلفها الأطراف الخارجية التي تدعمها، أثبتت قدرتها على إفشال وإيقاف أي جهد دولي في اتجاه حلحلة الأزمة المستمرة منذ سنوات".

وتابع الجارح: "الآن هناك 9 من مبعوثي الأمم المتحدة استقالوا منذ 2011، والمبعوث العاشر في الطريق بكل تأكيد، وكما هو الحال لن تكون مهمة سهلة على عملية الاتفاق على مبعوث أممي جديد وذلك بسبب حالة الانقسام الحاد الموجودة داخل مجلس الأمن بسبب الأزمات السياسية المتعددة في المنطقة أو العالم بما في ذلك الحرب في غزة وأوكرانيا".

ولتعيين مبعوث أممي لا بد لمجلس الأمن الدولي أن يوافق على اسم أي مرشح يقدمه الأمين العام.

وعُين باتيلي ممثلا خاصا للأمين العام في ليبيا في سبتمبر 2022، بعد شغور المنصب لأشهر إثر الاستقالة المفاجئة لسلفه يان كوبيش في نوفمبر 2021، وكذلك رفض مجلس الأمن الدولي أسماء أخرى عديدة طرحها غوتيريش.

بدوره، رأى المحلل السياسي، أحمد المهدوي، أن "المبعوث الأممي تعرض لضغوط كبيرة دفعته إلى الاستقالة، خاصة أنه كان متحمسا للاستمرار في المنصب لقيادة مسار المصالحة السياسية في البلاد".

وقال المهدوي، لموقع الحرة، "باتيلي قاد الجهود الحثيثة للتوافق على موعد مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية، وهو الحدث الذي كان مرتقبا للتمهيد إلى أفق سياسي جديد بالبلاد، وبالتالي فإن الاستقالة دفُع لها بكل تأكيد".

ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن باتيلي واجه أيضا بعض الانتقادات بسبب عدم التواصل المباشر الكافي مع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك مع النشطاء الفاعلين على الأرض، حسب المهدوي.

والثلاثاء، أعلن باتيلي خلال جلسة مجلس الأمن، أن مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية الذي كان مقررا عقده في 28 أبريل الجاري، أرجئ إلى أجل غير مسمّى.

وستعيد استقالة المبعوث الأممي الأزمة الليبية إلى "نقطة الصفر"، حسب المهدوي، الذي قال: "أي محاولات مستقبلية للحديث عن تشكيل حكومة أو انتخابات ستستغرق المزيد من الوقت".

بدوره، حمّل الجارح التنافس الإقليمي والدولي مسؤولية فشل مبعوث الأمم المتحدة، قائلا: "مجلس الأمن عجز على تبني موقف موحد تجاه الأزمة، وهذا أضعف أداء البعثة الأممية وجعلها غير قادرة على القيام بدورها بشكل أمثل، خصوصا في ظل الرفض الروسي (فيتو) الجاهز لعرقلة أي جهود باتجاه حلحلة الأزمة".

وأضاف: "بكل تأكيد ستنظر روسيا على أن هذه الاستقالة، ومن قبلها تسمية ستيفاني خوري نائبة للمبعوث الأممي إلى ليبيا، باعتبارها محاولة من الولايات المتحدة للسيطرة على الملف السياسي في ليبيا".

وتابع: "خلال فترة المبعوثة الأممية السابقة في ليبيا ستيفياني ويليامز، رأينا روسيا تعرقل عملية التجديد لتفويض البعثة أكثر من مرة كما كان هناك عرقلة فيما يتعلق بالدعم المالي، وكل هذه بالتأكيد كان لها تداعيات على دورها".

وأكد هذا أيضا المحلل السياسي والعسكري الليبي، عادل عبد الكافي، الذي قال لموقع الحرة إن "روسيا تواصل التوسع العسكري في شرق ليبيا من خلال مرتزقة الفيلق الروسي الإفريقي. فيما تحاول الولايات المتحدة احتواء الوضع من خلال عقد اجتماعات مع بعض القيادات العسكرية في غرب البلاد".

إلى أين تتجه الأزمة؟

وغرقت ليبيا في فوضى سياسية وأمنية منذ 13 عاما، حيث يحكم البلاد التي تشهد أعمال عنف وانقسامات، حكومتان متنافستان، إحداهما في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد دبيبة ومعترف بها من الأمم المتحدة، وأخرى معقلها في بنغازي في الشرق ويرأسها، أسامة حماد، وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.

وأكد المهدوي أن حديث المبعوث الأممي بشأن "الأنانية" وتغليب "المصالح" لم يأت بجديد، خصوصا أن "الجميع يعلم أن النخب السياسية الليبية وأطراف الصراع كلها تمتاز بالأنانية وحب الذات، ولا تريد تسليم السلطة".

وأضاف: "التداول السلمي للسلطة في ليبيا مبدأ مرفوض تماما. واستقالة المبعوث الأممي تخدم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الذي رفض تشكيل حكومة جديدة".

وحسب فرانس برس، أبدت حكومة طرابلس "تحفظات" على الدبلوماسي السنغالي، منذ تعيينه مبعوثا إلى ليبيا قبل 18 شهرا.

وقال الجارح خلال حديثه: "للأسف هناك عودة حقيقية لحالة الانقسام المتجذر على المستوى المؤسساتي وعلى المستوى السياسي، وربما على المستوى المالي خلال الفترة المقبلة مرة أخرى كما حدث في الفترة بين 2014 و2019".

وأضاف: "التخوف الحقيقي الموجود الآن أن هناك وجهتين نظر متعارضين، وكل منها في اتجاهات مختلفة فيما يتعلق بمسألة الحكم والسلطة الحاكمة في ليبيا".

وتابع: "في الشرق سلطة حاكمة متمثلة في رجل واحد هو خليفة حفتر. وفي غرب البلاد هناك حكومة لا مركزية إن صح التعبير في ظل التنافس حول السلطة بين المجموعات المسلحة والمجموعات السياسية المختلفة".

ورأى الجارح أن خلافات الأطراف الليبية المتنافسة عميقة لدرجة أنه "من المستبعد التوصل إلى حل وسط يرضي الجميع. وبالتالي، فإن الأزمة في ليبيا مرجحة للاستمرار، بل قد تتفاقم وتؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد".

صراع مسلح؟

لا يستبعد المهدوي خلال حديثه، إمكانية التصعيد المسلح في ليبيا بين الأطراف المتنافسة، خصوصا الجماعات المسلحة في طرابلس والتي تسعى إلى توسيع مناطق نفوذها الأمنية من حين إلى آخر.

لكنه في نفس الوقت يستبعد أن تحاول قوات حفتر مهاجمة طرابلس مرة أخرى بعد أن "فشلت قبل 4 أعوام"، على حد قوله.

وأضاف: "الصراع قادم لا محالة وهذا هو مصدر القلق، خصوصا أن اللجنة العسكرية (5+5) لم تدعم بشكل حقيقي جهود البعثة الأممية فيما يتعلق بالملف الأمني في البلاد".

وشُكلت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" (خمسة أعضاء من قوات حفتر ومثلهم من قوات حكومة الوحدة) برعاية الأمم المتحدة، وهي الجهة التي تتولى الإشراف على وقف إطلاق النار الدائم الذي توصّل إليه الطرفان في أكتوبر 2020.

وأنهى هذا الاتفاق هجوما عسكريا واسع النطاق، شنّته قوات المشير حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، استمر لأكثر من عام (من أبريل 2019 وحتى يونيو 2020).

بدوره، يرجح عبدالكافي تفاقم الانقسامات والاشتباكات المسلحة في ليبيا، حتى بين الفصائل المتحالفة في شرقها وغربها.

وفي ظل سعي كل طرف لتعزيز نفوذه ومصالحه، قال عبدالكافي إن "اندلاع الاشتباكات أمر وارد، خاصة مع ازدياد محاولات بعض التشكيلات المسلحة السيطرة على المؤسسات والمواقع".

وأضاف عبدالكافي: "في ظل الأنانية التي تتمتع بها الأطراف المحلية سواء في الشرق أو في طرابلس غربا أو حتى على مستوى المنطقة الجنوبية، فإن اندلاع الاشتباكات أمر غير مستبعد".

ويُشير خلال حديثه إلى وقوع اشتباكات مسلحة بين مجموعات مسلحة في كل من غرب وشرق البلاد، مستشهدا بمواجهة حديثة بين "كتيبة 2020" و"كتيبة 106" للسيطرة على معسكر في بنغازي، على الرغم من كونهما تابعتين لقوات خليفة حفتر.

ويؤكد عبدالكافي أن هذا المشهد الفوضوي بات سائدا على الأوضاع الأمنية والعسكرية في ليبيا، مستبعدا حدوث مواجهة عسكرية واسعة على غرار عام 2019، "لأن قرار شن مثل هذه العمليات يبقى بيد الأطراف الإقليمية والدولية وليس الأطراف المحلية".