السوداني اظهر رغبة في التقارب مع دول الخليج العربية وواشنطن مؤخرا
السوداني اظهر رغبة في التقارب مع دول الخليج العربية وواشنطن مؤخرا

خلال أسبوعين، بين خطابه في حفل افتتاح بطولة "كأس الخليج العربي 25"، وتصريحاته بأن العراق لا يزال بحاجة لوجود القوات الأجنبية، بدا رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وكأنه مبحر عكس تيار "الإطار التنسيقي"، الكتلة الشيعية التي يدين كثير من مكوناتها بالولاء لإيران، والتي رشحت السوداني لرئاسة الحكومة.

وقدمت إيران شكوى إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بشأن عبارة "الخليج العربي"، واستدعت الخارجية الإيرانية السفير العراقي في طهران للتعبير عن احتجاجها، وصولا إلى مقالات نشرتها صحف إيرانية استخدمت عبارات مسيئة لرئيس الوزراء العراقي.

ورغم الحملة الإيرانية التي يتعرض لها السوداني، يعتقد مراقبون عراقيون أن مواقفة الأخيرة لا تعبر إلا عن توجه حقيقي، في حين يقول آخرون أن هذا التحول السياسي الذي عبر عنه  السوداني "متفق عليه" داخل الإطار التنسيقي وبتفهم إيراني.

وبدأت الأزمة حينما رحب السوداني بضيوف بطولة كأس الخليج، مستخدما اسم "الخليج العربي" خلال خطاب قصير مرتجل ألقاه في حفل افتتاح البطولة في السادس من يناير.

ويقول المحلل السياسي محمد المعموري إن "هذه اللفتة بدت عفوية وتحت ضغط اللحظة في البداية".

لكن السوداني كرر التسمية عدة مرات في لقاء مع قناة دويتشه فيلا الألمانية، مؤكدا أن "الخليج عربي وأن العراق جزء من المنظومة العربية"، مما أشغل الغضب في إيران.

ويضيف المعموري لموقع "الحرة" أن "البادرة لا تحمل معنى عمليا من حيث تغيير اسم الخليج، ولا أهمية لها بهذا السياق، لكنها مهمة جدا لأنها تظهر أن السوداني يبدو غير آبه باعتراضات إيران على موضوع حساس جدا بالنسبة لها".

العلم القطري مرفوع داخل ملاعب البصرة

السوداني "أخرج ذيله"

وهاجمت صحف إيرانية عدة السوداني، ووصفته بعضها بألقاب مسيئة، مثل صحيفة آرمان أمروز، التي حمل أحد مقالاتها عنوان"السوداني يظهر ذيله"، وآخر بعنون يقول إن السوداني "يسير على خطى صدام حسين".

وقالت صحيفة أمروز إن "استخدام هذه الأسماء (الخليج العربي) يدل على أن لدى المسؤولين العراقيين أهدافا قومية تتمثل في التقارب مع العرب".

ويقول المحلل المعموري إن "خطوات السوداني تشير فعلا في ظاهرها إلى وجود نوع من التقرب من العرب، خاصة في ظل التغطية الإعلامية الإيجابية الكبيرة التي حظيت بها بطولة الخليج من جانب الإعلام الخليجي، ما قد يشير إلى وجود تنسيق لتعميق التعاون".

لكن السوداني لم يقف عند هذا الحد، بل أطلق تصريحا مثيرا آخر خلال مقابلة حصرية مع وول ستريت جورنل، قال فيها إن العراق يحتاج إلى بقاء القوات الأجنبية، من دون أن يحدد فترة لخروج تلك القوات.

وأثار هذا التصريح حنقا داخل إيران أيضا، حيث قالت صحيفة أمروز في مقال آخر إن "السوداني أخرج ذيله الحقيقي" في إشارة إلى مثل فارسي يعني ظهور النوايا الحقيقية المخفية.

والثلاثاء، التقى السوداني مع بريت ماكغورك، ممثل الرئيس الأميركي جو بايدن، في بغداد، وقال بيان عراقي إن الطرفين اتفقا على "تعزيز العلاقات" وأن واشنطن أكدت دعمها للحكومة العراقية الحالية.

برضا طهران

لكن الخبير السياسي، عقيل عباس، يقول لموقع "الحرة" إن هذا التقارب مع واشنطن هو برغبة أطراف كثيرة داخل الإطار التنسيقي الشيعي، وبـ"تفهم من طهران".

ويعتقد عباس أن "الجماعات الرئيسية داخل الإطار ومنها العصائب مقتنعون بأنهم لا يستطيعون إثارة موضوع القوات الأجنبية لأن هذه الحكومة – التي رشحوها - بحاجة إلى دعم المجتمع الدولي".

ويضيف "السياق الوحيد الذي يمكن فيه إثارة هذا الموضوع هو ضمن الصراعات الداخلية في كتلة الإطار مثل الصراع على المناصب أو الضغط على السوداني، بمعنى أن الحافز الحقيقي ليس هو قضية القوات الأميركية وإنما الضغط على السوداني".

ويقول إنه "لا توجد قوة كبيرة داخل الإطار تعمل جديا على موضوع خروج القوات".

ولا يعتقد عباس أن "مواقف السوداني تعبر عن رغبة في إعادة النظر بالعلاقات مع طهران"، مبينا "هناك براغماتية حتى داخل الإطار التنسيقي"، واعتراف بـ"الاحتجاج السياسي ضد إيران الذي ظهر واضحا خلال بطولة الخليج بشكل الحفاوة الكبيرة التي استقبل بها العراقيون الخليجيين".

السوداني زار إيران في نوفمبر الماضي

صراع داخل إيران

ويقول الصحفي المتخصص بالقضايا الإيرانية، مصطفى ناصر، إن العراق "ينظر إليه داخل إيران من خلال منظارين، أحدهما منظار الحرس الثوري والثاني منظار الإصلاحيين".

وبحسب ناصر فإن الحرس الثوري "أدرك مؤخرا انهم غير قادرين على التعامل مع الملف العراقي كما يتعاملون مع الملف السوري او اللبناني، لأن الفاعل الأميركي لا يزال قويا في العراق، على الرغم من ابتعاد تأثيراته على المشهد العام".

وأضاف أن "الحرس الثوري بدا على استعداد لتقديم تنازلات تاريخية للأميركيين واللاعب الدولي، قبالة أن يبقي ملف العراق لديه، ويبعد الإصلاحيين لفترة أطول".

ويعتقد ناصر إن "السوداني سيكون ملزما بتنفيذ جملة خطوات بالتنسيق مع الإطار والحرس الثوري، وتكون نتائجها في صف المصالح الاميركية في المنطقة".

ويستشهد ناصر بالـ"رفض الخجول" لفرض البنك الفيدرالي الأميركي عقوبات مؤخرا على بنوك عراقية، وعدم وجود اعتراضات من القوى المرتبطة بإيران منسجمة مع الاعتراضات الإيرانية القوية على بطولة الخليج".

وفي المحصلة يرى ناصر إن "الانتقادات التي يتعرض لها السوداني تأتي من خلال أذرع الإصلاحيين الإعلامية التي تريد تأجيج الشارع الإيراني ضد سياسة الحرس الثوري الخارجية باعتبارها سياسة فشلت في السيطرة على العراق".

وحتى الآن، لم تظهر مواقف سياسية رسمية داخل العراق، معارضة لتصريحات السوداني بشأن بقاء القوات الأميركية، سواء من جانب الأطراف المشتركة بالحكومة أو المعارضة داخل البرلمان وخارجه.

ولم تعلق قيادات الإطار علنا، حتى الآن، على تصريحات السوداني، واكتفت بالتهئنة بتأهل العراق إلى نهائي بطولة كأس الخليج، بدون الإشارة إلى الجدل بشأن تسمية الخليج أو الجدل بشأن بقاء القوات الأجنبية.

العراق- معرض عسكري
بين عام 2008 إلى عام 2018، باعت الصين 181 طائرة بدون طيار إلى 13 دولة | Source: @modmiliq

خلال معرض الأمن والدفاع السنوي في بغداد، الذي جرى على مدى أربعة أيام الأسبوع الماضي، لفتت الطائرة الصينية من دون طيار CH-5 الأنظار، وسط مساعي بكين استغلال القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الصادرات العسكرية لبعض دول الشرق الأوسط، لتسويق ترسانتها من أنظمة مماثلة.

وأقيم المعرض العسكري  في بغداد في الفترة من 20 إلى 23 أبريل، حسبما أفادت منصة الشؤون العسكرية "جاينز غروب" في 24 أبريل.

قدرات "سي إتش-5"

تم تطوير هذه المسيّرة (Cai Hong-5 باللغة الصينية أو Rainbow-5 باللغة الإنكليزية) من قبل شركة الصين لعلوم وتكنولوجيا الفضاء المملوكة للدولة.

ويمكن لهذه المسيرة الطيران لمدة تصل إلى 60 ساعة على مدى يصل إلى 6213 ميلاً.

تعتمد "سي أتش-5" على نظام الطائرات بدون طيار متوسط الارتفاع وطويل التحمل المسمى (MALE).

يمكن لهذا النظام دمج وظائف الاستطلاع والمراقبة والاستهداف، وفق موقع "ميليتاري درونز".

ويمكن لهذه المسيرة حمل أنواع مختلفة من الحمولات في وقت واحد لإجراء عمليات الاستكشاف والمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد المواقع المستهدفة.

علاوة على ذلك، يمكنها أيضًا حمل أنواع من الأسلحة الموجهة بدقة لتنفيذ عمليات معقدة، ودوريات منطقة حظر الطيران وغيرها من المهام العسكرية.

يمكنها ضرب الأهداف الأرضية الثابتة والمتحركة بسرعة منخفضة وبدقة. وفي الوقت نفسه، يمكن استخدامها أيضًا في الحالات المدنية، مثل اتصالات الطوارئ والتنقيب الجيوفيزيائي.

أُجريت الرحلة الأولى لطائرة CH-5 في مطار لم يُكشف عنه في مقاطعة قانسو بالصين في أغسطس 2015. واستغرقت الرحلة حوالي 20 دقيقة.

وتم عرض نموذج أولي لهذه الطائرة بدون طيار لأول مرة في نوفمبر 2016.

بعدها بنحو سنة، أعلنت شركة "CASC" الصينية أن الطائرة بدون طيار جاهزة للإنتاج.

ومثل النماذج السابقة من سلسلة Rainbow UAV، تم تصميم CH-5 للتصدير.

صادرات الصين العسكرية للدول العربية 

قال جان لوب سمعان، زميل أبحاث أول في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، لمجلة "نيوزويك" إن الصين تستجيب للاحتياجات الدفاعية لبعض دول الشرق الأوسط، في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة قيودًا على الصادرات العسكرية إلى بعض دول المنطقة. 

وأشار المتحدث إلى أن المنتجات العسكرية الصينية أصبحت أكثر تداولا لدى بعض دول الشرق الأوسط "لأنها أرخص وليس لها أية قيود"، بينما تجد نفس الدول صعوبات كبيرة في الوصول إلى أنظمة مماثلة في الولايات المتحدة، "غالبًا بسبب القيود المفروضة على الصادرات".

وأضاف أن عملية البيع الأخيرة للعراق تتّبع نمطا شائعا للبصمة المتنامية للصين في أسواق الأسلحة في الشرق الأوسط، خاصة في القدرات المتخصصة مثل الأنظمة غير المأهولة أو الصواريخ، ومع الدول التي يُنظر إليها تقليديًا على أنها شريكة مع الولايات المتحدة في نفقاتها العسكرية .

فهل يشكل ذلك تهديدا للتعاون الأميركي مع الدول العربية؟

في نظر المحلل العسكري الأميركي، مارك كيميت، فإن الصين أصبحت بالفعل منافسا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية.

وفي اتصال مع موقع "الحرة"، أوضح كيميت أن تزايد الصفقات العسكرية بين بكين وبعض الدول العربية "لا يشير بالضرورة إلى تراجع التعاون بين تلك الدول والولايات المتحدة.

أما بخصوص تعاون بكين والعراق فقال كيميت "كل ما يمكن أن يعزز قدرة قوات الأمن العراقية هو أمر إيجابي طالما أن المعدات لا تشكل تهديدا للولايات المتحدة".

وبدأت الصادرات العسكرية الصينية إلى الشرق الأوسط في عام 1975، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2018، بلغ المبلغ الإجمالي، وفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI، 12.84 مليار دولار .

وتمت غالبية المبيعات – 8.8 مليار دولار – في الثمانينيات، عندما صدرت الصين كميات كبيرة من الأسلحة إلى كلا الجانبين في الحرب الإيرانية العراقية.

وخلال التسعينيات، بعد نهاية الحرب الباردة، انخفضت الصادرات إلى الشرق الأوسط إلى 1.8 مليار دولار فقط، معظمها إلى إيران.

واستمر الانخفاض في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع الصادرات بقيمة 1.4 مليار دولار، ذهبت في المقام الأول إلى إيران ومصر، وفق وثيقة أصدرها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.

وخلال السنوات الأخيرة، كثفت الصين جهودها لتعزيز وجودها في الشرق الأوسط.

وبين عام 2008 إلى عام 2018، باعت الصين 181 طائرة بدون طيار إلى 13 دولة، تم تصدير 22.1 في المئة منها إلى الإمارات المتحدة، و19.3 في المائة إلى السعودية، و15.5 في المائة إلى مصر وفق مجلة "نيوزويك".

الصين قوة عالمية لتصدير المعدات العسكرية؟

في أكتوبر 2017، خلال مداخلته في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أنه بحلول عام 2035 ستصبح الصين قوة بيع عسكرية عالمية وذلك عن طريق تنويع قدرات الجيش ولا سيما تحديث قطاع التصنيع العسكري. وقال "سنصل إلى مستوى عالمي بحلول عام 2049".

وتصادف تلك السنة الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.

واعتبارًا من عام 2018، تم تصنيف الصين على أنها من بين أكبر مصدري الأسلحة في العالم، على الرغم من أنها تحتل المرتبة الخامسة بعيدا خلف الولايات المتحدة وروسيا .

وخلال الأعوام 2014-2018، حققت صادرات الأسلحة الصينية زيادة قدرها 5.2% من إجمالي صادرات الأسلحة العالمية، مما يشكل زيادة 2.7 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية.

هذه المعطيات "لا تجعل من الصين قوة عسكرية عالمية أو قوة تصدير للأنظمة والمعدات العسكرية بشكل شامل"، وفق الخبير العسكري الأميركي، ريتشارد وايتز، من معهد هدسون، ومقره واشنطن.

وايتز قال في حديث لموقع "الحرة" إن تنامي قدرات بكين للتصدير العسكري تجعل منها منافسا للولايات المتحدة في مجالات محددة فقط مثل الطائرات بدون طيار "هي ليست كذلك في مجالات أخرى"، وفق تعبيره.

وأضاف "ربما سيكمن التنافس بينها وبين واشنطن في الأسعار فقط، وليس في شيء آخر، في إشارة إلى ريادة الولايات المتحدة في تقنيات التصنيع العسكري مقارنة بالصين التي تسعى لبناء صناعة خاصة بها وتصدير أنظمتها للعالم.

وأوضح أنه لا يوجد أي خطر على التعاون العربي- الأميركي بالنظر إلى تنامي التعامل التجاري بين دول الشرق الأوسط والصين، وقال إن تلك الدول تعتمد في كثير من معداتها وترساناتها على التقنية الأميركية  "بل وحتى التدريب".

كيميت قال من جانبه إن الصين حتى وإن أصبحت منافسًا للولايات المتحدة في مجال الصادرات العسكرية، لن تكون منافسا قويا "طالما أن الولايات المتحدة تقدم معدات قتالية ذات جودة أفضل وهو ما لا تستطيع الصين القيام به، أعتقد أن الولايات المتحدة ستبقى الخيار الأول لتلك الدول. 

ويرى بأن منافسة الصين للولايات المتحدة لن تكون بتلك القوة التي يمكن أن يتصورها البعض، إذ "يمكنهم بالتأكيد التنافس في أسعار بيع الأسلحة،  وليس جودتها"، وفقه.

وأضاف "سيبيعون أسلحتهم بنصف السعر ودون مراجعات حقوق الإنسان، هذا مضمار منافستهم لواشنطن".