طائرة روسية تقصف في سورية
طائرة روسية تقصف في سورية (أرشيف)

في تقريره السنوي عن التدخل الروسي في سوريا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، إن العام 2021 حمل العديد من التطورات على الصعيد السياسي والأمني.

وقال المرصد إن روسيا استمرت خلال العام المنتهي في محاولاتها "للتفرد بالقرار السوري وإزاحة إيران من طريقها".

ووفق التقرير، ترى موسكو في طهران العائق الوحيد أمامها في سوريا.

المستوى الأمني

شهدت أجواء البادية السورية خلال عام 2021، تحليقاً متواصلاً بشكل يومي للطائرات الحربية الروسية، في إطار استمرار التصعيد الجوي من قبل الجانب الروسي على مناطق انتشار تنظيم "داعش" في مواقع متفرقة وعلى مساحات شاسعة من البادية.

وقد أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من 12230 غارة جوية نفذتها طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي خلال عام 2021، أسفرت عن مقتل 401 من عناصر التنظيم وجرح 331 آخرين منهم.

استهداف مناطق النفوذ التركي

لم تكن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في الريف الحلبي بمنأى عن الاستهدافات الروسية، وفق تقرير المرصد.

وسقط أكثر من 60 قتيلاً وجريحاً في استهدافات القوة الجوية الروسية على مناطق النفوذ الإيراني. 

يقول التقرير: "لم تشفع 'الصداقة' بين بوتين وأردوغان لتجنيب تلك المناطق من الضربات البرية والجوية"

وأحصى المرصد 6 استهدافات، 4 منها جوية و2 برية، خلفت 15 قتيلاً، بينهم 4 مدنيين و11 من فصيل "فرقة الحمزة"، بالإضافة لإصابة 46 آخرين بجراح متفاوتة.

موسكو- طهران..  الحرب الباردة 

مع التغلغل الإيراني المتواصل في الأراضي السورية والعمل الكبير التي تقوم به لترسيخ وجودها في البلاد، يواصل الجانب الروسي تحركاته لمجابهة التمدد الإيراني وتحجيم دوره، في إطار مال وصفه التقرير بـ"الحرب الباردة" بين الطرفين.

وخلال 2021 سعى كل طرف لفض شراكة السيطرة، والتفرد بالقرار السوري بينما بقي نظام بشار الأسد "حاكما شكليا" فقط.

يقول التقرير: "وإن كان الصراع هذا يشمل كامل التراب السوري في العموم، إلا أنه يتركز في الجنوب السوري وغربي الفرات على وجه الخصوص".

وفي درعا ترعى روسيا اتفاقات وتتدخل في إجراء "تسويات ومصالحات" محاولة منها لاستمالة المزيد من مقاتلي الفصائل سابقاً واستقطابهم ضمن الفيلق الخامس لتعزيز دور الأخير على الساحة السورية لاسيما العسكرية، بينما تسعى لمزاحمة الإيرانيين في "عقر دارهم" كما يقال وهي منطقة غرب الفرات.

إغراءات مادية

أكدت مصادر المرصد أنه في النصف الأول من العام 2021، عمل الروس على العزف على الوتر المالي في منطقة غرب الفرات "ليس لاستقطاب الشباب والرجال فحسب، بل لإغواء المجندين المحليين لدى الميليشيات الموالية لإيران بتركهم والانضمام للروس" وفق تعبير التقرير.

ويعرض الجانب الروسي راتبًا شهريًا، قدره 240 ألف ليرة سورية مقابل ترك تلك الميليشيات والانضمام لهم، وهو ضعف الراتب الشهري المقدم من الميليشيات الموالية لإيران للمجندين المحليين.

و"يستفيد" المجندون للعمل مع الروس بالاشتغال ضمن مقرات في مدينة دير الزور وريفها، بنظام 5 ساعات خدمة ومثلها استراحة، وقالت مصادر للمرصد السوري أن نحو العشرات قاموا بالفعل بقبول العرض الروسي وتركوا العمل مع الإيرانيين.

قواعد جديدة

شهد الربع الأخير من العام 2021، تصاعداً بالتعزيزات الروسية لتعزيز تواجدها في مناطق تمتد من ريف حلب الشرقي وصولًا إلى عين عيسى شمال محافظة الرقة على الطريق الدولي حلب-الحسكة.

ففي مطلع نوفمبر، قامت القوات الروسية بإنشاء قاعدة عسكرية على طريق حلب-الحسكة الدولي شرق مدينة منبج بريف حلب الشرقي، ووفقًا لمصادر  المرصد السوري، فإن عربات روسية تمركزت في قاعدة مدفعية كانت تتمركز فيها قوات النظام، وتبتعد القاعدة الجديدة نحو 20 كيلومتر عن تمركزات القوات التركية في الشمال.

كما حاول الروس الضغط على قوات سوريا الديمقراطية للسماح لقوات النظام بإدخال دبابات إلى منبج شرقي حلب، ونشرها في المنطقة، إلا أن قوات "قسد"  رفضت طلب الجنرال الروسي الذي هدد بقصف معبر التايهة /أبو كهف الواقع غربي منبج، والذي يصل مناطق سيطرة النظام بمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

غياب النظام 

غابت طائرات النظام الحربية والمروحية عن أجواء منطقة "بوتين-أردوغان" خلال العام 2021، بيد أن المقاتلات الروسية نابت عنها بقتل السوريين وتدمير البنى التحتية، إذ أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من 562 غارة جوية شنتها طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الروسي على منطقة "خفض التصعيد"، خلال العام 2021.

وتسببت تلك الغارات بمقتل 18 شخصا، بينهم: 14 مدنيا ( منهم 6 أطفال و3 نساء) و4 من المجموعات المتطرفة بينهم  تركستاني وشيشاني، كما تسبب القصف الجوي الروسي بإصابة أكثر من 117 شخص بجراح متفاوتة غالبيتهم من المدنيين.

تواصل المجازر

وثق المرصد السوري مجزرة نفذتها المقاتلات الروسية خلال العام 2021 وتحديداً بتاريخ 11 نوفمبر حين قتلت 5 مدنيين "الأب والأم واثنين من أطفالهما وطفل ثالث ابن عمهم" جراء استهداف منزلهم الواقع بأطراف بروما ومفرق الهباط بريف إدلب الشمالي.

وطالت الضربات الجوية تلك 62 موقعاً ومنطقة، 48 منها في محافظة إدلب وخمس مناطق في اللاذقية، وست مناطق في حماة، وثلاث مناطق في حلب.

حصيلة ثقيلة .. و مواد خطيرة

يذكر أن حصيلة الخسائر البشرية على يد القوات الروسية، بلغت وفقاً لتوثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، 20944 قتيلاً ، وذلك خلال الفترة الممتدة منذ الـ 30 من سبتمبر من العام 2015 -تاريخ دخول روسيا على خط العمليات العسكرية في سورية- وحتى يومنا هذا.

المرصد السوري لحقوق الإنسان كان رصد استخدام روسيا خلال ضرباتها الجوية لمادة  الثراميت، والتي تتألف من بودرة الألمنيوم وأكسيد الحديد، وتتسبب في حروق لكونها تواصل اشتعالها لنحو 180 ثانية، حيث أن هذه المادة تتواجد داخل القنابل التي استخدمتها الطائرات الروسية في عمليات قصف عديدة على الأراضي السورية.

وهي قنابل عنقودية حارقة من نوع “”RBK-500 ZAB 2.5 SM”” تزن نحو 500 كلغ، تلقى من الطائرات العسكرية، وتحمل قنيبلات صغيرة الحجم مضادة للأفراد والآليات، من نوع ((AO 2.5 RTM)) يصل عددها ما بين 50 – 110 قنيبلة، محشوة بمادة “Thermite”، التي تتشظى منها عند استخدامها في القصف، بحيث يبلغ مدى القنبلة المضادة للأفراد والآليات من 20 – 30 متر.

ذريعة "الإرهاب"

التقرير ختم بالقول: "عام آخر يمر ولا يزال الشعب السوري يعاني ويلات التدخل الروسي، هذا التدخل الذي اتخذ من "الحرب على الإرهاب" ذريعة له لارتكاب مجازر بحق المدنيين".

ومن خلال تقريره، يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الهدف الحقيقي للتدخل الروسي في سوريا، ليس مكافحة الإرهاب وإنما قتل وتهجير المدنيين وتدمير منازلهم وممتلكاتهم، من أجل مساعدة "النظام" على حساب سوريا والمدنيين.

وبالمناسبة، جدد المرصد السوري مناشداته للمجتمع الدولي للضغط على موسكو لوقف عدوانها على المدنيين السوريين، والعمل من أجل التوصل لحل سياسي ينهي المأساة السورية المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن.

حمو المقيم في السويد كان ضابطا برتبة عميد في الجيش
حمو المقيم في السويد كان ضابطا برتبة عميد في الجيش

يمثل الضابط السابق، م.  (حذفت أحرف من اسمه) حمو، أمام القضاء السويدي الإثنين ليحاكم بتهمة المشاركة في جرائم حرب عام 2012، ليصبح العسكري السوري الأعلى رتبة يخضع لمحاكمة في أوروبا، على خلفية النزاع في بلاده.

وحمو (65 عاما) المقيم في السويد وكان ضابطا برتبة عميد في الجيش، متهم بـ"المساعدة في والتحريض على" ارتكاب جرائم حرب خلال النزاع، وهي تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.

واندلع النزاع في سوريا بعد احتجاجات شعبية مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في مارس 2011، استخدمت السلطات العنف في قمعها. وتسبب النزاع بمقتل أكثر نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.

وبحسب لائحة الاتهام، ساهم حمو عبر "المشورة والعمل"، في معارك خاضها الجيش "وتضمنت بشكل منهجي، هجمات عشوائية على بلدات أو أماكن عدة على أطراف وفي داخل مدينتي حماة وحمص".

وتتعلق التهم بالفترة الممتدة بين الأول من يناير و20 يوليو 2012، ويتوقع أن تستمر المحاكمة حتى أواخر مايو.

وقال الادعاء إن المعارك التي خاضتها القوات الموالية للأسد "شملت هجمات جوية وبرية واسعة النطاق من قبل منفّذين غير معروفين في صفوف الجيش السوري"، مشيرا الى أن الغارات تم شنها من دون التمييز بين أهداف مدنية وعسكرية كما يقتضي القانون الدولي.

وأضافت لائحة الاتهام أن م. حمو، الذي كان يشرف على وحدة معنية بالتسليح، قام بالمساعدة في عمليات التنسيق والتسليح للوحدات القتالية، ما ساهم في تنفيذ الأوامر على "مستوى عملي".

وقالت محامية حمو، ماري كيلمان لوكالة فرانس برس، إن موكلها نفى ارتكاب جرائم، لكنها آثرت عدم الإدلاء بتعليقات إضافية، قبل بدء المحاكمة.

ومن المقرر أن تدلي سبعة أطراف مدنية، بينها سوريون يتحدرون من حمص وحماة الواقعتين في وسط سوريا، بشهادات خلال المحاكمة، إضافة إلى مصور بريطاني أصيب خلال إحدى الضربات المذكورة في لائحة الاتهام.

"الإفلات التام من العقاب"

وقالت كبيرة المستشارين القانونين في منظمة المدافعين عن الحقوق المدنية عايدة سماني لفرانس برس إن "الهجمات في حمص وحماة ومحيطهما في العام 2012، تسببت بأذى كبير للمدنيين ودمار هائل للممتلكات المدنية".

وأشارت إلى أن "التصرفات نفسها تكررت بشكل منهجي من قبل الجيش السوري في مدن أخرى على امتداد سوريا"، مؤكدة أن ذلك جرى "بإفلات تام من العقاب".

وأوضحت سماني أن محاكمة حمو ستكون الأولى في أوروبا "تتعامل مع هذا النمط من الهجمات العشوائية من قبل الجيش السوري"، مشيرة إلى أنها "ستكون الفرصة الأولى لضحايا الهجمات لإسماع صوتهم في محكمة مستقلة".

وحمو هو الأعلى رتبة بين الضباط السوريين يخضع للمحاكمة في أوروبا، إلا أن دولا أخرى في القارة سعت إلى توجيه الاتهام الى عدد من المسؤولين الذين يحملون رتبا أعلى.

ففي مارس، قررت النيابة العامة السويسرية محاكمة رفعت الأسد عم رئيس النظام بشار الأسد، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لوقائع تعود إلى ثمانينات القرن الماضي.

وفي حين لم يتم بعد تحديد موعد للمحاكمة، يستبعد أن يمثل رفعت الأسد أمام القضاء السويسري. وهو كان عاد الى بلاده في سنة 2021 بعد 37 عاما في المنفى، ولم يظهر منذ ذلك الحين في أي مكان عام، باستثناء صور في أبريل 2023 مع أفراد من العائلة بينهم  الأسد.

وفي نوفمبر الماضي، أصدرت السلطات الفرنسية مذكرة توقيف دولية بحق بشار الأسد على خلفية اتهامه بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية على خلفية هجمات كيميائية تعود الى العام 2023.

وصدرت مذكرات توقيف دولية بحق شقيقه ماهر الأسد واثنين من الضباط الكبار. 

في يناير 2022، حكم في كوبلنتس (غرب) بالسجن المؤبد على العقيد السابق في الاستخبارات، أنور رسلان، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، إثر أول محاكمة في العالم على انتهاكات ارتكبها مسؤولون في النظام السوري خلال النزاع في بلادهم.