الرئيس الإيراني يقابل الرئيس السوري بشار الأسد في طهران
الرئيس الإيراني يقابل الرئيس السوري بشار الأسد في طهران

مثّل اندلاع الحرب السورية في 2012، فرصة لإيران لزيادة نفوذها في سوريا، وكان هذا مدفوعًا بأهمية سوريا الاستراتيجية، ودورها في ضمان استمرارية الممر البري من طهران إلى بيروت، ووصولها إلى المياه الدافئة لشواطئ البحر الأبيض المتوسط.

لقد استغلت إيران كل قدراتها المالية والعسكرية لحماية رئيس النظام السوري بشار الأسد، ولتنفيذ الاتفاقيات التي تضمن مصالحها في سوريا لعقود قادمة، وتوسع نطاق الدعم الإيراني من الدعم الاستشاري إلى المالي والعسكري.

وفي الوقت الذي يموت فيه الشعب الإيراني من الجوع والفقر، وهذا ما أكدته مؤخرًا موجة الاحتجاجات في طهران والعديد من المدن الأخرى، تسعى الحكومة الإيرانية إلى مد يد العون، للنظام السوري لضمان بقائه.

وأظهرت دراسة أجراها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "شبكات التسلل الإيرانية في الشرق الأوسط"، أن إيران تولي أهمية عسكرية واستراتيجية لميليشياتها المنتشرة في المنطقة أكثر من اهتمامها ببرامج الصواريخ والنووية.

حجم الانفاق في سوريا

وقدرت الدراسة إجمالي إنفاق إيران على أنشطة ميليشياتها في سوريا والعراق واليمن بحوالي 16 مليار دولار سنويا، بينما ينفق النظام الإيراني حوالي 700 مليون دولار سنويًا على ميليشيات حزب الله في لبنان.

وفقاً لمسؤولين إيرانيين، أنفقت طهران مبالغ هائلة في سوريا، تصل إلى أكثر من 30 مليار دولار، وفقاً لموقع ومجلة السياسة الخارجية.

موقع "iranwire​" أكد أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار "حد ائتماني" فتحته إيران لسوريا، والذي يتراوح حسب وسائل الإعلام الإيرانية من 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.

سمير الطويل الخبير الاقتصادي بدوره، قال للموقع: "يقول الكثيرون أن حجم الإنفاق الإيراني في سوريا يصل إلى أكثر من 80 مليار دولار، ومن المؤكد أنه في عام 2015، دعمت إيران نظام الأسد بمبلغ 900 مليون بالإضافة إلى حد الائتمان بين طهران ودمشق والذي يقدر بنحو 12 مليار دولار".

وأضاف: "مع العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران، لم يعد هذا الخط قائماً، حيث لم تعد إيران تجرؤ على إمداد النظام السوري بالنفط أو الغاز لأن شحناتها ستستهدف".

كما كشفت جيسي شاهين، المتحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، أن تقديرات الأمم المتحدة بشأن متوسط ​​الإنفاق الإيراني في سوريا تبلغ 6 مليارات دولار سنويًا.

وعلى سبيل المقارنة، هذا يعني أن إيران ساعدت النظام السوري بمبلغ يعادل نصف ميزانية دعم الأسعار الداخلية سنويًا، إذا أنفقت إيران هذا المبلغ سنويًا على مدار 8 سنوات من الحرب السورية، فإن هذا يعني أنها أنفقت 48 مليار دولار، أي 4 أضعاف ميزانية الدفاع إيران السنوية.

المكاسب الإيرانية

ولعبت إيران دورًا اقتصاديًا متواضعًا في سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات، ومع ذلك، فقد تطور دورها بشكل متزايد خلال السنوات القليلة الماضية، مدفوعًا بمصالحها الاقتصادية. فبعد تدمير جزء كبير من قطاعات البنية التحتية والإنتاج في سوريا، دخلت إيران في العديد من الاتفاقات والعقود الاقتصادية مع النظام السوري من أجل إعادة بناء هذه القطاعات، والتي تشمل البنية التحتية والكهرباء والصحة، المطاحن، إنتاج وتوريد الأغذية، والتمويل.

وتم التوصل إلى اتفاقيات في عام 2013 لتمويل الواردات، بشرط أن تأتي نسبة كبيرة من إيران وعبر الشركات الإيرانية، كما قامت دمشق بإعفاء شركة تصدير المواد الغذائية الإيرانية من جميع الرسوم والضرائب عند نقل البضائع إلى سوريا.

من جانبه، أوضح سمير الطويل لموقع"iranwire"، أن سيطرة روسيا على الموانئ واستكشافها للنفط والفوسفات والغاز والمعادن، دفعت إيران إلى التركيز على قطاع الطاقة الكهربائية، مشيرًا إلى أن شبكة الكهرباء السورية تضررت بشدة وتحتاج إلى 7 مليارات دولار على الأقل لاستعادته.

وأضاف الطويل أن الدعم العسكري والمالي الإيراني للنظام السوري لا يأتي مجانًا، مما يتطلب ضمانات سيادية تضمن حقوقه، لذلك، منح بشار الأسد إيران السيطرة على القطاع الصحي من خلال رجل أعمالها المعروف، سامر الفوز، بالإضافة إلى أدوار في قطاع التعليم وفي مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور، والنقل، وربط البلدان والمدن مع بعضها البعض من خلال نظام طرق التجارة التي تسهل العمليات التجارية.

المكاسب التجارية

ووفقًا لموقع "سوريا ديلي نيوز"، فإن الميزان التجاري الإيراني قد تأثر بشكل إيجابي بالعلاقات التجارية مع سوريا خلال فترة الحرب، وتحديداً فيما يتعلق بالصادرات، حيث ارتفعت قيمة التجارة الإيرانية من 361 مليون دولار في عام 2011 إلى حوالي 869 مليون دولار في 2017.

وأدت هذه الزيادة في الصادرات الإيرانية إلى سوريا إلى تحول مستمر في سوريا إلى سوق للمنتجات الإيرانية، وأصبحت إيران الشريك التجاري الأول لسوريا، فقد بلغت قيمة البضائع الإيرانية المصدرة إلى سوريا من 2012 إلى أغسطس 2017 313 مليون دولار، بينما لم تتجاوز الواردات السورية 91 مليون دولار.

كما أكد سمير الطويل أن سوريا لا تملك المال اللازم لسداد ديونها، لهذا سيطرت إيران على قطاع إعادة الإعمار تقريبًا، حيث اشترت العقارات من خلال ممثلها في سوريا، عبد الله نظام، بينما كانت أيضًا تسيطر على مناطق القدام والقصير والزبداني، ناهيك عن سيطرتها على قطاعي المعادن والسيارات.

وساهمت الشركات الإيرانية أيضًا بشكل كبير في المعارض التجارية المقامة في دمشق بغرض إعادة الإعمار، وتوقيع العقود المهمة في هذا المجال.

وأعلن حبيب عباس بور، مساعد مدير شركة تبريز لإنتاج المعدات والآلات، عن توقيع اتفاقية مع سوريا لتصدير المعدات والآلات بقيمة 26 مليون دولار، والتي ستضاف إلى 10 ملايين دولار من المعدات الأخرى للتصدير، وفقًا لقناة العالم التلفزيونية.

كيم جونغ أون دفع بيونغ يانغ إلى تطوير تكنولوجيا تفوق سرعتها سرعة الصوت (أرشيفية-تعبيرية)
كيم جونغ أون دفع بيونغ يانغ إلى تطوير تكنولوجيا تفوق سرعتها سرعة الصوت (أرشيفية-تعبيرية)

رجحت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن يكون الهجوم الإيراني على إسرائيل، في أبريل الماضي، قد أثار اهتمام الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، نظرا لأنه يقدم اختبارا حقيقيا للاشتباك مع الدفاعات الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وذكرت الصحيفة أن ما حدث بين إسرائيل وإيران يعتبر بمثابة درس حي لكيم لأنه يعزز فهم كوريا الشمالية لكيفية أداء أسلحتها إذا هاجمت اليابان أو كوريا الجنوبية، وهما دولتان تتكامل دفاعاتهما، مثل إسرائيل، بشكل متزايد مع الولايات المتحدة.

ويأتي ذلك في ظل التقارب بين كوريا الشمالية وإيران، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن هذا الأمر يثير المخاوف في الغرب بشأن احتمالية أن يتعاون البلدان عسكريا في نهاية المطاف.

وأوضحت الصحيفة أنه حتى قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل، كانت كوريا الشمالية تراقب أداء قذائفها في أوكرانيا، حيث تستخدم روسيا الأسلحة الكورية الشمالية ضد الدفاعات التي زودتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لكييف.

ومن المؤكد، بحسب الصحيفة، أنه توجد اختلافات مهمة، إذ جاء الهجوم الإيراني على إسرائيل مع تحذير مسبق كاف، مع تحليق المسيرات والصواريخ لساعات أثناء سفرها أكثر من 1000 ميل. ومن غير المرجح أن يقدم كيم مثل هذا الإشعار المسبق لضربة محتملة لكوريا الجنوبية أو اليابان، وهو أمر قد يحدث في غضون دقائق معدودة، كما يقول خبراء أمنيون.

ووفقا للصحيفة، تُصنف كوريا الشمالية المسلحة نووياً كواحدة من أكثر التهديدات العسكرية اضطراباً في العالم. وفي السنوات الأخيرة، أجرت بيونغ يانغ تجارب أسلحة بدون الخضوع لأي عقوبات، بما في ذلك مناورة، في 22 أبريل، والتي أشرف عليها كيم، وزعمت وسائل الإعلام الرسمية أنها كانت أول محاكاة لهجوم نووي مضاد في البلاد.

وترى الصحيفة أنه يمكن أن تكون الدروس المستفادة من الهجوم الإيراني على إسرائيل ذات قيمة خاصة لكوريا الشمالية، حيث تقوم كل من بيونغ يانغ وخصومها ببناء جيوشهم للاستعداد لصراع في نهاية المطاف.

وأشارت الصحيفة إلى أن كيم دفع بيونغ يانغ إلى تطوير تكنولوجيا تفوق سرعتها سرعة الصوت وصواريخ قصيرة المدى يمكن أن تربك الرادارات من خلال تغيير الاتجاه في منتصف الرحلة. ويعتمد المزيد من أحدث صواريخ كوريا الشمالية على الوقود الصلب، وليس الوقود السائل، ما يسمح بانتشار أسرع. ويُعتقد أن بيونغ يانغ لديها أسلحة مخبأة داخل الكهوف والجبال، وقد أظهرت قدرة على إطلاق الصواريخ من عربات السكك الحديدية.

وردا على ذلك، ذكرت "وول ستريت جورنال" أن كوريا الجنوبية واليابان تنفقان عشرات المليارات من الدولارات لتحديث أنظمتهما الدفاعية الصاروخية. ولأول مرة، بدأ البلدان والولايات المتحدة، في أواخر العام الماضي، في ربط أنظمة الرادار الصاروخي الخاصة بهما، رغم أن الدفاعات المتكاملة لا تزال هدفاً بعيد المنال، كما يقول الخبراء العسكريون للصحيفة.

وقالت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، في ٢٤ أبريل، إن وفدا من بيونغيانغ برئاسة وزير التجارة الدولية يزور إيران حاليا، وذلك في تقرير علني نادر عن تعاملات البلدين اللذين يُعتقد بأن لهما علاقات عسكرية سرية، وفقا لوكالة "رويترز".

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن وزير العلاقات الاقتصادية الخارجية، يون جونغ هو، غادر بيونغيانغ، جوا على رأس وفد وزاري لزيارة إيران. ولم تعط تفاصيل أخرى.

‭‬ويُشتبه منذ فترة طويلة بأن كوريا الشمالية وإيران تتعاونان في برامج الصواريخ الباليستية، وربما تتبادلان الخبرات الفنية والمكونات التي تدخل في تصنيعها.

وأفادت "رويترز"، في فبراير، بأن إيران قدمت عددا كبيرا من الصواريخ الباليستية إلى روسيا لاستخدامها في حربها مع أوكرانيا.

ويُشتبه أيضا بأن كوريا الشمالية تزود روسيا بالصواريخ والمدفعية، رغم أن كلا البلدين نفى هذا الادعاء.

وتشير قاعدة بيانات حكومة كوريا الجنوبية إلى أن يون سبق له العمل على توطيد علاقات كوريا الشمالية مع سوريا.

وكان ليون دور نشط في المعاملات المتزايدة بين كوريا الشمالية وروسيا، حيث قاد هذا الشهر وفدا لزيارة موسكو، وفقا لوكالة الأنباء المركزية الكورية.