بنكيران طالب العثماني بالاستقالة بعد الخسارة في الانتخابات
بنكيران طالب العثماني بالاستقالة بعد الخسارة في الانتخابات

بعدما قضى عشرة أعوام في رئاسة الحكومة، سجل حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب خسارة قاسية في الانتخابات البرلمانية، حيث شهد تراجعا مدويا تمثل بانخفاض حصته من 125 مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته إلى 12 مقعدا فقط في البرلمان المقبل، الأمر الذي أرجعه محللون إلى أسباب متعددة.

العدالة والتنمية، الذي وصل إلى رئاسة الحكومة في سياق الربيع العربي 2011، سارع إلى توجيه اتهامات طالت نزاهة الانتخابات حتى قبل بدء صدور النتائج، فيما طالب عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي سابقا، الخميس، خلفه على رأس الحزب ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني بالاستقالة، محملا إياه مسؤولية الخسارة. 

وفي وقت توالت فيه الاتهامات، يضع المحلل السياسي، بلال التليدي، في حديث لموقع "الحرة"، "العوامل الداخلية لحزب العدالة والتنمية في مقدمة الأسباب التي أدت إلى خسارته في صناديق الاقتراع".

"تصدع داخلي"

واعتبر التليدي أن "الحزب دخل مفككا إلى المعركة الانتخابية، حيث هناك شرخ قيادي كبير بين العثماني وبنكيران، وهو الذي لم تستطع القيادة العليا استيعابه عبر التوسط بينهما، بدلا من تفضيل طرف على حساب آخر".

وفور إعلان النتائج الأولية للانتخابات، حمل  بنكيران، العثماني مسؤولية خسارة الحزب في الانتخابات للعثماني، قائلا: "لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب والتي سيكون نائبه ملزما بتحملها"، وذلك في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك.

وبدأ الخلاف بين القيادين في 17 مارس 2017، بعدما أعفى العاهل المغربي، محمد السادس، بنكيران من تشكيل الحكومة، وعين العثماني خلفا له، وتزايدت الهوة اتساعا في المؤتمر الوطني الثامن للحزب، الذي انتخب في ديسمبر 2017 رئيس الحكومة، أمينا عاما للحزب، خلفا لبنكيران.

ورأى التليدي أن "حزب العدالة والتنمية لم يتبن خطابا سياسيا في حملته الانتخابية كما فعل بالسنوات الماضية، بل اكتفى بشعار الدفاع عن الحصيلة والمنجز"، مشيرا إلى أنه "كان لابد من الدخول في سجالات سياسية مع باقي الأحزاب المنافسة، وإجراء نقاشات تتيح للشعب المقارنة، ومن ثم الاختيار".

ومن الأدلة على ما وصفه بالـ"تصدعات الداخلية"، يقول التليدي: "قانون الانتخاب الحالي أثر بشكل كبير على بنية الحزب، حيث تم تحديد نصيبه في مقعد واحد، الأمر الذي أجج الخلافات على اللوائح وشكلها، وحتى إلى اللجوء للتزكية بدلا من اتباع آليات موضوعية في ترشيحات بعض الدوائر".

وشهدت القوانين الانتخابية المغربية تعديلات متعددة، مثل جعل العتبة الانتخابية تعتمد على عدد المسجلين في الانتخابات، وليس الناخبين المشاركين في الانتخابات، إضافة إلى نظام الدوائر المفتوحة في المناطق التي يزيد فيها الناخبون المسجلون عن خمسين ألفا، والنظام الفردي في المناطق التي يقل ناخبوها عن ذلك.

كما ألغيت فكرة العتبة الانتخابية، التي توجب على الفائزين الحصول على 3 في المئة في الأقل من أصوات الناخبين في مناطقهم.

واستبعد التليدي اتجاه بعض القادة في الحزب بـ"التشكيك في نزاهة الانتخابات"، قائلا: "لا يمكن رفض النتائج بضرب نزاهة الانتخابات، لأن المال السياسي استخدم في دورات سابقة، ولم يؤثر على ماكينة الحزب".

وقبيل إغلاق مكاتب الاقتراع أعلن حزب العدالة والتنمية أنه سجل "استمرار التوزيع الفاحش للأموال في محيط عدد من مراكز التصويت، دون تدخّل السلطات المعنية".

وأشار الحزب، في بيان، إلى "ارتباك في لوائح التصويت بعدد من المكاتب، مما حرم عددا من الناخبين من القيام بواجبهم"، داعيا السلطات إلى "التصدي لهذه الخروقات الخطيرة بصرامة تحسبا (...) للمس بسلامة العملية الانتخابية ونزاهتها".

في المقابل، أكد وزير الداخلية، ليل الأربعاء الخميس، أن "عملية التصويت مرت ظروف عادية، باستثناء بعض الأحداث المعزولة التي لم تؤثر على سيرها"، مشددا على "الاحترام التام لسرية الاقتراع ونزاهة عمليات الفرز والإحصاء بحضور ممثلي لوائح الترشيح".

وسبق أن ندد حزب العدالة والتنمية خلال الحملة الانتخابية، التي استمرت أسبوعين، باستعمال المال لشراء أصوات ناخبين ولاستقطاب مرشحين، لكن من دون تسمية أي طرف. 

"واقع إقليمي"

ويقول المحلل السياسي، رشيد لزرق، إن ما وصفه بـ"انهيار" حزب العدالة والتنمية "تم على يد الشعب المغربي، الذي أسقط قوى التدين السياسي من خلال صناديق الاقتراع والعملية الديمقراطية".

وأضاف لزرق لموقع "الحرة"، قائلا: "المغرب ربح إنجاز انتخابات حرة وتداولا ديمقراطيا للسلطة، أما سقوط الإسلاميين فقد جاء نتيجة لمزاج الشعب المغربي".

ورغم ذلك، يؤكد لزرق على أن الواقع الإقليمي انعكس على نتائج الانتخابات المغربية، حيث تتبنى بعض الأنظمة في المنطقة نظاما مناهضا لصعود الإسلام السياسي الذي سجل تراجعا في شعبيته أيضا.

وقال: "حزب العدالة والتنمية صعد محليا، في وقت كان المحيط الإقليمي يتجه نحو قوى التدين السياسي، وتحديدا في فترة  2011 وما تلاها، ولكن الواقع اختلف اليوم، وهذا ما أدى إلى خسارته المدوية".

وفي 20 فبراير 2011، انطلقت أولى تظاهرات الحراك الشعبي في المغرب في خضم "الربيع العربي"، وقادها شباب "حركة 20 فبراير" التي طالبت بإصلاحات سياسية واقتصادية جذرية وبـ"إسقاط الفساد والاستبداد".

بينما رفض التليدي ما سماه بـ"أطروحة الدعم الإقليمي"، معتبرا أن "للمغرب سيادة وحساسية كبيرة تجاه التدخل في شؤونها الداخلية"، الأمر الذي يطيح بأي فرضية ترجح الظروف الإقليمية على الداخلية".

"فقدان الثقة"

وهنا يتحدث لزرق عن فقدان الثقة بين الشارع المغربي وقيادات الحزب، معتبرا أن "التناقض بين الخطاب والممارسة، وعدم تنفيذ الشعارات أدت إلى إسقاط الإسلاميين في الانتخابات".

بدوره، يقر التليدي بأن "رئيس الحكومة بدا ضعيفا  في ظل جائحة فيروس كورونا، معتبرا أن الظروف المعيشية والاقتصادية ولدت احتقانا مجتمعيا كبيرا، تحمل مسؤوليتها حزب العدالة وحده، بينما تملص باقي الأحزاب من ذلك".

وتعاني المملكة المغربية التي يقارب عدد سكانها 36 مليونا، من استمرار فوارق اجتماعية عمقتها التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، فضلا عن ارتفاع البطالة في أوساط الشباب خصوصا، بحسب ما تقول فرانس برس.

وتسببت الجائحة في انكماش الاقتصاد المغربي بمعدل 7.1 بالمئة العام 2020، وارتفاع معدل الفقر من 1.7 بالمئة إلى 11.1 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة التي فرض فيها إغلاق صحي صارم عند ظهور الجائحة، بحسب هيئة الإحصاءات الرسمية.

وبلغت عائدات القطاع السياحي الذي يعد من ركائز الاقتصاد المغربي، قرابة ثمانية ملايين دولار العام 2019، لكنها تراجعت بنسبة 65 بالمئة عند مطلع العام الحالي، وفق وزارة الاقتصاد والمالية.

ماذا بعد؟

وعن الدور الذي قد يلعبه "العدالة والتنمية" بعد هذه النتائج، يقول لزرق: "لحزب التجمع الوطني للأحرار، الفائز في الانتخابات، القرار في إشراك حزب العدالة في الحكومة أو إبقاءه خارجها".

ويعين الملك محمد السادس بعد الانتخابات رئيس وزراء من الحزب الذي يحصل على الكتلة الأكبر في البرلمان، ويفترض أن يشكّل رئيس الحكومة المكلف حكومة جديدة لخمسة أعوام. 

وقد تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، نتائج الانتخابات البرلمانية المغربية بحصوله على 97 مقعدا، بحسب نتائج مؤقتة أعلن عنها وزير الداخلية المغربي، عبد الواحد لفتيت، فجر الخميس.

وحل حزب الأصالة والمعاصرة ثانيا بـ82 مقعدا، وحزب الاستقلال ثالثا بـ78 مقعدا، فيما حزب الاتحاد الاشتراكي رابعا بـ35 مقعدا.

وحصل حزب الحركة الشعبية على 26 مقعدا، فيما حصل حزب العدالة والتنمية على 12 مقعدا فقط.

وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 50.35 في المئة وفق وزير الداخلية المغربي، علما أن الاقتراع شمل للمرة الأولى في تاريخ المملكة في اليوم نفسه الانتخابات البرلمانية (395 مقعدا) والمحلية والجهوية (أكثر من 31 ألفاً)، ما ساهم في رفع نسبة المشاركة.

 الجزائر قطعت في 24 أغسطس 2021 علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب
علاقات البلدين تشهد أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط

أعلنت الجزائر، الثلاثاء، أن الأزمة التي اندلعت مع المغرب بشأن مصادرة  ممتلكات سفارتها بالرباط انتهت برد مغربي "لائق".

وقال وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف إن "الأمر المتعلق بمصادرة ممتلكات سفارة الجزائر في المغرب "انتهى"، بعد إتخاذ المغرب لموقف تم اعتباره "لائقا"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الجزائرية.

ودون أن يقدم تفاصيل عن "الرد المغربي" أكد عطاف خلال ندوة صحفية عقدها بمقر الوزارة، أن "سيادة الجزائر بين أيدي آمنة", مشيرا إلى أن "الموضوع أثير من قبل المغربيين، ونحن قمنا بالرد عليه, الأمر الذي دفع المغرب إلى اتخاذ قرار نعتبره لائقا، وانتهى الأمر عند هذا".

واندلعت أزمة جديدة بين البلدين بعد أن خرجت الجزائر، الأحد، ببيان شديد اللهجة، ردا على شروع السلطات المغربية في إجراءات لمصادرة ممتلكات تابعة لسفارتها في الرباط.

وأدانت الجزائر بـ"أشد العبارات" الخطوة، مؤكدة أن الحكومة الجزائرية "سترد على هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة"، فيما لم يخرج الجانب المغربي بأي تعليق رسمي بشأن الموضوع.

وقال مصدر دبلوماسي مغربي، الإثنين، لوكالة فرانس برس، إن اتهامات الجزائر للرباط "بالسطو" على عقارات تابعة لها في المغرب "لا أساس له"، وتندرج في نطاق "روح تصعيدية غير مبررة".

 وأوضح، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن وزارة الخارجية المغربية تقدمت لدى السلطات الجزائرية عام 2022 بطلب لشراء مبنى تابع لها مجاور لمقر الوزارة، على أساس أنه بقي شاغرا منذ تغيير مقر السفارة الجزائرية في الرباط، وذلك في إطار مشروع لتوسعة مكاتب الوزارة.

 وأكد أن الأمر لا يتعلق بمقر سفارة الجزائر ولا مقر إقامة السفير، مشيرا إلى أن الخارجية المغربية قامت بإجراءات مماثلة مع مقار دبلوماسية أجنبية أخرى لتوسعة مقرها.

وتشهد علاقات البلدين أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف العام 2021، متهمة الأخيرة باقتراف "أعمال عدائية" ضدها، في سياق النزاع بين البلدين حول الصحراء الغربية وتطبيع المغرب علاقاته مع إسرائيل في مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على هذا الإقليم المتنازع عليه.

 وقد أعرب المغرب عن أسفه للقرار الجزائري ورفض "مبرراته الزائفة".