عزت الشابندر(وسط) وقيس الخزعلي (يمين) وهادي العامري (يسار)
عزت الشابندر(وسط) وقيس الخزعلي (يمين) وهادي العامري (يسار)

عزت الشابندر، السياسي العراقي الذي تقلب بين حزب الدعوة الإسلامية والقائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، وثم التحالف مع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أثار مجددا الجدل والغضب بعد تغريدة جديدة مسيئة للمتظاهرين.

عرف الشابندر بتصريحاته المثيرة للجدل، فمرة ينتقد الحكومات العراقية المتعاقبة والنظام السياسي القائم، وبعدها تجده أشد المدافعين والمحذرين من انهيار النظام.

وآخر هذه التصريحات التي أدلى بها الشابندر، وصفه للمحتجين العراقيين في ما بات يعرف بـ"جبل أحد" وسط العاصمة بغداد، بأنهم "قرود ومثليون يشربون الخمر والمخدرات يوميا ومعظمهم قطاع طرق".

فمن هو الشابندر؟

وفقا لصفحته على فيسبوك، فقد ولد الشابندر عام 1950 في بغداد، وتخرج من كلية الآداب في عام 1977 في اختصاص اللغة العربية و العلوم الإسلامية.

كان من عائلة معروفة تسكن منطقة الكرادة الشرقية وسط بغداد، ومعظم أفرادها ينتمون لحزب الدعوة الإسلامية، من بينهم شقيقه غالب الشابندر الذي ترك الحزب فيما بعد.

غادر الشابندر العراق عام 1982 إلى الكويت، ومن ثم استقر لفترة في إيران.

حارب إلى جانب القوات الإيرانية ضد القوات العراقية في حرب الثماني سنوات بين البلدين إبان ثمانينيات القرن الماضي.

وعن هذه الحقبة يقول الشابندر إن الإيرانيين ورغم ذلك لم يحترموا العراقيين الذين كانوا يحاربون إلى جانبهم بل "وكانوا يشتموننا ويبصقون في وجوهنا ويتعاملون معنا بعنصرية".

غادر بعدها الشابندر إلى سوريا واستقر فيها لسنوات، ويعتقد أن تلك الفترة شهدت تطورا ملحوظا في علاقاته مع النظام السوري.

عاد إلى العراق بعد عام 2003، وترشح للانتخابات البرلمانية التي جرت في 2005 عن القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، وحصل على مقعد في البرلمان.

بعدها ترك القائمة العراقية وانضم لقائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، ليفوز بمقعد برلماني في انتخابات 2010.

ظل في قائمة المالكي حتى انتخابات 2014، لكنه فشل في الحصول على مقعد في البرلمان العراقي.

وصفت صحيفة وول ستريت جورنال في مقال نشر في 22 أغسطس 2014 الشابندر بأنه "حليف الأسد والمشرع العراقي السابق الذي كان مسؤول الاتصال بين بغداد ودمشق".

ويصف ناشطون عراقيون الشابندر بأنه من أكثر الموالين لإيران، وأشاروا إلى دفاعه عن حكومة عبد المهدي بطريقة مثيرة للاستغراب.

وأطلقوا عليه وصف "عراب الصفقات" بين روسيا والحكومات العراقية المتعاقبة للحصول منها على رشاو قدرت بمئات الملايين من الدولارات، خصوصا عبر صفقات للأسلحة بها شبهات فشاد، وحصد منها الشابندر أموالا طائلة في 2016، لكنه ينفي ذلك.

من تصريحاته المثيرة للجدل عام 2016، انتقاده اللاذع للحكومات المتعاقبة في العراق بعد عام 2003 والتي أدارها رؤساء وزراء شيعة.

قال الشابندر في حينه إن الشيعة لم يقدموا شيئا للعراقيين عدا إقامة الشعائر الحسينية وزيارات المراقد المقدسة، وتركوا البلد يعاني من الفقر والفساد.

عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق
عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق

يسعى العراقي حسين جلود، الذي فقد ابنه بعد صراع مع سرطان الدم، إلى الفوز في معركة قضائية ضد شركة "بي بي" البريطانية، لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز في أكبر حقل نفط بالعراق.

ويطلب جلود المثقل بالديون، أن تدفع له الشركة التي كانت تعرف باسم "بريتش بتروليوم"، تعويضاً يغطي مصاريف علاج نجله، بما يشمل علاجه الكيميائي وعملية زرع نخاع العظم، ثم جنازة علي الذي توفي في أبريل 2023 عن 21 عاماً.

ويقول جلود (55 عاماً) من منزله المتواضع قرب حقل الرميلة في محافظة البصرة بجنوب العراق: "علي لا يعوّض بمال ولا أكثر من مال، لكن ما أطلبه هو حقي".

ويضيف أن تحركه ضد شركة النفط البريطانية العملاقة "ليس من أجل علي فقط، وإنما أيضاً للفقراء والمصابين والذين توفوا في المنطقة". 

وفي 22 أبريل الماضي، أرسل جلود خطاباً إلى الشركة يشرح ادعاءه، لكن في حال عدم التوصل لاتفاق أو عدم حصوله على رد يرضيه، فإن المرحلة الثانية ستتضمن إجراءات أمام المحكمة، وفق شركة المحاماة "Hausfeld & CO" التي تمثل الوالد المكلوم. 

و"بي بي" من أكبر وأقدم شركات النفط العاملة في العراق، وأحد أكبر منتجي الخام في العالم، وتتواجد في بلاد الرافدين منذ العشرينيات من القرن الماضي.

وتعمل الشركة في حقل الرميلة بشراكة مع مجموعات أخرى، بينها شركة نفط البصرة المملوكة للدولة.

وفي عام 2022، وثقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تحقيق بشأن ارتفاع خطر الإصابات بالسرطان قرب حقول النفط العراقية، حياة علي جلود الشغوف بكرة القدم، والذي شُخصت إصابته بالمرض في 2016.

ويروي والده أنه خلال لقائه الطبيب، سأله الأخير أين تقطن العائلة، وعند إجابته أنه قرب حقل نفط ومحارق غاز، رد: "هذا هو سبب إصابة علي بالسرطان".

انبعاثات مسرطنة

ولم ترد شركة "بي بي" على طلب فرانس برس التعليق، لكنها قالت في بيانات رداً على "بي بي سي"، إنها "لم تكن يوماً الجهة المشغلة لحقل الرميلة، بل تقاضت الرسوم على شكل مخصصات من النفط الخام لقاء خدمات تقنية تقدمها".

وأعربت عن "قلق شديد" تجاه ما ورد في تقرير "بي بي سي"، مشددة على أنها "تعمل مع شركاء في الرميلة". وأشارت لانخفاض بنسبة 65 في المئة في حرق الغاز خلال السنوات السبع الماضية، وأن العمل مستمر لتحقيق خفض إضافي.

وإحراق الغاز هو التخلص من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، ويعد مصدراً أساسياً لتلوث الهواء عبر انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغاز الميثان الخام والكربون الأسود.

وحذرت منظمة "غرينبيس - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في بيان الشهر الماضي حول قضية جلود، من أن حرق الغاز ينتج "عدداً كبيراً من الملوّثات المرتبطة بالسرطان، بما في ذلك البنزين".

وفي كل مرة يفتح فيها جلود باب منزله، أول ما يراه هو مشاعل حرق الغاز والدخان الأسود الكثيف، مؤكداً أن رؤيته يومياً لما يحمّله مسؤولية رحيل ابنه يولّد في نفسه "شعوراً حزيناً".

وأمام منزله، يلعب أطفال كرة القدم أو يركبون دراجاتهم الهوائية، غير مدركين للخطر المحدق بهم في الهواء، وفق الأب المكلوم.

وفي عام 2022، بلغ إجمالي ما تم حرقه 139 مليار متر مكعب حول العالم، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

ويعد العراق  ثاني أكثر دولة بعد روسيا التي تحرق الغاز المصاحب عالمياً، وقد بلغ مجمل ما تم احراقه في 2022 نحو 18 مليار متر مكعب، بحسب المصدر ذاته.

وانضم العراق عام 2017 إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي، تقضي بوقف حرق الغاز بحلول 2030. 

وتؤكد الحكومة في بغداد سعيها إلى وقف حرق الغاز المصاحب واستغلاله لتشغيل محطات الطاقة، مما يقلل اعتمادها على الغاز المستورد من إيران، الضروري لإنتاج الكهرباء. 

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مايو، أنه يسعى لإنهاء حرق الغاز المصاحب خلال 3 إلى 5 سنوات، لـ"إيقاف الآثار البيئية المدمرة لهذه العملية".

وتقدم وزارة النفط العراقية الدعم لقطاع الصحة في البلاد ومن بينها محافظة البصرة المعروفة بإنتاج النفط. وقد أعلنت وزارة الصحة في فبراير عن إجراءات لمكافحة السرطان، بينها اتفاق مع شركة نفط البصرة لبناء مركز للأورام. 

واضطر جلود، وهو أب لسبعة أبناء، لبيع مصوغات ذهبية وأثاثاً منزلياً، والحصول على قرض مصرفي، إضافة الى الاقتراض من أصدقاء، لتغطية علاج علي ثم جنازته. 

ويقول إنه على غرار آخرين، يعيشون قرب حقل النفط، لكن إمكاناتهم المادية لا تسمح لهم بالانتقال إلى مكان آخر. 

ونقلت شركة المحاماة الممثلة لجلود أنه وفقاً للقانون العراقي، يُمنع أن تكون مصافي النفط على مسافة ما دون 10 كيلومترات من منطقة سكنية. لكن "الأدلة" تشير في حقل الرميلة إلى أن حرق الغاز يتم على بعد 5 كيلومترات فقط من مجمعات سكنية. 

ويقول جلود: "نعيش هنا رغم الصعوبة والخوف من هذا المرض"، مشيراً إلى أنه يعتقد أن كثيرين في المنطقة أصيبوا بالسرطان نتيجة حرق الغاز.

ويضيف: "الهدف من هذه الدعوة (ضد بي بي) ليس فقط علي، وإنما التقليل من الغاز (المحترق)، وتأمين مستلزمات طبية للمرضى مجاناً، ومساعدة الفقراء غير القادرين على الانتقال إلى مكان آخر".