ألغى القضاء الإدراي التركي مرسوما يحدد وضع آيا صوفيا كمتحف
أنقرة والقاهرة، تقفان منذ 8 سنوات على طرفي نقيض، وتشوب العلاقة بينهما عدة ملفات عالقة، ليس فقط ملف ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط

من أنقرة إلى القاهرة لم تنقطع رسائل الغزل منذ أسبوع وأكثر، ويبدو أنها تؤسس لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الطرفين، بحسب قول المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن. 

صفحة رسم تفاصيلها التواصل الاستخباراتي في الأشهر الماضية، لتنتقل الآن إلى "مرحلة على غاية من الوضوح غير المكتمل"، لاسيما أن عرابيها مسؤولون أتراك تحظى كلمتهم بثقل كبير على صعيد السياسية الخارجية. 

ومن بين هؤلاء المسؤولين وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الذي تحدث في وقت سابق عن خطوات لخريطة طريق بشأن العلاقة الثنائية مع مصر، وتبعه وزير الدفاع، خلوصي آكار بقوله منذ أيام، إن "تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة"، معربا عن ثقته بأن تفعيل هذه القيم يمكن أن ينعكس على حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة. 

في حين كانت آخر رسائل المغازلة على لسان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، إذ قال "دون شراكتنا التاريخية مع مصر لا يمكن كتابة تاريخ المنطقة"، بينما أكد أن بلاده لم تتخل عن "موقفها السياسي من إرساء الديمقراطية" في مصر، في إشارة مه إلى أن تلك المسألة من أبرز أسباب تدهور علاقات البلدين. 

على طرفي نقيض 

أنقرة والقاهرة، تقفان منذ 8 سنوات على طرفي نقيض، وتشوب العلاقة بينهما عدة ملفات عالقة، ليس فقط ملف ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط الذي تتجه الأنظار إليه حاليا، بل تنسحب إلى أخرى ذات وقعٍ أشد، في مقدمتها اصطفاف كل طرف في تحالفات متضادة، كان لها أثر سلبي كبير على الساحتين العربية والإقليمية، في السنوات الماضية. 

ويضاف إليها قضايا شكلت أساس تأزم العلاقة، وتتمثل في الموقف التركي من شرعية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واستضافتها لقادة المعارضة المصرية، والقيادات المحسوبة على "تشوف". 

لذلك وعند الحديث عن إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين، ثمة شيء قد تغيّر، خاصة في أنقرة التي لم تنقطع رسائل الغزل منها بصورة تثير العديد من التساؤلات، على الرغم من عدم إبداء أي موقف أو إشارة من الجانب المصري حتى الآن. 

تحدث موقع "الحرة" مع أعضاء في "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا ومستشارين أتراك سابقين، أكدوا أن ما يحصل يعتبر بوابة لتغيّرات كبيرة في المرحلة المقبلة، ومن سياق حديثهم بدا أن الصفحة الجديدة لا يأتي فتحها لتأسيس "تحالفات" بقدر ما تشي هذه الخطوة بـ"مصالح براغماتية وعقلانية" من كلا الطرفين. 

"صلح بالمجان" 

في أي تفاهم أو عملية إعادة تطبيع علاقات بين بلدين متخاصمين لابد من تقديم تنازلات متوازية، وهو الأمر الذي لم يتضح مع تركيا ومصر، سواء بتوجه الطرفين للتراجع إلى الوراء من أجل الدفع باتجاه إعادة التطبيع أو السير بسياسة الخطوة بخطوة، بحيث تكون هناك عملية ترميم "مرضية" لكل ملف "عالق" من الملفات. 

عضو حزب "العدالة والتنمية" في تركيا، بكير أتاجان، يقول إن "القاهرة طلبت من أنقرة إغلاق مكاتب الإخوان والمحطات التلفزيونية التابعة لهم، لكن الأخيرة ومن حيث المنطق لن تقبل بهذه التنازلات، في مقابل اتفاقية رسم الحدود البحرية شرق المتوسط". 

ويضيف أتاجان في تصريحات لموقع "الحرة": "هذا هو الطلب المصري لكن لا يوجد طلب تركي في المقابل، مع العلم أنه لا توجد مكاتب رسمية للإخوان في البلاد، في حين توجد محطات لهم والقسم الآخر يتبع للمعارضة المصرية بمعنى أنهم ليسوا من الإخوان". 

"تركيا لم توافق ولن توافق في المستقبل على هذا الطلب"، ويشير أتاجان إلى أن الطرفين سيستعدان "لإبرام اتفاق تعاون وبدون شروط، ليس لأن تركيا تطلب أو مصر تقبل أو لا تقبل وإنما بسبب الضغوط الخارجية. هي ضغوط أوروبية بامتياز". 

ويوضح عضو الحزب الحاكم في البلاد أن بلاده لم تشترط أي شرط لإعادة تطبيع العلاقات، لافتا إلى أن "أنقرة تريد تقسيم الملفات المتعلقة بمصر كلا على حدة، سواء التعاون التجاري والاقتصادي أم الملف الأمني والسياسي. تقول أنقرة نحن نتفاهم ببعض الملفات، لكن لا بد أن يكون هناك ملفات مختلف" عليها. 

ويرى أتاجان أن غموض الموقف المصري من الرسائل التركية "يحتاج لبعض الوقت، لأن الضغوط الخارجية سوف تؤثر على مصر. رغم ذلك فهي مجبرة أن تقبل". 

ويتابع: "الضغوط ليست سياسية فقط، بل هناك ضغوط مفروضة على الحكومة المصرية، وعلى رأسها الجيش والمخابرات".

وقد يكون توقيع اتفاق التفاهم بين البلدين خلال أسابيع أو أيام، وكشف عضو الحزب الحاكم في تركيا أن الاتفاق "سيتبعه اتفاقيات مماثلة بين تركيا والسعودية وتركيا والإمارات وتركيا وإسرائيل". 

في المقابل، يرى الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري، أن الصمت المصري تجاه هذه التصريحات يعني أن هناك أمورا ناقصة في حديث المسؤولين الأتراك بخصوص القضايا الخلافية بين البلدين يجب استكمالها.

وأضاف سعيد في تصريحات سابقة لموقع "الحرة" أن مصر ترى أن هناك بعض الأوضاع التي يجب تغييرها من قبل الجانب التركي فيما يخص ملفي شرق المتوسط وليبيا.

"سياقات أسست للمرحلة" 

المرحلة الحالية التي تمر بها العلاقة بين تركيا ومصر لا يمكن فصلها عن عدة سياقات، كانت قد ألقت بظلالها على المنطقة العربية في الأشهر الماضية، وفي مقدمتها المصالحة الخليجية في العلا، وصولا إلى ارتفاع حدة التوتر بين القاهرة وأنقرة حتى كاد أن يصل إلى مرحلة المواجهة العسكرية، في أواخر العام الماضي. 

نذر المواجهة جاءت بعد توقيع أنقرة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني، والتدخل في ليبيا لمساعدتها في مواجهة قوات حفتر المدعومة من مصر. 

لكن خلال الشهور الماضية، تراجعت حدة التصعيد بين البلدين، وبدأ الحديث عن مفاوضات استخباراتية، وخاصة مع دعوات الحكومة التركية للقاهرة للتفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط. 

وكانت مصر قد أعلنت موقفا معارضا لاتفاق ترسيم الحدود البحرية التركي-الليبي ووصفته بـ"فاقد للشرعية".

وفي الوقت ذاته، ذكر مسؤولون أتراك أواخر عام 2020 أن لديهم معلومات يقينية بأن الأجهزة السيادية للدولة المصرية، والمقصود بذلك المخابرات ووزارة الخارجية المصريتين، أخبرتا الرئيس السيسي بأن الاتفاق يصب في صالح مصر، لاسيما أنه يمنح مصر مساحة استغلال اقتصادي أكبر من تلك التي تعرضها اليونان عليها في المفاوضات الجارية بينهما منذ سنوات، بما يزيد عن عشرة آلاف كيلومتر مربع. 

"حذر وتفاؤل" 

في الثامن من مارس الحالي أشار الكاتب التركي، محمد آجات، في مقالة نشرتها صحيفة "يني شفق"، إلى أن أنقرة تريد استخدام ورقة الخلاف بين أثينا والقاهرة كفرصة، وتعمل على تخفيف مشاكلها مع مصر بما يحقق مصالحها في معادلة شرق البحر الأبيض المتوسط. 

وقال الكاتب، المقرب من دوائر صنع القرار في أنقرة، أن تركيا تنظر بحذر للتطورات في شرق المتوسط، لافتا إلى أن الذعر في أثينا، لا يعني أن "ميزة التهديف" أصبحت لصالح أنقرة في شرق المتوسط بعد. 

وتابع بأن هناك معضلة، وهي أن نظام الرئيس المصري السيسي "مرتبط بمواقف بعض الدول مثل الإمارات، فإذا قالت هذه الدول لا، فإنه لا يمكن اتخاذ قرار معاكس لها، وعليه فيجب اتخاذ الحذر بشأن القضايا المتعلقة بمسار العلاقات مع مصر، والتفاؤل بشأن التطورات الأخيرة". 

في مقابل ذلك، يرى مراقبون أتراك أن الصمت المصري إزاء الرسائل التركية في الأيام الماضية يعكس ترقبا لترجمة هذه التصريحات على أرض الواقع، واعتبروا أن القاهرة تريد نقل التواصل الاستخباراتي إلى تواصل سياسي ودبلوماسي متقدم، يكون فيه النقاش على العلن، ويشمل الملفات العالقة كافة. 

وفي سبتمبر الماضي كان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد قال إن "القاهرة تريد أفعالا من تركيا وليس أقوالا"، مؤكدا على مطالب بلاده في أن تنسحب أنقرة من العراق وسوريا وليبيا، وأن تخفف التوتر القائم في شرق المتوسط، و"تتوقف عن سياساتها التوسعية المقوضة لاستقرار الشرق الأوسط". 

ما الذي تغيّر؟ 

البروفيسور أحمد أويصال مدير مركز "أورسام لدراسات الشرق الأوسط"، ومقره في أنقرة، تحدث عن أسباب توجه تركيا لهذه الخطوة مع مصر في التوقيت الحالي، ويرى أن "تركيا دائما تريد التقارب والتفاهم مع دول المنطقة، ولا تريد التصعيد مع أي طرف". 

ويقول أويصال، في تصريحات لموقع "الحرة"، "يوجد فجوة بين النظام العسكري في مصر والديمقراطي في تركيا، وكانت الأخيرة قد عانت من الانقلابات لذلك قد نرى حساسية في هذا الموضوع حاليا". 

"تركيا لا تتفق مع إيران مثلا لكنها تتفاهم ببعض القضايا معها، وذات الشيء مطبق مع الآخرين كمصر والسعودية"، ويشير البروفيسور التركي إلى أن "مصر وتركيا دولتان محوريتان في المنطقة، والتهدئة والتعاون في الوقت الحالي يفيدان الطرفين". 

من جانبه، اعتبر الكاتب المقرب من الحكومة التركية، يوسف كاتب أوغلو، أن "العلاقات بين تركيا ومصر هي علاقات منافع ومكاسب مشتركة، مبنية على الاحترام المتبادل والمشاركات لكلا الطرفين، وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هناك تنازلات مطلوبة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها". 

وتوقع كاتب أوغلو أن يشهد الأسبوع المقبل عودة المياه لمجاريها بين الطرفين، على الأقل اقتصاديا، وفي مجالات الاستيراد والتصدير. 

ويوضح الكاتب التركي: "الآن هو زمن التحالفات ولتركيا الحق في التحالف مع من تريد، وبالتالي التحالف أو التقارب مع دول مثل مصر هو شيء يشرف، خاصةً أن مصر ليست بالدولة الصغيرة والسهلة". 

ماذا عن ملف القيادات الإخوانية؟ 

من جملة القضايا العالقة بين مصر وتركيا هناك قضية "حساسة" ترتبط بملف القيادات الإخوانية الموجودين داخل الأراضي التركية، ويشير البروفيسور أحمد أويصال إلى أن "تركيا لم تشجع النشاط المرتبط بالإخوان المسلمين، ولم تدعم المعارضة المصرية بشكل مباشر، لكنها سمحت لهم باللجوء إلى أراضيها، والفرار من القمع".

ويقول الباحث التركي: "تركيا كغيرها من الدول الأوروبية الأخرى استقبلت المعارضة المصرية على أراضيها، بينما هناك غولانيون (من جماعة غولن) ينشطون بشكل واضح على الأراضي المصرية". 

ويتابع أويصال: "بالإمكان التعاون والتفاهم بين الطرفين بشرق المتوسط وليبيا، بعيدا عن المجالات السياسية المرتبطة بالإخوان المسلمين". 

أما الكاتب يوسف كاتب أوغلو يرى أن "قضية أن يكون هناك تسليم للإخوان والمعارضة المصرية مقابل السلام هو أمر مرفوض جملا وتفصيلا". 

ويتابع: "ليس من الوارد أن يتم تسليم أفراد المعارضة. بالنسبة لتركيا فإن الإخوان ليسوا جماعة إرهابية، عكس كل المنظمات التي تسرح في مصر وسوريا". 

ويشدد  الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو مجلس الشيوخ المصري على ضرورة أن تبدأ أنقرة سحب المرتزقة السورية من ليبيا،  لإظهار حسن نيتها على المصالحة مع مصر. أما بالنسبة لملف وجود أعضاء جماعة الإخوان في إسطنبول، قال سعيد إنه سيكون موجودا في المفاوضات بين البلدين ولكن لن يكون عقبة كبيرة، وأن التقدم فيه مرتبط بالتقدم في الملفات الأخرى كما حدث مع قطر.

عناصر من الشرطة التركية
عملية الشرطة التركية استهدفت عصابة دولية

صادرت الشرطة التركية ثالث أكبر كمية من الكوكايين في تاريخ البلاد، حسبما أعلن وزير الداخلية علي يرلي كايا الخميس، في حين حذرت مجموعات معنية بمراقبة الجريمة المنظمة، من أن البلاد أصبحت نقطة دخول للمخدرات التي تصل إلى أوروبا.

قال يرلي كايا عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس" إنه تمت مصادرة حوالي 608 كيلوغرامات من الكوكايين، معظمها في صورة سائلة، في عملية شملت ثلاث محافظات.

كما تمت مصادرة نحو 830 كيلوغراما من المواد الكيميائية الأولية المستخدمة لمعالجة المخدرات.

قال يرلي كايا إن عملية الشرطة استهدفت عصابة دولية يتردد أن من يقودها مواطنا لبناني- فنزويلي، كان بين أربعة أعضاء أجانب في "جماعة الجريمة المنظمة" المحتجزين، إلى جانب تسعة أتراك.

أضاف وزير الداخلية التركي أن "كمية الكوكايين التي تم ضبطها في العملية كانت ثالث أكبر كمية كوكايين يتم ضبطها في وقت واحد في تركيا".

تقول الجماعات المعنية بمراقبة الجريمة المنظمة إن تركيا أصبحت مركزا متناميا لعبور للكوكايين القادم من أميركا الجنوبية إلى أوروبا مع تشديد الإجراءات الأمنية في موانئ مثل روتردام في هولندا.

في تقرير صدر في أكتوبر من العام الماضي، قالت "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية" إن زيادة بنسبة أربعة وأربعين في المئة في مضبوطات الكوكايين في تركيا بين عامي 2021 و2022 لم تنعكس في بيانات الاستهلاك المحلي، "ما يشير إلى أنه من المرجح أن البلاد ستكون بمثابة ممر (لتهريب) المخدرات".

كان المسؤولون قد نفذوا أكبر عملية ضبط في تركيا بلغ حجمها ألفا ومئة طن من الكوكايين مخبأة في شحنة موز قادمة من الإكوادور – في ميناء مرسين على البحر الأبيض المتوسط في عام 2021.

منذ توليه منصبه في يونيو من العام الماضي، أشرف يرلي كايا على حملة مناهضة للجريمة المنظمة في تركيا، في مسعى لمواجهة مزاعم تشير إلى أن البلاد أصبحت ملاذا لرجال العصابات الأجانب.

ينشر يرلي كايا بانتظام تفاصيل أحدث عمليات قامت بها الشرطة لاستهداف تجار المخدرات والمحتالين وغيرهم من المجرمين.

تضمن منشور وسائل التواصل الاجتماعي، الخميس، تسجيلا مصورا تصاحبه موسيقى درامية، يظهر لقطات مراقبة واضحة، وحاويات بلاستيكية كبيرة وآلة ضغط.

قاد العملية ضباط مكافحة المخدرات في محافظة قوجه إيلي، جنوب شرق إسطنبول، كما شملت تحقيقات في تكيرطاغ (تكيرداغ) شمال غرب إسطنبول وفي محافظة أنطاليا على البحر الأبيض المتوسط.

قال يرلي كايا إن العصابة استخدمت مزارع الكروم في تكيرداغ وأنطاليا لتخزين المواد الكيميائية ومعالجة الكوكايين، الذي كان مخبأ في أسمدة.

وأضاف أن الشرطة عثرت أيضا على بندقية.

كتب الوزير: "لن نتسامح مع تجار السموم وجماعات الجريمة المنظمة والعصابات، سواء كانت وطنية أو دولية".