كييف تعلن إخماد النيران في محطة زابوريجيا النووية
كييف تعلن إخماد النيران في محطة زابوريجيا النووية

أثار القصف الروسي لأكبر محطة نووية في أوروبا إدانات دولية تجاه التصرف "المتهور"، كما وصفه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون. 

وزاد الغضب بعد أن استكملت روسيا قصف المفاعل، حتى بعد نشوب حريق بداخله، وحاولت إعاقة وصول فرق الإنقاذ. 

كل هذا يثير التساؤلات، حول مخاطر نشوب كارثة نووية، قد تجعل الحياة في مناطق شاسعة في أوروبا ومنها روسيا غير صالحة للحياة، بسبب القتال بالقرب من بحسب تقرير لمنظمة السلام الأخضر. 

ولأول مرة في التاريخ، يتم شن حرب كبرى في بلد به مفاعلات نووية متعددة، وآلاف الأطنان من الوقود المستهلك عالي النشاط الإشعاعي. 

ما هي حجم البنية التحتية النووية أوكرانيا؟

تملك أوكرانيا واحدة من أكبر البنى التحتية النووية في العالم، حيث تمتلك 4 حطات نووية نشطة تضم 15 مفاعلا، يزودون البلد بنصف احتياجاتها من الكهرباء. بذلك، تصبح أوكرانيا ثالث أكبر بلد في العالم من حيث اعتمادها على الطاقة النووية. 

المحطة الأكبر على الإطلاق هي زابوريجيا، جنوب شرقي البلاد، على بعد ١٩٠ كيلومتر تقريبا من دونباس. تضم المحطة 6 مفاعلات نشطة. وخلال فبراير الماضي، أغلقت أوكرانيا بالفعل اثنين من المفاعلات، وفصلتهما عن شبكة الكهرباء. 

ما مخاطر الغزو الروسي على المفاعلات الأوكرانية؟

المحطات النووية قوية جدا في مقاومتها للحوادث، إذ يمكن أن تتحمل اصطدام طائرة ضخمة بها دون أن تتأثر المفاعلات داخلها. رغم ذلك، هي ليست مصممة لأن تكون في منطقة حروب. 

قد تتعرض هذه المحطات لقصف صاروخي مباشر أو بشكل غير مباشر عن طريق الخطأ، مما قد يؤدي إلى حدوث تسرب إشعاعي، خاصة إن أصيبت المباني المخصصة للتخلص من النفايات النووية، فهذه المباني أقل تأمينا من المفاعل نفسه. 

لكن يظل الخطر الأكبر هو أن يؤدي صاروخ طائش إلى انقطاع الكهرباء عن آليات تبريد المفاعلات النووية، أو هجمة إلكترونية على شبكة الكهرباء تؤدي لفشل مولدات الكهرباء الاحتياطية. هذه السيناريوهات قد يؤدي لارتفاع حرارة قلب المفاعل النووي وذوبان المواد المشعة بداخله. 

كما يخشى الباحثون من صعوبة الحفاظ على تشغيل المفاعلات بموظفين مناسبين وبروتوكولات أمان في وسط منطقة حرب.

يقول إم في رامانا، خبير السياسة النووية في جامعة كولومبيا البريطانية، يمكن أن تتفاقم المخاطر بسبب مشاكل التوظيف". وأوضح: "لنفترض أن جميع الموظفين يقولون يجب أن نخرج من أوكرانيا، سأصطحب عائلتي إلى بولندا. كيف يتم تشغيل هذه المفاعلات في هذه المرحلة"

ما الذي سيحدث إن ذابت المواد المشعة داخل المفاعلات؟

  في حالة ذوبان قلب المفاعل، فإن ذلك قد يؤدي لتسرب إشعاعي تبيد الحياة لآلاف الكيلومترات حولها. 

وتعتمد العواقب الصحية لمثل هذا التسرب على عدد السكان المعرضين للخطر وسمية العناصر المشعة. 

وصل عدد ضحايا حادث تشرنوبل عام 1986 إلى 4,000 شخص جراء التعرض للإشعاع المنبعث. وقدر منتدى تشيرنوبيل التابع للأمم المتحدة أن سيؤدي سيؤدي إلى 5000 حالة وفاة أخرى بسبب الإصابة بالسرطان على مدار 50 عامًا. كما أصيب الآلاف بسرطان الغدة الدرقية في السنوات التي أعقبت الحادث مباشرة

في خضم جائحة أودت بحياة الملايين، قد تبدو وفيات المفاعلات النووية تافهة. لكن هذا سيكون قراءة خاطئة غير معقولة للمخاطر. للحد من امتصاص الإشعاع الذي استقر على الأرض بعد تشيرنوبيل، اضطرت السلطات السوفيتية إلى تهجير مئات الآلاف من الأشخاص وإزالة مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والغابات لعقود.

أما كارثة فوكوشيما التي وقعت في 11 مارس عام 2011 حين أدت هزة أرضية شمال شرق اليابان إلى أمواج مد عاتية (تسونامي)، تسببت في حدوث انصهار نووي، لم تكن هناك تأثيرات كبيرة على صحة السكان لأن كمية المشع التي تسربت كانت محدودة.

هل تعرضت المحطات الأوكرانية للقصف خلال الغزو الروسي؟

خلال الساعات الماضية، أعلنت السلطات الأوكرانية أن قصفاً روسياً استهدف محطة زابوريجيا، مما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب ومختبر.

واتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، موسكو باللجوء إلى "الرعب النووي" والسعي "لتكرار" كارثة تشيرنوبل بقصفها محطة زابوريجيا.

وقال الرئيس الأوكراني في رسالة عبر الفيديو نشرتها الرئاسة الأوكرانية "ليس هناك أي بلد آخر في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي".

أكدت وكالة تفتيش المواقع النووية الأوكرانية أنها لم تسجيل أي تسرب إشعاعي من منشأة زابوريجيا النووية في جنوب البلاد مؤكدة أن الطاقم يؤمن تشغيل الموقع.

كما شهدت المنطقة المحيطة بمحطة تشرنوبل لاشتباكات، انتهت بسيطرة القوات الروسية على المحطة.

ما موقف القانون الدولي من الهجوم على المنشآت النووية؟

بحسب القانون الصادر عن المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2009، فإن أي هجوم مسلح أو تهديد ضد المنشآت النووية المخصصة للأغراض السلمية يشكل انتهاكًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي و النظام الأساسي للوكالة .

روسيا تستهدف القوات الأوكرانية بأسلحة كيميائية. أرشيفية - تعبيرية
روسيا تستهدف القوات الأوكرانية بأسلحة كيميائية. أرشيفية - تعبيرية

اتهمت الولايات المتحدة، الأربعاء، الجيش الروسي باستخدام "مادة الكلوروبيكرين" وهي سلاح كيميائي، ضد القوات الأوكرانية، في انتهاك لمعاهدة حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن روسيا لجأت أيضا إلى مواد كيميائية مخصصة أساسا لمكافحة الشغب مثل "قنابل الغاز المسيل للدموع" واستخدمتها ضد القوات الأوكرانية "كأسلوب للحرب في أوكرانيا، وهو ما يشكل أيضا انتهاكا للمعاهدة".

وأشارت الخارجية إلى أن استخدام هذه المواد "ليس حادثة معزولة، وربما كان الدافع وراءها رغبة القوات الروسية في طرد القوات الأوكرانية من أماكن تحصينهم، وتحقيق مكاسب تكتيكية في ساعة المعركة".

وزادت أن موسكو تتجاهل التزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية في انتهاك بما اتبعته في عمليات تسميم أليكسي نافالني وسيرغي ويوليا سكريبال بغاز الأعصاب نوفيتشوك.

وأليكسي نافالني، المعارض السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، توفي في 16 شباط/فبراير الماضي بعد أن كان قد تعرّض لعملية تسمم خطرة اتهم الكرملين بالوقوف خلفها.

أما العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا سكريبال فقد تعرضا للتسميم في إنكلترا في 2018.

وأعلنت الخارجية الأميركية فرض عقوبات على أكثر من 280 فردا وكيانا في روسيا بسبب العدوان الروسي والقمعي الداخلي الذي تفرضه موسكو.

وأوضحت الخارجية أنها بالتنسيق مع وزارة الخزانة صنفت ثلاثة كيانات حكومية تابعة لروسيا مرتبطة ببرامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الروسية وأربع شركات روسية تقدم الدعم لهذه الكيانات، كما صنفت وزارة الخزانة بشكل منفصل ثلاثة كيانات وفردين متورطين في شراء مواد للمعاهد العسكرية المشاركة في برامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الروسية.

وتشمل الجهات التي تم فرض عقوبات عليها: قوات الدفاع الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، ومعهد البحوث العلمية للصوتيات التطبيقية، والمعهد العلمي والبحثي المركزي الـ48 التابع لوزارة الدفاع.

إضافة إلى شركة "نبو ترانسكوم"، وشركة "أي بي أس" للتوليد البيولوجي، وشركة "لاب سيرفس"، وشركة "أو أو أو تي أس أس" التي تورد معدات مخبرية للمعهد العلمي التابع لوزارة الدفاع الروسية.

وتؤكد روسيا أنها لم تعد تمتلك ترسانة كيميائية عسكرية، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة لإبداء مزيد من الشفافية بشأن عمليات التسميم المتهمة بها. 

وردا على بيان العقوبات، عبّرت موسكو عن رفضها اتهامات واشنطن للجيش الروسي باستخدام سلاح كيميائي في أوكرانيا. 

وفقا للمعاهد الوطنية للصحة فإن الكلوروبيكرين هو مادة كيميائية استخدمت كسلاح كيميائي ومبيد حشري، ويؤدي استنشاقها إلى خطر على الصحة.

وعلاوة على الشركات الروسية، تستهدف العقوبات الأميركية الجديدة نحو ستين شخصا وشركة أجنبية، صينية على وجه الخصوص، وذلك بتهمة "مساعدة روسيا في الاستحواذ على مكونات أساسية لصناعة الأسلحة أو برامج دفاعية"، بحسب بيان رسمي.

ونقل البيان عن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قولها إن "العقوبات المتخذة اليوم تهدف إلى إلحاق المزيد من الإخلال وإضعاف المجهود الحربي الروسي من خلال التعرض لصناعتها العسكرية الأساسية وشبكات التحايل على العقوبات الحالية التي تساعدها على الإمداد".

ومن الشركات الأجنبية المستهدفة، هناك 16 شركة من الصين أو هونغ كونغ، متهمة بغالبيتها بمساعدة روسيا في توريد مكونات محظورة. إضافة الى ذلك، اتهمت اثنتان منها بشراء المواد اللازمة لإنتاج الذخائر الحربية.

وتشمل العقوبات شركات من خمس دول أخرى هي الإمارات وتركيا وأذربيجان، بالإضافة إلى بلجيكا وسلوفاكيا، وهما دولتان في الاتحاد الأوروبي. 

وتعمل حوالى مئة شركة روسية، من بين أكثر من 200 شركة مستهدفة، بشكل خاص في قطاعات الدفاع والنقل والتكنولوجيا. وتشارك العديد من الشركات في برامج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية الروسية.

كما تهدف العقوبات إلى تقييد إمكانية تطوير البنية التحتية للغاز والنفط في روسيا، والتي من شأنها أن تسمح لها بتصدير المحروقات بسهولة أكبر وخاصة إلى الصين.

ويتم التصدير حاليا بواسطة ناقلات نفط أو غاز بسبب الافتقار إلى خطوط أنابيب كافية نحو الشرق.

وتنص هذه العقوبات التي تعنى بها كذلك وزارة الخارجية الأميركية، بشكل خاص على تجميد أصول الشركات أو الأفراد المستهدفين المقيمين في الولايات المتحدة، كما تمنع الكيانات أو المواطنين الأميركيين من التعامل مع المستهدفين بالعقوبات. 

كما يحظر على الأشخاص المعنيين دخول الولايات المتحدة.

وتسيطر روسيا الآن، التي تصف حربها في أوكرانيا بأنها عملية عسكرية خاصة، على ما يقل قليلا عن خمس أراضي أوكرانيا واستولت على الجزء الأكبر من تلك الأراضي خلال الأشهر الأولى من الحرب التي شنتها في فبراير 2022 بحسب تقرير لوكالة رويترز.

وسيطرت روسيا على نحو ست قرى في منطقة دونيتسك، بينما عززت مواقعها الميدانية في منطقة خاركيف.

وحذر قائد الجيش الأوكراني الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي الأحد من أن أوكرانيا قد تخسر المزيد من الأراضي إذا لم يسلم الغرب الأسلحة بسرعة.