اغتيال الناشط العراقي إيهاب الوزني أشعل الشارع في كربلاء وارتفعت أصوات بين الناشطين لمقاطعة الانتخابات
اغتيال الناشط العراقي إيهاب الوزني أشعل الشارع في كربلاء وارتفعت أصوات بين الناشطين لمقاطعة الانتخابات

كان آخر منشور على صفحة الناشط العراقي، إيهاب الوزني، بتعلق بالعثور على ناشط آخر، من كربلاء التي يسكنها الوزني، حيا بعد أنباء عن اختطافه.

قبلها لم ينشر الوزني، أو يتحدث - بحسب أصدقائه – عن أي شيء يمكن أن يؤدي إلى قتله، كما يقول مصدر مقرب من الوزني فضل عدم كشف اسمه.

ويقول المصدر  لموقع "الحرة" إن الوزني "لم يترشح حتى للانتخابات، ولم يكن ينافس على مقاعد كربلاء النيابية، رغم أنه كان قادرا على الفوز لو أراد، لكنه لم يكن مقتنعا بالدخول في الانتخابات تحت تهديد سلاح الميليشيات".

وبعد مقتله برصاص مجهولين، السبت، يبدو أن كلمات الوزني وموقفه من الاشتراك في الانتخابات أثرت على قوى تظاهرات أكتوبر العراقية، إذ أعلن حزب البيت الوطني، واتحاد العمل والحقوق، المنبثقين من ساحات تظاهرات محافظتي ذي قار وبغداد، مقاطعة "النظام وانتخاباته".

لقد تم العثور على الأخ عباس الرفيعي وهو الآن بحالة جيدة .. شكرا لكل من نشر وساهم بذلك يرجى التعميم للاطمئنان

Posted by ‎ايهاب جواد الوزني‎ on Wednesday, May 5, 2021

وقال حزب البيت الوطني في بيان إن "مسلسل القتل والخطف استم من قبل جهات مسلحة معروفة سلفا من قبل الحكومة والشعب"، مضيفا أن اغتيال الوزني "ما هو إلا مصداق على استمرار الإرهاب الممنهج لرموز وقادة وشباب تشرين".

وتقرر أن تقام الانتخابات النيابية العراقية في العاشر من أكتوبر المقبل، مبكرة ست أشهر على موعدها المعتاد.

وأعلن الحزب "مقاطعة النظام السياسي بالكامل"، ودعا "كل القوى السياسية المنبثقة من تشرين للالتحاق بنا، وإعلان القطيعة التامة مع هذه العملية السياسية التي أثبتت المواقف والدماء إنها عصيةٌ على الإصلاح""، متسائلا "كيف لحكومة تتماهى مع قوى السلاح ويمر الكاتم والعبوة أمام أنظارها أن توفر مناخا انتخابيا آمنا لقادة حراك سياسي منهم القتيل والمغيب والمشرد بسبب التهديد وعمليات الاغتيال واستهداف المنازل بالعبوات".

وقال القيادي في حزب البيت الوطني، حسين الغرابي، إن موقف الحزب "لم يكن وليد اللحظة"، بل إنه ركز منذ بدايات التأسيس على أن "هذا النظام السياسي لا يمكن إصلاحه بوجود كتل واحزاب الفساد والإرهاب، وكنا نصر على تطبيق قانون الاحزاب الحالي من أجل إبعاد الأحزاب التي ترعى السلاح والميليشيات، وطالبنا مرارا وتكرارا بان يكون هناك إشراف أممي لعدم قناعتنا بالرقابة الحالية".

وأضاف الغرابي لموقع "الحرة" أما في موضوع استمرار "القمع الممنهج لقادة تشرين وتماهي الحكومة مع ما يحصل من جرائم، فقد أصبح واضحا للجميع أن الحكومة لا تعلن عن القتلة ولا الجهات التي تقف ورائهم وبالتالي فهذا مؤشر خطير يوحي لنا بتفاهمات في الغرفة المظلمة للاستمرار بهذه الجرائم.

الغرابي تعرض هو ذاته لتفجير منزله في ذي قار، وأجبر على ترك محافظته وقاعدته الشعبية والتنقل بين المحافظات العراقية.

وشهدت مواقع التواصل العراقية انطلاق حملة #مقاطعون وحملت تغريدات كثيرة من مؤثرين عراقيين يدعون إلى مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية.

 

القيادي في اتحاد العمل والحقوق العراقي حسين محمود، يقول إن الاتحاد كان يفكر بالانتظام سياسيا بعد انتهاء الاحتجاجات والتحول إلى معارضة من داخل البرلمان.

ويضيف محمود لموقع "الحرة" أنه بعد انتهاء الاحتجاجات "كنا نفكر كلنا بطريقة واحدة، هي أن ننتظم سياسيا ونتحول إلى معارضة من داخل البرلمان، لكن بمجرد أن تحولنا إلى تنظيمات تلمسنا الخطر الكبير الفارق بين أن تكون متظاهر وأن تنتظم سياسيا".

وقال محمود: "مرشحونا المستقلون تهددوا وغادروا البلاد، والاغتيالات مستمرة والحكومة لم تف بأي نقطة من برنامجها الحكومي الذي التزمت به، وهذه كلها أسباب جعلتنا نراجع موقفنا بخصوص الانتخابات".

محمود، مثل الغرابي وعشرات غيرهم من قادة الاحتجاج، اضطر إلى ترك منزله في بغداد بعد تعرضه لـ"زيارة" من قبل مجموعة مسلحة طلبت منهم ترك المنطقة التي يعيشون فيها.

ويقول محمود إنه في ظل هذه الظروف، ومنعه من التواصل مع جماهيره "بقيت لدينا ورقة المقاطعة التي تعني غضبا من قبل جماهيرنا ومن يثق بنا"، مضيفا أنه "بتوقع حصول تظاهرات قريبة تكون أكثر تنظيما ونضجا، وتحديد قواعد اشتباك جديدة تجنب الشباب خطر الموت".

لكن المحلل السياسي العراقي، مرتضى الوندي، يقول إن "المقاطعة للنظام تحتاج إلى تحشيد إعلامي لتكون مؤثرة"، مضيفا "من المتوقع أساسا أن هناك الكثير من العراقيين لن يشتركوا في الانتخابات لأسباب متنوعة، وسيعطي الزخم الإعلامي للمقاطعين لعدم مشاركتهم معنى مؤثرا، هو معنى الاحتجاج".

ويقول الوندي لموقع "الحرة" إن "المقاطعة والعصيان المدني هي تكتيكات فعالة جدا لو تم تنظيمها بالشكل الصحيح".

وقتل نحو 600 شخص في أعمال عنف مرتبطة بالاحتجاجات منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في أكتوبر 2019، وقتل عراقيون آخرون بالرصاص فيما بدا أنها عمليات اغتيال، بينهم الباحث والمستشار الحكومي، هشام الهاشمي، أمام منزله في يوليو الماضي.

وأدت حملة المقاطعة للانتخابات في عام 2018، إلى اندلاع احتجاجات عام 2019 التي أدت إلى إسقاط الحكومة التي تشكلت عقب الانتخابات، وما يزال المحتجون يطالبون بإصلاحات وتغييرات يقولون إنها لم تتحقق.

عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق
عراقي رفع دعوى ضد شركة "بي بي" لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز بأكبر حقل نفط بالعراق

يسعى العراقي حسين جلود، الذي فقد ابنه بعد صراع مع سرطان الدم، إلى الفوز في معركة قضائية ضد شركة "بي بي" البريطانية، لاعتقاده أن مرض ابنه كان سببه حرق الغاز في أكبر حقل نفط بالعراق.

ويطلب جلود المثقل بالديون، أن تدفع له الشركة التي كانت تعرف باسم "بريتش بتروليوم"، تعويضاً يغطي مصاريف علاج نجله، بما يشمل علاجه الكيميائي وعملية زرع نخاع العظم، ثم جنازة علي الذي توفي في أبريل 2023 عن 21 عاماً.

ويقول جلود (55 عاماً) من منزله المتواضع قرب حقل الرميلة في محافظة البصرة بجنوب العراق: "علي لا يعوّض بمال ولا أكثر من مال، لكن ما أطلبه هو حقي".

ويضيف أن تحركه ضد شركة النفط البريطانية العملاقة "ليس من أجل علي فقط، وإنما أيضاً للفقراء والمصابين والذين توفوا في المنطقة". 

وفي 22 أبريل الماضي، أرسل جلود خطاباً إلى الشركة يشرح ادعاءه، لكن في حال عدم التوصل لاتفاق أو عدم حصوله على رد يرضيه، فإن المرحلة الثانية ستتضمن إجراءات أمام المحكمة، وفق شركة المحاماة "Hausfeld & CO" التي تمثل الوالد المكلوم. 

و"بي بي" من أكبر وأقدم شركات النفط العاملة في العراق، وأحد أكبر منتجي الخام في العالم، وتتواجد في بلاد الرافدين منذ العشرينيات من القرن الماضي.

وتعمل الشركة في حقل الرميلة بشراكة مع مجموعات أخرى، بينها شركة نفط البصرة المملوكة للدولة.

وفي عام 2022، وثقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تحقيق بشأن ارتفاع خطر الإصابات بالسرطان قرب حقول النفط العراقية، حياة علي جلود الشغوف بكرة القدم، والذي شُخصت إصابته بالمرض في 2016.

ويروي والده أنه خلال لقائه الطبيب، سأله الأخير أين تقطن العائلة، وعند إجابته أنه قرب حقل نفط ومحارق غاز، رد: "هذا هو سبب إصابة علي بالسرطان".

انبعاثات مسرطنة

ولم ترد شركة "بي بي" على طلب فرانس برس التعليق، لكنها قالت في بيانات رداً على "بي بي سي"، إنها "لم تكن يوماً الجهة المشغلة لحقل الرميلة، بل تقاضت الرسوم على شكل مخصصات من النفط الخام لقاء خدمات تقنية تقدمها".

وأعربت عن "قلق شديد" تجاه ما ورد في تقرير "بي بي سي"، مشددة على أنها "تعمل مع شركاء في الرميلة". وأشارت لانخفاض بنسبة 65 في المئة في حرق الغاز خلال السنوات السبع الماضية، وأن العمل مستمر لتحقيق خفض إضافي.

وإحراق الغاز هو التخلص من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، ويعد مصدراً أساسياً لتلوث الهواء عبر انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون وغاز الميثان الخام والكربون الأسود.

وحذرت منظمة "غرينبيس - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في بيان الشهر الماضي حول قضية جلود، من أن حرق الغاز ينتج "عدداً كبيراً من الملوّثات المرتبطة بالسرطان، بما في ذلك البنزين".

وفي كل مرة يفتح فيها جلود باب منزله، أول ما يراه هو مشاعل حرق الغاز والدخان الأسود الكثيف، مؤكداً أن رؤيته يومياً لما يحمّله مسؤولية رحيل ابنه يولّد في نفسه "شعوراً حزيناً".

وأمام منزله، يلعب أطفال كرة القدم أو يركبون دراجاتهم الهوائية، غير مدركين للخطر المحدق بهم في الهواء، وفق الأب المكلوم.

وفي عام 2022، بلغ إجمالي ما تم حرقه 139 مليار متر مكعب حول العالم، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

ويعد العراق  ثاني أكثر دولة بعد روسيا التي تحرق الغاز المصاحب عالمياً، وقد بلغ مجمل ما تم احراقه في 2022 نحو 18 مليار متر مكعب، بحسب المصدر ذاته.

وانضم العراق عام 2017 إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي، تقضي بوقف حرق الغاز بحلول 2030. 

وتؤكد الحكومة في بغداد سعيها إلى وقف حرق الغاز المصاحب واستغلاله لتشغيل محطات الطاقة، مما يقلل اعتمادها على الغاز المستورد من إيران، الضروري لإنتاج الكهرباء. 

وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في مايو، أنه يسعى لإنهاء حرق الغاز المصاحب خلال 3 إلى 5 سنوات، لـ"إيقاف الآثار البيئية المدمرة لهذه العملية".

وتقدم وزارة النفط العراقية الدعم لقطاع الصحة في البلاد ومن بينها محافظة البصرة المعروفة بإنتاج النفط. وقد أعلنت وزارة الصحة في فبراير عن إجراءات لمكافحة السرطان، بينها اتفاق مع شركة نفط البصرة لبناء مركز للأورام. 

واضطر جلود، وهو أب لسبعة أبناء، لبيع مصوغات ذهبية وأثاثاً منزلياً، والحصول على قرض مصرفي، إضافة الى الاقتراض من أصدقاء، لتغطية علاج علي ثم جنازته. 

ويقول إنه على غرار آخرين، يعيشون قرب حقل النفط، لكن إمكاناتهم المادية لا تسمح لهم بالانتقال إلى مكان آخر. 

ونقلت شركة المحاماة الممثلة لجلود أنه وفقاً للقانون العراقي، يُمنع أن تكون مصافي النفط على مسافة ما دون 10 كيلومترات من منطقة سكنية. لكن "الأدلة" تشير في حقل الرميلة إلى أن حرق الغاز يتم على بعد 5 كيلومترات فقط من مجمعات سكنية. 

ويقول جلود: "نعيش هنا رغم الصعوبة والخوف من هذا المرض"، مشيراً إلى أنه يعتقد أن كثيرين في المنطقة أصيبوا بالسرطان نتيجة حرق الغاز.

ويضيف: "الهدف من هذه الدعوة (ضد بي بي) ليس فقط علي، وإنما التقليل من الغاز (المحترق)، وتأمين مستلزمات طبية للمرضى مجاناً، ومساعدة الفقراء غير القادرين على الانتقال إلى مكان آخر".