إبراهيم رئيسي ينظر إليه على أنه مرشح خامنئي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية
إبراهيم رئيسي ينظر إليه على أنه مرشح خامنئي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية

سبعة فقط من أصل 590 مرشحا، وافقت عليهم لجنة تتألف من رجال دين وحقوق يشرف عليها رأس النظام الإيراني، علي خامنئي، لخوض الانتخابات الرئاسية، المقررة في 18 يونيو المقبل. 

ويرى الأكاديمي والباحث السياسي الإيراني، المقيم في العاصمة الأميركية واشنطن، حسن هاشميان، في مقابلة مع قناة الحرة أن المرشحين السبعة في القائمة النهائية، جميعهم من المحافظين، وأنهم من ذوي الطيف الواحد، مشيرا إلى استبعاد الإصلاحيين، حيث "تم طبخ هذه الانتخابات حتى لا يكون هناك منافس لإبراهيم رئيسي الذي سيكون هو مرشحهم الأساسي". 

ورئيسي، هو رجل دين متشدد ورئيس السلطة القضائية الإيرانية الحالي، وهو متهم بالمشاركة في لجنة شاركت في الإعدام الجماعي لآلاف السجناء، عام 1988

ويرى خبير الشؤون الإيرانية والإقليمية، محمد مهدی شریعتمدار، الذي تحدث لـ"الحرة" من طهران أن "المرشحين الذين تمت المصادقة على أهليتهم من قبل مجلس صيانة الدستور، ليسوا من لون واحد. هناك في جهة الأصوليين أكثر من مرشح وهم يختلفون في رؤاهم، أي أنهم ينتمون إلى مختلف الأجنحة في التيار الأصولي، وأيضا هناك مرشحان إصلاحيان". 

وضمت القائمة التي وافق مجلس صيانة الدستور على ترشيحها للانتخابات وأعلنتها وزارة الداخلية، الثلاثاء، إضافة إلى رئيسي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، ومحافظ المصرف المركزي، عبد الناصر همتي (إصلاحي)، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، سعيد جليلي (محافظ متشدد)، والنائب السابق للرئيس، محسن مهر علي زاده (إصلاحي)، والنائب علي رضا زاكاني (محافظ متشدد)، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي (محافظ متشدد).

أما أبرز الذين استبعدهم المجلس، وهو هيئة غير منتخبة يهيمن عليها المحافظون وتتألف من 12 عضوا، فهم علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، علي خامنئي (محافظ معتدل) ورئيس مجلس الشورى الإيراني بين عامي 2008 و2020، بالإضافة إلى الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، والإصلاحي، إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الحالي، حسن روحاني.

وحول عبد الناصر همتي، الذي يرى البعض أنه "إصلاحي"، يشير هاشميان إلى أن خامنئي "وما يسمى بمجلس صيانة الدستور تعمدا قبول ترشحه لأنهم في المنافسات والمناظرات الانتخابية سيحتاجون إلى شخص يوجهون له كل اللوم بأنه المسؤول عن الأزمات الاقتصادية المتعلقة، وسيوجهون إلى همتي الاتهامات وكل المشاكل التي يعاني منها الإيرانيون". 

انتقادات حادة من داخل طهران

وكانت وسائل الإعلام الإيرانية ترجح أن يكون السباق الرئاسي ثنائيا بين المحافظ "التقليدي" علي لاريجاني، والمحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، الذي يشغل منصب رئيس السلطة القضائية منذ 2019.

وكان يتوقع أن يتمحور تباين الرؤى بين رئيسي ولاريجاني بشكل أكبر على الاقتصاد وموقع إيران في العالم، مع ميل الأول إلى نظام اقتصادي مركزي والتوجس من الغرب، في مقابل جنوح الثاني نحو الانفتاح ونظام اقتصادي أكثر حرية.

وبرزت بين الانتقادات ضد المجلس، تلك الصادرة عن شقيق صادق آملي لاريجاني، وهو عضو المجلس ورئيس مجمع تشخيص النظام.

وقال في بيان: "لطالما دافعت عن مجلس صيانة الدستور... لكن لم يسبق لي أن وجدت قرارات المجلس غير قابلة للدفاع عنها لهذا الحد، أكان على صعيد الأهلية أو الاستبعادات".

وانتقد آملي لاريجاني الذي ترأس السلطة القضائية إلى أن خلفه رئيسي، عام 2019، نفوذ "أجهزة أمنية" لم يسمها في قرارات المجلس.

وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكرارا لما واجهه في انتخابات، عام 2017، شكل إقصاء لاريجاني، المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة 2005، إضافة إلى جهانغيري، خطوة مفاجئة.

لكن شریعتمدار، الذي تحدث لـ"الحرة" من طهران" دافع عن مجلس صيانة الدستور واختياراته وقال: "قد يكون الانطباع لدى مجلس صيانة الدستور عن المبادئ القانونية قد يختلف عن انطباعي أنا مثلا، لكن بالنهاية، المجلس يقوم بدراسة الملفات وفقا للمبادئ القانونية وربما يكون له انطباعه الخاص"، مشيرا إلى أن الاستبعاد من الترشح لم يشمل فقط الإصلاحيين "وإنما تم رفض أهلية بعض الأصوليين أيضا". 

ويحيل شریعتمدار اللوم على الإصلاحيين "الذي لم يتمكنوا من ترشيح وجوه تكون مطابقة للقانون"، بحسب قوله. 

"لا توجد منافسة"

وفي حين لم يوضح المجلس ولا أي من المؤيدين للنظام الإيراني ماهية"المبادئ القانونية" التي على أساسها تم استبعاد المرشحين خاصة الإصلاحيين، قال هاشميان: "لا يوجد أي قانون في مجلس صيانة الدستور ولا نظام ولي الفقيه يستدعي استبعاد رئيس سابق من الترشح مثل أحمدي نجاد". 

ويوضح: "مثلا محسن مهر علي زاده تم رفضه قبل مدة للترشح كنائب في مجلس الشورى والآن يتم قبوله بعنوان مرشح رئاسي". 

ويرى هاشميان أن "ما حصل الآن هو بتنسيق مع خامنئي وبإرادته وبأوامر منه. أراد أن يخرج بهؤلاء الأشخاص حتى لا تكون هناك منافسة لإبراهيم رئيسي الذي يريده أن ينجح بسهولة". 

ونشرت وكالة فارس، الإيرانية، الثلاثاء، استطلاعا للرأي يشير الى أن 72.5 في المئة من الأشخاص الذين سيشاركون في عملية الاقتراع، سيصوتون لصالح رئيسي، وأن نسبة التصويت ستبلغ 53 في المئة.

ويرجح هاشميان انسحاب بعض المتشددين الذين لديهم توجهات مشابهة لرئيسي، مثل جليلي أو زاكاني أو غازي زاده، من الانتخابات قبل يوم من التصويت، وقال: "هم ترشحوا لتهيئة الأمر لرئيسي". 

في المقابل، ينفي شریعتمدار، تدخل خامنئي، في شئون مجلس "صيانة الدستور"، لكنه يضيف أنه "في القضايا الحساسة وعندما تكون هناك مشكلة غير قابلة للحل قانونيا، فإن القانون يسمح للولي الفقيه أن يتدخل". 

ويضيف: "هناك سبعة مرشحين من اتجاهات مختلفة لهم منافسون حتى من داخل الإصوليين. بالطبع هو (رئيسي) له حضور، وحتى الانتخابات السابقة أمام روحاني الذي فاز فيها حصل على أصوات كبيرة". 

ويبدو الطريق ممهدا أمام رئيسي للفوز، علما بأنه نال 38 في المئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017، التي انتهت باحتفاظ روحاني بمنصبه.

خليفة المرشد وعسكرة الانتخابات

ويرى هاشميان أنه تم الدفع برئيسي للانتخابات الرئاسية المقبلة "بسبب التركيز على خلافة المرشد الذي من المرجح جدا أن يتوفى خلال هذه الفترة لأنه طاعن جدا في السن ومريض أيضا". 

ويوضح أن خامنئي يتخوف من أن الخلافة تخرج من يده، ولذلك يريد حكومة مثل حكومة إبراهيم رئيسي ووزراء مثل سعيد جليلي، ومحسن رضائي، وعلى رضا زاكاني، وهؤلاء جميعا من طيف ولون واحد "يفرضون خليفة علي خامنئي على الشعب الإيراني". 

وأشار إلى أن الجيش الإيراني و"الحرس الثوري"يعملان من وراء الكواليس ويدعمان بكل قوة رئيسي ويقفان خلفه.

لكن شریعتمدار يقول إن "خلافة المرشد ليس لها علاقة بالرئاسة، إذا توفي خامنئي فيتم اختيار خلافته من قبل مجلس الخبراء والذي هو مؤسسة دستورية لا علاقة لها أبدا من قريب أو بعيد بالرئاسة". 

أما عسكرة منصب الرئاسة، فقال شریعتمدار: "أنا أستغرب أن يقال أن رئيسي هو المرشح الذي يدعمه الحرس الثوري والحديث عن عسكرة الرئاسة فهو ليس عسكريا، لأنه كان من الأولى أن يقال أن اللواء محسن رضائي والذي كان قائدا سابقا للحرس الثوري، هو الأوفر حظا وحينها كنا ربما نستطيع أن نتحدث عن العسكر". 

من جانبها، شنت رئيسة منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة، مريم رجوي، هجوما حادا على المرشد الإيراني علي خامنئي "الذي أخذ العزم على توحيد أركان نظامه وجعله بلون واحد وممارسة الحد الأقصى للقمع"، مضيفة أنه "مهد الطريق للقضاء على الخصوم وتنصيب رئيسي، سفاح مجزرة 1988، قاتل "مجاهدي خلق" وأحد أكبر المجرمين ضد الإنسانية في الخمسين سنة الماضية". 

ودعت رجوي، في بيان، الثلاثاء، الشعب الإيراني إلى مقاطعة شاملة لما وصفتها بـ"مهزلة الانتخابات والاحتجاج على سيناريو خامنئي باستلاب سيادة الشعب الإيراني واغتصابها". 

إيران إحدى الدول التي تشهد أكبر عدد من الإعدامات إلى جانب الصين والسعودية
إيران إحدى الدول التي تشهد أكبر عدد من الإعدامات إلى جانب الصين والسعودية

أعدمت إيران سبعة أشخاص بينهم امرأتان، السبت، في تنفيذ لعقوبة تستخدمها الجمهورية الإسلامية بشكل متزايد لأغراض سياسية، وفقا لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية، ومقرها في النروج.

وأكدت المنظمة في بيان أن بروين موسوي (53 عاما) وهي أم لطفلين، أُعدمت شنقا في سجن أورميا (شمال غرب) مع خمسة رجال، جميعهم مدانون بتهريب المخدرات. 

وفي مدينة نيسابور (شرق)، أُعدمت فاطمة عبد الله، البالغة 27 عاما، شنقا بتهمة قتل زوجها وهو أيضا ابن عمها. 

وأكدت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" أنها سجلت 223 عملية إعدام هذا العام، بينها 50 عملية إعدام على الأقل في شهر مايو وحده مع تسارع وتيرة عمليات الإعدام بعد رأس السنة الفارسية وشهر رمضان في أبريل. 

وتُنفّذ إيران عمليات الإعدام شنقا، وهي إحدى الدول التي تشهد أكبر عدد من الإعدامات إلى جانب الصين والمملكة العربية السعودية.

وتعد الجمهورية الإسلامية الدولة التي تُعدم أكبر عدد من النساء في العالم، وفقا لمنظمات لحقوق الإنسان تؤكد أن العديد منهن ضحايا زيجات قسرية أو مسيئة. 

وفي العام 2023، أُعدمت 22 امرأة على الأقل في إيران، وهو أعلى رقم في السنوات العشر الماضية، وفقا لتقارير صادرة عن منظمات غير حكومية.

"صمت غير مقبول"

وقال مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران" محمود العامري مقدّم لوكالة فرانس برس إن "صمت المجتمع الدولي غير مقبول". 

وأضاف أن "من يتم إعدامهم ينتمون إلى فئات فقيرة ومهمشة في المجتمع الإيراني ولم يتلقوا محاكمة عادلة". وأفادت المنظمة بأن موسوي احتُجزت لمدة أربع سنوات قبل إعدامها. 

ونقلت المنظمة عن مصدر تأكيده أن موسوي حصلت على ما يعادل 15 يورو مقابل نقل علبة يفترض أنها تحتوي على أدوية، ولكنها كانت في الواقع تحتوي على خمسة كيلوغرامات من المورفين. 

واعتبرت المنظمة أن المحكوم عليهم بالإعدام هم ضحايا "لآلة القتل في الجمهورية الإسلامية، التي تهدف إلى زرع الخوف بين السكان لمنع تنظيم تظاهرات جديدة". 

وأكدت المنظمة أيضا أن أحد أفراد الجالية اليهودية الإيرانية التي تقلصت بشكل كبير في السنوات الأخيرة ولكنها ما زالت الأكبر في الشرق الأوسط خارج إسرائيل، معرّض لخطر الإعدام الوشيك.

وحُكم على أرفين قهرماني (20 عاما) بالإعدام بتهمة القتل أثناء قتال في شارع عندما كان عمره 18 عاما. ومن المتوقع أن يتم إعدامه الاثنين في كرمانشاه (غرب). 

وأشارت المنظمة أيضا إلى حالة كمران شيخه، آخر عضو على قيد الحياة من ضمن مجموعة من الأكراد اعتقل أفرادها في عامي 2009 و2010 بتهمة "الإفساد في الأرض" جراء شبهات بانتمائهم إلى جماعات متطرفة. وأُعدم الستة الآخرون في أبريل. 

وأثارت إيران مؤخرا احتجاجات دولية بعد الحكم بالإعدام على مغني الراب الإيراني الشهير توماج صالحي المتهم بدعم الاحتجاجات في إيران في العام 2022. واستأنف محاموه الحكم. 

وقُتل مئات الأشخاص واعتُقل الآلاف خلال احتجاجات اندلعت في نهاية العام 2022 عقب وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني، في 16 سبتمبر، بعدما أوقفتها الشرطة بتهمة انتهاك قواعد اللباس.